إشراقات علمية حول آيات الجبال والرواسي في القرآن

لو تكلمت بلسان حالي لعرفتموني، فأنا ابتداءً خلق عظيم شهدت ما لن تشهدوه أبدًا، شهدت آثار قدرة الخالق وهي تحيي الموتى؛ ليطمئن قلب أبيكم إبراهيم – عليه السلام – وها أنتم عاجزون عن إدراك كنه حقيقة الحياة والموت، بل أنتم غير قادرين على مجرد تعريف الحياة والموت.

 

أشهد أنه وحده الذي يحيي ويميت، وأنتم لن تخلقوا ذبابًا، أنا خلق تجلى له الله، نعم دكني الله دكًّا، ولكني شرفت بتجلي ربي لي، فقولوا عباد الله سبحان الله تبنا إليه؛ كما قال نبي الله موسى.

 

أقول لكم عباد الله:

خذوا أمر دينكم بقوة، وإلا نتقني الله فوقكم كأني ظلة تخشون أن تقع عليكم إن شاء ربي، أما رسالة التعريف الرابعة بي، فلا تركنوا إلى ما ترون من شموخي، فأنا أعجز من أن أكون عاصمًا لكم من دون الله، وإياكم أن تسلكوا مع الله سلوك الابن العاصي لنوح – عليه السلام – وأخيرا ها كم الرسالة الخامسة في التعريف بي، أنا أخشع وأتصدع لو نزل على القرآن، وأنا في نظركم جماد، فما بالكم أيها الأحياء لا تخشعون لآيات القرآن، ولم لا تنكسرون تذللاً لربكم الكريم.

 

لو عرفتم ما يعرفه العالمون بعلوم الأرض من أن الخشوع (الإجهاد بلغة العلم)، يسبق التصدع، لعلمتم دقة إحكام كلمات الله، تلك هي خمس مواضع ذكر فيها اسمي مفردًا في كتاب الله بلفظ جبل.

 

شرفني الله بذكري مفردًا، وشرفني بذكري جمعًا، فكان حديث الإفراد (جبل) باعتباري شاهدًا على عظمة الخالق، وكان ذكري جمعًا (الجبال) شهادة على إشراقات يشهد بها علماء علوم الأرض الذين يخشون الله، في كلمات ربي في كتابه العزيز وصف لي في الدنيا، ووصف لي قبل وعند قيام الساعة.

 

ذكرني ربي بصيغة الجمع، وستجدون في كتاب الله كيف خلقت الجبال، وكيف نصبت، وكيف رست، وكيف ألقيت، وكيف جعلت لأرضكم ميزان يحفظ كوكبكم من الاضطراب، وصف جنسي من الجبال في القرآن بالشموخ الذي بسببه سقاكم الله ماءً فراتًا.

 

وبعد وصفي الذي يعجِز العلماء عن الإتيان بمثله، يخبركم ربكم أن الرواسي الشامخات والجبال الأوتاد والجدد مختلفة الألوان، والغرابيب شديدة السواد، ومناكب الأرض التي تمشون فيها؛ لتأكلوا من رزق الله، مع كل مظاهر القدرة في خلقي، فمصيري الفناء؛ حيث أُسيَّر سيرًا، وأُدَكُّ دكًّا، وأصير هباءً منبثًّا، فتزول الأوتاد وتصبح قاعًا صفصفًا، لا عوج فيها ولا أَمْتًا، سأصير كالعهن (الصوف)، أو كالعهن المنفوش (الصوف المصبوغ).

 

ما نفعني شموخي، فاعتبروا وارجعوا عن غروركم وتكبُّركم، فجميع الخلائق تفنى ويبقى صاحب الملك والملكوت.

 

في هذا البحث سنحاول استشراف العلم من الإشارات العلمية حول ثلاثين آية ذكرت فيها كلمة الجبال، وتسع آيات ذكرت فيها كلمة رواسي في القرآن الكريم، وسوف أناقش وجوه الإعجاز حول تلك الآيات في النقاط التالية:

1- الإعجاز التاريخي المتعلق بالجبال.

2- الإعجاز الوصفي للجبال.

3- سير ومرور الجبال وتقطيع الأرض.

4- إزالة الجبال.

5- ترتيب معجز في بيوت النحل.

6- أكنان من الجبال.

7- طول الجبال.

8- خرور الجبال.

9- شموخ الجبال والماء كمًّا وكيفًا.

10- الرواسي والأنهار.

