قصة داود – عليه السلام – بين التوراة والقرآن

مقدمة:
تعتبر قصة داود – عليه السلام – من القصص المشتركة بين القرآن والتوراة، وقد جاءت في كل منهما بأسلوب مختلف عما جاءت به في الآخر، ولغايات متباينة.

بل وباختلافات كبيرة في التفاصيل والمشاهد والأحداث تصل أحيانًا حد التباين.

وانطلاقًا من مبدأ الحوار الذي فتح القرآن بوابته على مصراعيها، واستنادًا لتصديق خاتم كتب الله “القرآن الكريم” لما سبقه من كتب وهيمنته عليها، جاء هذا العرض (قصة داود بين القرآن والتوراة)؛ ليعقد مقارنة بين القصتين معطيًا التركيز لنقاط يراها أساسية هي:
• البحث أولاً في النص في حد ذاته عن استقامته وأهم الأفكار الواردة فيه ومستوى الاتفاق فيها أو التناقض.

وكان بودِّي”أن يكون المستوى الثاني مقارنة بين نسخ متعددة من نسخ (التوراة)؛ حتى تكون الرؤية أوضح وأجلى، إلا أن عدم الحصول عليها منع من ذلك، فكانت الخطوة الثانية مقارنة:
• العقيدة والشريعة: حيث يركز العرض على الاختلاف في العقيدة وفي التصور (بين الكتابين) عن الله تعالى وصفاته، وعن أنبيائه وصفوته من خلقه، وعن الأحكام التي تنص عليها التوراة أنها منزلة من عند الله، ومدى تطابقها أو تقارُبها أو مشابهتها لما في النص المهيمن المصدق.

• ثم البحث عن القصة وأحداثها في الكتابين، والمقارنة بين الأحداث والوقائع، في التوراة أولاً، ثم التصديق عليها من القرآن.

واستنادًا لهيمنة القرآن، تحاشى العرض قدر المستطاع أن يدخل في التفاصيل غير الواردة في القرآن، لانعدام وجه المقارنة فيها – وهو لب الموضوع – من ناحية، ولعدم القدرة على التصديق عليها ما دام النص الذي وردت فيه محل استفهام في صحته وثبوته، بل وفي تناغمه واتِّساقه.

وقد جاء العرض في محاور أربعة، اختص أولها بالحديث عن بداية ظهور داود وقتله لجالوت، وكان الثاني عن مطاردته من طرف الملك[1]، وأما الثالث فكان عن داود بعد أن آتاه الله الملك؛ ليكون الرابع حكرًا على إبراز أهم المميزات التي تميز بها عرض القصة بين النصين القرآن (المهيمن المصدق)، والتوراة (المصدقة والمهيمن عليها).

المحور الأول: بداية ظهور داود، وقتله لجالوت:
تحدثت نصوص كثيرة عن هذه القصة، ولكنها – كعادة العهد القديم كله – تتداخل الأحداث فيها ولا تنفصل، بمعنى أن داود حين تتحدث عنه التوراة مرتبط بقصص سابقة له ولاحقة عليه ومعاصرة له، كلها تتعلق بشعب إسرائيل ومحطات حياته المختلفة.

ورغم ذلك فقد حاولت انتقاء بعض النصوص التي تركز على داود، أو على أحداث له بها علاقة، معرضًا قدر المستطاع عما لم يرد له ذكر في القرآن، إلا إذا أوردته للاستشهاد أو ما أشبه.

السياق التاريخي لظهور داود (ملك شاول):
“1 وقال صموئيل لشاول: “إياي أرسل الرب لمسحك ملكًا على شعبه إسرائيل، والآن فاسمع صوت كلام الرب * 2 هكذا يقول رب الجنود: “إني قد افتقدت ما عمل عماليق بإسرائيل حين وقف له في الطريق عند صعوده من مصر * 3 فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرموا كل ماله ولا تعف عنهم، بل اقتل رجلاً وامرأة، طفلاً ورضيعًا، بقرًا وغنمًا، جملاً وحمارًا”[2].

أولاً: مشكلات النص:
أ- من الناحية الشكلية:
• من المخاطب بالكلام هل هو (شاول) وحده كما توحي به كلمات في النص؛ مثل: (اذهب)، و(اضرب)، و(لا تعف)، أم الخطاب لجماعة كما في كلمة: (حرموا كل ماله)، ومن هي تلك الجماعة؟ (هل هي الشعب كله؟ أم صموئيل وشاول وحدهما؟)، وهل صموئيل داخل ضمن الخطاب، أم موصل له؟، وإذا كان الله تعالى سيكلم (شاول) بشكل مباشر (في قوله: إني قد افتقدت)، فما الحاجة إلى صموئيل؟

• من المقصود بإسرائيل؟ هل هو إسرائيل النبي (يعقوب) – عليه السلام – أم أولاده؟ وفي كلا الاحتمالين تبقى هناك إشكالات، فالاحتمال الأول يكذبه التاريخ؛ إذ لم يخرج إسرائيل من مصر بعد أن دخلها خروجًا يعرضه لأن يعتدي عليه العماليق، وإنما خرجها ميتًا كما ينص العهد القديم نفسه[3]، ولا يقل الاحتمال الثاني إشكالاً عن الأول؛ حيث إنه إذا كان المقصود أبناء إسرائيل، فعلى من يعود ضمير المفرد في “وقف له في الطريق عند صعوده من مصر”؟

ب- من الناحية العقدية:
هناك مشاكل عقدية متعددة في هذا النص على قِصَره، وأسئلة كثيرة تثيرها عباراته من قبيل:
• هل كلم الله تعالى (شاول) وهو لا يرقى إلى مستوى النبوة كما توحي النصوص نفسها “مسحك ملكًا”؟ وإذا كان كلمه فأي مزية تبقى لموسى – عليه السلام؟

• وهل كان الله تعالى جاهلاً حتى (يتفقد) ما عمله العماليق؟ ما يوحي بطروء (الأعراض) وزوالها عنه – سبحانه، هذا إذا كان المقصود: (التفقد) ، أما إن كان المقصود الافتقاد، فتلك مشكلة أخرى، تجعل (رب الجنود) عاجزًا عجزًا مطلقًا؛ لأنه فقد عملاً عمله عماليق، وهو كلام غير مفهوم؛ إلا إذا كان الله يجهل وينسى، وكانت ملائكته لا تدون، وسجلات أعمال العباد غير حاضرة – تعالى الله عن كل ذلك.

• وهل الرب رب البشرية كلها – جل جلاله – أم هو رب إسرائيل كما تصر النصوص على وصفه دائمًا، أم هو هذه المرة رب خاص بالجنود، وإذا كان كذلك، فمن هم الجنود المقصودون؟

ج- من حيث الفكرة:
• لماذا يأمر النبي الملك بكل هذا الفتك؟ وينسب ذلك لكلام الله، هل هكذا يأمر الدين؟
• وإذا كانت المرأة والطفل والرضيع مجرمون – ما لا يمكن أن يتصوره ذو عقل – فما هي جريمة الحيوانات؟، هو بطش وفتك من نوع خيالي.

ثانيًا: المقارنة بالقرآن:
• تعرَّض القرآن الكريم لقضية تنصيب ملك على بني إسرائيل في سورة البقرة في قوله تعالى : ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي ﴾ [البقرة: 246]، فالآيات تدل على نقاط متعددة بعضها لا تتفق مع بعض ما ذكر:
• وأول ما تلفت إليه الآية النظر هو السياق العام – الزمني – للحادثة حيث تؤكد أنها وقعت من بعد موسى، وهو متفق مع ما في العهد القديم.

• ثم إنهم هم من طلب تنصيب الملك، وإن دعوتهم لتنصيبه من أجل القتال في سبيل الله، وإنهم التزموا بالقتال متى نُصِّب عليهم الملك.

• إن الهدف من القتال هو رفع الظلم الواقع عليهم؛ ﴿ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ﴾ [البقرة: 246].

أما كون هذا القتال بسبب ما فعله العماليق لبني إسرائيل حين خروجهم من مصر، فهو مناقض صريح لما جاء في القرآن[4]؛ حيث أثبت القرآن أنهم حين خروجهم من مصر جبنوا عن مواجهة (الجبارين)، وتركوا موسى وشأنه، يوضح القرآن قصة جبنهم هذا في سورة المائدة، في قوله تعالى : ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ * يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 20 – 23]، وبعد هذا الحوار جاء الجواب من طرف بني إسرائيل المخاطبين به حاسمًا قاطعًا: ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ [المائدة: 24 – 25].

إذًا فبنو إسرائيل هم الذين خافوا وجبنوا عن ملاقاة العدو، ولم تقع بينهم وبينه مواجهة (على الأقل حين الخروج)، حتى يُوصف فعل العماليق بالتعرض لهم، أما ما بعد فترة التيه، وسنيه الأربعين، فتلك فترة يصعب استساغة تسميتها (بحين الخروج)، وحتى على جواز ذلك لغة، فليس بجائز واقعًا؛ إذ سبب القتال (الذي نحن بصدد الحديث عنه) ما حدد في آية البقرة الآنفة الذكر.

ملك مرفوض، ورب عاجز:
هكذا يقدم النص التوراتي، (شاول) الذي مسح قريبًا ملكًا مصطفى، يندم ربه على تمليكه كما يصور ذلك النص الآتي:
“35 ولم يعد صموئيل لرؤية شاول إلى يوم موته؛ لأن صموئيل ناح على شاول، والرب ندم؛ لأنه ملك شاول على إسرائيل”[5].

