عبد الله : ينفي القرآن الكريم نفيا قاطعا قتل المسيح أو صلبه, كما جاء في سورة النساء :

)َ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا  ((النساء / 157)

فما رأيك في هذا النفي المؤكد ?

عبد المسيح : أؤمن بأنه مات على الصليب ثم قام من قبره.

عبد الله : من المعروف أن كائنا من كان لم يشهد لحظة قيام مصلوب من قبره. كل ما في الأمر أن القبر، الذي ظنوه يضم جسد المسيح،  وجدوه خاليا  فاستنتجوا أنه قام بعد صلبه, خاصة وأنهم التقوا به حيا بعد حادث الصلب المزعوم, فليس هناك أي دليل على آنه صُلِبَ أو أنه مات وقام, وهذا ما يؤكده القرآن ?

عبد المسيح : ولكن كيف تثبت أنه لم يُصْلَبْ ولم يَقُمْ ?

عبد الله : سأثبت لك ذلك من نصوص الكتاب المقدس ذاته, ولكني أطرح عليك سؤالا هاما قبل أن نستعرض النصوص. أيهما  تصدق: ما قاله المسيح صراحة أم ما رواه عنه غيره من الحواريين أو الأتباع أو كُتَّاب الأناجيل?

عبد المسيح : أقوال المسيح أوّلاً وقبل كل شيء.

عبد الله : حسنا ما قلت, فذلك ما عبر عنه المسيح حين قال: (لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَرْفَعَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلاَ الْعَبْدُ أَرْفَعَ مِنْ سَيِّدِهِ)  [متى 10/ 24].

عبد المسيح : ولكن المسيح قد أعلن أنه سيقوم من بين الأموات:

(وَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَدْ كُتِبَ، وَهَكَذَا كَانَ لاَبُدَّ أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَسِيحُ وَيَقُومَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ) [لوقا 24/ 46].

عبد الله : إنه من المألوف في الكتاب المقدس وترجماته أن يعبرعن “العذاب” بالموت, ومثال علي ذلك ما قاله بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس:

(فَبِحَسَبِ افْتِخَارِي بِكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا، أَشْهَدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنِّي أَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ )  [كورنثوس الأولى  15/ 31].

وإليك الآن أدلة ساطعة تدحض تماما  صلب المسيح أو قيامته فتأمل :

1-  تضرعه على الصليب إلى الله طالبا العون طبقا  لإنجيل متى (27/ 46) :
(وَنَحْوَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «إِيلِي، إِيلِي، لَمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: «إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟6  [متى 27/ 46].

وأيضا  في لوقا (22/ 42) :

(ابْتَعَدَ عَنْهُمْ مَسَافَةً تُقَارِبُ رَمْيَةَ حَجَرٍ، وَرَكَعَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَاأَبِي، إِنْ شِئْتَ أَبْعِدْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ، لِتَكُنْ لاَ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَتُكَ»)  [لوقا 22/ 42], والكأس هنا هي كأس الموت.

2- استجابة الله لدعاء المسيح أن لا يموت على الصليب طبقا  لما جاء في إنجيل لوقا وغيره, فكيف يقال بعد ذلك أنه مات على الصليب, وهاهي النصوص :

(وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُشَدِّدُهُ ) [لوقا 22/ 43] , أي أن الملاك قد طيب خاطره وطمأنه أن الله لن يخذله.

(وَالْمَسِيحُ، فِي أَثْنَاءِ حَيَاتِهِ الْبَشَرِيَّةِ عَلَى الأَرْضِ، رَفَعَ أَدْعِيَةً وَتَضَرُّعَاتٍ مُقْتَرِنَةً بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ، إِلَى الْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ. وَقَدْ لَبَّى اللهُ طَلَبَهُ إِكْرَاماً لِتَقْوَاهُ ) [العبرانيين 5/ 7], ومعنى تلبية طلبه أن الله قد استجاب له عمليا.

( لِيَعْتَرِفْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لأَخِيهِ بِزَلاَّتِهِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ، حَتَّى تُشْفَوْا. إِنَّ الصَّلاَةَ الْحَارَّةَ الَّتِي يَرْفَعُهَا الْبَارُّ لَهَا فَعَّالِيَّةٌ عَظِيمَةٌ) [جيمس 5/ 16].

