المسلمون وحضارة الأنبياء قادة الحضارات
(نماذج ثلاثة في الميلاد الثاني للبشرية)

أ. د. عبدالحليم عويس

نوح الأب الثاني للبشرية عليه السلام:

(الميلاد الأول):

في تاريخ الحضارات وقادتها (الأنبياء عليهم السلام)، هؤلاء الذين اصطفاهم الله ليخرجوا البشرية في كل طور من أطوار التاريخ (بالوحي ثم بالعقل) من الوثنيات إلى التوحيد ومن الجهل إلى العلم بالدنيا والآخرة!!

في تاريخ هؤلاء القادة المصطفين تنقسم حياة البشر أقسامًا متتابعة، كل قسم منها يمثل نقلة جديدة في الزمان والمكان والأفكار والمسؤوليات!!

• ومع أن (الأب الثاني للبشرية) الرسول (نوح عليه السلام) عاش ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعو قومه إلى الإسلام إلا أنه ما آمن معه من قومه إلا قليل!!

ومن ثم أمره الله سبحانه وتعالى بعبور هذه المرحلة، مرحلة (الميلاد الأول)؛ لأن هذه الأرض يجب أن تطهر بالطوفان بعد أن حملت بنيتها وبنية من عليها بذور الفساد الذي لا إصلاح له.

فبنى نوح سفينته التي كانت مرحلة جديدة بوحي الله وأولى في ركوب البحر بطريقة يَعجِز البشر الأشقياء عبدة العقل والمادة أن يصلوا إلى شيء قريب منها؛ لأنهم عبيد النسبية والأرضية!!

• وركب النبي نوح ومن معه البحر بدون أية خطة ولا أية معرفة ولكن هذه هي عناية القدرة الإلهية مع كل الأنبياء..

(الميلاد الثاني):

ومضت السفينة – على بركة الله – في طريق (الميلاد الثاني) إلى أرض جديدة قابلة لبذور الإيمان بعد أن استوت السفينة على الجودي، وقيل بعدًا للقوم الظالمين.

وكانت السفينة التي تَمخَر عُباب البحر مؤشرًا بالمؤمنين على أن الوحي هو القائد الحقيقي للحضارة والعقل، ومؤشرًاً على أن أي طريق آخر يفتقد قيادة الوحي محكوم عليه بالموت.

وبدأت البشرية بعد (الاستواء على الجودي) تدخل بقيادة نوح النبي الموحى إليه (عليه السلام) وقائد السفينة الماضية بوحي الله وعونه عالمها الجديد بقيادة الوحي والعلم الصحيح.

إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام:

(الميلاد الأول):

ليس لنا أن نتوقع أن نصل إلى يقين أو شبه يقين في التاريخ الذي ظهر فيه إبراهيم خليل الرحمن، ليس لأن ذلك مضت عليه أربعة آلاف من السنين، بل لأن ذلك فوق طاقة كل البشر وهو من علم الله وحده، وقد غرق في المستنقع هؤلاء الذين حاولوا عن طريق تاريخ الآثار أو علم السلالات والأجناس البدائية (الأنثربولوجيا)، أن يصلوا إلى شيء من الحقائق في هذا التاريخ البعيد حتى ولو استعانوا بما يسمى بالعهد القديم!!

وأيًّا كان الأمر فإن خليل الرحمن قد نشأ قبل ألفي سنة من ميلاد المسيح عليه السلام، وأنه نشأ ليس كما تقول بعض كتب التفسير التي احتشدت بالأساطير وزعمت أنه ظهر بالشام، ظهر بالعراق بين أهل ما يسمى (فران أران) وهذا نقلته التوراة عن السابقين، وورد أيضًا في (إنجيل برنابا).

في بلدة أور الكلدانية – وتقع الآن كما يقولون بين العراق المحتل أعاده الله للإسلام وقضى على القوة الصليبية المحتلة – بين نهرى دجلة والفرات في الجنوب (أرض السواد).

كانت البشرية يحفها الظلام الوثني، وحاولت قوة الظلام في أور أن تحرق إبراهيم بالنار فقال الله للنار: ﴿ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69].

