1-           أسباب البلاء الوباء

2-           وقفات وواجبات.

3-           العلاج والوقاية من هذا البلاء

البلاء والوباء أسبابه وعلاجه

مقدمة الموضوع

أما بعد: فيا عباد الله، أيها المسلمون: تحل النكبات وتتوالى الأزمات على الأفراد والجماعات على الدول والحكومات إذا تعدوا حدود الله، وإذا ظهرت فيهم المنكرات؛ جزاء وفاقاً لما فعلوه من هتك لحرمات المليك وصدق الله {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ}[الزخرف:76]، إي: والله وما ظلمهم الله، ولكن الناس أنفسهم يظلمون، يظلمون أنفسهم بالمعاصي والذنوب؛ لأنهم إذا عصوا الله أحلوا بأنفسهم عذاب الله؛ مصداق ذلك في كتاب الله { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41].

مصداق ذلك في كتاب الله : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [الأعراف:96].

مصداق ذلك في كتاب الله {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا} [العنكبوت:40].

مصدق ذلك في كتاب الله {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى:30].

أسباب البلاء والوباء

إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثًا، ولم يتركهم سدى، بل خلقهم لغاية، وأوجب عليهم تحقيقها، قال الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}، وقال سبحانه: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى}، وقال جل جلالهُ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، فقد خلقنا الله تعالى لعبادته وحده سبحانه، وقد يبتلي الله عباده بصور من البلاء إذا غفلوا عن تلك الغاية أو انشغلوا عنها بأمور الدنيا، أو لم يقوموا بحقها كما يجب، وذلك ليذكرهم فيعودوا لشرعه، ويستقيموا على منهجه، ويلتزوا أمره، ويجتنبوا نهيه، قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}، وقال عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}، قال الطبري رحمه الله: أي امتحناهم بالابتلاء ليتضرعوا إلي، ويخلصوا لي العبادة، ويفردوا رغبتهم إلي دون غيري بالتذلل لي بالطاعة، والاستكانة منهم إلي بالإنابة. انتهى

ولا يخفى ما أصاب العالم اليوم من حالات الهلع، وانتشار الوباء، واضطراب حالة الطقس، إلى آخر هذه الأمور.

تحلُّ النكبات وتتوالى الأزمات على الأفراد والجماعات وعلى الدول والحكومات إذا تعدوا حدود الله إذا ظهرت فيهم المنكرات؛ جزاء وفاقاً لما فعلوه من هتك لحرمات الله، إن الناس إذا عصوا الله أحلوا بأنفسهم عذاب الله؛ وانظروا إلى دياركم وإلى العالم من حولكم لتروا ألوانًا من المعاصي أورثت عقوبات عظيمة، حروب مدمرة، أمراض مستعصية، زلازل وبراكين، رياح وأعاصير، فيضانات، حوادث للسيارات والقطارات، والسفن والطائرات، نقص في الغذاء، وغلاء في الأسعار، بلاد دُمرت، وأجساد مُزِّقت، وعروش زالت، مزَّقهم الجبار، ودُمرهم تدميرا، {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا… }…

قال تعالى: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فلا جعلنا الله وإياكم أمثالهم وأشباههم، أعاذنا الله وإياكم من ذلك.

عباد الله إن البلاء العام لا ينزل إلا باقتراف الذنوب، قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}، وقال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}، وقال عز وجل: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ . أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ . أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ . أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ . أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ}، وقال سبحانه: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، وقال تبارك وتعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}.

وفي الحديث: “لا تزال هذه الأمة تحت يد الله وفى كنفه؛ ما لم يمالِ قراؤها أمراءها، وما لم يزكِّ صلحاؤها فجارها، وما لم يُهِن خيارَها أشرارُها، فإذا هم فعلوا ذلك رفع الله يده عنهم، ثم سلط عليهم جبابرتهم، فساموهم سوء العذاب، ثم ضربهم الله بالفاقة والفقر”.

وفي سنن ابن ماجه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: ” كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فأقبل علينا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بوجهه فقال: «يا معشر المهاجرين، خمس خصال أعوذ بالله أن تدركوهن: ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان، وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء فلولا البهائم لم يمطروا، ولا خفر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم، فأخذوا ما في أيديهم، وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله عز وجل في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم”. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: “إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله -عز وجل- بهلاكها”.

عباد الله: تعظُم العقوبة كلما عظُم الذنب، فالصغائر ليست كالكبائر، والكبائر ليست كالكفر، وإنه لم يمنع من نزول العذاب علينا وجود المساجد وحلقات التحفيظ، وهيئات الأمر بالمعروف، ونحن نرى المنكرات تزداد عامًا بعد عام، حتى صدق علينا قول الله -جل وعلا-:  { فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام:43].

