إسلام سمية بنت خياط رضي الله عنها

قبيل ظهور الإسلام قَدِم ياسر بن عامر رضي الله عنه من اليمن إلى مكة وأقام بها، فحالفه أبو حذيفة بن المغيرة وزوَّجه سمية بنت خياط رضي الله عنها وهي كانت أَمَةً له، ولمـَّا ولدت سميَّةُ عمَّارًا أعتقها أبو حذيفة، ثم لمـَّا جاء الله بالإسلام أسلم ياسر وعمار وسمية [1]، فقيل: إنَّ سمية كانت سابع سبعة في الإسلام [2]، فعن مجاهد رحمه الله أنَّه قال: أوَّل من أظهر الإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق، وبلال بن رباح، وصهيب، وخباب بن الأرت، وعمار بن ياسر، وسمية أم عمار رضي الله عنهم أجمعين [3].

تعذيب سمية بنت خياط رضي الله عنها

كانت سمية بنت خياط رضي الله عنها بعد إسلامها ممَّن يُعذَّب في الله عزَّ وجلَّ لترجع عن دينها، فلم تفعل، وكانت يومئذٍ عجوزًا كبيرةً ضعيفة [4]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرُّ بسميَّة وزوجها وابنها عمَّار رضي الله عنهم وهم يُعذَّبون في رمضاء مكة [5]، فيقول: “صَبْرًا يَا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ” [6].

وفاة سمية بنت خياط رضي الله عنها

سمية بنت خياط رضي الله عنها هي تلك الشهيدة التي زحفت نحو الموت دون أن تتنازل لأبي جهل عن شيءٍ من إسلامها [7]، فإنَّها كما قال جابر رضي الله عنه: «يقتلوها فتأبى إلا الإسلام» [8].

وظلَّت على رفضها حتى مرَّ بها أبو جهل فطعنها في قبلها موضع عفافها فماتت رحمها الله ورضي عنها وأرضاها [9]، وكان ذلك قبل الهجرة [10]، وهي أول شهيدة في الإسلام [11]، ولمـَّا قُتِل أبو جهل يوم بدر قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعمار رضي الله عنه: “قَتَلَ اللهُ قَاتِلَ أُمِّكَ” [12].


[1] ابن سعد: الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1410هـ= 1990م، 4/ 101، وأبي نعيم: معرفة الصحابة، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، دار الوطن للنشر، الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ= 1998م ، 5/ 2812، وابن عساكر: تاريخ دمشق، تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1415هـ= 1995م، 43/ 354، وسبط ابن الجوزي: مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، دار الرسالة العالمية، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى، 1434هـ= 2013م، 6/ 351.
[2] ابن منده: المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة، تحقيق: عامر حسن صبري التميمي، وزارة العدل والشئون الإسلامية البحرين، إدارة الشئون الدينية، 2/ 516، وابن الأثير: أسد الغابة، تحقيق: علي محمد معوض، عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1415هـ= 1994م، 7/ 152، والعامري الحرضي: بهجة المحافل وبغية الأماثل، دار صادر، بيروت، 1/ 92.
[3] ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقبق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ= 1992م، 4/ 1864.
[4] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 8/ 207، وابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ= 1992م، 2/ 384.
[5] ابن إسحاق: السير والمغازي، تحقيق: سهيل زكار، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى 1398هـ= 1978م ، ص 192، وابن هشام: السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الطبعة الثانية، 1375هـ= 1955م، 1/ 320.
[6] الحاكم في المستدرك (5646) سكت عنه الذهبي في التلخيص، والمعجم الكبير للطبراني (20790).
[7] محمد الصوياني: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة، مكتبة العبيكان، الطبعة الأولى، 1424هـ= 2004م، 1/ 91.
[8] ابن كثير: البداية والنهاية، دار الفكر، 1407هـ= 1986م، 3/ 59.
[9] البيهقي: دلائل النبوة، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى – 1405هـ، 2/282، وابن كثير: البداية والنهاية، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار هجر، الطبعة: الأولى، 1418هـ – 1997م، 4/147، والذهبي: سير أعلام النبلاء، دار الحديث- القاهرة، 1427هـ-2006م، 1/252.
[10] ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 4/ 1864.
[11] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 8/ 207، وأبي نعيم: معرفة الصحابة، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، دار الوطن للنشر، الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ= 1998م، 4/ 2070، وابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 4/ 1864، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، تحقيق: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1422هـ= 2002م، 1/ 487، وإسماعيل الأصبهاني: سير السلف الصالحين، تحقيق: كرم بن حلمي بن فرحات بن أحمد، دار الراية للنشر والتوزيع، الرياض، ص570، وابن عساكر: تاريخ دمشق، 43/ 359.
[12] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 8/ 207، وابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415هـ، 8/ 190.