ولقد أكد المسيح بنفسه مبدأ استجابة الله لكل دعائه :

(اِسْأَلُوا، تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا، تَجِدُوا. اِقْرَعُوا، يُفْتَحْ لَكُمْ. فَكُلُّ مَنْ يَسْأَلْ، يَنَلْ؛ وَمَنْ يَطْلُبْ، يَجِدْ؛ وَمَنْ يَقْرَعْ، يُفْتَحْ لَهُ. وَإِلاَّ، فَأَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ يَطْلُبُ مِنْهُ ابْنُهُ خُبْزاً، فَيُعْطِيهِ حَجَراً، أَوْ سَمَكَةً، فَيُعْطِيهِ حَيَّةً؟ ) [متى7/ 7-10].

فإذا كان كل دعاء المسيح مستجابا من الله تعالى  بما فيه إنقاذه من الموت على الصليب  فلابد أنه قد نجا من ذلك المصير.

3- طبقا  لرواية يوحنا (19/ 32-33)  فقد امتنع الجنود الرومان عن كسر رجل “يسوع” كما في الرواية: (فَجَاءَ الْجُنُودُ وَكَسَرُوا سَاقَيْ كِلاَ الرَّجُلَيْنِ الْمَصْلُوبَيْنِ مَعَ يَسُوعَ. أَمَّا يَسُوعُ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَيْهِ وَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ، فَلَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ) [يوحنا  19/ 32-33].

4- إن كان يسوع قد مات حقا  على الصليب لَتَجَلَّطَ دَمُه وما تدفق عند طعنه برمح أو نحوه, ولكن الإنجيل يؤكد تدفق الماء والدم من الجسد كما روى يوحنا:

(وَإِنَّمَا طَعَنَهُ أَحَدُ الْجُنُودِ بِحَرْبَةٍ فِي جَنْبِهِ، فَخَرَجَ فِي الْحَالِ دَمٌ وَمَاءٌ ) [يوحنا  19/ 34].

5- عندما طلب الفريسيون من يسوع برهانا على صدق رسالته أجاب كما يلي:

(فَكَمَا بَقِيَ يُونَانُ فِي جَوْفِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ، هَكَذَا سَيَبْقَى ابْنُ الإِنْسَانِ فِي جَوْفِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ) [متى 12/ 40].

وبغض النظر مؤقتا عن الاختلاف التام بين ما جرى ليونان (يونس) وبين رواية الأناجيل لقصة الصلب والقيامة من ناحية المدة (لم يبق المسيح في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاثة ليال بل كان الأمر كله  طبقا  للرواية  يوما هو السبت وليلتان هما ليلة السبت وليلة الأحد), بغَضِّ النظر عن ذلك فالسؤال الأهم هو: هل ظل يونس حياًّ في بطن الحوت?

عبد المسيح: نعم, ظل حيا.

عبد الله: وهل كان حيا عندما لفظه الحوت من بطنه?

عبد المسيح : نعم, مازال حياًّ حينئذ.

عبد الله : إذن فطبقا  لنبوءة المسيح (في : متي 12/ 40) فإنه لم يمت وإنما كان حياًّ طوال فترة اختفائه ثم ظهوره للحواريين.
وإليك باقي الأدلة:

6-  لقد صرح المسيح بنفسه أنه لم يمت على الصليب, وأذكرك برواية يوحنا; عندما توجهت مريم المجدلية في الصباح الباكر إلى القبر فوجدته خاليا  ووجدت شخصا يبدو عليه أنه بستاني; تبين لها من حديثه أنه المسيح, ولما حاولت أن تلمسه لتتأكد أنه هو جسد حي وليس شبحا  قال لها: (قَالَ لَهَا: «لاَ تُمْسِكِي بِي! فَإِنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى الآبِ، بَلِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي سَأَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ، وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ ) [يوحنا 20/ 17].

وربما كان قوله : ” لاَ تُمْسِكِي بِي!” لأن الجرح ما زال يؤلمه, وقوله : “لم أصعد بعد إلى الآب” دلالة على أنه لم يزل حيا ولم يمت بعد ليعود إلى بارئه.

وهذه الرواية وحدها هي أقوى الأدلة على نفي قصة الصلب والقيامة برُمَّتِها, لأنها جاءت على لسان المسيح ذاته.

7-  بعد واقعة الصلب المزعوم انزعج الحواريون عند رؤيتهم المسيح وظنوا أن ما يرون هو شبح, لأن الأموات يتحولون إلى أرواح وإذا قاموا لم يعودوا جسما  مادياًّ كأجسامنا.

عبد المسيح : مهلا, من قال لك أن الأموات لا يقومون بصورتهم الأولى ?