بل ما زادتنا الآيات إلا عتوًّا ونفورًا حتى أصبحنا كالذين قال الله فيهم: {وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا} [الإسراء: 60]، منكرات تُبكي العين، وتُدمي القلب حتى وصل الأمر عند بعضهم إلى التطاول على الله، واتهامه في رحمته، وأن الشيطان يختبأ في جبته. -تعالى الله.. تعالى الله .. تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا، اللهم انتقم منه يا جبار يا منتقم، اللهم اجعله عبرة وآية للعالمين يا قوي يا قادر.

ما الذي بقي بعد هذا كيف لا نخشى من نزول العذاب أمام هذا الإلحاد، إن سنة الله لا تحابي ولا تجامل أحدا فمن حاد عن الطريق عُذب.

وإن من حكمة الله أن تنزل العقوبة بحسب الذنب، وانظروا إلى ما وقع الناس فيه من ترف وبذخ، وإسراف، وكفر بالنعمة، واستهانة بها حتى أنك لو وقفت بعد الصلاة على صندوق من صناديق القمامة، لوجدت أوراقًا فيها اسم الله وكلام الله وكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد خالطت النجاسة، ولوجدت الخبز والرز وغيرها قد اختلطت مع قاذورات الأطفال.

ولا ننسى ما يقع بالأعراس من استعراض بالنعمة، وتلاعب بها، وإهانة لها ورمي؛ في سلسلة من كفر النعمة، والاستهانة بها يزداد وينوع عامًا بعد عام حتى وصل الأمر إلى غسل الأيدي بدهن العود.

هذا الإسراف، وهذا البذخ ظهرت آثاره السيئة غلاء بالأسعار، فإن تاب الناس، ونزعوا وإلا جاءهم من العقوبة ما هو أشد.

ألا فلنعلم أن هذه العقوبات لن تمر مرور الكرام، وسيذوق من كفر نعمة الله ما ذاق غيره.

قال تعالى: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40]،

عباد الله: إنه لا يخفى على أحد ما ابتليت به مجتمعات المسلمين هذه الأزمان من كثرة المعاصي والذنوب، وانتشار المنكرات باختلاف أنواعها، وهذا كافٍ للمؤاخذة بالعقوبة، فإن الله تعالى لا يغير ما بالناس من نعمة إلى ضدها إلا إذا غيروا، ونسأل الله العافية.

قال الله جل جلالهُ: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

وَعَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “لَا يُصِيبُ عَبْدًا نَكْبَةٌ فَمَا فَوْقَهَا أَوْ دُونَهَا إِلَّا بِذَنَبٍ وَمَا يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ” وَقَرَأَ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كثير} رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وحسنه الألباني.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا ظَهَرَ الزِّنَا وَالرِّبَا فِي قَرْيَةٍ، فَقَدْ أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني.

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.

إن هذه الذنوب المهلكة، قد ارتكبت في هذه الأزمان، بل وانتشرت بين الناس، فلا غرابة في حلول الأوبئة والبلاء.

وقــفــات وواجــبــات

عباد الله يجب على المسلم أن ينتبه في هذه المرحلة على بعض الأمور، وأن يحرص على القيام ببعض الواجبات والطاعات، والتي هي بمثابة الأسباب التي يستدفع بها البلاء بإذن الله تعالى، وها نحن نجملها ونختصرها فيما يلي:

الوقفة الأولى:          إن الله تعالى هو الإله الخالق المعبود بحق؛ فلنتأمل في أننا من مخلوقات الله تعالى، وفي أن هذا الوباء هو مخلوق صغير من مخلوقاته عز وجل، وفي تسليط بعض خلقه على بعض إذا قدر ذلك سبحانه: قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}، وقال سبحانه: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًاْ}، فتأملوا عباد الله في عظيم قدرته التي لا أول ولا آخر لها، وتأملوا في عجز المخلوقين جميعًا.

الوقفة الثانية:           الإيمان بتقدير الله تعالى، والرضا بقضائه: قال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، وقال سبحانه: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَتَبَ اللَّهُ مقادير الْخَلَائق قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ» رَوَاهُ مُسلم. فكل ما يقع هو بأمر الله تعالى وقدره، ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فقد ينجو المبتلى ويموت الصحيح، فعلى العبد أن يرضى بقضاء الله وقدره، ولا يجزع ولا يسخط ولا يضجر بل يرضى ويصبر، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه وحسنه الألباني.