وكان لا بد أن يخرج إبراهيم، فخرج هو ورهط يعبر آلاف الكيلو مترات في الصحراء التي لا زرع فيها ولا ماء، معتمدًا على العناية الإلهية، مكونًا من ثلاثة نفر وربما بعض الخدم: هم إبراهيم خليل الرحمن وزوجته. المجاهدة سارة وابن أخيه لوط عليه السلام.

• وليقل لنا أهل العلم والعقل الآن: كيف عبر إبراهيم الذي لا يملك أدنى وسائل المواصلات من جمل أو خيل، ويمضي عبر طرق غير معروفة، ويستعمل النجوم حتى يصل إلى الشام ومصر، ليقل لنا هؤلاء بعلمهم الذي يخضع للهوى الشيطاني:

أي تفسير لهذه الرحلة؟ أي تفسير لقصة هاجر زوجة إبراهيم وطفلها الوحيد (إسماعيل) حينما تركهما وحدهما في صحراء لا زرع فيها ولا ماء لينشئ الله فيها (بالمرأة والطفل) أعظم عقيدة توحيد وأعظم حضارة ومدنية عرفها التاريخ وهي مكة المكرمة.

(الميلاد الثاني):

ومن عجب أن تبدأ نواة (الميلاد الثاني) في ميلاد هذا المكان وفي هذا البلد الذي ستنشأ فيه على يدي أم ضعيفة وطفل رضيع لخليل الرحمن (عليه السلام) وأمه الضعيفة الشابة معه مع ابنها (إسماعيل).

هذه الأم الضعيفة جدًّا المرضعة لطفلها الذي يأكل من جسدها، يأتي بها (خليل الأنبياء) (بأمر الله) الذي يسحق كل عقول تنسى خالقها، وتدَّعي العلمية وتعتمد على نفسها، فتنحدر إلى أحط من الحيوانات (أسفل سافلين)، هذه الأوامر الإلهية التي يصعب أن تدرك حقائقها العقول الغرائزية الحيوانية، هي التي صنعت التاريخ الإنساني والعقلي والإبداعي لكل مراحل التاريخ.

بالطبع دون إغفال لدور (العقل الإنساني) الرباني الملتزم!

هذه الضعيفة المسكينة التي تركها خليل الرحمن بأمر الله في أرض جدباء لا زرع فيها ولا ماء، سيكون ابنها الرضيع إسماعيل إمام الحضارة الربانية التي ترجع إلى إمامها (خليل الرحمن) وتنبثق عنه..

وفي هذا المكان الذي اصطفاه الله سترفع قواعد أعظم بيوت التوحيد في الأرض (الكعبة المشرفة)، وبُني هنا أعظم مسجد للتوحيد في الدنيا (المسجد الحرام)، وبه الكعبة التي ستكون قبلة المسلمين في الدنيا، (القبلة الواحدة)، وستولد مكة، وتظهر على مسرح التاريخ الإسلامي الإيماني في القرن السادس الميلادي، وبالضبط بعد ميلاد الرسول عام الفيل سنة (571م) وبعثته في سنة (610م)، وهو ما يمثل تحولاً جديدًا في التاريخ الإيماني.

• ألا سحقًا للمجانين الذين يكفرون بالله مالك الملك، ويؤمنون بهذا العلم الذي لا يساوي أي شيء دون أن يكون تابعًا للوحي الكريم، بل هو العلم المهلك للإنسانية مهما توافرت له الوسائل!

ومر هذا النفر القليل ببلاد مثل مصر واستقر بالشام وبالتحديد فلسطين، وهنا تنتهي المعالم الكبرى للميلاد الثاني.

