تحقيق التوحيد بالقول والفعل والإعتقاد

 

 

معنى توحيد الربوبية والألوهية:
توحيد الربوبية: هو توحيد الرب هو توحيد الله فى أفعاله
فنؤمن بأن الله وحده هو الخالق الرزاق المدبر

وتوحيد الألوهية: هو توحيد الله  بأفعالنا  فنعبده وحده كالصلاة له وحده   ودعاءه وحده  والذبح له وحده  إلى غير ذلك من العبادات .

فمعنى الرب  أنه هو الخالق المالك، الذي بيده الخلق والأمر كله.
ومعنى الإله المعبود المستحق للعبادة وحده دون غيره ،
.تلازم توحيد الربوبية والألوهية:

توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية.
فمن أقر بأن الله وحده هو الرب الخالق المالك الرازق، لزمه أن يقر بأنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده لا شريك له.
فلا يدعو إلا الله وحده.. ولا يستغيث إلا به.. ولا يتوكل إلا عليه.. ولا يصرف شيئاً من أنواع العبادة إلا لله وحده دون سواه.
وتوحيد الألوهية مستلزم لتوحيد الربوبية.
فكل من عبد الله وحده، ولم يشرك به شيئاً، لابد أن يكون قد اعتقد وعرف أن الله ربه وخالقه ومالكه ورازقه.

وتوحيد الربوبية يقرُّ به الإنسان بموجب فطرته ونظره في الكون.
والإقرار به وحده لا يكفي للإيمان بالله، والنجاة من النار، فقد أقرّ به إبليس والمشركون فلم ينفعهم، لأنهم تركوا القيام بثمرته وهو توحيد العبادة لله وحده.
.حقيقة التوحيد:

حقيقة التوحيد ولبابه أن يرى الإنسان الأمور كلها من الله تعالى رؤية تقطع الإلتفات عن غيره من المخلوقات والأسباب، فلا يرى الخير والشر، والنفع والضر، والغنى والفقر، إلا منه وحده، ويعبده سبحانه وحده لا شريك له. مع كمال الحب له.. وكمال التعظيم له.. وكمال الذل له.
حقيقة التوحيد ترد الأشياء كلها إلى الله وحده.. خلقاً وإيجاداً.. تصريفاً وتدبيراً.. بقاء وفناءً.. حياة وموتاً.. نفعاً وضراً.. حركة وسكوناً..
قال الله تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [54]} [الأعراف: 54].
وحقيقة الشرك ترد الأشياء كلها إلى غير الله.
فالتوحيد ألذ شيء، وأحسنه، وأجمله، والشرك أقبح الأشياء.
فالتوحيد أعدل العدل.. والشرك أظلم الظلم.
ولهذا يغفر الله كل ذنب وجرم إلا الشرك.
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا [48]} [النساء:48].
.فضل التوحيد:

قال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ شَهِدَ أنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،

وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأنَّ عِيسَى عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ،وَكَلِمَتُهُ ألْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ».  حديث متفق عليه.
.كمال التوحيد:

التوحيد لا يتم إلا بعبادة الله وحده لا شريك له، واجتناب عبادة ما سواه.
والتعلق به وحده لا شريك له، وعدم الالتفات إلى ما سواه، والانقياد والتسليم لله في كل شأن.
وإيثار كل ما يحبه الله ورسوله على ما تحبه النفس.
وتقديم طاعة الله ورسوله على طاعة كل أحد.
وإجلال الله وتعظيمه، والإكثار من ذكره وشكره، والذل والانكسار بين يديه، والتضرع والافتقار إليه، ومحبته وخوفه ورجائه، وامتثال أوامره.
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [36]} [النحل: 36].
وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا [125]} [النساء:125].
.عظمة كلمة التوحيد:

قال الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [18]} [آل عمران:18].
وعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قالَ رسُولُ الله: «إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحاً عليه السلام لَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ قَالَ لاِبْنِهِ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الوَصِيَّةَ، آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بـ (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ) فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ فِي كِفَّةٍ رَجَحَتْ بِهِنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً قَصَمَتْهُنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَسُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلاَةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالكِبْرِ» أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد.
.براهين التوحيد:

البراهين والأدلة الدالة على وحدانية الله كثيرة منها:

 

.- النظر في مظاهر قدرة الله وجلاله:

قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا [41]} [فاطر:41].

وقال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [19] قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [20]} [العنكبوت:19- 20].

 

فالخالق قادر على كل شيء لا يعجز  فلا يلحق به ضُر ولا يستطيع مخلوق أن يغيره ولا أن يؤثر فيه , فلا يضربه إنسان ولا يقتله مجموعة من البشر ولا يهين نفسه لكي يُكرم مخلوق مهما كان قدره

 

.- النظر إلى سعة علم الله عز وجل:

وقال الله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [59]} [الأنعام:59].
وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [34]} [لقمان:34].