أولاً- مشكلات النص:
أ- من حيث الشكل:
• ألا يعتبر هذا مناقضًا لما جاء في نفس الإصحاح من توبة (شاول)، واستغفار صموئيل له؛ حيث جاء فيه: “24 فقال شاول لصموئيل: أخطأت لأني تعديت قول الرب وكلامك؛ لأني خفت من الشعب وسمعت لصوتهم * 25 والآن فاغفر خطيتي، وارجع معي فاسجد للرب * 26 فقال صموئيل لشاول: لا أرجع معك؛ لأنك رفضت كلام الرب، فرفضك الرب من أن تكون ملكًا على إسرائيل * 27 ودار صموئيل ليمضي فامسك بذيل جبته، فانمزق * 28 فقال له صموئيل: يمزق الرب مملكة إسرائيل عنك اليوم، ويعطيها لصاحبك الذي هو خير منك * 29 وأيضًا نصيح إسرائيل لا يكذب، ولا يندم لأنه ليس إنسانًا ليندم * 30 فقال: قد أخطأت، والآن فأكرمني أمام شيوخ شعبي وأمام إسرائيل، وارجع معي فاسجد للرب إلهك * 31 فرجع صموئيل وراء شاول وسجد شاول للرب * 32 وقال صموئيل: قدموا إلي أجاج ملك عماليق، فذهب إليه أجاج فرحًا، وقال أجاج: حقًّا قد زالت مرارة الموت * 33 فقال صموئيل: كما أثكل سيفك النساء، كذلك تثكل أمك بين النساء، فقطع صموئيل أجاج أمام الرب في الجلجال * 34 وذهب صموئيل إلى الرامة، وأما شاول فصعد إلى بيته في جبعة شاول*”[6].

فأي النصين أصح؟ وأي الخبرين أصدق؟ وما جدوى الاستغفار إذا كان النص الثاني أصح؟

ب- مشاكل عقدية وتشريعية:
• أول مشكل يطالعنا هو وصف النص (الرب) بالندم، فأي رب هذا الذي لا يعرف عواقب الأمور، حتى يفعل ثم يندم؟

• وعلى افتراض أن النص الأخير هو الصحيح[7]، (وأنه ناسخ للأول، مع أن النسخ في مثل هذا النوع لا يجوز شرعًا ولا عقلاً)، فلماذا يا ترى يرجع شاول ملكًا، وقد (ندم الرب) على تنصيبه ملكًا أصلاً؟ هل انضاف إلى ندم الرب عجزه عن الانتقام من شاول؟

• هل المغفرة عند الله، أم عند صموئيل؟ أم أن هناك إلهان يغفران الذنوب؟

• تتعارض تصرفات (شاول) وما قاله النص عنه مع مبدأ الاختيار والاصطفاء الوارد من قبل: “مسحك ملكًا على شعبه”؟

• كيف يظل هذا (العاصي) (المطرود) من قبل الله ملكًا على المؤمنين، ويأتيه النصر بعد كل هذا؟! إذا كان الرب قد عجز عن إزاحته عن الملك! فهل عجز أيضًا عن منع النصر عنه؟

ج- من حيث الفكرة:
فكرة النص غير متضحة بالقدر الكافي، فما معنى (نياحة) صموئيل على شاول؟ وبدل النياحة عليه لماذا لا يبدأ في التغيير وإزاحة هذا (الطاغية المارق) عن الشعب؟ وإذا كان صموئيل قد قضى “لإسرائيل كل أيام حياته * 16 وكان يذهب من سنة إلى سنة، ويدور في بيت إيل والجلجال والمصفاة، ويقضي لإسرائيل في جميع هذه المواضع* 17″[8] ، فإذا كان هكذا فأين إيجابيته ودوره في مجتمعه؟ أم أنه عجز كما عجز (ربه) أمام فعل أي شيء لشاول؟

ثانيًا: المقارنة:
• يتناقض هذا كله مع ما جاء في القرآن من أن الملك الذي جاء النصر لبني إسرائيل علي يده هو (طالوت) ؛ حيث يقول الله تعالى – بعد ذكر طلبهم للملك كما مر معنا سابقًا -: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 247].

ويدل لهذا أيضًا أن هذا الملك موصوف في العهد القديم بأنه: “كان أطول من كل الشعب”[9].

بداية الظهور الفعلي المستمر لداود:
“*20 فأخذ يسى حمارًا حاملاً خبزًا وزق خمر وجدي معزى، وأرسلها بيد داود ابنه إلى شاول”[10].

هذه أول الإشارات المهمة التي تأتينا عن داود – عليه السلام – ذلك الشاب الذي يحمل معه النصر، ذلك الفارس المقدام الذي على يده وبشجاعته – بعد مشيئة الله طبعًا – ستتحقق هزيمة العدو، يتوجه إلى هذا الملك الممقوت من طرف الله[11]؛ ليكون مغنيًّا عنده في حين لعنته من طرف الله ليخف عنه المقت[12]، وكأن داود يصارع قدر الله (الذي كان النص يصفه قبل قليل بالعجز عن فعل أي شيء أمام شاول)، ونحن نتساءل أمام هذا النص من ناحيتين:
أ- عقدية تشريعية: فهل كان داود يشرب الخمر، ويتصدق بها على رجل اصطفاه الله وزاده الله بسطة في العلم؟ وعلى افتراض أن هذا أمر من والده، فهل تجوز للنبي طاعة أبيه في مثل هذا؟ وهل يتحول النبي إلى أعداء الله يروح عنهم حين يمقتهم الله؟

أ- واقعية: وعلى فرضية احتمال جواز التصدق بالخمر وشربها عندهم – مع بعده – فلماذا في هذه الفترة بالذات، (على شفا المعركة) والناس محتاجون للتركيز لا للسكر؟ وأيضًا هل يمكن من الناحية المنطقية أن نتصور أن نبي الله داود – عليه السلام – تربى في بيت أب شرير، شريب خمر، (وهي أم الخبائث)، ولا ينبه العهد القديم ولا القرآن على معاناته، ولا يذكران له موقفًا من هذه الفعال؟

غاية داود من القتال:
“25 فقال رجال إسرائيل: أرأيتم هذا الرجل الصاعد ليعير إسرائيل، هو صاعد فيكون أن الرجل الذي يقتله يغنيه الملك غنًى جزيلاً، ويعطيه بنته ويجعل بيت أبيه حرًّا في إسرائيل * 26 فكلم داود الرجال الواقفين معه قائلاً: ماذا يفعل للرجل الذي يقتل ذلك الفلسطيني، ويزيل العار عن إسرائيل؛ لأنه من هو هذا الفلسطيني الأغلف حتى يعير صفوف الله الحي * 27 فكلمه الشعب بمثل هذا الكلام قائلين: كذا يفعل للرجل الذي يقتله*”[13].

أولاً: مشاكل النص:
أ- من حيث الشكل:
• هل كان داود – وبيت أبيه – مسترقين حتى يجعل بيت أبيه حرًّا في إسرائيل؟

• وكيف يمكن أن يصف داود هذه الصفوف بأنها (صفوف الله)، مع أن فيها هذا الرجل (شاول) المطرود من رحمة الله المصاب بالروح الرديء؟

ب- من حيث العقيدة والشريعة:
• هل كانت دوافع داود دوافع دنيوية محضة؟ وعلى افتراض ذلك – مع منافاته للواقع ولمبدأ عصمة الأنبياء – كيف يمكن الجمع بين هذا وبين ما يأتي من توكل داود وثقته فيما عند الله وفي نصر الله له؟

داود يقتل قائد جند العدو:
“45 فقال داود للفلسطيني: “أنت تأتي إلي بسيف وبرمح وبترس، وأنا آتي إليك باسم رب الجنود، إله صفوف إسرائيل الذين عيرتهم * 46 هذا اليوم يحبسك الرب في يدي فأقتلك وأقطع رأسك، وأعطي جثث جيش الفلسطينيين هذا اليوم لطيور السماء وحيوانات الأرض، فتعلم كل الأرض أنه يوجد إله لإسرائيل * 47 وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف ولا برمح يخلص الرب؛ لأن الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا*”[14].

أولاً: مشاكل النص:
أ- من حيث الشكل:
• يبدو أن في النص -كما في سابقه – إدراجًا، فهؤلاء مصرون على وصف أنفسهم (بصفوف الله)، فعلى ما يبدو أن داود قال فقط: “رب الجنود” ، فأصروا على أن يضيفوا إلى هذا القول إضافة تؤكد اعتقادهم بأن الرب رب خاص بهم.

ب- من حيث العقيدة:
• إن الواضح من خلال السياق أن قول داود: “رب الجنود” ، أراد به المغايرة والتقسيم مع قوله: “إله إسرائيل”؛ ليؤكد على أن الله – سبحانه – رب الجميع، ولكن الاحتكار والتحريف كان وراء صيرورة النص على هذا الشكل، وهو ما لا يمكن أن نعزوه لداود.

يظهر النص هنا داود متوكلاً على الله محتسبًا مجاهدًا – كما هو الحق – في حين أظهره من قبل باحثًا عن جزاءات الملك شاول ومكافآته، وقد تنفلت -كما رأينا من قبل- كلمة حق داخل السياق تدق على مقص الرقابة والتحريف.

ج- من حيث غاية القتال:
• لا بد أن ننبه إلى التركيب والتلفيق الذي يطول هذه النصوص، مع انفلات كلمات من الحق وبروزها بالرغم عنهم، فداود هنا يحدد أنه يستهدف (جيش الفلسطينيين)، أما الأطفال والنساء والحيوانات، فليست مستهدفة، فأين هذا من الأمر المزعوم أن الرب طالب فيه بقتل النساء والأطفال؟ أم أن داود لا يُنفذ أوامر الرب؟!

• ثم شتان بين ما يصبوا إليه داود، وبين ما نسب لله من تحديد أهداف الحرب؛ فداود يريد أن: “تعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف ولا برمح يخلص الرب؛ لأن الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا”؛ يعني أنها حرب لا تستهدف القضاء على أحد، وإنما دفع الظلم عن المظلومين وبيان التوحيد – من خلال ذلك لمن شاء أن يؤمن – وأولئك يريدون الانتقام حتى من الدواب، والثأر لما وقع قديمًا.

ثانيًا: المقارنة بالقرآن:
• يؤيد القرآن ما أشار إليه النص على لسان داود في هدف القتال، وبروز التوكل على الله حين الصراع؛ حيث جاء في القرآن الكريم: ﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249] ، وقولهم: ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 250]، فالإيمان كان منذ أول لحظة هو المحرك الحقيقي والموجه الأول للحرب، وليس من قصد لقتل النساء والأطفال وإتلاف الأموال.

ما بعد المعركة:
“* 53 ثم رجع بنو إسرائيل من الاحتماء وراء الفلسطينيين ونهبوا محلتهم*”[15].

