يستمر نمو الجنين في قراره المكين إلى الوقت المعلوم، ويسبح طوال ذلك في سائل مائي به كل السكريات والبروتينات والأملاح غير العضوية التي يحتاجها. يحفظ السائل غشاء متين هو الغشاء الأمنيوني، ويتلقى السائل الأمنيوني غذاءه من الأم عن طريق طبقة ثانية هي غشاء المشيمة (الذي كان بادئ الأمر: جدار البويضة الملحقة الذي تعلق بجدار الرحم ثم ظل ينمو بنمو الجنين)، يقوم غشاء المشيمة بشكل انتقائي بنقل الأغذية والأكسجين من جدار الرحم إلى السائل الأمنيوني، كما يلفظ فضلات الجنين كالبولينا وثاني أكسيد الكربون، أما الغشاء الثالث فهو الغشاء المبطن للجدار الداخلي للرحم (الغشاء الساقط) وقد تضخم إلى غشاء اسفنجي امتلأ بالدم الذي يخدم العمليات الحيوية للجنين. استقرار جنين في رحم أم تسعى وتشقى وتتعرض لشتى عوارض الحياة طوال أشهر تسع، معجزة من معجزات الخلق، والإشارة إلى ذلك بعبارة ) فِي قَرَارٍ مَكِينٍ( [المؤمنون: 13[(1) دليل على صدق القائل العليم. لقد حار القدماء في مغزى ذلك “القرار” حتى تبين لنا بالعلم أنه قرار بلغ من عظمة التصميم وحكمة الخلق ذروته، فمن ذلك وضع الرحم في عظام “الحوض الحقيقي”، وربطه بواسطة عضلات بجدارن الحوض (مع استمرار النمو الكبير للجنين)، ومؤازرته بعضلات الحوض والعجان (نسيج ضام يربط عنق الرحم بالمثانة من ناحية، وبالمستقيم من ناحية أخرى)، وغير ذلك مما يحمى الجنين، كالأغشية الثلاث التي أشرنا إليها من قبل، والسائل الأمنيوني الذي يسبح فيه الجنين فلا يتأثر بحركة الأم، والذي يمنع الأغشية من الالتصاق بالجنين عند الولادة، كما يوسع – لكونه جيبا للمياه – عنق الرحم ليخرج الوليد إلى النور بسلام.

_________________________

1- “في قرار مكين”: ثابتة في الرحم الغائرة بين عظام الحوض، المحمية بها من التأثر باهتزازات الجسم، ومن كثير مما يصيب الظهر والبطن من لكمات وكدمات، ورجات وتأثرات. . . (الظلال).