الرد الوجيز لهدم التنصير والتكريز (1)

الحمد لله الكريم المنان، ذي الفضل والطول والإحسان، الذي مَنَّ علينا بالإيمان، وفضل ديننا على سائر الأديان، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه العدنان، وآله وصحبه، ومَن تبِعهم بإحسان.

أمَّا بعدُ:

فنستكمل بحول الله ومَدده هذه السلسلة المباركة، وسيكون هذا الجزء من البحث بعنوان: “مثلث الأقانيم بين التوحيد والشرك”.

يعتقد النصارى أن الثالوث الأقدس عندهم هو الآب والابن والروح القدس، هو إله واحد وليس ثلاث آلهة متساويين في الجوهر، ويعتقدون أن هذه الأقانيم الثلاثة لم تفترق طَرفة عينٍ، لكن من يطالع نصوص الكتاب المقدس يرى الآتي:

1- الأقانيم غير متساوية في الجوهر.

2- الأقانيم منفصلة، ومقالة أنهم لم يفترقوا طرفة عين لا توافق الكتاب المقدس.

ونسوق هنا النصوص الدالة على ذلك من الكتاب المقدس:

• في إنجيل يوحنا (10 29): « أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ ».

هذا النص يدل على أن الآب أعظم من الكل، فهو على هذا أعظم من الابن ومن الروح القدس؛ فكيف تتساوى الأقانيم؟

• يوحنا (14 28): « أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي »، وهذا النص أيضًا يثبت عدم التساوي بين الآب والابن، فالآب أعظم من الابن وهذا يناقض التثليث.

• وأيضًا في يوحنا (5 19): « فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ ».

ومعنى هذا أن الابن لا يستطيع أن يفعل من نفسه شيئًا، بخلاف الآب الذي يستطيع أن يفعل كل شيء، وعلى هذا فهم غير متساويين في القدرة.

• وأيضًا في يوحنا (12 49): «لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ ».

فالآب هو الذي يعطي ويمنع، ويرسل ويدفع، أما الابن والروح القدس، فلا يستطيعون أن يفعلوا مثلما يفعل الآب، فكيف يكونون متساويين؟

• وأيضًا في يوحنا (5 26): « لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ».

• وفي إنجيل مرقص (13 32): « وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ ».

هذا النص يبطل عقيدة التثليث، ويَجتثها من جذورها؛ لأن الآب وحده هو الذي يعلم موعد القيامة، ولا يعلمه الابن ولا الروح القدس؛ فأين التساوي بينهم؟

• وأيضًا في مرقص (16 19): « ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللهِ ».

هذا النص يقول: إن الابن جلس عن يمين الآب، فكيف يكون الآب والابن واحدًا، فكيف يجلس الآب عن يمين نفسه.

• وفي يوحنا (5 30): «أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي».

هذا النص يثبت أن مشيئة الابن مغايرة لمشيئة الآب، فكيف تكون المشيئتان مختلفتين، وهما واحد.

فها هو كتاب النصارى طافح بنقض التثليث الذي يزعمونه، فهلاَّ نظروا نظرةَ تأمُّلٍ في كتابهم، أما نحن كمسلمين، فحسبنا في هذا قول ربنا – جل وعلا -: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 73].

هذا ما يسر به الله – سبحانه وتعالى – ونسأله – جلَّ شأنه – أن يوفقنا لمرضاته؛ فهو الهادي إلى سواء السبيل، وهو نعم المولى ونعم النصير.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.

المصدر: موقع المختار الإسلامي