أولاً: مشاكل النص:
أ- من حيث الشكل:
لماذا هم الآن (بنو إسرائيل) ومن قبل كانوا رجال الله أو رجال إسرائيل؟ لا أرى لهذا تفسيرًا إلا إذا كان المدونون يريدون إضفاء القدسية على كل ما يقوم به هذا الشعب، ولو كان قتل النساء والحيوانات، وأنه لما تم النصر غفلوا عن الكلمة الأصل في النص (بنو إسرائيل)؛ لأن الهاجس التعبوي ضعف.

ب- من حيث العقيدة والتشريع: لو افترضنا أن الأمر بإتلاف أموال الفلسطينيين كان حقًّا فلماذا لم يتم؟ هل يمكن أن يكون المنتصرون – وفيهم أهل العلم والمعرفة والاصطفاء (شاول وداود) – رافضين لتنفيذ أوامر الله، مع أنهم قلة مصطفاة؛ (لأن الذين شربوا من النهر لم يحضروا المعركة والذين جبنوا لم يحضروها).

ج- من حيث الفكرة: يعتبر هذا اعترافًا من هؤلاء بعدم امتثالهم لأوامر الله، وأنهم يخالفونها دائمًا، حتى ولو لم تكن أصلاً؛ إذ رغم كون هؤلاء – حسبما زعموا – نهوا عن نهب الأموال وأمروا بإتلافها، فإنهم يعترفون بالمخالفة.

ثانيًا: المقارنة بالقرآن:
يتحدث القرآن عن هذا الجزء من القصة -كما في قصصه الأخرى – في أسلوب القرآن الكريم المصدق المهيمن، رابطًا الآية بهدف القصة وبيان سنة التدافع، فيقول: ﴿ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِين ﴾ [البقرة: 251]، هذه هي الإشارة القرآنية للموضوع، أما باقي التفاصيل، فلم يهتم القرآن بها ولم يذكرها؛ لأن العبرة بالغاية من التدافع ومن سنة نصر المستضعفين حين يحوزون شروط النصر والتمكين.

الامتحان والسقوط فيه:
* 24 وضنك رجال إسرائيل في ذلك اليوم؛ لأن شاول حلف الشعب قائلاً: ملعون الرجل الذي يأكل خبزًا إلى المساء حتى أنتقم من أعدائي، فلم يذق جميع الشعب خبزًا* 25 وجاء كل الشعب إلى الوعر، وكان عسل على وجه الحقل * 26 ولما دخل الشعب الوعر، إذا بالعسل يقطر ولم يمد أحد يده إلى فيه؛ لأن الشعب خاف من القسم*”[16].

أولاً: مشاكل النص:
أ- من حيث الشكل:
• وأول مشكلة تُطالعنا هي أن شاول مع تصرُّفاته هذه لم يتملك بعد على الشعب، حيث سيرد ذكر تمليكه (مسحه ملكًا للشعب) في الإصحاح اللاحق[17].

• وبعد ذلك فإن شاول – استنادًا على النص- إنما نهى الشعب عن أكل الخبز حتى الليل، وأما العسل فلم يرد النهي عنه.

• وأيضًا ما جاء في النص من أنه: “لم يمد أحد يده إلى فيه” مناقض لما سيأتي قريبًا من أن الشعب أكل الذبائح وغنائم العدو[18]، فإن كانت الغنائم داخلة في النهي (القسم)، فهذا تناقض؛ إذ الشعب مد يده بالفعل إلى فيه، وإن كانت خارجة عن النهي (القسم)، فلماذا يعتبرهم شاول مخطئين، ويحمل يوناثان ابنه الخطأ باعتباره قائدهم إلى الأكل[19] ومشجعهم عليه؟

ب- من حيث الفكرة: لا تتضح معالم الفكرة هنا بشكل كبير، ولا يعرف بالضبط ما المنهي عنه، هل هو مجرد أكل الخبز، أم كل أكل؟ وما علاقة هذا بالضنك الذي أصاب الناس ما داموا لا يلتزمون الأمر؟

ثانيًا: المقارنة بالقرآن:
وأول ملاحظة هنا هي:
• أن هؤلاء فصلوا بين هذه المعركة وسابقتها، وعبروا عن هذه المعركة بقولهم: “وفي ذات يوم”[20]، بينما القرآن الكريم اعتبر القصة واحدة، واعتبر الامتحان من الله وليس قسمًا من أي كان، واعتبر أيضًا المبتلى به هو (النهر) وليس الخبز؛ قال تعالى : ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 249].

فالقصة إذًا كما في القرآن الكريم قصة واحدة، والملك واحد هو طالوت؛ لأنه هو الذي جاء على يده النصر، وهو الذي كان في جيشه داود، وهو الذي قاتل جالوت، وهو الذي ابتلى الله جيشه بنهر، وأما ما سوى ذلك من القصة، فلم نجد شيئًا نفرقها به عن هذه، بأن نجعلهما قصتين منفصلتين.

المحور الثاني: داود في مرحلة المطاردة
ما أن ينتصر داود على خصمه الفلسطيني جالوت[21]، وينهزم – بسبب ذلك – جيش العدو، [22]، حتى يبدأ فصل جديد من فصول الغدر يحاك ضد داود منشؤه – حسب العهد القديم – خوف الملك شاول من داود وانتصاراته المتكررة، وحب الشعب لداود تبعًا لتلك الانتصارات، فيبدأ الملك يحسده، بل ويحاول اغتياله؛ لتبدأ بذلك حياة جديدة تمتاز بالتشرد والهرب.

خصص العهد القديم لهذه المرحلة مساحة كبيرة تمتد من الإصحاح الثامن عشر حتى الإصحاح الحادي والثلاثين (نهاية السفر).

وهي قصص كثيرة ومتداخلة ومليئة بالمتناقضات[23]، ولكن سنحاول أن نقتصر على ما له علاقة بداود – عليه السلام – خاصةً في القضايا الكبرى التي يترتب عليها شيء في تصور الموقف من الأنبياء.

الظلم والمواقف المتذبذبة:
“وكان رجل في معون وأملاكه في الكرمل، وكان الرجل عظيمًا جدًّا، وله ثلاثة آلاف من الغنم وألف من المعز، وكان يجز غنمه في الكرمل * 3 واسم الرجل نابال واسم امرأته أبيجايل، وكانت المرأة جيدة الفهم وجميلة الصورة، وأما الرجل فكان قاسيًا ورديء الأعمال وهو كالبي * 4 فسمع داود في البرية أن نابال يجز غنمه * 5 فأرسل داود عشرة غلمان، وقال داود للغلمان: اصعدوا إلى الكرمل، وادخلوا إلى نابال، واسألوا باسمي عن سلامته * 6 وقولوا: هكذا حييت، وأنت سالم، وبيتك سالم، وكل ما لك سالم * 7 والآن قد سمعت أن عندك جزازين حين كان رعاتك معنا لم نؤذهم، ولم يُفقد لهم شيء كل الأيام التي كانوا فيها في الكرمل * 8 اسأل غلمانك، فيخبروك، فليجد الغلمان نعمة في عينيك؛ لأننا قد جئنا في يوم طيب، فأعط ما وجدته يدك لعبيدك ولابنك داود * 9 فجاء الغلمان وكلموا نابال حسب كل هذا الكلام باسم داود وكفوا * 10 فأجاب نابال عبيد داود، وقال: من هو داود؟ ومن هو ابن يسى؟ قد كثر اليوم العبيد الذين يقحصون كل واحد من أمام سيده * 11 آخذ خبزي ومائي وذبيحي الذي ذبحت لجاري، وأعطيه لقوم لا أعلم من أين هم؟ * 12 فتحول غلمان داود إلى طريقهم ورجعوا وجاؤوا وأخبروه حسب كل هذا الكلام * فقال داود لرجاله: “ليتقلد كل واحد منكم سيفه، فتقلد كل واحد سيفه، وتقلَّد داود أيضًا سيفه وصعد وراء داود نحو أربعمائة رجل، ومكث مائتان مع الأمتعة * 14 فأخبر أبيجايل امرأة نابال – غلام من الغلمان – قائلاً: هو ذا داود أرسل رسلاً من البرية؛ ليباركوا سيدنا، فثار عليهم * 15 والرجال محسنون إلينا جدًّا، فلم نؤذ ولا فُقِد منا شيء كل أيام تردُّدنا معهم ونحن في الحقل * 16 كانوا سورًا لنا ليلاً ونهارًا كل الأيام التي كنا فيها معهم نرعى الغنم * 17 والآن اعلمي وانظري ماذا تعملين؛ لأن الشر قد أعد على سيدنا وعلى بيته وهو ابن لئيم لا يمكن الكلام معه * 18 فبادرت أبيجايل، وأخذت مائتي رغيف خبز، وزقي خمر، وخمسة خرفان مهيأة، وخمس كيلات من الفريك، ومائتي عنقود من الزبيب، ومائتي قرص من التين ووضعتها على الحمير * 19 وقالت لغلمانها: اعبروا قدامي ها أنذا جائية وراءكم ولم تخبر رجلها نابال * 20 وفيما هي راكبة على الحمار ونازلة في سترة الجبل، إذا بداود ورجاله منحدرون لاستقبالها، فصادفتهم * 21 وقال داود: إنما باطلاً حفظت كل ما لهذا في البرية، فلم يفقد من كل ما له شيء، فكافئني شرًّا بدل خير * 22 هكذا يصنع الله لأعداء داود، وهكذا يزيد إن أبقيت من كل ما له إلى ضوء الصباح بائلاً بحائط * 23 ولما رأت أبيجايل داود، أسرعت ونزلت عن الحمار وسقطت أمام داود على وجهها، وسجدت إلى الأرض * 24 وسقطت على رجليه، وقالت: “علي أنا يا سيدي هذا الذنب، ودع أمتك تتكلم في أذنيك، واسمع كلام أمتك* 25″[24].

أولاً: من حيث النص:
تلاحظ على هذا النص ملاحظات لعل أهمها:
• الاضطراب في كلام الغلام؛ حيث يصف (سيده) بأنه: “ابن لئيم لا يمكن الكلام معه”، فهل يمكن لمن يصف إنسانًا بأنه سيده بأن يقول فيه مثل هذا الكلام، ويقوله أيضًا لزوجته، – في أي ظرف؟

• متى قال داود كلامه؟ هل قبل مجيء المرأة إليه أم بعده؟ فالنص يقول: إنها (صادفتهم)، ثم يورد كلام داود، ثم يقول: إنها (لما رأت داود، أسرعت)، فأي الاثنين كان أولاً المصادفة أم الرؤية؟!