فالله جل وعلا يعلم كل شيء فيعلم متى الساعة وكيف تأتي وأما غيره فيجهلون وقد ورد فى العهد الجديد أن يسوع المسيح قال  ” لا يعلم علم الساعة لا ملك ولا نبي ولا الإبن لا يعلم علمها إلا الآب ” وهذا دليل على نقصه فى العلم عن الله , فالله وحده هو كامل العلم وما سواه من مخلوقات يفتقرون إليه سبحانه .

.- النظر إلى غنى الخالق، وفقر المخلوقات كلها إليه:

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [15]} [فاطر:15].
وقال الله تعالى: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [68]} [يونس:68].
فكون الخالق يحتاج إلى ولد أو أنه يلد سواء كانت الولادة مثل ولادة البشر او مختلفة عن ولادة البشر فهذا  نقص منه  والدليل على ذلك أنهم قالوا ان المسيح ابن الله وان الله له ابن وحيد اسمه المسيح ثم يقولون ان المسيح إله كامل كما ان الآب إله كامل فنقول لهم : هل صفة الأبوة صفة حسنة من كل الوجوه ؟ وهل صفحة البنوة صفة حسنة من كل الوجوه ؟

فإن قالوا نعم الأبوة حسنة والبنوة حسنة ويليقان بالله فنقول لهم لماذا يفتقد الآب صفحة حسنة وهى أن يكون إبناً ؟ فالآب ليس ابناً لإله ! فهل هذا نقص فيه أم أن النقص فى المسيح لأنه ابن وليس آب ؟

وأما نحن المسلمون فنعتقد أن الله سبحانه لم يلد ولم يولد سبحانه لا يشبه المخلوقات جل جلاله

.تحقيق التوحيد:

التوحيد يقوم على أصلين:
شهادة أن لا إله إلا الله… وشهادة أن محمداً رسول الله.
فتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي من العبد أن يحب الله، ويحب ما يحبه الله.. ويبغض ما أبغض الله.. ولا يحب إلا لله.. ولا يبغض إلا في الله.. ولا يرجو إلا الله.. ولا يخاف إلا الله.. ولا يسأل إلا الله.. ويأمر بما أمر الله به.. وينهى عما نهى الله عنه.. ويفعل الطاعات.. ويجتنب المعاصي.. ولا يعبد إلا الله.. ولا يستعين إلا بالله.. فهذه ملة إبراهيم، وهي الإسلام الذي بعث الله به جميع الأنبياء والمرسلين.
قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا [125]} [النساء:125].
وتحقيق شهادة أن محمداً رسول الله:
بطاعته فيما أمر.. وتصديقه فيما أخبر.. واجتناب ما نهى عنه وزجر.. وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.
فالحلال ما أحله.. والحرام ما حرمه.. والدين ما شرعه..
قال الله تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [158]} [الأعراف: 158].
.قوة كلمة التوحيد:

قال الله تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [22]} [لقمان:22].
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحاً عليه السلام لَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ قَالَ لاِبْنِهِ: إِنِّي قَاصّ ٌعَلَيْكَ الوَصِيَّةَ، آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالأَْرْضِينَ السَّبْعَ، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ فِي كِفَّةٍ رَجَحَتْ بِهِنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالأَْرْضِينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً قَصَمَتْهُنَّ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلاَةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالكِبْرِ» أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد.
وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤُوسِ الخَلاَئِقِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلاًّ، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ البَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئاً؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لاَ يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لاَ يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فَإِنَّهُ لاَ ظُلْمَ عَلَيْكَ اليَوْمَ، فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ. فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ البِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلاَّتِ؟ فَقَالََ: إِنَّكَ لا تُظْلَمُ. قَالَ: فَتُوضَعُ السِّجِلاَّتُ فِي كَفَّةٍ وَالبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ فَطَاشَتِ السِّجِلاَّتُ وَثَقُلَتِ البِطَاقَةُ فَلاَ يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ الله شَيْءٌ». أخرجه الترمذي وابن ماجه.
.محل – مكان وجود –  التوحيد:

القلوب مكان التوحيد والإيمان.. ومكان الشرك والكفر، وهي منبع كل بر وإحسان.. ومنبع كل إثم وعدوان. وإذا صلح القلب بالمعرفة والتوحيد والإيمان، صلح الجسد كله بالطاعة والتسليم والإذعان لرب العالمين.
وإذا فسد القلب بالجهل والشرك والكفر، فسد الجسد كله بالمعاصي والطغيان والفجور.
فكل فساد في البدن سببه فساد القلب، وكل نقص في الخارج سببه النقص في الداخل، وكل فساد في الأمة سببه فساد الإنسان، وكل فساد في الإنسان سببه فساد القلب.
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُولُ- وَأهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أذُنَيْهِ: «إِنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ، ألا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألا وَإِنَّ حِمَىَ الله مَحَارِمُهُ، ألا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وَهِيَ القَلْبُ». متفق عليه.