الدعوة الإسلامية والفتنة الطائفية
لأنبا بيشوي: [الصداقة شيء والحفاظ على الإيمان شيء آخر, ونحن لا نتنازل عن عقيدتنا من أجل الصداقة.][[1]]
قال الأنبا بيشوي: [علينا أن نَرُدّ, ونُدافع عن مسيحيتنا, وندافع عن الحق دون أن نخطئ في حق الآخرين.][[2]]
هناك اعترافات صريحة من الأنبا بيشوي بأن هناك من يُهاجم الإسلام بكل طريقة تتاح له, فنجده يقول: [لماذا يتفننون في مهاجمة الإسلام ؟ لو استمر أسلوب الهجوم بهذه الطريقة فلن تكون العواقب في صالحنا. يجب إيقاف هذا الأسلوب الهجومي.][[3]], وقد قام الأنبا بيشوي بتحديد اسم أحد الذين يقومون بمهاجمة الإسلام وهو: [القمص زكريا بطرس الذي يقوم بمهاجمة الإسلام.][[4]], وقال أيضاً: [التجريح والسباب الذي يقوم به القمص زكريا بطرس ضد الإسلام ورموزه.][[5]], فإن زكريا بطرس لا ينشر الأفكار الخاطئة أو يُهاجم الإسلام فحسب, بل إنه يقوم بالتجريح والسباب ضد الإسلام ورموزه, أي كل ما له علاقة بالإسلام !
۩هل يؤدِّي الحِوار الإسلامي المسيحي إلى فتنة طائفية ؟
·قد يؤدِّي الحِوار إلى فتنة وقد لا يؤدِّي.
·الأمر كلُّه مُعتمِدٌ على:
oالهدف من وراء الحِوار.
oالبيئة الـمُقام فيها الحِوار.
oالشخص الـمُخاطب في الحوار.
oأسلوب الحوار وطريقته.
·يُفيد أيضاً الالتزام بالأصول الآتية:
oحُسن الخُلُق.
oتقديم الأحسن في أقوالك وأفعالك.
oالموضوعية في الحِوار وعدم الشخصنة.
oتقديم الحق الذي معك بتواضع.
۩الهدف من وراء الحِوار:
{قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف : 108]
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران : 64]
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]
·ولابد من الإخلاص والاتِّباع.
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف : 110]
يحيى بن محمد حسن الزمزمي: الحوار – آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة, دار التربية والتراث بمكة المكرمة – صـ136. [فينبغي على المحاور أن يقصد وجه الله أولاً, ثم يبين قصده وهدفه من حواره, وخاصة إذا كان الخصم معانداً مستكبراً, ثم عليه أن يساعد خصمه في طلب الإخلاص وتصحيح النية والقصد, والبعد عن الاستغلال السيء للحوار.]
صحيح البُخاري 60 – قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «وَمَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهْوَ رَدٌّ ».
صحيح البخاري 1 – عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ – رضى الله عنه – عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ».
شمس الدين ابن القيم الجوزية (ت 751 هـ): إعلام المُوَقِّعِين عن رب العالمين, دار ابن الجوزي, المجلد السادس – صـ106. [فأما النية فهي رأس الأمر وعموده وأساسه واصله الذي عليه يُبنى, فإنها روح العمل وقائده وسائقه, والعمل تابعٌ لها وعليها يُبنى, يصح بصحتها ويفسد بفسادها, وبها يُستجلب التوفيق, وبعدمها يحصل الخذلان, وبحسبها تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة.]
عبد الله حسين الموجان: الحوار في الإسلام, مركز الكون بمكة المكرمة – صـ76. [ولذلك على المحاور أن يُراجع نيته قبل أن يدخل في حوار فيسأل نفسه, هل نيتي خالصة لله في هذا الحوار أو هذه المناقشة ؟ وهل هناك مصلحة وفائدة تُرجى من كلامي أم أنه قد يسبب آثاراً هي خلاف ما أحب ؟ كأن يثير فتنة نائمة أو يفتح باب خلاف بين المسلمين, وعلينا هنا أن ننتبه إلى تلبيس إبليس علينا, فهو يوهمنا أننا سنتحدث إحقاقاً للحق وتبياناً له, ثم يستدرجنا إلى مواقف؛ يتحقق فيها هوى النفس.]
الأهداف المشروعة للحوار:
1.الدعوة إلى الله وتقرير التوحيد.
2.الوصول إلى الحق ودحض الباطل وإزالة الشبهة.
3.الحوار من أجل تثبيت المسلمين على دينهم وإضعاف حجج الأعداء.
الأهداف غير المشروعة للحوار:
1.موالاة الكفار ومودتهم.
2.التحاور مع الأعداء لأجل التقارب بين الأديان.
مثل:
·التنازل عن شيء من الدين الإسلامي أو إكماله بشيء من دينهم.
·الدعوة إلى مشاركتهم فيما هم فيه من عبادات.
·تقريرهم على دينهم أو مدحه أو اعتقاد أن دينهم صحيح.