يوسف عليه السلام:

(الميلاد الأول):

وصعدت روح إبراهيم أبي الأنبياء وخلف إسماعيل وإسحاق، وخلف إسحاق يعقوب، وخلف يعقوب يوسف عليه السلام، ولا نزعم أن التجربة التي تمثلها مرحلة يوسف تقترب إلا قليلاً من المرحلتين السابقتين إلا أن دروسها أقرب إلينا، وهى دروس مهدت وحدها الطريق بظهور الكليم موسى عليه السلام في صوت أعمق وأعظم، إلا أنه التدرج الزمني والانتقاء النوعي لاستخلاص الدروس والعبر الذي يفرض علينا أن نشير إلى الآباء والأبناء والأحفاد في سلسلة النسب النبوي – عليهم الصلاة والسلام..

كان يعقوب والد يوسف يقيم في منطقة أبيه وجده في فلسطين في الشام، ورزق الله يعقوب أبناء كثيرين من أربع نسوة، وكان يوسف وبنيامين من أم واحدة، وكعادة الأحقاد اليهودية التي يقتل بعضها بعضًا في سبيل أوهن الأشياء مضحين بأعز العلاقات حتى بعلاقات الآباء والأخوة والأبناء، وأيضًا وفاقًا لقوانين الفطرة أظهر يعقوب عطفه وحبه أكثر لولده الصغير يوسف عليه السلام، وكان هذا كافٍ لتحريك النار الشيطانية الرابضة في قلب بني إسرائيل بينهم وبين كل البشرية دون تقدير لحقوق الأبوة أو الأخوة أو الدين.

ومن هنا قرر هؤلاء الأخوة الأعداء أن يقتلوا يوسف بعد خداع أبيهم وأخذوه إلى الصحراء وزعموا أن الذئب (البريء) قتله بأدب شديد؛ لأنه لم يترك على قميصه نقطة دم واحدة فرموه في الجب؛ حيث انتشل ليباع عبدًا ويصل هذا العبد (يوسف النبي ابن النبي والكريم ابن الكريم) إلى بيت عزيز مصر عبدًا وخادمًا.

ويشب يوسف ويصبح أفضل الخدم والعبيد ويحبه ويعطيه رئاسة الخدم ومع بداية شبابه ظهر جماله الذي لا مثيل له وكماله وسمته الإيماني، وأعجبت به زوجة العزيز وراودته عن نفسه، ولكنه اعتصم وأبى، فاتهمته زورًا، ونجحت بتأثيرها القوي على القوانين وزوجها (كسيدة ثانية لمصر) في إدخاله السجن، وبعد سنوات عدة اكتشفت الحقيقة على يد سجين سابق كان عبدًا أخطأ وعوقب بالسجن من الملك الهكسوسي ورأى رؤيا وفسرها له يوسف، فكانت كفلق الصبح، وبعد سنوات ذكر هذا السجين السابق يوسف عندما رأى هذا الملك الهكسوسي رؤيا حار فيها الكهان والوثنيون، ففسرها يوسف تفسيرًا حقيقيًّا وإيمانيًّا، فطلبه العزيز لنفسه وقال: ائتوني به فقال يوسف لن أخرج إلا بعد ظهور براءتي واعترفت امرأة العزيز على نفسها أنها التي راودته عن نفسه، واعترف النسوة بالأمر وباعترافها أمامهن، وهنا قبل يوسف أن يخرج.

وهذه دروس لجميع الناس الشرفاء، فليس الشرط أن تكون في سجن أو في غيره، بل الشرط أن تكون في الحياة مكرمًا معززًا لا ينال من عرضك أحد!

(الميلاد الثاني):

لم يترك لنا القرآن شيئًا للحديث عن هذا الميلاد الثاني لنبي الله يوسف، لاسيما في ميلاده الثاني أو طوره الثاني عندما خرج بعد رحلة عذاب وهوان كبيرة من السجن؛ ليكون الرجل الثاني شكليًّا والأول حقيقيًّا.