• هل يحتاج هذا اللئيم إلى تجييش الجيوش (أربع مائة جندي)، في حين يرد كل هذه الجيوش اعتذار امرأة؟

• كيف نجمع بين الأسلوب الأول المليء بالتواضع (عبدك داود)، والأسلوب الثاني المليء بالتهديد والوعيد؟

ثانيًا: من حيث العقيدة والشريعة:
وهنا تكثر الملاحظات، ولعلنا نقتصر منها على ما يلي:
• هل كان داود يمن على الناس؟ هل يمكن تصور نبي يمن على الناس أنه لم يتعرض لأموالهم بسوء؟

• وهل كان الأنبياء مزاجيين بهذا الحجم؟ (سرعة الغضب والرضا)، وهل كانوا يغضبون لأنفسهم، فيسترضون بالسجدات وزقاق الخمر؟

• وهل فعل هذا (اللئيم) زوج أبيجايل أكثر من أن رد السائل؟ هل هذا عمل يستحق عليه صاحبه ألا يبقى من ماله بائل بحائط؟ أليس هذا ظلمًا محرمًا؟

• هل داود ما زال يشرب الخمر وتُهدى له؟

• وأشد من ذلك وأعظم: هل يقبل داود أن يسجد له على الأرض؟ ولماذا استعمال كل المترادفات من أجل تأكيد معنى هذا السجود؟ “وسقطت أمام داود على وجهها، وسجدت على الأرض”[25].

زواجان يلفهما الغموض:
“وبعد نحو عشرة أيام ضرب الرب نابال فمات * 39 فلما سمع داود أن نابال قد مات، قال مبارك الرب الذي انتقم نقمة تعييري من يد نابال، وأمسك عبده عن الشر ورد الرب شر نابال على رأسه، وأرسل داود، وتكلم مع أبيجايل؛ ليتخذها له امرأة * 40 فجاء عبيد داود إلى أبيجايل إلى الكرمل وكلموها قائلين: إن داود قد أرسلنا إليك؛ لكي نتخذك له امرأة * 41 فقامت وسجدت على وجهها إلى الأرض، وقالت: هو ذا أمتك جارية لغسل أرجل عبيد سيدي * 42 ثم بادرت وقامت أبيجايل وركبت الحمار مع خمس فتيات لها ذاهبات وراءها، وسارت وراء رسل داود، وصارت له امرأة * 43 ثم أخذ داود أخينوعم من يزرعيل، فكانتا له كلتاهما امرأتين * 44 فأعطى شاول ميكال ابنته امرأة داود لفلطي بن لايش الذي من جليم*”[26].

أولاً: مشكلات النص:
• يبدو أن غضب داود رغم العطاء السخي؛ (حيث أعطته المرأة أكثر مما كان يطلبه من زوجها)، لم يسكن، فها هو يتشفى في هذا الميت بعد ما كان قد عفا عنه.

• هل تكلم داود مع المرأة ليخطبها أم الذين تكلموا معها هم رسله؟

• وهل يتخذ داود المرأة زوجة له؟ أم أن رسله هم الذين يتخذونها له كذلك؟

• وهل أرسل داود إلى المرأة أم جاءها بنفسه؟ (النص يقول: إنهم لكما كلموها، قالت: “هو ذا أمتك” وبغض النظر عن إطلاق (هو) على المؤنث المتكلم)، يبقى السؤال عن المخاطب سؤالاً محوريًّا!

• وفي نفس النص نجد داود يحمد الله أن عصمه من المساس بالرجل، وهو ما يعتبر أقرب إلى الحقيقة وإلى طبيعة الناس الكرماء، فكيف بالأنبياء!

ثانيًا: الناحية العقدية والتشريعية:
وفي هذا النص نثير نفس الأسئلة العقدية والتشريعية التي أثرنا في سابقه تقريبًا؛ حيث نقمة داود على ما يبدو لم تنته رغم أنه عفا وتراجع:
• فيستولي على زوجة الرجل، ورغم مشورته لها (أو مشورة رسله لا ندري!)، فإننا لم نسمع عن عقد ولا عن صداق.

• تسجد المرأة مرة أخرى، حين تأتيها الخطبة، ويصر النص على أن يكون سجودها على الأرض؛ إمعانًا في تأكيد المعنى.

• ثم يأتي السياق بشكل فج؛ ليؤكد على أخذ داود لامرأة أخرى دون ذكر لخطبة، ولا أي شيء مشابه، بل إن المرأة المذكورة حين بحثنا عنها، وجدنا اسمها ذكر في الإصحاح 14 من سفر صموئيل الأول[27]، على أنها امرأة شاول ما يعني أن السياق أراد أن يؤكد لنا إذا شككنا في طريقة أخذ أبيجايل، أن هذا أمر طبيعي ومعروف، فداود يعتدي على زوجة شاول ويضمها إليه! تمامًا كما يعطي شاول زوجة داود “لفلطي بن لايش”[28]، إنها فوضى يمجها العقل والذوق والفكر والأخلاق، لا تليق بالحمقى، فكيف بالملوك والأنبياء؟

ويا ترى لماذا أخذ زوجة غيره؟ وبأي وجه أخذها؟

المحور الثالث: داود الملك:
أول نص نقف معه وأول موقف لافت يطالعنا، هو هذه العملية البشعة التي يرويها العهد القديم عن نبي الله داود، والتي خُصِّص لتفاصيلها الإصحاح الحادي عشر من سفر صموئيل الثاني، وتتلخص هذه العملية في النقاط التالية:
نظرة، فزنا:
• “2وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره، وتمشى على سطح بيت الملك، فرأى من على السطح امرأةً تستحم، وكانت المرأة جميلة المنظر جدًّا * 3 فأرسل داود وسأل عن المرأة، فقال واحد: “أليست هذه بثشبع بنت إليعام امرأة أوريا الحثي * 4 فأرسل داود رسلاً وأخذها، فدخلت إليه، فاضطجع معها وهي مطهرة من طمثها، ثم رجعت إلى بيتها * 5 وحبلت المرأة، فأرسلت وأخبرت داود وقالت: إني حبلى*”[29].

• فرغم بشاعة هذا القدر من الجريمة من شخص كبير (ملك)، أحرى أن يكون نبيًّا، فإن الوضع لم يتوقف عند هذا الحد: (النظر إلى الأجنبية واغتصابها استعانة بالخدم والأعوان)، وإنما كانت محاولات التستر على الجريمة أشنع؛ حيث:
تكتم على الجريمة:
• “أرسل داود إلى يوآب يقول: أرسل إلي أوريا الحثي، فأرسل يوآب أوريا إلى داود * 7 فأتى أوريا إليه، فسأل داود عن سلامة يوآب وسلامة الشعب ونجاح الحرب * 8 وقال داود لأوريا: انزل إلى بيتك واغسل رجليك، فخرج أوريا من بيت الملك، وخرجت وراءه حصة من عند الملك * 9 ونام أوريا على باب بيت الملك مع جميع عبيد سيده، ولم ينزل إلى بيته * 10 فأخبروا داود قائلين: لم ينزل أوريا إلى بيته، فقال داود لأوريا: أما جئت من السفر، فلماذا لم تنزل إلى بيتك * 11 فقال أوريا لداود: إن التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام، وسيدي يوآب وعبيد سيدي نازلون على وجه الصحراء، وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب، وأضطجع مع امرأتي، وحياتك وحياة نفسك لا أفعل هذا الأمر * 12 فقال داود لأوريا: أقم هنا اليوم أيضًا وغدًا أُطلقك، فأقام أوريا في أورشليم ذلك اليوم وغده * 13 ودعاه داود، فأكل أمامه وشرب وأسكره، وخرج عند المساء؛ ليضطجع في مضجعه مع عبيد سيده وإلى بيته لم ينزل*”[30].

فعملية استدعاء المقاتل المسكين من طرف الملك، يصورها السياق على أنها داخلة في سياق الجريمة من أجل التغطية عليها، يظهر ذلك جليًّا من خلال الإصرار على نزول الرجل إلى بيته، ولما لم يفعل طواعية، أسقي الخمر؛ لكي يفعل وهو مخمور، وهي جريمة أخرى، فلما لم تجد، ازداد الطين بلة، فكان الحل هو أن:
دماء تراق من أجل الجريمة:
• “كتب داود مكتوبًا إلى يوآب وأرسله بيد أوريا * 15 وكتب في المكتوب، يقول: اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة، وارجعوا من ورائه، فيُضرب ويموت * 16 وكان في محاصرة يوآب المدينة أنه جعل أوريا في الموضع الذي علم أن رجال البأس فيه * 17 فخرج رجال المدينة وحاربوا يوآب، فسقط بعض الشعب من عبيد داود، ومات أوريا الحثي أيضًا*”[31].

تم التخلص من الرجل في جريمة مركبة ليس نتيجتها فقط أن راح هو ضحيتها، بل راح ضحيتها ناس كثيرون من ناحية، وكانت سجلاً في هزائم الدولة من ناحية أخرى، وكل هذه الجرائم والخيانات من أجل التستر على جريمة مبدؤها نظرة عابرة.

وما كانت هذه البشاعات لتقف هنا، بل المرأة التي سببت كل هذا السيل من المصائب والكبائر والموبقات: (الزنا، شرب الخمر، قتل أنفس مؤمنة، إطماع العدو في الأمة)، ستُضم إلى سجل الزوجات، ولكنها هذه المرة تعطى لها الفرصة – عكس المرأتين السابقتين – لتعتد من زوجها:
وحشية يقف الخيال أمامها
متضائلاً وتَمجها الأذواق

إنها درجة من الانحطاط لم يتوصل إليها الخيال، تلفق بها التُّهم، وتكال لنبي من أنبياء الله، وأكثر من ذلك تجعل في كتاب منسوب إلى الله[32]، حاش لله فإنهم: ﴿ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ﴾ [البقرة: 79].

