بقلم الاستاذ / محمد شاهين التاعب

منذ بداية التاريخ المسيحي وهُناك اختلافات كثيرة جداً بين المسيحيين الأوائل

واستمرت هذه الاختلافات مع مرور الزمن, وظلت إلى يومنا الحالي

في البداية أحب أن أوضِّح معنى “الأرثوذكسية” و “الهرطقة” تاريخياً
أولاً: جميع الفرق الـمُختلفة في بداية التاريخ المسيحي هم ينسبون للمسيحية

كلمة “أرثوذكسية” هي كلمة من أصل يوناني تعني صاحب الإيمان السليم المستقيم الصحيح

وكلمة “هرطقة” أيضاً كلمة من أصل يوناني تعني الشخص الذي ترك الحق عمداً واختار الباطل

وهكذا, كانت كل فرقة من الفرق المسيحية الـمُختلفة تدَّعي أنها على الأرثوذكسية

وكانت كل فرقة من الفرق المسيحية الـمُختلفة تدَّعي أن الفرقة التي تُخالفها مُهرطقة

وبعد مرور قرون تم تحديد اسم “الأرثوذكسية” كفرقة

في مجمع نيقية, في القرن الرابع الميلادي

أيَّدَ قُسطنطين أثناسيوس وأصبحت عقيدته هي عقيدة الإمبراطورية الرسمية

منذ ذلك الحين أصبح أتباع أثناسيوس هم “الأرثوذكس” بحُكم الإمبراطور

وأصبح كل من يُخالف أثناسيوس “مُهرطق” بحُكم الإمبراطور

وبعد مجمع نيقية بسنوات قليلة, في مجمع خلقيدونية, في القرن الخامس

كان هُناك خلافاً بين الكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية في روما

واختلفوا حول المسيح عليه السلام, هل كان طبيعة واحدة, أم كان طبيعتين ؟

حينئذ, أنشقت الكنيسة الشرقية عن الكنيسة الغربية في روما

وأصبحت هُناك الكنيسة الـ “أرثوذكسية” والكنيسة الـ “كاثوليكية“

و“الكاثوليكية” كلمة من أصل يوناني تعني العالمية أو الجامعة

وفي القرون الوسطى عندما كانت الكنيسة الكاثوليكية في روما تسيطر على أوروبا

قامت ثورة ونهضة أدت إلى انشقاق الـ “بروتيستانت” عن الكنيسة الكاثوليكية

و“بروتيستانت” كلمة من أصل إنجليزي

وهكذا أصبح هُناك ثلاث فرق مسيحية رئيسية

الأرثوذكس, والكاثوليك, والبروتيستانت

بشكل عام: كانت الاختلافات بين الفرق المسيحية الأولى حول هذه الأمور الرئيسية

1- الأسفار المُقدَّسة

2- المسيح عليه السلام

3- الإله المُستحق للعبادة

4- العبادات والطقوس الكنيسة

_______________

بخصوص الأسفار المُقدَّسة

كان هُناك خلاف بين الفرق حول أي الكتب هي المُقدَّسة

وما زال هذا الخلاف باقٍ إلى يومنا الحالي

فإن الأرثوذكس يقولون أن الكتاب 66 سفر وهناك خلاف حول سبعة أسفار

وهم الأسفار القانونية الثانية

أما الكاثوليك فيضمون لكتابهم هذه الأسفار السبعة ليصبح العدد 73 سفراً

أما البروتيستانت فيحذفون هذه الأسفار السبعة باتفاق ليرجع العدد إلى 66 سفر

وهناك فرق مسيحية أخرى تضيف

رسالتي اكلمندس الروماني ورسالة برنابا ورسالة الراعي لهرماس

وبعض الكتب الأخرى في العهد القديم مثل: سفر أخنوخ وصعود إشعياء وأخبار باروك … إلخ

ليصبح عدد الكتب بالنسبة لهذه الفرق 81 سفراً

_______________

بخصوص الاختلاف حول المسيح عليه السلام

فهُناك فرق مسيحية قديمة كانت تعتقد بأن المسيح عليه السلام إنسان فقط (مثل: الإبيونِيّون)

وهُناك فرق مسيحية قديمة أخرى كانت تعتقد بأن المسيح عليه السلام

إنسان وإله في الوقت نفسه (مثل: أتباع أثناسيوس الرسولي)