11- رواسي فيها من فوقها.

12- اتِّزان الأرض بالجبال.

13- رسو الجبال.

14- جدد من الجبال.

 

المعنى اللغوي لكلمة جبل وجبال:

ورد في لسان العرب لابن منظور أن الجَبَل: اسم لكل وَتِدٍ من أَوتاد الأَرض، إِذا عَظُم وطال من الأَعلام والأَطواد والشَّناخِيب، وأَما ما صغُر وانفرد، فهو من القِنان والقُور والأَكَم، والجمع أَجْبُل وأَجْبال وجِبال.

 

وورد في موسوعة الويكيبديا (http://en.wikipedia.org/wiki/Mountain) ما يلي حول تعريف الجبل:

There is no universally accepted definition of a mountain. Elevation, volume, relief, steepness, spacing and continuity have been used as criteria for defining a mountain.[1] In the Oxford English Dictionary a mountain is defined as “a natural elevation of the earth surface rising more or less abruptly from the surrounding level and attaining an altitude which, relatively to the adjacent elevation, is impressive or notable.”[1]

Whether a landform is called a mountain may depend on local usage. The highest point in San Francisco, California, is called Mount Davidson, notwithstanding its height of 300 m (980 ft), which makes it twenty feet short of the minimum for a mountain by American designations.[citation needed] Similarly, Mount Scottoutside Lawton, Oklahoma is only 251 m (823 ft) from its base to its highest point. Whittow’s Dictionary of Physical Geography[2] states “Some authorities regard eminences above 600 m (2,000 ft) as mountains, those below being referred to as hills.”

Within Great Britain and Ireland, a mountain is now usually defined as any summit at least 2,000 feet (or 610 metres) high,[3][4] whilst the official UK government’s definition of a mountain is a summit of 600 metres or higher.[5] In addition, some definitions also include a topographical prominence requirement, typically 100 feet (30 m) or 500 feet (152 m).[6] For a while, the US defined a mountain as being 1,000 feet (304.8 m) or more tall. Any similar landform lower than this height was considered a hill. However, today, the United States Geological Survey (USGS) concludes that these terms do not have technical definitions in the US.[7]

وفي موسوعة الويكيبيديا: الموسوعة الحرة ورد أنه يوجد تعريف مقبول عالميًّا للجبل، وقد استخدم الارتفاع والحجم والكثافة والوعورة كمعايير لتسمية الجبل، ولكن جاء في قاموس أوكسفورد الإنجليزي أن “الجبل: هو عبارة عن ارتفاع طبيعي عن سطح الأرض، يرتفع أكثر أو أقل من سطع البحر؛ ليحقق مستوى ارتفاع نسبي عن الارتفاعات المجاورة له.”

 

في الولايات المتحدة الأمريكية: استخدم التعريف القادم لتحديد مسميات الجبل عن غيره من المرتفعات:

♦ مسطح ارتفاعه 500 قدم يسمى سهلاً.

♦ نقطة ارتفاعها من 501-999 قدم يسمى تلاًّ.

♦ نقطة أعلى من 1000 قدم أو أكثر يسمى جبالاً.

 

تعريف آخر للمركز العالمي للرصد والحفظ كامبريدج، المملكة المتحدة: يعتبر الجبل جبلاً إذا كان:

♦ ارتفاعه على قاعدة بما لا يقل عن 2500م.

♦ ارتفاعه على قاعدة بين 1500-2500م مع ميل أكبر من 2 درجة.

♦ ارتفاعه على قاعدة بين 1000-1500م مع ميل أكبر من 5 درجات.

♦ إذا كان ارتفاعه أكثر من 300م وكان نصف قطره 7 كلم.

 

وحسب هذا التعريف، فإن الجبال تغطي 64 ٪ من قارة آسيا، و25 ٪ من قارة أوروبا، و22 ٪ من قارة أمريكا الجنوبية، و17 ٪ من قارة أستراليا، و3 ٪ في قارة إفريقيا، وعلى ذلك فإن 24 ٪ من مساحة الأرض الإجمالية جبلية، و10 ٪ من الناس يعيشون في المناطق الجبلية، ومعظم الأنهار في العالم تتغذى من المصادر الجبلية، وأكثر من نصف البشرية يعتمدون على الجبال في الحصول على المياه.

 

وحيث إنه لا يوجد تعريف محدد عالميًّا للجبل، وجب الاسترشاد بإشارات القرآن الكريم حول الجبل والجبال.

