العنصرية القومية

 إذا أردنا أن نسأل التاريخ كيف كان شكل البلدان التي حكمها تطوريون؛ فإن أنهار الدماء ستكون أسبق من الإجابة…

فمن الملحد التطوري فلاديمير لينين إلى الملحد التطوري جوزيف ستالين إلى المادي التطوري أدولف هتلر إلى الملحد التطوري بول بوت إلى الملحد التطوري ماو تسي تونج إلى الملحد التطوري سلوبودان ميلوسوفيتش تاريخ طويل عنوانه الإبادة الشمولية باسم الأعراق القومية بمنظورها التطوري المادي الفج!

فحين وصل الملحد التطوري سلوبودان ميلوسوفيتش  Slobodan Milošević إلى رئاسة صربيا أذاق المسلمين الويلات وأباد قرى مسلمة بأكلمها، وأحرق أكباد المسلمين بطول العالم وعرضه في التسعينيات من القرن الماضي، وأرّق كل المصلحين وأذاب عقول أهل البوسنة، وجعل من هتك الأعراض وإهلاك الحرث والنسل غاية في حياته.

هامش: سلوبودان ميلوسوفيتش ملحد تطوري رسميًا باعترافه، ولم يحضر أي رجل دين مراسم دفنه بسبب إلحاده!
There were no clergy at the ceremony because Milosevic was an avowed atheist.
http://www.cbc.ca/news/world/milosevic-buried-in-quiet-ceremony-in-his-hometown-1.571728
CBC. 18 March 2006
وهو متهم رسميًا بجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية للمسلمين.
http://news.bbc.co.uk/2/hi/europe/1672414.stm

وكانت لائحة اتهام ميلوسوفيتش تنص على أنه كان يريد التأسيس لدولة قومية وهي: صربيا الكبرى ‘Greater Serbia’ وبالتالي إبادة كل الأقليات والأثنيات والأعراق في منطقة البلقان.

والفكرة القومية هي فكرة تطورية في محتواها فهي تقوم على الجنس الأفضل والنقاء العرقي، بينما قوام الديانات على التعاون بين الأمم والقبائل المتنوعة {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} ﴿١٣﴾ سورة الحجرات.

ثم إن الأمور الذاتية في الإنسان –الخلقة الإلهية- مثل اللون والصحة والجنس والعِرق وغيره، هذه الأمور التي يقوم الإلحاد بتصنيف البشر خلالها وإعطاء هؤلاء البشر صك الحياة أو صك الحلقة المفقودة أو صك القضاء عليهم بحجة الانتخاب الطبيعي والبقاء للأصلح، هذه الأمور الذاتية يؤكد الإسلام -أو الدين عمومًا- منذ البدء بعدم جواز حتى السخرية من الآخر كائنًا مَن كان فضلاً عن إبادته وتدميره للسماح بتنقية جنس ما عرقيًا، وتطهير منطقة ما برؤية إلحادية، قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} ﴿١١﴾ سورة الحجرات.
وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ” يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوي.”
وقال -صلى الله عليه وسلم-: “ابغوني الضُّعَفاءَ ، فإنما تُرزقون و تُنصَرون بضُعفائِكم” صحيح الجامع .
وهنا يكمن الفرق بين الكهنوت الإلحادي الإجرامي والدين الذي يؤسس لفضيلة الرحمة بين البشر .

وفي 19 نوفمبر 1988 وفي كلمته في بلغراد أعلن سلوبودان أن صربيا تواجه أعداء من الداخل والخارج –ويقصد بهم طبعًا الأقليات والأعراق التي سيقرر إزالتها في مرحلة لاحقة-.
Ramet, Sabrina P. (2006). The Three Yugoslavias: State-Building and Legitimation, 1918–2005. p.119

إذن المطلوب بناءًا على التصريح السابق: اختفاء المسلمين والقوميات الأخرى للأبد، وإلا فالإبادة في الطريق!
ولم يُفرق المجرم بين الرجال والأطفال والنساء، فالإبادة الإلحادية بمنظورها التطوري لا ترى للبشر قيمة ولا لوجودهم غاية، ففي 12 أبريل 1993 احتل المجرمون الصرب مدرسة ابتدائية في سربنيتشا وقتلوا فيها 62 طفل مسلم.
http://en.wikipedia.org/wiki/Srebrenica_Children_Massacre
http://www.icty.org/x/cases/oric/trans/en/050713ED.htm

 

وفي فترة حكم سلوبودان ميلوسوفيتش قام الملحد التطوري راتكو ميلاديتش Ratko Mladić بتنفيذ
مجزرة سربنيتشا Srebrenica massacre .

هامش: راتكو ميلاديتش كان ملحدًا تطوريًا.
http://biography.yourdictionary.com/ratko-mladic
حيث قام راتكو ميلاديتش بقتل 8000 مسلم بوسني في محيط مدينة سربنيتشا في يوليو من عام 1995 بهدف التصفية العرقية والإبادة الجماعية، بحجة البقاء للأصلح والقومية الصربية.
http://www.potocarimc.ba/_ba/liste/nestali_a.php

وقد ظل المجرم الملحد راتكو ميلاديتش يعمل في المسلمين القتل والذبح لأيام تحت بصر العالم وسمعه.
وبعد أن قتل المجرم الملحد ميلاديتش الرجال والأطفال والنساء وأحرق الشوارع، بغية تطهير عرقي شمولي عاقبته المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية والتحريض على التصفية العرقية وجرائم ضد الإنسانية وتم اعتقاله في 26 مايو 2011.
http://www.newsweek.com/crimes-against-humanity-151215

في واقع الأمر فإن ما قام به سلوبودان ميلوسوفيتش وراتكو ميلاديتش يمكن استيعابه في إطار الرؤية التطورية الداروينية للوجود الإنساني، حيث يصبح البقاء للأصلح منظومة بيولوجية حتمية، ويصبح باستخدام السلاح والمجازر والإبادات الشمولية من الممكن تسهيل عملية الانتخاب الطبيعي والتسريع بها، وتصبح كل القوميات التي سادت العالم حقائق بيولوجية لا سبيل لرفضها.

 

ومن أجل ذلك نقرر أن بذرة نشأة إنسان يعتنق التطور ووصوله للحكم هي بذرة نشأة ميلوسوفيتش جديد ورادكو ميلادتيش جديد!
وسينادي التطوري المصري بالقومية الفرعونية حتى يتاح له في مرحلة لاحقة إفناء المسلمين واستئصال شأفتهم.
وسينادي التطوري الجزائري بالقومية الأمازيغية حتى يثير الأحقاد ويخرج الضغائن ويهلك البلاد!
وستظهر قوميات في كل مكان، وعندنا أعداد من الأغرار والمغيبين والسذج والعاطلين ما تكفي تمامًا لملء أي حشد ولتضخيم أية فكرة ولمتابعة أية دعوى مهما كانت هذه الدعوى حقيرة أو إرهابية أو شاذة، والشباب الصغار يغريهم الشاذ ويتلقفون الغريب ويهتمون بالخارج عن النسق.

ودعوى التطور ستفكك المجتمع إلى قوميات وتغذي الصراعات بين هذه القوميات، فالصراع هو أصل رؤية التطور للوجود ولظهور الكائنات، وهو شرط لكل حركة، والذي ينظر للبشر بهذه النظرة ستكون عنده بحور الدم أمر بديهي يجب زيادة روافده.

 

وهل جرت بحور الدم على يد رجل أكثر مما جرت على يد أدولف هتلر Adolf Hitler ؟