إنها قصة تكفي بنفسها عن التعليق عليها، يكفي الإنسان العاقل السليم الفطرة من الحكم عليها سماعها، ففصولها ناطقة بأنها من خيال كذاب، مريض الضمير، فاقد الإحساس بالجمال والحياة والقيم.

هذا بغض النظر عن معارضتها للشرع، واستحالتها لو قيلت عن شخص مستقيم، أحرى أن تقال عن صفوة الله من خلقه، ورسوله إلى عبيده، داود الذي قال الله تعالى فيه: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير ﴾ [سبأ: 10 – 11]، وقال فيه وفي ابنه سليمان: ﴿ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾ [الأنبياء: 79].

وقال فيه في آية أخرى: ﴿ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 251]، فالله تعالى أنعم على داود، وأغناه من الناحية المادية بالحلال عن الحرام، فكيف يرغب فيما لا يتصور أن يفعله أحد أفراد الناس العاديين!

كل هذا يجعل توطئة لما بعده؛ حيث يأتي نبأ الخصم على النحو التالي:
قصة المحاكمة:
– “1فأرسل الرب ناثان إلى داود، فجاء إليه وقال له: كان رجلان في مدينة واحدة واحد منهما غني والآخر فقير * 2 وكان للغني غنم وبقر كثيرة جدًّا * 3 وأما الفقير، فلم يكن له شيء إلا نعجة واحدة صغيرة، قد اقتناها ورباها، وكبرت معه ومع بنيه جميعًا تأكل من لقمته، وتشرب من كأسه، وتنام في حضنه، وكانت له كابنة * 4 فجاء ضيف إلى الرجل الغني، فعفا أن يأخذ من غنمه ومن بقره؛ ليهيئ للضيف الذي جاء إليه، فأخذ نعجة الرجل الفقير، وهيأ للرجل الذي جاء إليه * 5 فحمي غضب داود على الرجل جدًّا، وقال لناثان حي هو الرب إنه يقتل الرجل الفاعل ذلك * 6 ويرد النعجة أربعة أضعاف؛ لأنه فعل هذا الأمر ولأنه لم يشفق * 7 فقال ناثان لداود: أنت هو الرجل، هكذا قال الرب إله إسرائيل أنا مسحتك ملكًا على إسرائيل وأنقذتك من يد شاول * 8 وأعطيتك بيت سيدك ونساء سيدك في حضنك، وأعطيتك بيت إسرائيل ويهوذا، وإن كان ذلك قليلاً، كنت أزيد لك كذا وكذا * 9 لماذا احتقرت كلام الرب لتعمل الشر في عينيه؟

قد قتلت أوريا الحثي بالسيف، وأخذت امرأته لك امرأة، وإياه قتلت بسيف بني عمون * 10 والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد؛ لأنك احتقرتني، وأخذت امرأة أوريا الحثي لتكون لك امرأة * 11 هكذا قال الرب: ها أنذا أقيم عليك الشر من بيتك، وآخذ نساءك أمام عينيك، وأعطيهن لقريبك، فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس * 12؛ لأنك أنت فعلت بالسر، وأنا أفعل هذا الأمر قدام جميع إسرائيل وقدام الشمس*”[33].

أولاً: ملاحظات على النص:
• وتتمثل في بعض الغموض؛ حيث لا نعرف من هو ناثان هذا؟ وإن كان الإصحاح السابع من سفر صموئيل الثاني قد وصفه بالنبي[34]، وهذا ما يثير إشكالية أخرى هي هل كان داود نبيًّا أم مجرد ملك؟ وكل النصوص التي وقفنا عليها في التوراة تجعل داود ملكًا، ولا تنسبه للنبوة، وهو ما يتفق مع تقاليدهم من أن يكون فيهم نبي وملك.

• ثم من القائل “مسحتك ملكًا على إسرائيل”؟ هل هذا كلام الله أم كلام يوناثان؟ فإن كان المقصود أن يوناثان هو فاعل المسح، فهو مناقض لما جاء في سفر صموئيل الأول الإصحاح السادس عشر، من أن صموئيل هو الذي مسح داود ملكًا على الشعب[35]، وإن كان من كلام الله تعالى، فإن في تمامه “أعطيتك بيت سيدك”، فمن ذا الذي يصفه الله تعالى بأنه سيد داود؟، لا يمكن أن يكون شاول؛ لأنه ممقوت من طرف الله، ولأن داود أيضًا لم يخضع له، وأيضًا فإن عادة العهد القديم إذا ذكر (بيت السيد) أن يكون المقصود به بيت عبادة الله.

• وعلى تجاوز هذا وافتراض أنه كلام الله وأنه معقول المعنى، فلماذا نجد الضمير مردودًا على غائب في قوله: “لماذا احتقرت كلام الرب؛ لتعمل الشر في عينيه”، أليس الأصل أن يقول: “كلامي لتعمل الشر في عيني” – مع تحفظنا على نص الكلام الذي قد نعزوه للترجمة.

• وأيضًا إذا كان هذا كلام الله وقد جاء فيه: “هكذا قال الرب: ها أنذا أقيم عليك الشر من بيتك، وآخذ نساءك أمام عينيك، وأعطيهن لقريبك، فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس * 12؛ لأنك أنت فعلت بالسر، وأنا أفعل هذا الأمر قدام جميع إسرائيل وقدام الشمس*”، فهل الله تعالى سيسلط عليه من يبطش به أم سيتولى البطش بنفسه كما في الفقرة الأخيرة “أنا أفعل هذا الأمر”؟

• وكيف نوفق بين قوله: “فعلت بالسر”، وما سبق ذكره من سؤال داود عن المرأة وإخباره بشأنها من طرف مجهول، وإرساله الرسل إليها، وإرسالها هي إليه تُخبره بحبلها؟

عمومًا هذه أهم الأفكار التي أردت الإشارة إليها هنا.

ثانيًا: مقارنة بالقرآن:
أما على مستوى المقارنة، فإن الإشارة إلى هذه القصة وردت في القرآن ولكن بشكل مغاير، مغاير من حيث:
• الأفراد: فأفراد القصة في القرآن اثنان؛ ﴿ خَصْمَانِ ﴾ [ص: 22]، أما هنا فشخص واحد.

• ومن حيث نوعهم، فهما في القرآن جاءا بشكل فجائي: ﴿ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ﴾ [ص: 21]، (إما لأنهم ملائكة، أو أنهم دخلوا بطريق غريب) ما أفزع داود – عليه السلام – أما هنا، فالشخص معروف بالنسبة لداود، وبالتالي فلا مفاجأة في دخوله عليه.

• إن الخصمين جاءا معًا، والدعوى كانت في أخذ من يملك تسعًا وتسعين نعجة لنعجة عند من لا يملك غيرها.

وتتفق رواية التوراة والقرآن في أن داود حين سمع السرد للأحداث – من طرفٍ واحد – حكم بناءً على ما سمع: (ربما لأنه ظن أن الطرف الآخر موافق على ما قيل بسكوته).

• وهنا مكمن النقطة الفارقة، وهي أن العبرة في القصة ترجع إلى كون داود – عليه السلام – حكم قبل أن يسمع من الطرف الآخر، بناءً على ما سمع من الطرف الأول، وعلى ظنه أن سكوت الطرف الثاني إمضاء لدعوى الأول، وهذا واضح من التعقيب القرآني على القصة؛ حيث يقول الله تعالى: ﴿ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ * يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 21 – 26] ، أما القصة الأخرى (قصة المرأة والزنا والخمر والقتل)، فلا أصل لها، والتعقيب القرآني ﴿ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ﴾ [ص: 26]، يؤكد المقصود، وأن وجه العتاب هو كون داود – عليه السلام – تعجل في القضاء.

• التوبة بعد المحاكمة:
– “فقال داود لناثان: قد أخطأت إلى الرب، فقال ناثان لداود: الرب أيضا قد نقل عنك خطيئتك لا تموت * 14 غير أنه من أجل أنك قد جعلت بهذا الأمر أعداء الرب يشمتون، فالابن المولود لك يموت*”[36].

فكرة النص:
يعالج النص توبة داود من الخطأ الذي ارتكبه – كما بيَّنه العهد القديم – ولكن هذه التوبة تتميز ب:
• إن من يقبلها هو ناثان، ما يعني تأكيد الوسائط بين الناس وبين الله، أو استعارة ناثان لبعض قدرات الله حتى ينفذ بها ما يريد!

• إن العقاب الذي كان موجهًا لداود (على خطئه) هو الموت، وأنه سينقل عنه إلى ابنه الناتج – حسب النص – عن ذاك الزنا السابق الذكر (أو الجريمة المركبة على الأصح)[37].

• إن عظمة الخطأ ليست في ذاته، وإنما في أنه صير (أعداء الرب يشمتون)، وهو متناقض مع ما تقدم في الفقرة السابقة من أن داود أخفى الأمر؛ “لأنك أنت فعلت بالسر وأنا أفعل هذا الأمر قدام جميع إسرائيل وقدام الشمس”[38].

توبة داود في القرآن، أما رؤية القرآن، فمغايرة تمامًا:
• فعندما اكتشف داود خطأه (الذي لا يصل إلى عشر ما اتهمته به التوراة)، بادر بالاستغفار والتوبة، فغفر الله تعالى وليس في الأمر واسطة بين داود وبين الله، وإنما هو استغفار لله مباشرة، وإخبار مباشر من الله لداود بالعفو والمغفرة؛ قال تعالى: ﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾ [ص: 24]، وسجود داود هذا واستغفاره أشارت إليه التوراة، ولكنها أخَّرته إلى ما بعد وفاة الطفل؛ حيث جاء فيها: “20 فقام داود عن الأرض واغتسل، وادَّهن وبدل ثيابه، ودخل بيت الرب وسجد”[39]، وشتان ما بين النصين، فالقرآن يؤكد على مسارعة داود للاستغفار والسجود: ﴿ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾ [ص: 24] ، بينما التوراة تقدم قبل هذه التوبة بمقدمات خالية من روح التضرع إلى الله، وتكتفي من ذكر الاستغفار بوعد من ناثان!

• وأيضًا فالجزاء الذي كان ينتظر داود لو لم يتب ليس الموت، وإنما تشير إليه الآية المعقبة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 26] ، فالعقاب شديد، وليس من عقاب الدنيا فقط!