عبد الله : إني أحيلك إلى ما ذكره المسيح بنفسه في الإنجيل من أن الموتى يقومون كمثل الملائكة.

عبد المسيح : في أي إنجيل جاء ذلك ?

عبد الله : انظر إنجيل لوقا (20/ 34-36) :

(فَرَدَّ عَلَيْهِمْ يَسُوعُ قَائِلاً: «أَبْنَاءُ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ يُزَوِّجُونَ وَيُزَوَّجُونَ. أَمَّا الَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلاً لِلْمُشَارَكَةِ فِي الزَّمَانِ الآتِي وَالْقِيَامَةِ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، فَلاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ. إِذْ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضاً بَعْدَ ذَلِكَ، لأَنَّهُمْ يَكُونُونَ مِثْلَ الْمَلاَئِكَةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ لِكَوْنِهِمْ أَبْنَاءَ الْقِيَامَةِ)
[لوقا 20/ 34-36].

نعود إلى الحواريين عندما التقوا بالمسيح واندهشوا, فأحَبَّ أن يقنعهم أنه ما زال حياًّ كما كان, فطلب منهم أن يلمسوا يديه وقدميه, ولم يكتف بذلك بل طلب لحما وعسلا  ليأكل أمامهم كأي إنسان حي, كما جاء في رواية لوقا :

(وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ بِذَلِكَ، وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسَطِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!» وَلكِنَّهُمْ، لِذُعْرِهِمْ وَخَوْفِهِمْ، تَوَهَّمُوا أَنَّهُمْ يَرَوْنَ شَبَحاً. فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ؟ وَلِمَاذَا تَنْبَعِثُ الشُّكُوكُ فِي قُلُوبِكُمْ؟ انْظُرُوا يَدَيَّ وَقَدَمَيَّ، فَأَنَا هُوَ بِنَفْسِي. الْمِسُونِي وَتَحَقَّقُوا، فَإِنَّ الشَّبَحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي». وَإِذْ قَالَ ذَلِكَ، أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ. وَإِذْ مَازَالُوا غَيْرَ مُصَدِّقِينَ مِنَ الْفَرَحِ وَمُتَعَجِّبِينَ، قَالَ لَهُمْ: «أَعِنْدَكُمْ هُنَا مَا يُؤْكَلُ؟» فَنَاوَلُوهُ قِطْعَةَ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ. فَأَخَذَهَا أَمَامَهُمْ وَأَكَلَ) [لوقا 24/ 36-41].
8- إن القول بأن المسيح قد مات على الصليب  طبقا  لنصوص أخرى من الكتاب المقدس  فيه إساءة بالغة إلى شخص المسيح ومقام نبوته, كما جاء في سفر التثنية :

(أمَّا ذَلِكَ النَّبِيُّ أَوِ الْحَالِمُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، لأَنَّهُ نَطَقَ بِالْبُهْتَانِ ضِدَّ الرَّبِّ إِلَهِكُمُ الَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ، وَفَدَاكُمْ مِنْ نِيرِ الْعُبُودِيَّةِ، لِيُضِلَّكُمْ عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَمَرَكُمْ بِسُلُوكِهَا، فَتَسْتَأْصِلُونَ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ ) [تثنية 13/ 5].

وكذلك: (إِنِ ارْتَكَبَ إِنْسَانٌ جَرِيمَةً عِقَابُهَا الإِعْدَامُ، وَنُفِّذَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَعَلَّقْتُمُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ، فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلِ ادْفِنُوهُ فِي نَفْسِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلاَ تُنَجِّسُوا أَرْضَكُمُ الَّتِي يَهَبُهَا لَكُمُ الرَّبُّ مِيرَاثاً) [تثنية 21/ 22-23].

فالاعتقاد بموت المسيح مصلوبا هو إنكار لنبوته, وهو مادفع اليهود إلى نشر فرية قتلهم للمسيح مصلوبا ليشككوا في صدق نبوته, بينما يتمسك المسيحيون بدعوى الصلب لأنها في اعتقادهم ضرورة لفدائهم من الخطيئة الأولى, وهو ما يؤدي ضمنا إلى وصم المسيح بالإساءات التي ذكرتها آنفا.

وهذا الاعتقاد أيضا  يتعارض مع التعاليم التي جاءت في يوشع (6/6) :

(إنِّي أَطْلُبُ رَحْمَةً لا ذَبِيحَة) [هوشع 6/6].