وأيضاً هُناك فرق مسيحية قديمة أخرى كانت تعتقد بأن المسيح عليه السلام

إله فقط (مثل: بعض الغُنُوصِيّين والدُويستِيّة)

واختلاف الفرق حول المسيح عليه السلام ما زال موجوداً إلى يومنا الحالي

الأرثوذكس والكاثوليك والبروتيستانت يقولون

إن المسيح عليه السلام هو الله الذي نزل من السماء وعاش على الأرض

ولكن هُناك اختلافات بينهم حول ماهية المسيح عليه السلام

فالأرثوذكس يقولون إن المسيح عليه السلام طبيعة واحدة ومشيئة واحدة

والكاثوليك والبروتيستانت يقولون إن المسيح عليه السلام طبيعتين ومشيئتين

وأيضاً هُناك فرقة تُدعى “شهود يهوه” تنكر تماماً ألوهية المسيح عليه السلام

_______________

بخصوص الاختلاف حول الإله الـمُستحق للعبادة

في بداية المسيحية كانت هُناك فرق مسيحية تعترف فقط بإله واحد

وهو إله العهد القديم وتنفي الألوهية عن أي كائن آخر, أي أنها ترفض التثليث (مثل: الإبيونِيّون)

ولكن كانت هُناك فرق مسيحية أخرى تقول بوجود أكثر من إله

فهُناك فرق كانت تقول بإلهين

إله للخير وإله للشر يتصارعان ويحاربان بعضهما البعض (مثل: ماركيون, الدويستية)

وكانت هُناك فرق تقول بآلهة كثيرة جداً

إله كبير عظيم وكائنات إلهية كثيرة جداً لا تُعَد ولا تُحصى (مثل: فرق غنوصية)

وفي أيامنا الحالية ما زال هُناك اختلاف بين المسيحيين حول عدد الآلهة

فالأرثوذكس والكاثوليك والبروتيستانت يعبدون ثلاثة: الآب والمسيح عليه السلام والروح القدس

أما شهود يهوه فيبدون إلهاً واحداً: الآب

_______________

بخصوص العبادات والطقوس الكنسية

بسبب ثورة البروتيستانت على الكنيسة الكاثوليكية

رفض البروتيستانت أغلبية الأشياء التي لها علاقة بالكنيسة

أما الأرثوذكس والكاثوليك فهناك تشابه كبير بين الطقوس الكنسية التي تُمارس فيهما

_______________

هذه هي الاختلافات الرئيسية بين الطوائف المسيحية

وللمزيد من المعلومات أرجوا قراءة بحث الأخت منة الله حفظها الله ورعاها

أهم الاختلافات الأساسية بين الطوائف النصرانية (دراسات وصفية)

_______________

أما بخصوص الحوار بين الفرق المسيحية المُختلفة

بالتأكيد كل فرقة لها إيمانياتها الخاصة, ويجب على الباحث المتخصص أن يدرك هذه الاختلافات

حتى يتمكن من مُحاورة كل مسيحي بحسب عقيدة الصحيحة

ولكن في مصر على وجه الخصوص, أغلبية المسيحيين لا يُدركون أصلاً عقائدهم بحسب طائفتهم

فتجد الأرثوذكسي يقول بعقائد البروتيستانت أو الكاثوليك

وتجد البروتيستانت يقول بعقائد الأرثوذكس … وهكذا

لذلك لا أستطيع أن أقول إن الحوار بالنسبة للمسلم سيختلف مع المسيحي بحسب طائفته

لأن أغلبية المسيحيين لا يعرفون أصلاً مُعتقدات طائفتهم
بل بالإضافة إلى ذلك, أغلبية المسيحيين لا يعرفون المسيحية الحقيقية أصلاً !

فنحن الدُّعاة في مشكلة كبيرة, نضطر إلى تعليم المسيحي المسيحية أولاً حتى يُدرك بطلانها

ثم نعرض عليه الإسلام العظيم, حينئذ يستطيع المسيحي أن يدرك أفضلية الإسلام العظيم

ولكن أن تكون عالماً بالاختلافات بين الطوائف أفضل لك بالتأكيد في الحوار

فالعلم بالشيء أفضل دائماً من الجهل به

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

https://hidayat-alhayara.com/ موقع هداية الحيارى الدعوي