 

1- الإعجاز التاريخي المتعلق بالجبال:

وردت كلمة الجبال ثلاث مرات في معرض وصف البيوت المنحوتة في الجبال، على يد ثمود قوم صالح، وبينما ورد في سورة البقرة أن ثمود كانوا ينحتون الجبال عامة بيوتًا, فإن القرآن استخدم التبعيض (من الجبال) مرتين: الأولى منهما متعلقة بالفاصلة “آمنين”، والثانية متعلق بالفاصلة “فارهين”.

 

وهنا يتجلى إعجاز بياني مُفاده أن ثمود كانوا قومًا بارعين في فن النحت، لدرجة أن لا يستعصي عليهم جميع مواد الجبال مهما اختلفت قَسوتها من الرخو إلى القاسي جدًّا؛ سواء كانت من الصخور الرسوبية، أو النارية، أو المتحولة بأنواعها المختلفة، فحينما كانوا يبحثون عن الأمان اختاروا أنواعًا مخصوصة من حجارة الجبال تصلح للسكن الآمن.

 

أما في حالة رغبتهم في إبراز براعتهم الحضارية الفائقة في فن النحت, فإن ثمود كانت تختار أنواعًا من حجارة الجبال التي تتحدى الزمن في ثباتها.

 

يقول تعالى في سورة البقرة: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 74].

 

ويقول تعالى في سورة الحجر:

﴿ وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ﴾ [الحجر: 82].

في تفسير القرطبي: قوله تعالى: ﴿ وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ﴾ [الحجر: 82].

 

النحت في كلام العرب: البري والنجر، نحته ينحته (بالكسر) نحتًا؛ أي براه، والنحاتة البراية، والمنحت ما يُنحت به، وفي التنزيل أتعبدون ما تنحتون؛ أي: تنجرون وتصنعون، فكانوا يتخذون من الجبال بيوتًا لأنفسهم بشدة قوتهم.

 

آمنين؛ أي: من أن تسقط عليهم أو تخرب، وقيل: آمنين من الموت، وقيل: من العذاب.

 

وفي تفسير ابن كثير: وذكر تعالى: أنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتًا آمنين؛ أي: من غير خوف ولا احتياج إليها، بل أشرًا وبطرًا وعبثًا، كما هو المشاهد من صنيعهم في بيوتهم بوادي الحجر، الذي مر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ذاهب إلى تبوك، فقنع رأسه وأسرع دابَّته، وقال لأصحابه: “لا تدخلوا بيوت القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تبكوا، فتباكوا خشية أن يصيبكم ما أصابهم”.

 

وفي تفسير الطبري: يقول تعالى ذكره: وكان أصحاب الحجر، وهم ثمود قوم صالح، ينحتون من الجبال بيوتًا آمنين من عذاب الله، وقيل: آمنين من الخراب أن تخرب بيوتهم التي نحتوها من الجبال، وقيل: آمنين من الموت.

 

وفي تفسير البغوي: وكانوا ينحتون من الجبال بيوتًا آمنين من الخراب ووقوع الجبل عليهم.

 

وفي تفسير التحرير والتنوير: وجملة وكانوا ينحتون معترضة، والنحت: بَرْي الحجر أو العود من وسطه أو من جوانبه، و(من الجبال) تبعيض متعلق بـ(ينحتون)، والمعنى من صخر الجبال؛ لما دل عليه فعل (ينحتون) ص74 و(آمنين) حال من ضمير (ينحتون)، وهي حال مقدرة؛ أي: مقدرين أن يكونوا آمنين عقب نحتها وسكناها، وكانت لهم بمنزلة الحصون لا ينالهم فيها العدو.

 

وفي تفسير فتح القدير: وكانوا ينحتون من الجبال بيوتًا: النحت في كلام العرب: البري والنجر، نحته ينحته بالكسر نحتًا؛ أي: براه، وفي التنزيل: ﴿ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ﴾ [الصافات: 95]؛ أي: تنجرون، وكانوا يتخذون لأنفسهم من الجبال بيوتًا؛ أي: يخرقونها في الجبال، وانتصاب آمنين على الحال؛ قال الفراء: آمنين من أن يقع عليهم، وقيل: آمنين من الموت، وقيل: من العذاب؛ ركونًا منهم على قوتها ووثاقتها.

 

 

ويقول تعالى في سورة الشعراء:

﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾ [الشعراء: 149].

