تتحدد صفات الخلية الحية بما تحمله من كروموسومات، والكروموسومات بناء من البروتينات والأحماض الأمينية الأربعة: أدينين، ثيامين، جوانين، سيتوزين، مرتبة في الفراغ على هيئة شريطين حلزونيين ملتفين حول بعضهما، وتحمل الكروموسومات الشفرة التي توجه نشاط الخلية وانقسامها وما إلى ذلك، تبعا لترتيب الأحماض الأمينية على امتداد الشريطين في الفراغ، ومن المعروف أن الجنين يتكون من اتحاد خلية واحدة من الذكر (الحيوان المنوي) وخلية واحدة من الأنثى (البويضة)، ومن هنا فإن الصفات الوراثية تتحدد بكل من كروموسومات الأب وكروموسومات الأم، 50% لكل منهما، ويتم ذلك ابتداء من النطفة الأولى التي تجمع بين الحيوان المنوي والبويضة: النطفة الأمشاج أي الخليط، والمشيج: كل شيئين مختلطين، حيث تتشكل الجينات للمخلوق الجديد مصداقا للآية:
)إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا( [الإنسان: 2[،
وفي الحديث أيضا:
*(أن يهوديا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه فقالت قريش: يايهودي إن هذا يزعم أنه نبي، فقال: لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي، فقال: يا محمد مم يُخْلَق الإنسان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا يهودي من كُلٍّ يُخْلَق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة) (أحمد).
ومن ناحية أخرى فإن السائل المنوي في حد ذاته أمشاج من عدة مكونات: الحيوانات المنوية من الخصيتين، وإفراز الحويصلات المنوية، وسائل البروستاتا، وإفرازات غدد كوبر وغدد ليترى، وسنرى بعد ذلك آية أخرى من آيات الإعجاز في القرآن بإشارته إلى أن جنس المولود إنما يتحدد بنوع الحيوان المنوي الذي يصيب البويضة. وهناك صفات وراثية قد لا تظهر في الجيل الأول من الأبناء، ثم تظهر بعد جيلين أو ثلاث يطلق عليها الصفات الوراثية المتنحية، وقد هدى الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعرض نَفْىَ ولده، لأن امرأته ولدت غلاما أسود، فقال له صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: فما ألوانها؟ قال: حُمْرٌ، فقال صلى الله عليه وسلم: هَلْ فيها من أَوْرَق (أي أسود) قَالَ: إن فيها أَوْرَقًا، قال: فأني تُرَى ذلك جاءَها؟ قال: يا رسولَ اللهِ عِرْقٌ نَزَعَهَا، قال: ولَعَلَّ هذا عِرْقٌ (البخاري ومسلم).