وهنا نتساءل سؤالاً نخشى أن يكون قد غاب عن كثيرين جدًّا من المفسرين والمؤرخين في عصرنا الحديث. فضلاً أن يكون قد خطر على بال واحد من هذه الحيوانات المجنونة التي تحمل شهادات السوربون وجامعات مصر، هذا التساؤل هو:

• هذا الطفل المخطوف من بيت والده الملقى في الجُب والخادم في قصر العزيز والسجين في سجن الملك الهكسوسي، والذي لا يحمل أية مؤهلات علمية ولا شهادات دكتوراه ولا جوائز علمية، هذا الإنسان العظيم الذي لم يدخل مجالات الدراسة المتخصصة في التخطيط والاقتصاد والمال، وربما كان السجن مع ما فيه من أوباش الناس والمناخ الفاسد الذي نجى الله يوسف منه بفضل دينه وخلقه، هذا الإنسان العظيم الذي يسمى يوسف كيف يخرج من السجن وبعد خروجه يملك أن يقول بكل قوة وثقة إيمانية لملك مصر الهكسوسي:

﴿ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 55].

إن مؤهلاته إشعاع مباشر من الوحي مصدر العلم المباشر الذي يصدر عن الذي يملك مفاتح الغيب ويعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.

أما علومه الغرائزية النسبية البعيدة عن الوحي، فلو أعطت قليلاً فإنها تهدم كثيرًا، وعلى رأس ما تهدم المعالم الكبرى للحياة التي لا يجوز أن تكون الحياة إنسانية إلا بها.

وهى معالم الإيمان المستمد من (الوحي والإيمان) العقلي والقلبي، والعبودية المطلقة لخالق الكون، والتسليم بأن قادة الحضارات الصحيحة هم الأنبياء رسل الله وأئمة الهدى.

وهم الذين ملكوا العلم الحقيقي وحموا الإنسانية من أن تسقط للدرك الحيواني الذي وصلت إليه للأسف حضارة القرنين العشرين والحادي والعشرين.

إنها حضارة الشذوذ من خلال زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة، حتى وصلت بالإنسان للدرجة التي لم تصل إليها الحيوانات فاستحقوا قول الله المعجز الذي يرصد كل هذه الملامح في آيتين كريمتين في الميلادين الأول والثاني بقيادة الأنبياء وخاتمهم أعظم الأنبياء في التاريخ؛ كما قال مايكل هارت وآلاف غيره.

محمد: الميلاد الثاني من الأنبياء إلى أفراد المؤمنين:

وعندما نتكلم على هذا النحو يتصور بعض الناس أن هذا يخرج عن دائرتهم، وأنه لا علاقة لهم بهذا المستوى، وذلك خطأ كل الخطأ!!

فالأنبياء جميعًا – وعلى رأسهم محمد خاتمهم عليهم الصلاة والسلام – إنما جاؤوا قبل كل شيء لبناء الإنسان (الفرد) ذكرًا كان أم أنثى.

ولقد علَّموا المؤمنين أن هذا الإنسان هو مركب حضاري كامل، وأنه مستخلف في عمارة الأرض، وأنه جِرمٌ عظيم انطوى فيه العالم الأكبر؛ ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 21]، ولا تجوز أبدًا الاستهانة به عند إقامة دعائم الدين والحضارة، فهو الأساس كما عرفنا في شعاب مكة ودار الأرقم والمسجد النبوي الشريف.

إن الإنسان الفرد هذا الذي يبدو ضعيفًا بينما هو عالم كبير لو حركناه من داخله.

ويضرب لنا فقهنا بسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وتاريخنا أمثلة كثيرة، ونشير هنا فقط إلى إنسان واحد فقط، لا يُذكر بعده أحد، وهو الرجل الذي استطاع بعد ستين سنة أن يكون رضي الله عنه خامس الخلفاء الراشدين، إنه عمر بن عبدالعزيز الذي أحدث الانقلاب العظيم في نفسه بعد أن كان مترفًا عندما فُرضت عليه الخلافة التي لم ينتظرها، فنبذ كل ذلك وتحول إلى زاهد فقير وهو أمير الدنيا، هو وزوجه فاطمة بنت الخلفاء وأخت الخلفاء التي خيَّرها بين ما كانت عليه أسرتها من الترف، وما اغتصبه لها أهلها الخلفاء السابقون من مال المسلمين، فإما أن ترجعه كله وهو كثير، وإلا فلتذهب إلى حالها، فأطاعته وقالت له: رضيت بالله ربًّا، وأنا زوجك الوفية إلى ما شاء الله.