• وليس سبب عقاب الله – أو تهديده بالعقاب – شماتة أحد، بل نسيان يوم الحساب “عمليًّا، بمعنى الإصرار على الذنب”، والضلال عن سبيل الله هو سبب العذاب المنتظر لمن لم يتب.

استغلال الدين:
• “فقال له عبيده ما هذا الأمر الذي فعلت، لما كان الولد حيًّا صمت وبكيت، ولما مات الولد قمت وأكلت خبزًا* 22 فقال: لما كان الولد حيًّا صمت وبكيت؛ لأني قلت من يعلم ربما يرحمني الرب ويحيا الولد* 23 والآن قد مات، فلماذا أصوم؟ هل أقدر أن أردَّه بعدُ؟ أنا ذاهب إليه، وأما هو، فلا يرجع إلي*”[40].

أفكار النص: تتلخص الأفكار التي نريد إبرازها هنا في اثنتين:
أولاهما: إظهار النص “ابراكماتية” داود؛ واستغلاله للدين من أجل مصالحه الدنيوية المحضة؛ فهو يعبد الله ما دام راجيًا حياة ابنه، أما وقد مات، فلماذا يتعب نفسه بالعبادة؟

وهي فكرة مناقضة تمامًا لما عهد عن الأنبياء – عليه الصلاة والسلام – وخاصةً عن نبي الله داود فقد كان صيامه أحب الصيام إلى الله؛ لأنه ((كان يصوم يومًا، ويفطر يومًا”[41]، وأما تسبيحه بحمد الله، فقد كانت تشاركه فيه الطير والجبال: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ﴾ [سبأ: 10]، وقد ذكره الله تعالى ضمن مجموعة قال في نهاية الحديث عنهم: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90].

الفكرة الثانية: هي إيمان داود بالقدر؛ حيث قال: “أنا ذاهب إليه، أما هو، فلا يرجع إلي”، وهي تؤكد على رضا داود بالقضاء وإيمانه بالقدر، وخاصةً حتمية الموت، ولكنها في الوقت نفسه منافية لما جاء في نفس الإصحاح من أن الموت الذي كان يتهدد داود عقابًا على خطئه، سيتحول عنه إلى ابنه؛ إذ داود ما زال مقتنعًا بأنه سيموت، وإن لم تكن منافية لما سبق بالكلية، فهي على الأقل توحي بعدم اكتراث داود بما قال له (ناثان).

المحور الرابع: مميزات النصوص المتعلقة بداود في القرآن والتوراة:
أ- في التوراة: يمتاز أسلوب التوراة بالتطويل الممل والسرد المتتابع للأحداث، رغم بترها في بعض الأحيان، كما يمتاز باعتنائه بالتفاصيل الدقيقة، والساذجة في بعض الأحيان، كعدد أولاده، ووصف تحرُّكاته ومسكنه.

وسأحاول أن ألخص أهم الملاحظات عليها فيما يلي:
أولاً: على مستوى المضمون:
وسنأخذ إضافة لما ذكرنا سابقًا مثالاً توضيحيًّا، وهو:
1- القتل بدون مبرر: فقد وصفوا داود بأنه ملك جبار خرافي، يقتل الناس الأبرياء؛ ليستجلب بذلك السحاب، وكأنها قرابين للآلهة كما عند الوثنيين؛ يقول العهد القديم:
“1وكان جوع في أيام داود ثلاث سنين سنة بعد سنة، فطلب داود وجه الرب، فقال الرب هو لأجل شاول، ولأجل بيت الدماء؛ لأنه قتل الجبعونيين * 2 فدعا الملك الجبعونيين، وقال: لهم والجبعونيون ليسوا من بني إسرائيل بل من بقايا الأموريين، وقد حلف لهم بنو إسرائيل، وطلب شاول أن يقتلهم لأجل غيرته على بني إسرائيل ويهوذا * 3 قال داود للجبعونيين: ماذا أفعل لكم؟ وبماذا أكفر، فتباركوا نصيب الرب؟ * 4 فقال له الجبعونيون: ليس لنا فضة ولا ذهب عند شاول ولا عند بيته، وليس لنا أن نميت أحدًا في إسرائيل، فقال: مهما قلتم أفعله لكم * 5 فقالوا للملك الرجل الذي أفنانا والذي تآمَر علينا ليبيدنا؛ لكيلا نقيم في كل تخوم إسرائيل * 6 فلنعط سبعة رجال من بنيه، فنصلبهم للرب في جبعة شاول مختار الرب، فقال الملك: أنا أعطي * 7 وأشفق الملك على مفيبوشث بن يوناثان بن شاول؛ من أجل يمين الرب التي بينهما: بين داود، ويوناثان بن شاول * 8 فأخذ الملك ابني رصفة ابنة أية، اللذين ولدتهما لشاول أرموني ومفيبوشث، وبني ميكال ابنة شاول الخمسة الذين ولدتهم لعدرئيل ابن برزلاي المحولي * 9 وسلمهم إلى يد الجبعونيين، فصلبوهم على الجبل أمام الرب، فسقط السبعة معًا، وقتلوا في أيام الحصاد في أولها في ابتداء حصاد الشعير”[42].

ونحن هنا نكتفي بالتساؤل: أين ذهبت أرواح هؤلاء؟ وما ذنبهم سوى أنهم أبناء ملك سابق؟ وإذا كان من العدل أن يقتلوا، فلماذا الاختيار والانتقاء بينهم؟ وعلى أي أساس يتم هذا الاختيار؟ أين العدالة؟ وهل للرب (نصيب) حتى يحتاج إلى الدماء تراق؟ وهل الرب متحيز حتى لا يكون أمامه إلا ما كان على الجبل؟

أسئلة في العقيدة والشريعة يطرحها هذا النص، وليس وحده، بل هناك نصوص أخرى كثيرة فيها (زنى ابن داود بأخته، وقتل أحد أبناء داود أخاه)[43]، وكل هذه الجرائم لم نسمع معها لداود نكيرًا يتماشى وحجم الجريمة!

1- العبثية: أيضًا هو إنسان -كما يفهم من النص التالي- عابث غير جاد لا يهتم برعيته، ولا بمآسيهم والمخاطر التي يتعرضون؛ لها يقول النص:
“* 14 وكان داود حينئذ في الحصن وحفظه الفلسطينيين حينئذ في بيت لحم * 15 فتأوه داود، وقال من يسقيني ماء من بئر بيت لحم التي عند الباب * 16 فشق الأبطال الثلاثة محلة الفلسطينيين، واستقوا ماء من بئر بيت لحم التي عند الباب وحملوه، وأتوا به إلى داود، فلم يشأ أن يشربه بل سكبه للرب * 17 وقال: حاشا لي يا رب أن أفعل ذلك، هذا دم الرجال الذين خاطروا بأنفسهم فلم يشأ أن يشربه هذا ما فعله الثلاثة الأبطال”[44].

فلماذا يعرض داود الأبطال الثلاثة للخطر، ثم لا ينتفع بما أتوا به؟

ثانيًا: على مستوى العقيدة:
• التجسيم الواضح لله – تعالى – كما ورد في قوله:
1- “في ضيقي دعوت الرب، وإلى إلهي صرخت، فسمع من هيكله صوتي وصراخي دخل أذنيه * 8 فارتجت الأرض، وارتعشت أسس السموات، ارتعدت وارتجت؛ لأنه غضب * 9 صعد دخان من أنفه ونار من فمه، أكلت جمرًا اشتعلت منه * 10 طأطأ السموات ونزل، وضباب تحت رجليه * 11 ركب على كروب وطار، ورُئِي على أجنحة الريح * 12 جعل الظلمة حوله مظلات مياها حاشكة وظلام الغمام * 13 من الشعاع قدامه، اشتعلت جمر نار * 14 أرعد الرب من السموات والعلي أعطى صوته * 15 أرسل سهامًا، فشتَّتهم برقًا، فأزعجهم * 16 فظهرت أعماق البحر، وانكشفت أُسس المسكونة من زجر الرب من نسمة ريح أنفه*”[45].

مميزات هذا النص:
من أهم ميزة في النص هي تجسيم الله – تعالى – حيث ظهر هذا التجسيم فيما يلي:
• نسبة الأنف له – سبحانه.
• إن الدخان والريح يخرجان من أنفه.
• نسبة الفم له، وأن النار تخرج منه.
• نسبة الأذنين له، وأن السماع عن طريقهما.
• نسبة الرجلين له وأن لهما مقرًّا.
• نسبة القدام له ما يعني أن له وراء أيضًا.
• تحيزه، حيث كان في هيكله.
• التحرك والطيران والنزول.

2- “* 16 وبسط الملاك يده على أورشليم؛ ليهلكها، فندم الرب عن الشر، وقال للملاك المهلك الشعب: كفى الآن، رد يدك، وكان ملاك الرب عند بيدر أرونة اليبوسي * 17 فكلم داود الرب عندما رأى الملاك الضارب الشعب، وقال: ها أنا أخطأت، وأنا أذنبت، وأما هؤلاء الخراف، فماذا فعلوا؟ فلتكن يدك علي وعلى بيت أبي”[46].

فكيف ينسب لله الندم؟ وكيف يختلط عليه المذنب بغيره؟ وهل ملائكة الله يقومون بالأعمال بأنفسهم حتى يحتاج إلى تنبيه الله على ما يعملون؟

وأخيرًا كان الأسلوب ركيكًا فيه كثير من الكلمات المغلقة الحوشية التي لم نجد لها شرحًا في مرفق المفردات، كما كان مليئًا بالتناقض، نبه العرض على بعض من ذلك في مواضعه، وأهمل كثيرًا، لم يتعرض له بسبب طول القصة وتشعُّبها، وغياب الوحدة الموضوعية والغاية من القصة فيها؛ لأنها تهدف إلى تدوين الأحداث بشكل استقصائي، وهو ما عجزت عنه، فعمِلت على الانتقاء بدون مبرر.

كما أهمل العرض أيضًا التركيز على الوعد والأرض المقدسة والشعب المختار؛ نظرًا لكونها معاني من الشيوع والكثرة في الكتاب المقدس كله – تستوي في ذلك هذه القصة وغيرها – بحيث يصعب تتبُّعها، وإنما تكفي الإشارة إليها.