الوقفة الثالثة:           لا عدوى بذاتها، ولكن كل شيء بقدر الله عز وجل: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا عَدْوَى وَلَا هَامَةَ وَلَا صفر» فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا بَالُ الإِبِلِ، تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيُخَالِطُهَا البَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيُجْرِبُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟» رَوَاهُ البُخَارِيّ. وليس معنى هذا أنه لا توجد عدوى مطلقًا، وإنما إن وجدت فإنما هي بتقدير الله تعالى.

الوقفة الرابعة:         وجوب التوكل على الله تعالى والأخذ بالأسباب: قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً}، وعن أبي سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» رواه البخاري ومسلم، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا قد بايعناك فَارْجِع» رَوَاهُ مُسلم.

الوقفة الخامسة التثبت من الأخبار، ونشر الأمن والطمأنينة بين الناس، والحذر من الشائعات ونقلها وتداولها ونشرها، والحذر من ترويع الناس: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)، وفي قراءة: (فتثبتوا)، وقال تعالى في المنافقين: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سمع» رَوَاهُ مُسلم.

الوقفة السادسة ضرورة القيام بالحقوق والواجبات، وترابط المجتمع، والاجتماع على تحقيق المصالح ودرء المفاسد، والتعاون على البر والتقوى، والقيام بمساعدة المحتاجين، وتفقدهم ورعايتهم، وعدم الشماتة بأحد: قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمِنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» رَوَاهُ مُسلم، وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تراحُمِهم وتوادِّهم وتعاطفِهم كمثلِ الجسدِ إِذا اشْتَكَى عضوا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الوقفة السابعة          من ابتلى فليصبر: قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)، وَعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم «عجبا لأمر الْمُؤمن كُله خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» رَوَاهُ مُسلم، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ» رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَعَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا من خطاياه» متفق عليه، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» متفق عليه.

الوقفة الثامنة            الحذر من الظلم والاستغلال والتضييق على الخلق: فإن الناس معادن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلمَ: “النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ” رواه البخاري ومسلم. وفي الأزمات تظهر معادنهم، قال الحسن البصري رحمه الله: الناس ما داموا في عافية مستورون، فإذا نزل بهم بلاء صاروا إلى حقائقهم. انتهى، ففي الأزمات ترى من يسقي العطشان، ويطعم الجائع، ويكسي العاري، ويساعد المحتاج، ويتفقد أحوال الناس بالخير، وكذلك ترى من يحتكر السلع، ويرفع الأسعار، ويستغل حاجة الناس، ونحو ذلك، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وأن يهدي جميع المسلمين إلى الحق.

الوقفة الثامنة قد يكون البلاء خيرًا، إن اقترن بطاعة الله تعالى، والرجوع إليه، ونسأل الله أن يكون كذلك، وأن يصرف عنا ما يسخطه:

قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، وقال سبحانه: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، قال الحسن البصري رحمه الله: لا تكرهوا البلايا الواقعة، والنقمات الحادثة، فَلَرُبَّ أمرٍ تكرهه فيه نجاتك، ولَرُبَّ أمرٍ تؤثره فيه عطبك. أي: هلاكك.

وقال شيخ الإسلام رحمه الله: مصيبة تقبل بها على الله، خير لك من نعمة تنسيك ذكر الله.

وقال الفضل بن سهل: إن في العلل لنعَماً لا ينبغي للعاقل أن يجهلها، فهي تمحيص للذنوب، وتعرّض لثواب الصبر، وإيقاظ من الغفلة، وتذكير بالنعمة في حال الصحة، واستدعاء للتوبة، وحضّ على الصدقة.

العلاج والوقاية لهذا البلاء والوباء

عباد الله: إن المعاصي خطيرة، ولو كانت صغيرة، إن شؤمها عظيم وضررها جسيم على الأفراد والمجتمعات؛ لأنها تمرد على الله؛ لأنها انسلاخ من العبودية الحقة لله، إنها ظلمة في القلب، وظلمة في القبر، وظلمة في الحشر، وظلمة على الصراط، إنها ظلمة في الدنيا والآخرة فاحذروها واحذروا شؤمها في الدنيا والآخرة.

وسبيل رفع البلاء هو التوبة والرجوع إلى الله تعالى، بالإقلاع عن المعاصي والذنوب، والمحافظة على الطاعات وأداء الواجبات، ومعرفة بواجب الوقت والمرحلة، والقيام به.

1- وجوب التوبة والرجوع إلى الله تعالى، والعمل بطاعته، واجتناب المعاصي: قال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وقال عز وجل: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، وقال جل جلالهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}، وقال تبارك وتعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً}.

من الأن حافظ صلاة الفجر في جماعة ، وكذلك باقي الصلوات الخمسة، ترك أكل الربا، صلة الرحم ، بر الوالدين، رد المظالم لأهلها.

أخي الحبيب: فِر الى الله بالتوبة، فر من الهوى… فر من المعاصي… فر من الذنوب… فر من الشهوات… فر من الدنيا كلها… وأقبل على الله تائباً راجعاً منيباً… اطرق بابه بالتوبة مهما كثرت ذنوبك، أو تعاظمت، فالله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، فهلمّ أخي الحبيب الى رحمة الله وعفوه قبل أن يفوت الأوان.

2- الدعاء: قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}، وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبر» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وحسنه الألباني، فعلينا أن نكثر من التضرع والدعاء بأن يكشف الله البلاء عنا وعن بلادنا وعن المسلمين.

ومن ذلك أن نسأل الله تعالى العفو والعافية، ورفع البلاء، ودوام النعمة، فعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: “سَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ” فَمَكَثْتُ أَيَّامًا ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ، فَقَالَ لِي: “يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ سَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ” رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ القضاءِ وشَماتة الْأَعْدَاء» متفق عليه، وَعَن عبد بنِ عمرَ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ» رَوَاهُ مُسلم، وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَالْجُنُونِ وَمِنْ سَيِّئِ الأسقام» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وصححه الألباني.

الدعاء عند رؤية مبتلى: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَا مِنْ رَجُلٍ رَأَى مُبْتَلًى فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا إِلَّا لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلَاءُ كَائِنا مَا كانَ “. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وابن ماجه وحسنه الألباني.

3 – التداوي: فعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله أفنتداوى؟ قَالَ: «نعم يَا عباد اللَّهِ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرم» رَوَاهُ أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وصححه الألباني؛ وذلك بأن يأخذ العبد بالأسباب الشرعية، والأسباب المادية المتاحة المباحة؛ فمن الأسباب المادية أن نأخذ باحتياطات الوقاية، والابتعاد عن أسباب المرض وأماكنه، وبالمحافظة على نظافة البدن والمكان والملبس والطعام ونحو ذلك، وبالخضوع للعلاج عند الإصابة بالمرض عافني الله وإياكم والمسلمين. والأسباب الشرعية بالمحافظة على الأوراد والتحصينات الشرعية، كالرقية والأذكار والأدعية الثابتة الواردة في هذا، ومن ذلك: القرآن الكريم، لاسيما سورة الفاتحة والمعوذات: قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}، وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عليه وسلم وَامْرَأَةٌ تَرْقِينِي، فَقَالَ: “عَالِجِيهَا بِكِتَابِ اللهِ” رواه ابن حبان وصححه الألباني.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبِيبٍ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُصْبِحُ وَحِينَ تُمْسِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وحسنه الألباني.

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ، فَلَمَّا اشْتَكَى وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ الَّتِي كَانَ يَنْفِثُ وَأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَتْ: كَانَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ.

ثم الأدعية والرقى والأذكار المشروعة ومنها: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: «أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءٌ لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» متفق عليه، وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ قَالَ: “نَعَمْ”, فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ, مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ, مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ, أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ, بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ, وَاللهُ يَشْفِيكَ. رواه مسلم.

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُصْبُعِهِ: «بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا لِيُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذن رَبنَا» متفق عليه.

وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي يَأْلَمُ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ” قَالَ: فَفَعَلْتُ فَأَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ بِي. رَوَاهُ مُسلم، وَعَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْن مَاجَه وصححه الألباني.

4- الإكثار من الصدقة، وصنائع المعروف: فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ» رواه الطبراني وحسنه الألباني.

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَعْرُوفُ إِلَى النَّاسِ يَقِي صَاحِبَهَا مَصَارِعَ السُّوءِ، وَالْآفَاتِ، وَالْهَلَكَاتِ، وَأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ» رواه الحاكم وصححه الألباني.

5- المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وتكون لك كالماء والهواء، وباقي الأذكار اليومية ، كذكر الخروج من المنزل وغيرها من الأذكار .

تنبيه:

1)           ينبغي على الخطيب أن يتناول هذه الخطبة بهدوء، وألا يهول الأمر على الناس فيقنطوا من رحمة الله ، وألا يهون الأمر فيأخذوه بالسخرية واللعب واللهو، والبقاء على المعصية، بل يأخذ بأيديهم بحكمة .

2)           يهتم الخطيب بهذه الخطبة اهتمام غير عادي، ويقوم بتحضيرها تحضيرا جيدا، يليق بخطورة الموضوع وأهميته ، ويتقي الله في جمهوره

               مع تحيات

اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر