بقلم/الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
بقلم/الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح

عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ اللّهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)[1].

 

والترجمان: المترجم؛ وهو المفسر للكلام، الموضح له عن لسان بلسان آخر، ففي الحديث بيان لقاء العبد بربه – تعالى- وأي لقاء هذا أيها المبارك؟ إنه لقاء مع من بيده ملكوت كل شيء، وهذا اللقاء يتميز بما يلي:

1- أن الله – عزَّ وجل- سيكلمه.

2- أنه سينفرد بربه ليس بينهما أي أحد، لا يحتاج إلى أي مترجم يترجم بينه، وبين الله جلَّ وعلا.

3- ليس هناك حجاب يحجبه عن الله جلَّ وعلا.

4- أنه في ذلك الموقف سيرى ما قدَّم محيطًا به عن يمينه، وشماله.

 

• واختلف في سبب التفاته يمنياً وشمالاً:

فقيل: إن حاله كالإنسان الذي داهمه أمر، فيلتفت يمينًا وشمالًا، يطلب فيه العـون.

 

وقيل: إن سبب الالتفات رجاء أن يجد طريقًا يذهب فيها؛ ليحصل النجاة من النار، فلا يرى إلا ما يفضي إلى النار؛

 

لأنه جاء في رواية البخاري: “فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ، وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ”[2].

 

5- أن النار في ذلك الموقف قريبة منه تلقاء وجهه، لقول النَّبي صلى الله عليه وسلم: (وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ).

 

فيا لهُ من موقف عظيم – نسأل الله فيه النجاة والسلامة -، وفيه دليل على قرب النار من أهل الموقف.

 

مستلة من: “فقه الانتقال من دار الفرار إلى دار القرار”


[1] رواه البخاري برقم (3595)، رواه مسلم برقم (1016).

[2] انظر: الفتح (11 / 492)، حديث (6539).