دور المرأة أمًّا وزوجة في الإسلام

إن دور المرأة بلا شك خطيرٌ وعظيم في المجتمع الإسلامي؛ فدورها لا ينتهي عند كونها نصف المجتمع، وإنما هي أيضًا تربِّي النصفَ الآخر، وتؤثِّر في الرجال الذين يتولَّون قيادةَ الأمَّة الإسلامية؛ لذا فهي تقف بجوارِ الرجل تشدُّ من أزره، وترضعه المبادئَ والقِيَم التي يتربَّى عليها، وتحميه بصدرِها في صِغَره؛ ليحميها هو في كِبَره، ويدافع عن مبادئ الإسلام والمجتمع بما شبَّ عليه؛ فالنساء هنَّ – كما قال صلى الله عليه وسلم -: ((شقائق الرجال))، وفي قول شاعرنا حافظ إبراهيم رحمه الله كل الصدق حين يقول:

الأمُّ مدرسةٌ إذا أَعْدَدْتَها = أعددتَ شعبًا طيِّب الأعراقِ

أولاً: دور الأم في تنشئة الأبناء وصنعِ الرجال:

الأم هي المدرسة الأولى التي يتربَّى في حضنها رجال ونساء المستقبل؛ فهي نبراس البراعِم، وقدوة الأجيال القادمة، وحصاد غرسها؛ لتهديهم مؤمنين نافعين للأمَّة الإسلامية.

فاختيار الأمِّ – وهي عماد الأسرة – غاية في الأهمية، فإذا صلحَت الأمُّ صلحت الأسرةُ والمجتمع، وإذا فسدَت فسدت الأسرةُ والمجتمع، فهي الحاضنة لأبنائها والمؤتمَنَة عليهم؛ لذا فقد اهتمَّ الإسلام باختيار الزوجة الصالحة وأمِّ المستقبل.

وقد أوصى الله تعالى بالوالدين وبالأمِّ خاصة؛ قال تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14].

وقد أعقبها قوله جل وعلا: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا… ﴾ [لقمان: 15]؛ لذا فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها؛ حيث قالت: قدمَت عليَّ أمِّي وهي مشركة في عهد قريش – صلح الحديبية – فاستَأْذنتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: قدمَت عليَّ أمي راغبة، أَفَأَصِلها؟ قال: ((نعم؛ هي أمك))، كما أوصى صلى الله عليه وسلم بالأمِّ وحسنِ صحبتها؛ فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: يا رسول الله، مَن أحقُّ بحسن صحابتي؟، قال: ((أمُّك))، قال: ثم من؟ قال: ((أمُّك))، قال: ثم من؟ قال: ((أمُّك))، قال: ثم من؟ قال: ((ثمَّ أبوك))[1].

أمَّا عن دور الأمِّ نفسِها في تربية الأجيالِ وصنعِ الرجال في الإسلام فهو دورٌ عظيم، وقد أَوصى الله تعالى بتربية الأبناء منذ خلقهم الله نَبْتةً في رَحِم الأم، فيجب أن يكونوا من زواجٍ حلالٍ طيِّب؛ يقول تعالى موصيًا باختيار الأمِّ الصالحة المؤمنة: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾ [النساء: 25].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فاظْفَر بذاتِ الدين، تَرِبَت يداك))؛ رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: لصقَت يداك بالتراب إن لم تظفر بذات الدِّين.

كما نهى الله تعالى ورسولُه صلى الله عليه وسلم عن الزواج من الزانيات؛ قال تعالى: ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 3].

وأمر الله تعالى الأمَّ أن تراعي وليدَها؛ قال تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233].

وقد اهتمَّ الإسلام بتعليم الأمِّ؛ حيث إنها المسؤول الأول عن أبنائها؛ فهي المعلِّم الأول لهم؛ لأن التعليم يبدأ بالمنزل، فهي تعلِّمهم أصولَ الدين والأخلاق الإسلامية وتبثُّها في نفوس أبنائها، والإيمان يقوي عزيمةَ الطفل، ويمنحه قوَّةً وثِقَة بالنَّفْس، وحسن الخُلُق: مثل تعليمه الصبرَ والصدقَ والطهارة من الأدران النفسيَّة والجسمانية، وأن يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه؛ يقول صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه))؛ رواه عنه أنس رضي الله عنه[2].