وفي تفسير ابن كثير: وقوله: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾، قال ابن عباس وغير واحد: يعني حاذقين، وفي رواية عنه: شرهين أشرين، وهو اختيار مجاهد وجماعة، ولا منافاة بينهما، فإنهم كانوا يتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشرًا وبطرًا وعبثًا من غير حاجة إلى سكناها، وكانوا حاذقين متقنين لنحْتها ونقْشها، كما هو المشاهد من حالهم لمن رأى منازلهم.

 

وفي تفسير الجلالين: وتنحتون من الجبال بيوتًا فارهين: بطرين وفي قراءة فارهين حاذقين.

 

وفي تفسير الطبري: وَقَوْله: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾، يَقُول تَعَالَى ذِكْره: وَتَتَّخِذُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا، وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله: ﴿ فَارِهِينَ ﴾: فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة: ﴿ فَارِهِينَ ﴾ بِمَعْنَى: حَاذِقِينَ بِنَحْتِهَا، وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة: “فَرِهِينَ” بِغَيْرِ أَلِف، بِمَعْنَى: أَشِرِينَ بَطِرِينَ، وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عَلَى نَحْو اِخْتِلَاف الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته، فَقَالَ بَعْضهمْ: مَعْنَى فَارِهِينَ: حَاذِقِينَ.

 

تفسير القرطبي: قوله تعالى: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾: النحت النجر والبري؛ نحته ينحته بالكسر نحتًا إذا براه، والنحاتة: البراية، والمنحت ما ينحت به، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع ﴿ فرهين ﴾ بغير ألف، فارهين حاذقين بنحتها؛ قاله أبو عبيدة، وروي عن ابن عباس وأبي صالح وغيرهما، وقال عبدالله بن شداد: فارهين: متجبرين، وروي عن ابن عباس أيضًا أن معنى فرهين بغير ألف: أشِرين بطِرين، وقاله مجاهد، ورُوي عنه شرِهين، الضحَّاك: كيِّسين، قتادة: معجبين؛ قاله الكلبي، وعنه: ناعمين، وعنه أيضًا: آمنين، وهو قول الحسن، وقيل: متخيرين.

 

 

2- الإعجاز الوصفي للجبال:

قبل أن يصف العلم الجبال وفقًا لطريقة نشأتها، يشير القرآن إلى الجبال التي تشبه الموج، وفي الواقع توجد الجبال المنثنية أو جبال التثني (folded mountains)، وهذه ما تعبر عنه الآية التالية والصورة المصاحبة؛ يقول تعالى: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هود: 42، 43].

 

 

تفسير المنار: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾ [هود: 42]؛ أي: تجري في أثناء موج يشبه الجبال في علوه وارتفاعه وامتداده، وهو ما يحدث في ظاهر البحر عند اضطرابه من التموج والارتفاع بفعل الرياح، ومن عرَف ما يحدث في البحار العظيمة من الأمواج عندما تُهيجها الرياح الشديدة، رأى أن المبالغة في هذا التشبيه غير بعيدة.

تفسير القرطبي: قوله تعالى: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾ الموج جمع موجة، وهي ما ارتفع من جملة الماء الكثير عند اشتداد الريح، والكاف للتشبيه، وهي في موضع خفض نعت للموج، وجاء في التفسير أن الماء جاوَز كل شيء بخمسة عشر ذراعًا.

تفسير ابن كثير: وقوله: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾؛ أي: السفينة سائرة بهم على وجه الماء، الذي قد طبق جميع الأرض، حتى طفت على رؤوس الجبال، وارتفع عليها بخمسة عشر ذراعًا، وقيل: بثمانين ميلاً، وهذه السفينة على وجه الماء سائرة – بإذن الله – وتحت كنَفه وعنايته وحراسته وامتنانه؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ﴾  [الحاقة: 11، 12].

تفسير البغوي: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾: والموج ما ارتفع من الماء إذا اشتدت عليه الريح، شبهه بالجبال والموج: ما يرتفع من الماء على سطحه عند اضطرابه، وتشبيهه بالجبال في ضخامته، وذلك إما لكثرة الرياح التي تعلو الماء، وإما لدفع دفقات الماء] ص [75الواردة من السيول، والْتقاء الأودية الماء السابق لها، فإن حادث الطوفان ما كان إلا عن مثل زلازل تفجَّرت بها مياه الأرض وأمطار جمَّة تلتقي سيولها مع مياه العيون، فتختلط وتجتمع وتصب في الماء الذي كان قبلها، حتى عم الماء جميع الأرض التي أراد الله إغراق أهلها في عظمه وارتفاعه على الماء.

