1 – المسيح لم يأتِ مِن أجل السلام على الأرض!

فهكذا قال المسيح:

“لا تظنُّوا أني جئت لألقي سلامًا على الأرض. ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا – متى 10: 34″.

 

جئت لألقي نارًا على الأرض، فماذا أريد لو اضطرمت! أتظنون أني جئت لأعطي سلامًا على الأرض؟! كلا، أقول لكم: بل انقسامًا – لوقا 12: 49 – 51”.

 

فهل يتفق هذا مع لقب “أمير السلام” الذي يعطى للمسيح، اقتباسًا من فقرة من – أشعياء 9: 6″، والتي تستخدم كنبوءة عنه؟

وهل يتفق هذا مع دعاء الملائكة بالسلام على الأرض يوم مولد المسيح؛ إذ هذا ظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة” كما ذكر لوقا في إنجيله 2: 13؟!

 

2 – تعاليم التسامح المثالي غير قابلة للتطبيق:

لقد قال المسيح – في موعظة الجبل – كثيرًا من تعاليم التسامح المثالي، مثل: “سمعتم أنه قيل: عين بعين، وسن بسن[1]، وأما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشر، بل مَن لطمك على خدك الأيمن، فحوِّل له الآخر أيضًا – متى 5: 38 – 39″.

 

وعندما ننظر في إمكانية تطبيق مثل هذا التسامح المثالي الجميل حقًّا، نجد الإنجيل يظهر لنا المسيح وقد نقض هذا التعليم؛ فها هو كاتب إنجيل يوحنا يقول: سأل رئيس الكهنة يسوع عن تلاميذه وعن تعليمه، أجابه يسوع: أنا كلمت العالم علانية… وفي الخفاء لم أتكلم بشيء. لماذا تسألني أنا؟! اسأل الذين قد سمعوا ماذا كلمتهم…ولما قال هذا، لطم يسوع واحد من الخدام كان واقفًا قائلاً: أهكذا تجاوب رئيس الكهنة؟!

 

أجابه يسوع: إن كنت قد تكلمت رديًّا فاشهد على الردى، وإن حسنًا، فلماذا تضربني؟! – 18: 23″.

وهكذا لم يدِرْ له المسيح خده الآخر، حسب تعليمه الذي دعا الناس إلى العمل به!

 

ولقد رأينا سلفًا كيف انهارت القاعدة الذهبية الجميلة التي تقول: “أحبوا أعداءكم… بارِكوا لاعنيكم”، عندما جاع المسيح فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق، وجاء لعله يجد فيها شيئًا، فلما جاء إليها لم يجد شيئًا إلا ورقًا؛ لأنه لم يكن وقت التين، فاغتاظ جدًّا، لدرجة أنه لعنها؛ إذ دعا عليها قائلاً: لا يأكل أحد منك ثمرًا بعد إلى الأبد. وما كان لهذه الشجرة من ذنب؛ إذ لم يكن وقت التين، ولا نظن أحدًا يماري في أنه لو دعا لها المسيح بأن تثمر، فأثمرت، بدلاً من أن يدعو عليها – لكان ذلك خيرًا وأفضل.

 

ويلفت ج. ويلز – أستاذ التاريخ بجامعة لندن – النظر إلى عدم التزام المسيح بتعاليمه الأخلاقية[2]، مثل قوله: من قال: يا أحمق، يكون مستوجب نار جهنم – متى 5: 22″.

 

إذ إن الأناجيل تظهر لنا المسيح وهو يشتم الكثيرين!

“أيها الحيات، أولاد الأفاعي، كيف تهربون من دينونة جهنم – متى 23: 33″، وقد شتم تلاميذه؛ إذ قال لبطرس: اذهب عني يا شيطان! – متى 16: 23″، وشتم آخرين، منهم: أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان! – لوقا 24: 25″، بل إنه شتم أحد الذين استضافوه ليتغدى عنده، شتمه في بيته: سأله فريسي أن يتغدى عنده. فدخل واتكأ. وأما الفريسي فلما رأى ذلك تعجب أنه لم يغتسل أولاً قبل الغداء، فقال له الرب: أنتم الآن أيها الفريسيون تنقون خارج الكأس، وأما باطنكم فمملوء اختطافًا وخبثًا. يا أغبياء!… ويل لكم أيها الفريسيون!… فأجاب واحد من الناموسيين وقال له: يا معلم، حين تقول هذا تشتمنا نحن أيضًا. فقال: وويل لكم أنتم أيها الناموسيون! – لوقا 11: 37 – 46”.

 

3 – تعاليم المسيح حول اليتامى:

لا شيء على الإطلاق!…

لم تذكر الأناجيل الأربعة تعليمًا محددًا للمسيح عن اليتامى، تلك الطائفة التعسة بين البشر من أطفال وأولاد وبنات!

 

فلا نجد شيئًا مثل قول الحق في القرآن:

﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾  [الإنسان: 8، 9].

 

﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 2].

 

﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [النساء: 6].

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10].


[1] ورد هذا في أسفار موسى: خروج 21: 24، لاويين 24: 20، تثنية 19: 21.

[2]G. Wells: The Jesus of The Early Christians, pp. 69 – 71.