بل إنها تتعارض مع تعاليم المسيح نفسه في إنجيل متى :

(اِذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَعْنَى الْقَوْلِ: إِنِّي أَطْلُبُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً. فَإِنِّي مَا جِئْتُ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خَاطِئِينَ!) [متى 9/ 13].

وجاء أيضا  في إنجيل متى: (وَلَوْ فَهِمْتُمْ مَعْنَى الْقَوْلِ: إِنِّي أَطْلُبُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لَمَا حَكَمْتُمْ عَلَى مَنْ لاَ ذَنْبَ عَلَيْهِمْ) [متى 12/ 7].

عبد المسيح : من أين إذن جاءت عقيدة الصلب والقيامة ?

عبد الله : إن أول من دعا إليها هو بولس, كما جاء في أعمال الرسل:

(وَجَرَتْ مُنَاقَشَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَعْضِ الْفَلاَسِفَةِ الأَبِيقُورِيِّينَ وَالرِّوَاقِيِّينَ. وَلَمَّا وَجَدُوا أَنَّهُ يُبَشِّرُ بِيَسُوعَ وَالْقِيَامَةِ مِنَ الْمَوْتِ قَالَ بَعْضُهُمْ: «مَاذَا يَعْنِي هَذَا الْمُدَّعِي الأَحْمَقُ بِكَلاَمِهِ؟» وَقَالَ آخَرُونَ: «يَبْدُو أَنَّهُ يُنَادِي بِآلِهَةٍ غَرِيبَةٍ») [أعمال 17/ 18].

بل إن بولس (الذي لم ير المسيح البتة) قد أقر أنه هو الذي تبنى دعوى القيامة:

(اذْكُرْ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أُقِيمَ مِنَ الْمَوْتِ، وَهُوَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ، كَمَا أُعْلِنُهُ فِي إِنْجِيلِي [تيموثاوس الثانية 2/ 8].

كما أنه أيضا  أول من أطلق دعوى أن المسيح ابن الله:

(وَفِي الْحَالِ بَدَأَ يُبَشِّرُ فِي الْمَجَامِعِ بِأَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ) [أعمال 9/ 20].

وهنا يتأكد من جديد أن كثيرا  من مفاهيم المسيحية لم يأت بها المسيح; وإنما هي من وضع بولس وغيره.

عبد المسيح : ولكن مرقس أيضا  قد ذكر في إنجيله (16/ 19) أن يسوع قد قام وصعد إلى السماء وجلس على يمين الرب:

(ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ، بَعْدَمَا كَلَّمَهُمْ، رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللهِ) [مرقس 16/ 19].

عبد الله : لقد عرفنا من قبل أن الآيات (9-20) من مرقس 16 قد تم استبعادها من كثير من طبعات الكتاب المقدس, وأضيفت تعليقات وملاحظات تشكك في قبولها. وعلى كل حال إذا كنت ما زلت تظن أن رفع المسيح إلى جوار ربه يضفي عليه صفة الألوهية فلم لا نعد غيره من الأنبياء آلهة لنفس السبب، كما جاء في الكتاب المقدس.

عبد المسيح : أي أنبياء تعني?

عبد الله : منهم إيلِيَّا:

(وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَجَاذَبَانِ أَطْرَافَ الْحَدِيثِ، فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ تَجُرُّهَا خُيُولٌ نَارِيَّةٌ، نَقَلَتْ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ. وَرَأَى أَلِيشَعُ مَا جَرَى فَأَخَذَ يَهْتِفُ: «يَاأَبِي، يَاأَبِي، يَامَرْكَبَاتِ إِسْرَائِيلَ وَفُرْسَانَهَا». وَغَابَ إِيلِيَّا عَنْ عَيْنَيْهِ، فَأَمْسَكَ ثِيَابَهُ وَمَزَّقَهَا قِطْعَتَيْنِ)
[الملوك الثاني 2/ 11-12].

وكذلك أخنوخ  :

(وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، ثُمَّ تَوَارَى مِنَ الْوُجُودِ، لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ إِلَيْهِ) [تكوين 5/ 24].

وهوالذي تكرر ذكره أيضا  في هذه العبارة: (.وَبِالإِيمَانِ، انْتَقَلَ أَخْنُوخُ إِلَى حَضْرَةِ اللهِ دُونَ أَنْ يَمُوتَ. وَقَدِ اخْتَفَى مِنْ عَلَى هَذِهِ الأَرْضِ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ إِلَيْهِ. وَقَبْلَ حُدُوثِ ذلِكَ، شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ) [العبرانيين 11/ 5].