هذا باختصار أهم ما لاحظنا على النص التوراتي، ويتضح أكثر بإضافة الملاحظات العابرة التي أشرنا إليها في أثناء المقارنات السابقة.

أ- في القرآن الكريم:
أما القرآن الكريم، فيتميز بما يلي:
أولاً: على مستوى المضمون:
1- ينزه القرآن ذات الله – سبحانه وتعالى – عن مشابهة خلقه؛ قال تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، فليس لله شبيه ولا مثيل، وهو مخالف لكل مخلوقاته؛ فلا يجوز أن يوصف بأن له جوارح كجوارح المخلوقين، أحرى أن تطرأ عليها الأعراض.

2- كما ينزه بنيه داود – عليه السلام – عن جميع النقائص -كما سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام – دون أن يصل بهم مرتبة الإلوهية، وأن يعطيهم الحق في غفران الذنوب، أو أن يسجد لهم من دون الله.

• قال تعالى في شأن عبده داود: ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ﴾ [ص: 17 – 20].

• وقال تعالى في شأن المغفرة: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135]، ويقول تعالى: ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ﴾ [البقرة: 284]، ﴿ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ [المدثر: 56]؛ فالغفران إذًا عند الله وحده ومرتبط بمشيئته.

• وهكذا السجود لا يجوز لغير الله – سبحانه – ولذلك نجد الهدهد يتساءل – رغم كونه حيوانًا – مستنكرًا على أولئك الذين يسجدون لغير الله: “﴿ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم ﴾ [النمل: 25، 26]، والله تعالى يقول أيضًا: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [فصلت: 37]، فالسجود لغير الله مرفوض أيًا كان المسجود له.

3- ذكر حكم داود في الحرث حين نفشت فيه غنم القوم، وأنه أخطأ، بينما وُفِّق سليمان في الحكم؛ قال تعالى: ﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 78 – 79]، وهذه القصة لم يتعرض إليها “العهد القديم” إطلاقًا.

4- يركز القرآن على فضل الله – سبحانه – على داود، وأنه كان ملكًا تقيًّا صانعًا، وأنه كان من أهل العلم والحكم، وأن الله آتاه الزبور؛ قال – تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [سبأ: 10 – 11] وقال تعالى: ﴿ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴾ [النساء: 163].

5- يظهر القرآن ارتباط داود (والمؤمنين معه) بالله تعالى ولجوئهم إليه في كل وقت في البأساء والسراء… ﴿ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 17]…، خلافًا للموسمية في الدعاء التي يبديها العهد القديم عنه، وأنه لا يلجأ إلى الله إلا في حاجة، فإذا يئِس منها، توقف عن اللجوء إلى خالقه.

6- لا يؤرخ القرآن لداود ولا يهتم بتفاصيل حياته، ولا بعدد أبنائه، ولا بأي شيء من المعلومات المفصلة عن مأكله ومشربه ومسكنه، وإنما يسوق من قصته ما يقتضيه السياق الذي وردت فيه القصة، وهذا ما دفع بالبحث إلى الإعراض عن كثير من قصص داود المرتبطة بأسرته، وأولاده، وأين ذهب؟ وماذا أكل؟ وماذا ذبح؟

وبهذا تصفو العقيدة، فلا شريك ولا نِد، وتصفو الشريعة، فأنبياء الله معصومون وعباد صالحون، منزهون عن الظلم والعبث والسلبية.

ثانيًا: على مستوى الأسلوب: جاء الأسلوب القرآني متناسقًا منسابًا، لا تناقض فيه ولا اعوجاج، يعرض القصة في كل موطن حسب الحاجة والعبرة، وقدم قصة داود في أسلوب قصصي جذاب، وأفكار متناسقة منسابة، يتناغم فيها جمال الفكرة مع جمال اللفظة، وكيف لا وهو تنزيل من حكيم حميد!

