وإذا كنا نريد أن نتحدث عن دليل غيبي آخر يزيد من الأدلة العقلية التي تثبت وجود الله تعالى،

فلا بد أن نقرأ قوله عز وجل:

( له ما في السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى) طه 6

فلو قرأنا هذه الآية التي نزلت منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، لعلمنا أن أحدا لم يكن يدري شيئا

ولفترة دويلة عن معنى قوله تعالى :(وما تحت الثرى) .

وكان كل ما تحت الثرى أو تحت التراب، أو في باطن الأرض غيبا عنا ثم أراد الله سبحانه

وتعالى أن يكشف لنا ما هو غيب عنا موجود وان لم نكن ندري بوجوده، فكشف لنا ما تحت

الثرى، فوجدنا أن ما تحت الأرض يحتوي على كنوز رهيبة, وجدنا البترول والذهب والمعادن

والحديد وأشياء نفيسة، ووجدنا المياه الجوفية، ووجدنا عالما هائلا يحتوي على مواد لم نكن نعلم

بوجودها ولا نعرف شيئا عنها.

وهكذا أعطانا الحق سبحانه وتعالى دليلا آخر على أن ما هو غيب عنا موجود، وان كنا لا ندرك وجوده، فلا أحد في هذه الدنيا يستطيع أن يدعي أنه هو الذي أوجد ما في باطن الأرض من كنوز، ولا أحد مهما بلغ علمه ولا علماء الأرض مجتمعين يستطيعون أن يدعو أنهم هم الذين أوجدوا هذه البحيرات الهائلة من البترول، أو هذه المعادن النفيسة كالذهب والفضة، أو الماس أو النحاس أو الحديد أو الألمنيوم أو, غيرها.

بل ان هناك كنوزا تحت الثرى مختفية عن أعيننا تفوق الكنوز التي ظاهرها لأعيننا فوق سطح

الأرض، وهذه الكنوز لم تأت من عدم ولم توجد في السنوات الأخيرة، بل كانت موجودة في باطن الأرض منذ أن خلقها الله سبحانه وتعالى، ولكنها كانت غيبا عنا فلم نكن نعرف بوجودها.

حينئذ نكون قد وصلنا إلى أن الله سبحانه وتعالى، قد أعطانا من الأدلة المادية والعقلية ما يؤكد لنا أن ما هو غيب عنا موجود وان لم نكن ندرك وجوده.

فإذا حدثنا الله سبحانه وتعالى عما هو غيب كالآخرة والحساب والجنة والنار، لا نقول ان الله

يخاطبنا بما لا نستطيع أن تدركه عقولنا، وأننا لا نستطيع تصديق ذلك، بل نعود إلى واقع الكون، ونتأمل ما فيه من آيات، وما وضعه الله لنا فيه من دلائل، ولو أننا تدبرنا لقلنا يا رب لقد أعطيتنا مع الدليل الإيماني الدليل الفعلي الذي يقرب الصورة إلى أذهاننا حتى ندركها، وليس لنا عذر يارب يوم الحساب في أن نقول ان عقولنا لم تدرك، لأنك وضعت في كونك الأدلة المادية التي

تثبت أن الغيب واقع موجود، وكان يجب أن تكون هذه الأدلة هي طريقنا إلى الإيمان، لا طريقنا

إلى الكفر والإلحاد.

على أننا سننتقل بعد ذلك إلى الآيات الأرضية، التي أراد الله سبحانه وتعالى أن يلفتنا بها، إلى أنه لا اله الا هو الخالق والموجد والقادر