كانت نعم الزوج، وكانت قد رزقها الله خير الأولاد الذين مات أبوهم أمير الدنيا، ولم يترك لهم درهمًا ولا دينارًا، مجتهدًا اجتهادًا خاصًّا، خائفًا من أن تكون ثمة شبهة حرام دخلت من غير طريق الحلال إلى جسد أولاده.

وانتهى بنو أمية، وأذل الله أمراءها السارقين بعد عمر في نهاية عهدها، فشُردوا في الشوارع بعد سقوط دولتهم يستجدون الناس، وقد شُوهد هذا، أما أولاد عمر، فقد كانت أموالهم تُكال كيلاً، ولا تُعد عدًّا.

• • •

ولي أخ في الله كأنه أنا وكأنني هو، عاش تجربة الميلاد الثاني هذه، فرأى – بعقله وقلبه – وجعلني أرى بعقلي وقلبي بشائر الميلاد الثاني.

كان ذلك في بداية رمضان المبارك 1430هـ شهر القرآن والمغفرة، وظن ضعاف الإيمان الظنون، لكنني – كما يقول الأخ – كنت أثق ثقة مطلقة في أن عناية الله تنسأ في أجلي وتمنحني فرصة أخرى أتجرد فيها لله – أو هكذا قال صديقي جدًّا – ورأيت الإنشاء الجديد لي خلقًا آخر، وأبصرت الأمور على ما لم أكن أحلم به، ورأيت العظام تُكسى لحمًا، وقد عرفت ضَعف البشر، وأن الإيمان بالله وبهذا الدين هو الوجود الحقيقي.

وسألت الله أن يهدي إخواننا الذين لم يغوصوا في أعماق هذا الدين، ولم يتفكروا في كتاب الله المنظور والمسطور كما ينبغي، وقدموا الإسلام من الخارج بلاغة وفصاحة وخطبًا رنانة، وأقوالاً رصيدها من العمل الاجتماعي والاقتصادي قليل.

وتذكرت قول معلمي الحبيب رحمه الله الذي لم أنسه قط (الشيخ محمد الغزالي) الذي كان يتأوه أمامي ويقول لي:

(إن هذا الدين يا بني قضية عادلة وقع بين أيدي محامين فاشلين!!).

وقد علمني أستاذنا الأدب، فما سمعت منه إلا قوله الودود: هدانا الله وإياهم، وأعادهم إلى فقه الإسلام، وإلى العمل لخدمة الإسلام.

• • •

والفرد أيضًا له (ميلاده الثاني):

ويحق في نهاية هذا الشوط الذي نكتفي به والذي نعترف به بالفضل العظيم علينا، فقد بلغ بنا المرض في هذه السنة 1430هـ ما ظن معه الكثيرون أنها النهاية، ولكني لم أيئَس، ومن ثم كانت بداية الميلاد الثاني، فكسا الله تعالى العظام لحمًا، وأنشأنا خلقًا آخر.

وقد أرانا (الله) في قلب المرض بشائر المرحلة الجديدة التي نعاهده فيها – وهي طويلة بإذنه – أن نتجرد له، وأن نهَب عقولنا وعلمنا المحدود لخدمة هذا الدين.

• وشكرًا لله على الشفاء والتمكين من استئناف المسيرة.

• والشكر بإذنه وبأمره لكل من بثّوا فينا روح الحياة، ودعوا لنا عبر العالم بالشفاء، وعلى رأسهم أحبابي وأساتذتي في الجمعية الشرعية بقيادة إمامها العظيم الدكتور محمد المختار المهدي، الخليفة المعاصر للإمام محمود السبكي.

•وشكرًا لكل زعماء التيارات الإسلامية العالمية المعتدلة، ثم أستاذي الدكتور محمد سليم العوا ومسك الختام أستاذي العلامة الشيخ يوسف القرضاوي شيخ العلماء الدعاة العاملين بالإسلام.

وأخيرًا:

سلام على عباده الذين اصطفى، وصدق الله العظيم: ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ﴾ [الحج: 75].