أبو حفص عُمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي (61هـ\681م – 101هـ\720م)، هو ثامن الخلفاء الأمويين.

فلنبدء بعصر الخليفة عُمر بن الخطاب

عمر بن الخطاب أصدر قرارًا بمنع خلط الماء باللبن وكعادته وهو يمر في يوم على بيوت المسلمين يتفقد أحوالهم سمع فى إحدى البيوت أم تأمر بنتها أن تخلط الماء باللبن  فقالت الفتاة  يا أمي منع أمير المؤمنين هذا. فقالت: وأين أمير المؤمنين الآن هو لا يرانا. فقالت الفتاة: ولكن الله يرانا.  فوضع عُمر _رضي الله عنه_ علامة على البيت.

وفى الصباح جمع أبناءه وقال لهم: من منكم يريد الزواج فقال عاصم _احفظ هذا النسب_ بن عمر الخطاب أنا يا أبي.  فقال عُمر له: اخترت لك فتاة صالحة، وتزوج عاصم منها وأنجب منها ليلى _ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب_ تزوجت ليلى رجل من بني أمية  اسمه عبد العزيز بن مروان والي مصر وأنجب منها غلام سماه عمر.

عُمر بن عبد العزيز

انتبه: يُروى أن عُمر بن الخطاب كان يحدث أصحابه عن مولد رجل فى وجهه شجة، يملأ الارض عدلا سيكون من نسل عمر وفي بعض الروايات قال أن اسمه عمر.

 مولد عمر بن عبد العزيز

فى زمن التابعيين ولد عمر 61هـ فى مصر بمنطقة حلوان..ولما كان الغُلام صغيرا كان مع أبيه في الإسطبل فإذا به تركله فرس على وجهه ويسقط على الأرض، فأصيب بشجة في وجهه.. فحمله أبيه وهو يقول إن كنت أشج بنيأمية فوالله إنك لسعيد_كل الدلالات تقول أنه هو_

حياته وهو صغير:
أرسله أبوه يتربى في المدينة، ووكل عليه صالح بن كيثان من أجل التابعيين يعلمه فحفظ القرءان كله وكثير من الأحاديث وتعلم الفقه حتى أنه من شدة  علمه في يوم كانت أمه عنده فوجدته يبكي، فسألته ما يبكيك يا عمر ؟فقال: يا أماه.. تذكرت الموت فبكيت، فبكت أمه

كان يربيه صالح بن كيثان على العبادة والتقوى حتى أنه في يومٍ ذهب ليصلى فوصل مُتأخرًا فوجده صالح في آخر الصف. فلما انتهى سأله مالذي أخرك؟ قال له: مرجلتى كانت ترجل شعرى فأرسل لأبيه: ابنك تأخر على الصلاة لأن شعره كان يرجل.  فأرسل أبوه من مصر رسولا قال له اذهب إلى عمر فلا تكلمه حتى تحلق رأسه.

حياته بعد وفاة أبيه
مات أبوه وهو شاب فعاش عند عمه عبد الملك زمنًا، وزوجه عمه لابنته فاطمة، وكانت نِعم الزوجة ومات أبوها وتولى الخلافه بعده وليد.

عهد وليد

فى عهده انتشر الفساد والظلم وكان زمنه  فيه الحجاج. وعمر ولاه وليد على المدينة فأصلح فيها، ثم الطائف ومكة والحجاز. وعندما أراد الحجاج  أن يحج أرسل عمر للوليد: إذا أراد هذا الظالم أن يحج، فلا يدخل المدينة.
فأرسل الوليد للحجاج: “لا تدخلن مدينة رسول الله فإن فيها من لايحبك.”

وغضب الحجاج عندما علم وإذا به يوشى به عند الوليد حتى عزله وخرج عمر منها وهو يبكي.. قال له صديقه لم تبكي؟ قال: أخشى أن تكون لمدينة قد نفتنا لحديث رسول الله «أن المدينة تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد»

وتوفي الوليد وتولى سليمان بعده.. وكان ابنه سليمان أعدل منه فقرب عمر إليه، وكان عمر شديد عليه يذكره بتقوى الله وبأمر الرعية ولا يدع فرصة إلا ونصح الخليفة.