تفسير التحرير والتنوير:

3- سير ومرور الجبال وتقطيع الأرض:

﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88].

تفسير القرطبي: قوله تعالى: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب: قال ابن عباس: أي قائمة، وهي تسير سيرًا حثيثًا، قال القتبي: وذلك أن الجبال تُجمَع وتُسيَّر، فهي في رؤية العين كالقائمة وهي تسير، وكذلك كل شيء عظيم، وجمع كثير يقصر عنه النظر، لكثرته وبُعد ما بين أطرافه، وهو في حسبان الناظر كالواقف وهو يسير.

قال القشيري: وهذا يوم القيامة؛ أي: هي لكثرتها كأنها جامدة؛ أي: واقفة في مرأى العين، وإن كانت في أنفسها تسير سير السحاب – والسحاب المتراكم – يظن أنها واقفة وهي تسير؛ أي: تمر مر السحاب؛ حتى لا يبقى منها شيء.

وهي تمر مر السحاب: تقديره: مرًّا مثل مر السحاب، فأُقيمت الصفة مقام الموصوف والمضاف مقام المضاف إليه، فالجبال تزال من أماكنها من على وجه الأرض، وتجمع وتسير كما تسير السحاب، ثم تكسر فتعود إلى الأرض.

تفسير ابن كثير: وقوله: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب؛ أي: تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه، وهي تمر مر السحاب؛ أي: تزول عن أماكنها.

تفسير الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: يقول تعالى ذكره: (وترى الجبال يا محمد تحسبها قائمة، وهي تمر، كالذي حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن-ص506- ابن عباس قوله: وترى الجبال تحسبها جامدة: يقول: قائمة، وإنما قيل: وهي تمر مر السحاب؛ لأنها تجمع ثم تسير، فيحسب رائيها لكثرتها أنها واقفة، وهي تسير سيرًا حثيثًا؛ كما قال الجعدي.

تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: بعض الناس قد زعم أن قوله تعالى: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب، يدل على أن الجبال الآن في دار الدنيا يحسبها رائيها جامدة؛ أي: واقفة ساكنة غير متحركة، وهي تمر مر السحاب، والنوعان المذكوران من أنواع البيان، يبينان عدم صحة هذا القول، أما الأول منهما – وهو وجود القرينة الدالة على عدم صحته – فهو أن قوله تعالى: وترى الجبال معطوف على قوله: ففزع، وذلك المعطوف عليه مرتب بالفاء على قوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ ﴾ [النمل: 87]؛ أي: ويوم ينفخ في الصور، فيفزع من في السموات وترى الجبال، فدلت هذه القرينة القرآنية الواضحة على أن مر الجبال مر السحاب كائن يوم ينفخ في الصور، لا الآن، وأما الثاني – وهو كون هذا المعنى هو الغالب في القرآن – فواضح؛ لأن جميع الآيات التي فيها حركة الجبال كلها في يوم القيامة؛ كقوله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا ﴾ [الطور: 9، 10]، وقوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً ﴾ [الكهف: 47]، وقوله تعالى: ﴿ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ﴾ [النبأ: 20]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ﴾ [التكوير: 3].

 

 

﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [الرعد: 31].

 

4- سير إزالة الجبال: ﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ [إبراهيم: 46].

 

5- ترتيب معجز في بيوت النحل: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾ [النحل: 68].

6- أكنان من الجبال:

7- طول الجبال:

﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيد ﴾ [ق: 1].

واختلف في معنى “ق” ما هو؟ فقال ابن زيد وعكرمة والضحاك: هو جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء اخضرت السماء منه، وعليه طرفا السماء، والسماء عليه مقبية، وما أصاب الناس من زمرد كان مما تساقط من ذلك الجبل، ورواه أبو الجوزاء عن عبدالله بن عباس.

قال الفراء: كان يجب على هذا أن يظهر الإعراب في ” ق “; لأنه اسم وليس بهجاء، قال: ولعل القاف وحدها ذكرت من اسمه؛ كقول القائل:

قلت لها قفي، فقالت: قاف.

8- خرر الجبال:

﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴾ [مريم: 90].

9- شموخ الجبال والماء كمًّا وكيفًا:

10- الرواسي والأنهار:

11- رواسي فيها من فوقها:

12- اتزان الأرض بالجبال:

14- رسو الجبال:

15- جُدَد من الجبال: