الرؤية من أخص الصفات التي حصل فيها النزاعُ، وقد أجمع السلف على أن المؤمنين يرون ربهم عِيانًا بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر، وكما يرون الشمس صَحْوًا ليس دونها سحاب، في عرصات القيامة، وفي الجنة، والدليل على ذلك: الكتابُ، والمتواترُ من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، والإجماعُ.

أما الكتاب:

فقال تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23].

ومن الأدلة: قوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]، فلفظُ الزيادة لفظ مجمَل، لكنه صلى الله عليه وسلم في حديث صهيبٍ الذي رواه مسلم فسَّر الزيادةَ بالنظر إلى وجه الله.

أما السنة:

فقد تواتَر عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريقِ نحو ثلاثين من الصحابة، منهم العشرة المبشَّرون بالجنة، في الصحيحين والسنن والمسانيد – تصريحُه صلى الله عليه وسلم بين يدَيْ أصحابه مع اختلاف أحوالهم: أن المؤمنين يرون ربهم؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما: ((إنكم سترون ربَّكم كما ترون القمرَ ليلة البدر، وكما ترَوْن الشمسَ صَحْوًا ليس دونها سحاب، لا تُضامُون في رؤيته))؛ متفق عليه.

وقد نفى الرؤيةَ أئمةُ الجهمية والمعتزلة، وطوائف من الشيعة المقلدة للمعتزلة، وهذا المذهب بدعة بإجماع السلف، بل قال شيخ الإسلام رحمه الله: (إن من بلغته نصوصُ الرؤية ولم يقل بها، فإنه يكون كافرًا إذا قامت الحجةُ عليه بها).

وقد جاء عن غير واحد من السلف – كأحمد ومالك – أنهم سمَّوُا الخلافَ في هذه المسألة كفرًا، ولا شك أن الأمر كذلك؛ فإن من خالَف صريح النصوص، ومتواتر السنة، وصريح الإجماع، فإن قوله يكون كفرًا، وإن كان قائله لا يكفر ابتداءً، كالمسألة التي تقدمت في قول من قال: إن القرآن مخلوق، فلا فرق بين المسألتين في الحكم…

فرؤية الله في الجنة من أجلِّ نِعم الله عليهم.