وأن يكف أذاه عن الناس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((المسلم من سَلِم المسلمون من لسانِه ويده))[3].

ويقول تعالى: ﴿ وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ﴾ [الأنعام: 120]، كما يقول: ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17]، كما تُعلِّم أولادَها الصبر والجلَدَ كما أمر الله تعالى.

كما تقوم الأم بتعليم أبنائها الصلاةَ والطهارة والوضوء، ويشبُّ الطفل من صغره عليها، حتَّى إذا بلغ العاشرةَ التزم بها التزامًا تامًّا؛ فالصلاة مناجاة بين العبد وربِّه، يصليها خمس مرَّات في اليوم والليلة، تصحبه معها في المسجد إذا تردَّدَت عليه، خاصَّة في أيَّام الجُمَع والأعياد، فيسمَع الخطيبَ ويختلط بمجتمع المسلمين، إذا شبَّ عن الطوق وصحب أبيه في صلاة الجُمَع والأعياد، مما يؤثِّر في نفسه وشخصيته؛ فيضحَى سويَّ النفس عاليَ الخُلق.

كما تُعلِّم الأمُّ صغيرها البرَّ بالأهل والوالدين والجيران؛ يقول تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24]، كما يقول تعالى موصيًا بالفِئات الأخرى من المجتمع، بعد التوحيد والبرِّ بالوالدين: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [النساء: 36].

كما تعلمه أداء الأمانة؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء: 58].

وسورة لقمان عليه السلام وموعظته لابنه، خيرُ مثال لبثِّ الأخلاق الإسلامية في نفوسِ أبنائنا؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان: 12 – 19].

وليس أبدع مما ذكره القرآنُ الكريم في أسلوب تربيةِ الأبناء على الخُلُق الرَّفيع من هذا المثال ليكون لنا نبراسًا في تربيةِ أبنائنا.

كذلك روي حديثٌ عن أنس رضي الله عنه قال: سُئل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الكبائر فقال: ((الإشراكُ بالله، وعقوقُ الوالدين، وقَتْلُ النفس، وشهادة الزور))[4].

كما ينبغي أن تكون الأمُّ قدوةً لأبنائها في الصدق والأمانة، ومكارم الأخلاق، والالتزام بفروض الإسلام، والصلاة والصدقة والصيام…، وغيرها، وقد روي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أكرموا أولادَكم، وأحسنوا أدبَهم))[5].

وقد أكَّد النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه على الاهتمام بالبناتِ بصفةٍ خاصة، وتربيتهن؛ لأنهن أمَّهات المستقبَل، ومربِّيات الأجيال رجالاً ونساءً، منها ما رواه عقبةُ بن عامر عنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ومن كان له ثلاث بناتٍ، فصبر عليهنَّ وأطعمهنَّ وكساهنَّ من جِدَته، كنَّ له حجابًا من النار يومَ القيامة))[6].

ومن حقوق الأبناء على آبائهم وأمهاتهم: اختيار الاسمِ الجميل لهم، من ذلك قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((حق الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبَه، وأن يعلِّمه الكتابَة والسباحة والرماية، وألا يرزقه إلا طيِّبًا))؛ لذلك غَيَّر النبيُّ صلى الله علية وسلم أسماءَ كثيرٍ من الصحابة إلى الاسم الجميل، مثل: “عاصية” زوجة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى “جميلة”، كما سمَّى “الحسن والحسين” أبناء فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان يؤذِّن في أذن المولود، ويسمِّيه ويحنِّكه بالتمرِ مِن ريقِه الشريف صلى الله عليه وسلم، ويقصُّ شعرَه، ويتصدَّق بوزنِه فضَّة، ويعقُّ له العقيقةَ، وكان صلى الله عليه وسلم يداعِبُ الأطفالَ ويدلِّلهم ويمازحهم، سواء أحفاده أو غيرهم… إلخ.

كما أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يَعدل الأمُّ والأب بين أبنائهم؛ فقد كان لعمرة بنتِ رواحة موقفٌ عظيم من زوجها حينما أراد أن يهب أحدَ أبنائه عطيَّة دون إخوته، فقالت له: لا أَرْضى حتى تُشهد رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: ((أعطيتَ سائرَ ولدك مثل هذا؟))، قال: لا، قال: ((فاتقوا اللهَ، واعدِلوا بين أولادكم))، فرجع في عطيَّتِه[7].