اقتربت الوفاة

عند اقتراب وفاة سليمان سأل من يُولى بعدى؟ ابنه صغير والآخر ضائع. فقال له مساعده رجائى: لا أرى أفضل من عمر.
فولى عمر وكتب ذلك وأحضر بني عمومته، قال لهم: بايعوا من كتبت في الكتاب فأخذوا يتكلمون من هذا الذى كتبه قال بايعوه. فبايعوه وذهبوا لرجائى يسألونه هل وضعت اسمى؟ ويسألونه من هو؟ وهو لا يتكلم

وبعد الوفاة علموا أنه  عمر عندما فتح رجاء الخطاب وقرأ : إني  قد وليت عليكم عمر بن عبد العزيز.  سمع الناس بكاء في المسجد فإذا به عمر يبكى حتى سقط على الأرض ويقول: والله ما أردتها

أول يومٍ في الخلافة

جمع أبناء العمومة وقال: أنا الآن أميركم ولي السمعُ والطاعة.. فارجعوا كل مابأيديكم إلى بيت المال. فقالوا: إنها ملكنا. قال: لا، هي أملاك المسلمين.  فغضبوا وأخذها منهم بالقوة. ونادى في الناس عندما وجد بعضهم لا يريد: “من كان له حق عند أمير أو والي أو رجل من بني أمية فليأتي ولياخذ حقه.”

وبالفعل فعل ذلك وأخذ يفعل ذلك حتى شعر بالتعب وذهب ليستريح فجاءه ابنه عبد الملك فقال يا أبتاه ماذا تصنع؟ فقال: يا بنى تعبت أريد أن أرتاح. قال: يا أبى، وماذا تجيب ربك؟ فقام عمر واكمل إرجاع الحقوق لأهلها.

رواتب بني أمية؟
قال لهم ليس لكم حق في هذه الرواتب. قالوا: ولم؟ قال: حالكم كحال الناس من يعمل يُعطى مثل باقي الناس.

قصر الخلافة

لم يسكن به عمر بل سكن ببيته المتواضع القديم وذهب لزوجته فاطمة وقال لها: يافاطمة، أخيركي بين أمرين: إن كنتِ تريدين الذهب والفضة والثياب فاتركينى اسرحكِ سراحا جميلا. قالت: إنه ملكي أعطاني إياه أبي! قال: ومن قال أن اباكي يملك هذا؟ فاختارت عمر وأرجعت كل شئ.

وكان لا يأكل عمر إلا العدس.. نعم هذا هو عمر.. فكلما سمعت عن عمر تذكرت الآية الكريمة:  “وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى”

الحياة فى عهده

كانت رغد ونعيم وكان يوزع الزكاة على الناس، كان يُنفق كل ما في بيت المال للمؤمنين.. ثم يغسل بيت المال ويصلى ركعتين شكر لله.

فهذا هو عمر حتى أنهم قالوا له: ياعمر ليس في البلاد فقير  فقال: سددوا عن الناس ديونهم. قالوا: فعلنا، لم يعد أحد يقبل المال، المال فاض ويزيد. قال: أعطوا لكل محتاج أو مقعد أو أعمى.. أعطوه خادم وخصصوا له راتب من بيت المال ففعلوا وفاضت الأموال. قال: من كان يحتاج زواج زوجوه.. فعلوا وفاض. قال: أسسوا من كان محتاج تأسيسا في بيته.

حتى أنه كان راتبه هو درهمين فقط وفي يومٍ ذهب لفاطمة قال: أعندك درهم.. فبحثت وقالت: لا ولم؟ قال: نظرت في السوق فرأيت عنبًا فاشتهيته. فبكت وقالت: أنت أمير المؤمنين وتشتهي عنب! قال:

“هذا أهون على من معانقة الأغلال يوم القيامة”

حتى أن أبناء عمه ملوا الحياة فأرسلوا لعبد الملك ابنه قالوا: اذهب إلى أبيك يرأف بنا فذهب له فقال اذهب اليهم فقل لهم:  “قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ”

حكايات عن عمر

  • كان يصلي في يومٍ من الأيام وأخذ يبكي فبكت فاطمة فبكى الأطفال من شدة بكائهم وسمعه جيرانه فسألوه لما أبكيت أهلك؟! قال: وقفت عند آية أبكتني. قالوا أي آية؟ قال – “فَرِيْقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيْقٌ فِي السَّعِيْرِ”_ ما أدري في أي الفريقين أكون.
  • ودخل والي على عمر فبدء عمر يسأله ماذا فعلتم؟ أين الخراج؟ وهكذا حتى انتهى. فقال له: يا أمير المؤمنين، إني الآن سائلك. قال عم تسألني؟ قال: عن حياتك وأسرتك وبيتك؟ فقام فاطفأ السراج! فسأله الوالي لم؟
    قال له: هذا الزيت من بيت المال اسألك عن أمور المؤمنين فيحق لى أن أشعله، تسألني عني فلا يحق لي
  • في يوم من الأيام أرادت ابنته ثوبًا فنادى خادمه وقال له: أين الفرش الذي قطعناه؟ قال: هاهو قال خذيه فاصنعي ثوبا،  إن وراءنا حساب عسير يا بنية.
  • في يوم قرء آية فبكى، وعاد للبيت سأله ابنه: لم تبكي؟ قال: ود أبوك لو أنه لم يعرف هذه الدنيا.
  • في عهده جاءت عراقية دخلت على فاطمة فرأت السقا ينظر إلى فاطمة. فقالت لها: مابال هذا السقا ينظر إليكِ قالت لها إنه أمير المؤمنين عمر.

 

اقترب الوقت

في يوم من الأيام جاءته جاريته قالت له: رأيت رؤيا.. قال: وما رأيتي؟ قالت: رأيت أن القيامة قد قامت. فخاف عمر وقالت: ورأيت أن جهنم قد برزت ورأيت الصراط قد ضرب على بابها، قال عمر: ثم ماذا؟ قالت: ورأيتك يا أمير المؤمنين فصاح عمر وأغمي عليه، وهي تقول: قد نجوت قد نجوت.. وهو أغمي عليه ولم يسمعها.

هذا هو عمر أما وفاته فعجبٌ عُجـاب.. وجاء الوقت

بعد سنتين وخمس أشهر وخمسة أيام كان عمر على موعد مع مغامرة والرجل العاقل الراشد عداؤه كثر.. أرسل ييزيد بن عبد الملك  غلاما يدس السم في شرابه فإذا بعمر قد أحس به وقال:

نهارك يا مغرور سهو وغفلة وليلك نوم والردى لك لازم
فلا أنت في الأيقاظ يقظان حازم ولا أنت في النوام ناج فسالم

تسر بما يفنى وتفرح بالمنى كما سر باللذات في النوم حالم
وتسعى إلى ما سوف تكره غبه كذلك في الدنيا تعيش البهائم

أحس عمر بالسم.. وقال له مولاه كأنك قد سحرت يا أمير المؤمنين! قال: لا والله إنه السم وأعرف من دسه هات الغلام.. فجلس عنده فقال: من أمرك؟

قال: يزيد، قال: وبم؟ أى بكم ؟ قال: أعطاني ألف دينار ثم يعتقني، قال: أين الألف؟ فوضعه في بيت المال وقال له اذهب قبل أن أموت ويراك الناس!

هذا هو عمر، عفى وسامح عمن قتله، ولم يتردد.. يعلم الجزاء والأجر. أراد أن يقابل ربه وقد تبرْ من كل شيء.

مرض عمر واشتد ألمه ويأتيه أحد أصحابه فيقول  له: حسبنا مالك فوجدناه سبعة عشر دينار وعندك أبناء ألا تترك لهم شيئا، قال: إن كانوا صالحيين فالله يتولى الصالحيين.

عمر الرجل الصالح  مات وما عنده كفن..احضروا له كفن بخمس دنانير ودرهمين للقبر، وأعطوا لأبنائه  ماتبقى من السبعة عشر دينار.

حتى أنه كان هشام من أبناء عمومته لما توفى كان نصيب كل واحد من أبنائه ألف ألف مليون..ومرت الأيام فوجدوا ابن لهشام وهو يتسول، أما ابن عمر وجده يتصدق بمائة فرس؛ لأن الله يتولى الصالحيين.

لحظة الموت

قرء عند موته “تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ”  ونطق الشهادتيين وفاضت روحه إلى خالقها

هذا عمر فأين نحن كعباد لله من حال عمر مع رب العباد؟ وأين حكمائنا من حال عمر الخليفة من نسل خليفة المؤمنين أيضً  عمر؟

فلكِ الله يا أمة نست دينها وحياتها الآخـرة وشُغلت بدنياها وشهواتها