وبعدُ:
فهذا جهد المُقل، وطول القصة بعث على انتقاء كثير يرجو البحث أن يكون قد وُفِّق فيه، والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] وبالرغم من كون هذا الجانب من حياة داود غير وارد في القرآن، فإن العرض أثبته لما فيه من أفكار يراها مفيدة في تصور الموقف من الأنبياء، ومن بعض الكليات والأحكام الأساسية في التشريع: كالسجود لغير الله، والظلم، وشرب الخمر.
[2] الكتاب المقدس، العهد القديم، سفر صموئيل الأول، الإصحاح (15)، الآيات (1- 3)، الإصدار الثالث، الطبعة الأولى، 2005، دار الكتاب المقدس بمصر، وهي النسخة التي اعتمدت عليها بشكل كبير.
[3] جاء في سفر التكوين الإصحاح رقم خمسين: “وبعدما مضت أيام بكائه، كلم يوسف بيت فرعون قائلاً: إن كنت قد وجدت نعمة في عيونكم، فتكلموا في مسامع فرعون قائلين * 5 أبي استحلفني قائلاً ها أنا أموت في قبري الذي حفرت لنفسي في أرض كنعان هناك تدفنني، فالآن أصعد لأدفن أبي وأرجع * 6 فقال فرعون: اصعد وادفن أباك كما استحلفك * 7 فصعد يوسف ليدفن أباه، وصعد معه جميع عبيد فرعون شيوخ بيته وجميع شيوخ أرض مصر * 8 وكل بيت يوسف و إخوته وبيت أبيه، غير أنهم تركوا أولادهم وغنمهم وبقرهم في أرض جاسان * 9 وصعد معه مركبات وفرسان، فكان الجيش كثيرًا جدًّا * 10 فأتوا إلى بيدر أطاد الذي في عبر الأردن، وناحوا هناك نوحًا عظيمًا وشديدًا جدًّا، وصنع لأبيه مناحة سبعة أيام * 11 فلما رأى أهل البلاد الكنعانيون المناحة في بيدر أطاد، قالوا: هذه مناحة ثقيلة للمصريين؛ لذلك دعي اسمه آبل مصرايم الذي في عبر الأردن * 12 وفعل له بنوه هكذا، كما أوصاهم * 13 حمله بنوه إلى أرض كنعان، ودفنوه في مغارة حقل المكفيلة التي اشتراها إبراهيم مع الحقل ملك قبر من عفرون الحثي أمام ممرا*”.
[4] وهو مخالف أيضًا لما في العهد القديم؛ حيث جاء فيه: “21 انظر قد جعل الرب إلهك الأرض أمامك اصعد تملك كما كلمك الرب إله آبائك لا تخف و لا ترتعب * 22 فتقدمتم إلي جميعكم، وقلتم دعنا نرسل رجالاً قدامنا؛ ليتجسسوا لنا الأرض، ويردوا إلينا خبرًا عن الطريق التي نصعد فيها والمدن التي نأتي إليها * 23 فحسن الكلام لدي، فأخذت منكم اثني عشر رجلاً، رجلاً واحدًا من كل سبط * 24 فانصرفوا وصعدوا إلى الجبل، وأتوا إلى وادي أشكول وتجسسوه * 25 وأخذوا في أيديهم من أثمار الأرض، ونزلوا به إلينا وردوا لنا خبرًا، وقالوا جيدة هي الأرض التي أعطانا الرب إلهنا * 26 لكنكم لم تشاؤوا أن تصعدوا، وعصيتم قول الرب إلهكم * 27 وتمرمرتم في خيامكم، وقلتم الرب بسبب بغضته لنا قد أخرجنا من أرض مصر؛ ليدفعنا إلى أيدي الأموريين لكي يهلكنا * 28 إلى أين نحن صاعدون؟ قد أذاب إخوتنا قلوبنا قائلين: شعب أعظم وأطول منا، مدن عظيمة محصنة إلى السماء، وأيضًا قد رأينا بني عناق هناك*” “سفر التثنية الإصحاح الأول، الآيات (21- 28)”، وواضح التناقض والتلفيق في النص؛ خاصة في خبر المبعثين ليتجسسوا، فهم قالوا: “جيدة هي الأرض” مرة، وقالوا بعد ذلك: “مدن عظيمة محصنة إلى السماء”.
[5] صموئيل الأول، الإصحاح (15)، الآية (35).
[6] لا يخفى ما في هذا النص من تناقض، واتهام لله بالندم، ومن خفاء فكرة الإله هنا، هل هو إسرائيل الإنسان أم إسرائيل آخر غيره؟ ومن وصفه – سبحانه – بأنه لا يندم في بداية الكلام ثم وصفه بالندم في نهايته.
[7] ويؤكد ذلك ما ورد في الإصحاح (16)، الآية (14) من أنه: “ذهب روح الرب من عند شاول، وبغته روح ردي من قبل الرب”.
[8] صموئيل الأول، الإصحاح (7)، الآيات (15- 17).
[9] سفر صموئيل الأول، الإصحاح(9)، الآية (2)، والإصحاح (10) من نفس السفر، الآية (23).
[10] سفر صموئيل الأول، الإصحاح (16)، الآية (20).
[11] حيث جاء أنه: “ذهب روح الرب من عند شاول، وبغته روح ردي من قبل الرب”، سفر صموئيل الأول، الإصحاح (16)، الآية (14).
[12] جاء في سفر صموئيل الأول، الإصحاح (16) بعد الفقرة السابقة مباشرة: ” * 15 فقال عبيد شاول له: هو ذا روح ردي من قبل الله يبغتك * 16 فليأمر سيدنا عبيده قدامه أن يفتشوا على رجل يحسن الضرب بالعود، ويكون إذا كان عليك الروح الردي من قبل الله أنه يضرب بيده، فتطيب * 17 فقال شاول لعبيده: انظروا لي رجلاً يحسن الضرب، وائتوا به إلي * 18 فأجاب واحد من الغلمان وقال: هو ذا قد رأيت ابنًا ليسى البيت لحمي يحسن الضرب وهو جبار بائس، ورجل حرب وفصيح، ورجل جميل والرب معه * 19 فأرسل شاول رسلاً إلى يسى يقول: أرسل إلي داود ابنك الذي مع الغنم * 20 فأخذ يسى حمارًا حاملاً خبزًا وزق خمر وجدي معزى وأرسلها بيد داود ابنه إلى شاول * 21 فجاء داود إلى شاول ووقف أمامه فأحبه جدًّا وكان له حامل سلاح * 22 فأرسل شاول إلى يسى يقول: ليقف داود أمامي؛ لأنه وجد نعمة في عيني * 23 وكان عندما جاء الروح من قبل الله على شاول أن داود أخذ العود وضرب بيده، فكان يرتاح شاول، ويطيب ويذهب عنه الروح الردي *”، الآيات (15- 23).
[13] المصدر السابق، الإصحاح (17)، الآيات (25- 27).
[14] المصدر السابق، الإصحاح (17)، الآيات (45- 47).
[15] صموئيل الأول، الإصحاح (17)، الآية (35).
[16] صموئيل الأول، الإصحاح 14، الآيات من (24 – 26).
[17] ولكن جاء تقديم المؤخر موقعًا على المقدم؛ استجابة لإملاءات منهجية، لينظر المصدر السابق، الإصحاح 15، الآية 1، بينما هذه القصة في الإصحاح (14)؛ إي إن تصرُّفه في ملكه ورد قبل ذكر الملك أصلاً.
[18] صموئيل الأول، الإصحاح (14، 32).
[19] نفسه، الآيات (27- 45).
[20] نفسه، الآية (1).
[21] عبر سفر صموئيل الأول عنه بأنه “جليات”، وهو قريب من جالوت الوارد في القرآن الكريم؛ انظر: “سفر صموئيل الأول، الإصحاح (17)، الآية: (4)”.
[22] جاء في سفر صموئيل الأول: الإصحاح(17) “وقال داود الرب الذي أنقذني من يد الأسد ومن يد الدب هو ينقذني من يد هذا الفلسطيني، فقال شاول لداود: اذهب و ليكن الرب معك * 38 و البس شاول داود ثيابه وجعل خوذة من نحاس على رأسه و ألبسه درعًا * 39 فتقلد داود بسيفه فوق ثيابه، وعزم أن يمشي لأنه لم يكن قد جرب فقال داود لشاول لا أقدر أن أمشي بهذه لأني لم أجربها و نزعها داود عنه * 40 وأخذ عصاه بيده وانتخب له خمسة حجارة ملس من الوادي، وجعلها في كنف الرعاة الذي له أي في الجراب و مقلاعه بيده، وتقدم نحو الفلسطيني * 41 وذهب الفلسطيني ذاهبًا واقترب إلى داود و الرجل حامل الترس أمامه * 42 ولما نظر الفلسطيني ورأى داود استحقره؛ لأنه كان غلامًا وأشقر جميل المنظر * 43 فقال الفلسطيني لداود العلي: أنا كلب حتى أنك تأتي إلي بعصي ولعن الفلسطيني داود بآلهته * 44 و قال الفلسطيني لداود: تعال إلي فأعطي لحمك لطيور السماء ووحوش البرية * 45 فقال داود للفلسطيني: أنت تأتي إلي بسيف و برمح و بترس و أنا آتي إليك باسم رب الجنود إله صفوف إسرائيل الذين عيرتهم * 46 هذا اليوم يحبسك الرب في يدي فأقتلك، واقطع رأسك وأعطي جثث جيش الفلسطينيين هذا اليوم لطيور السماء و حيوانات الأرض، فتعلم كل الأرض أنه يوجد إله لإسرائيل * 47 وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف ولا برمح يخلص الرب، لأن الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا * 48 وكان لما قام الفلسطيني وذهب وتقدم للقاء داود أن داود أسرع وركض نحو الصف للقاء الفلسطيني * 49 ومد داود يده إلى الكنف، وأخذ منه حجرًا، ورماه بالمقلاع وضرب الفلسطيني في جبهته فارتز الحجر في جبهته وسقط على وجهه إلى الأرض * 50 فتمكن داود من الفلسطيني بالمقلاع والحجر، وضرب الفلسطيني وقتله، ولم يكن سيف بيد داود * 51 فركض داود ووقف على الفلسطيني و أخذ سيفه واخترطه من غمده وقتله وقطع به رأسه، فلما رأى الفلسطينيون أن جبارهم قد مات هربوا * 52 فقام رجال إسرائيل ويهوذا وهتفوا ولحقوا الفلسطينيين حتى مجيئك إلى الوادي وحتى أبواب عقرون فسقطت قتلى الفلسطينيين في طريق شعرايم إلى جت و إلى عقرون * 53 ثم رجع بنو إسرائيل من الاحتماء وراء الفلسطينيين و نهبوا محلتهم * 54 وأخذ داود رأس الفلسطيني و أتى به إلى أورشليم ووضع أدواته في خيمته * 55 ولما رأى شاول داود خارجًا للقاء الفلسطيني، قال لابنير رئيس الجيش: ابن من هذا الغلام يا ابنير، فقال ابنير: وحياتك أيها الملك لست أعلم * 56 فقال الملك اسأل ابن من هذا الغلام * 57 ولما رجع داود من قتل الفلسطيني أخذه ابنير وأحضره أمام شاول ورأس الفلسطيني بيده * 58 فقال له شاول: ابن من أنت يا غلام فقال داود ابن عبدك يسى البيتلحمي*”، ولكن كان جزاءً هذه القصة البطولية والتواضع الجم – حسب راوي القصة – كل هذا الغدر والحسد.
[23] ولعل من أبرز هذه المتناقضات ما ورد بشأن شاول؛ حيث جاء في سفر صموئيل الأول الإصحاح الحادي والثلاثون: “4 فقال شاول لحامل سلاحه: استل سيفك، واطعني به؛ لئلا يأتي هؤلاء الغلف، ويطعنوني ويقبحوني، فلم يشأ حامل سلاحه؛ لأنه خاف جدًّا، فأخذ شاول السيف وسقط عليه * 5 ولما رأى حامل سلاحه أنه قد مات شاول، سقط هو أيضًا على سيفه ومات معه * 6 فمات شاول وبنوه الثلاثة وحامل سلاحه وجميع رجاله في ذلك اليوم معًا*” ولكن ما أن يبدأ السفر الثاني حتى تغيب هذه الحكاية؛ لتحل محلها حكاية أخرى مغايرة لها تمامًا، وهي واردة في الحوار التالي: “2 وفي اليوم الثالث إذا برجل أتى من المحلة من عند شاول وثيابه ممزقة وعلى رأسه تراب، فلما جاء إلى داود، خرَّ إلى الأرض وسجد * 3 فقال له داود: من أين أتيت؟ فقال له من محلة إسرائيل نجوت * 4 فقال له: داود: كيف كان الأمر أخبرني؟ فقال: إنً الشعب قد هرب من القتال وسقط أيضًا كثيرون من الشعب، وماتوا ومات شاول و يوناثان ابنه أيضًا * 5 فقال داود للغلام الذي أخبره: كيف عرفت أنه قد مات شاول ويوناثان ابنه؟ * 6 فقال الغلام الذي أخبره: اتفق أني كنت في جبل جلبوع، وإذا شاول يتوكأ على رمحه، وإذا بالمركبات والفرسان يشدون وراءه * 7 فالتفت إلى ورائه فرآني ودعاني فقلت ها أنذا * 8 فقال لي: من أنت؟ فقلت له عماليقي أنا * 9 فقال لي: قف علي واقتلني؛ لأنه قد اعتراني الدوار لأن كل نفسي بعد في * 10 فوقفت عليه، وقتلته؛ لأني علمت أنه لا يعيش بعد سقوطه، وأخذت الإكليل الذي على رأسه، والسوار الذي على ذراعه، وأتيت بهما إلى سيدي ها هنا*”؛[سفر صموئيل الثاني، الإصحاح (1)، الآيات (2-10)، فأي الروايتين هي الحق؟!
[24] صموئيل الأول، الإصحاح (25)، الآيات (2- 25).
[25] هو أمر كثير التكرار، فقد تكرر ذكر السجود لداود في سفر صموئيل الثاني وحده اثنا عشر مرة.
[26] المصدر السابق الآيات من (38 – 45).
[27] الآية في السفر المذكور رقم (50).
[28] سفر صموئيل الأول، الإصحاح (25)، الآية (44).
[29] صموئيل الثاني، الإصحاح (11)، الآيات (2- 5).
[30] المصدر السابق، الآيات (6- 13).
[31] المصدر السابق، الآيات (14- 17).
[32] لم يبق في التوراة من أصلها الإلهي، ما يمكن أن توصف معه بأنها من عند الله.
[33] صموئيل الثاني، الإصحاح (12)، الآيات (1- 12).
[34] صموئيل الثاني، الإصحاح (7)، الآية (2)، والإصحاح (12)، الآية (26)، وفي الإصحاح (5)، الآية (14)، أن لداود ابنًا يحمل هذا الاسم.
[35] صموئيل الأول الإصحاح، (16)، الآية (13).
[36] صموئيل الثاني، الإصحاح (12)، الآيات (13 – 15).
[37] وتذكر التوراة: أن نفس المرأة بعدما مات ابنها هذا، حبلت بنبي الله سليمان، [صموئيل الثاني، الإصحاح (12)، الآية (24)، وحاشى لنبي الله داود (أن يعمل هذا)، ولنبيه سليمان أن يكون نتيجة لهذا العمل، وعلى افتراض أن هذه الجريمة صحيحة الوقوع، (وهو ما يكذبه العقل)، فهل يمكن أن يكون جزاء فاعلها أن يولد له بعدها مباشرة نبي من نفس المرأة؟!
[38] المصدر السابق، الآية (12).
[39] صموئيل الثاني، الإصحاح (12)، الآية (20).
[40] صموئيل الثاني، الإصحاح (12)، الآيات (21- 24).
[41] أخرجه البخاري بلفظ: ((أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه))؛ صحيح البخاري حديث رقم (3191)، ومسلم بلفظ: ((إن من أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود – عليه السلام – كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يومًا، ويفطر يومًا))؛ صحيح مسلم حديث رقم (19769).
[42] سفر صموئيل الثاني، الإصحاح (21)
[43] صموئيل الثاني، الإصحاح (13).
[44] صموئيل الثاني، الإصحاح (23)، الآيات (14- 17).
[45] صموئيل الثاني، الإصحاح(22)، الآيات (7- 16).
[46] المصدر السابق، الإصحاح (24)، الآيات (16- 17).

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/42930/#ixzz62QIZMUWd

 

هذه هدية الموقع لك انت

https://www.youtube.com/watch?v=Fab9VdlIcXA