وهذا يدلُّ أيضًا على أن المرأة الصحابيَّة كانت تهتم بالعدل بين أبنائِها طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ومن النماذج التي يحتذى بها في صدر الإسلام: أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها التي كانت واحةً لزوجها رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ولأبنائها، وقفت تُؤازر زوجَها حتى وفاتها، كذلك كانت فاطمةُ رضي الله عنها، التي كانت تخدم بيتَها بنفسِها، وتربِّي أولادَها، وتتلو القرآنَ الكريم في كلِّ مواقف حياتها، وهي تعمل، ورضيَت بحياة زوجها القليلةِ الدَّخل الخَشِنة، وكانت خيرَ ابنةٍ لأبيها، وخيرَ زوجة لزوجها.

كذلك كانت أمُّ سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها نِعْم الأم لأبنائِها الذين كانوا صغارًا؛ حين استُشهد زوجُها “أبو سلمة” وهو عبدالله بن عبدالأسد المخزومي ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تزوَّجها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم واحتضن أبناءَها، وكانت متردِّدة في الزواج بعد استشهادِ زوجِها خوفًا من أن يرهِق أولادُها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك ليظلُّوا في حضانتها، فطَمْأَنها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وكانت زينب بنت أبي سلمة فقيهةً؛ لأنها تربَّت في بيتِ النبوَّة، كما كان لأمِّ سلمة مواقف تدلُّ على رجاحَةِ عقلِها.

كذلك جمعَت نسيبة بنت كعب أم عمارة الأنصاريَّة أهلَ بيتها وأبناءَها للدفاعِ عن النبي صلى الله عليه وسلم في أُحُد، فكانت نموذجًا يُحتذى به، ولها مواقفُ عديدة في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي حروب الرِّدَّة ضد مسيلِمة الكذاب.

أما الخنساء بنت الشريد “تماضر” الشاعرة، فقد دفعَت بأبنائها الأربعة للاستشهادِ في القادسيَّة، بعد أن حفزتهم بالحماس، فلمَّا استُشهدوا قالت: “الحمد لله الذي شرَّفَني بقتلِهم، وأرجو أن يجمعني بهم في مستقرِّ رحمتِه”.

وأم سليم بنت ملحان الأنصارية “أم أنس بن مالك” دفعَت ابنَها ليخدمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو في العاشرةِ من عمره؛ وذلك ليرتشف العلمَ منه، ويروي الحديثَ عنه، وغيرهنَّ من الأمَّهات كثير[8].

كذلك صفيَّة بنت عبدالمطلب عمَّة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مع ابنِها الزبير بن العوَّام حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأروى بنت عبدالمطلب التي شجَّعَت ابنَها (طليبًا) على تعضيدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ونصرته… إلخ.

——————————————————————————–

[1] صحيح البخاري: كتاب الأدب، باب: “من أحق الناس بحسن الصحبة” حديث رقم (5971)، وصحيح مسلم كتاب البر والصلة، باب بر الوالدين حديث رقم (2548).

[2] صحيح البخاري: كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه رقم (13).

[3] شرح صحيح مسلم للنووي: كتاب الإيمان، باب تفاضل الإسلام وأي الأمور أفضل حديث رقم (41).

[4] أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب ما قيل في شهادة الزور، حديث رقم (2653)، وكتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر حديث رقم (5977)، انظر كتاب دور الأم في تربية الأجيال (للباحثة) طبعة القاهرة، دار الفكر العربي، 2002 م، ص 75 – 130.

[5] سنن ابن ماجه، كتاب الأدب، بر الوالدين والإحسان إلى البنات، حديث رقم (3669)، (3671).

[6] سنن ابن ماجه، كتاب الأدب، بر الوالدين والإحسان إلى البنات، حديث رقم (3669)، (3671).

[7] أخرجه البخاري في كتاب الهبة، باب الإشهاد في الهبة، رقم (2578)، وترجمة عمرة في (الأنصاريات) ص 179.

[8] انظر تراجم هؤلاء الصحابيات في أُسد الغابة ج7، والإصابة ج7، والإصابة ج4، وطبقات ابن سعد ج8، والاستيعاب ج4، وموسوعة صحابيات الهادي البشير (الباحثة: د. سامية منيسي) ج1 – ج7، ودور الأم في تربية الأجيال ص 211 – ص 237 (الباحثة. د سامية منيسي).