أبو الوفاء علي بن عقيل البغدادي (ت 513 هـ): الواضح في أصول الفقه, طبعة مؤسسة الرسالة, الجزء الأول – صـ517. [وَكُلُّ جَدَلٍ لَمْ يَكُنْ الْغَرَضُ فِيهِ نُصْرَةَ الْحَقِّ فَإِنَّهُ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ، وَالْمَضَرَّةُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ؛ لأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تُوحِشُ، وَلَوْلا مَا يَلْزَمُ مِنْ إنْكَارِ الْبَاطِلِ، وَاسْتِنْقَاذِ الْهَالِكِ بِالاجْتِهَادِ فِي رَدِّهِ عَنْ ضَلالَتِهِ، ويَنْطَوِي عَلَيْهِ مِنْ الجَهَالَةِ, لَمَا حَسُنَتْ الْمُجَادَلَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ الإِيحَاشِ فِي غَالِبِ الحَقِ، وَلَكِنْ فِيهَا أَعْظَمُ الْمَنْفَعَةِ وأكْثَرُ الفَائدَةِ إذَا قَصَدَ بِهَا نُصْرَةَ الْحَقِّ، وإنْكَارَ مَا زَجَرَ عَنْهُ الشَرْعُ والعَقْلُ بالحُجَّة الواضِحَةِ والطَرِيقَةِ الحَسَنَةِ.]
وأختم بكلام نفيس للشيخ سعيد محمد إدريس حفظه الله عن الـمُجادلة المحمودة والمذمومة: [الخُلاصة في الفروق بين الجدال المحمود والجدال المذموم: المُجادلة المحمودة:أولاً: لإثبات الحق وتقريره. ثانياً: لدفع الباطل. ثالثاً: لهداية الناس ونُصحهم. رابعاً: لردِّ الـمُتشابه إلى الـمُحكم. خامساً: الـمُجادلة بالعلم. سادساً: لبيان الحقِّ واستيضاحه. سابعاً: الـمُجادلة بإخلاص. ثامناً: لرفع اللَّبْس والغُموض. تاسعاً: إذا غلب على الظن رجوع الـمُجادَل إلى الحق. المُجادلة المذمومة:أولاً: لرد الحقِّ وتعطيله. ثانياً: لنُصرة الباطل. ثالثاً: لإضلال الناس. رابعاً: الجدال بالمتشابه والمراء في القرآن. خامساً: المجادلة بغير علم. سادساً: في الحق بعد ما تبيِّن؛ تعنُّتاً ومُكابرة. سابعاً: المجادلة رياءً ولحظوظ النفس. ثامناً: للتلبيس والتدليس والإيهام. تاسعاً: إذا غلب على الظن عدم رجوع المجادَل إلى الحق.][[6]]
۩البيئة المُقام فيها الحِوار:
{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً} [النساء : 140]
{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُفَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام : 68]
۩الشخص المُخاطب في الحِوار:
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف : 199]
۩كيف ندعوا إلى الله عز وجل ؟ وكيف نُحاوِر المسيحيين ؟
·{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَبِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل : 125]
·{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت : 46]
۩تفسير عام للآيتين:
عبد العزيز بن عبد الله بن باز: الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة, رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء بالرياض, الطبعة الرابعة – صـ25. [أما كيفية الدعوة وأسلوبها: فقد بينها الله عز وجل في كتابه الكريم، وفيما جاء في سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، ومن أوضح ذلك قوله جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. فأوضح سبحانه الكيفية التي ينبغي أن يتصف بها الداعية ويسلكها، يبدأ أولا بالحكمة، والمراد بها: الأدلة المقنعة الواضحة الكاشفة للحق، والداحضة للباطل؛ ولهذا قال بعض المفسرين: المعنى: بالقرآن؛ لأنه الحكمة العظيمة؛ لأن فيه البيان والإيضاح للحق بأكمل وجه، وقال بعضهم: معناه: بالأدلة من الكتاب والسنة.]
شمس الدين ابن القيم الجوزية (ت 751 هـ): مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين, دار الكتاب العربي ببيروت, الطبعة الثالثة, الجزء الأول – صـ444. [وَالْعِظَةُ يُرَادُ بِهَا أَمْرَانِ: الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ الْمَقْرُونَانِ بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، وَنَفْسُ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ. فَالْمُنِيبُ الْمُتَذَكِّرُ شَدِيدُ الْحَاجَةِ إِلَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْمُعْرِضُ الْغَافِلُ شَدِيدُ الْحَاجَةِ إِلَى التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَالْمُعَارِضُ الْمُتَكَبِّرُ شَدِيدُ الْحَاجَةِ إِلَى الْمُجَادَلَةِ فَجَاءَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ فِي قَوْلِهِ: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] أَطْلَقَ الْحِكْمَةَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِوَصْفِ الْحَسَنَةِ، إِذْ كُلُّهَا حَسَنَةٌ، وَوَصْفُ الْحُسْنِ لَهَا ذَاتِيٌّ. وَأَمَّا الْمَوْعِظَةُ فَقَيَّدَهَا بِوَصْفِ الْإِحْسَانِ، إِذْ لَيْسَ كُلُّ مَوْعِظَةٍ حَسَنَةً. وَكَذَلِكَ الْجَدَلُ قَدْ يَكُونُ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى حَالِ الْمُجَادِلِ وَغِلْظَتِهِ، وَلِينِهِ وَحِدَّتِهِ وَرِفْقِهِ، فَيَكُونُ مَأْمُورًا بِمُجَادَلَتِهِمْ بِالْحَالِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَا يُجَادَلُ بِهِ مِنَ الْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ، وَالْكَلِمَاتِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ شَيْءٍ وَأَبْيَنُهُ، وَأَدَلُّهُ عَلَى الْمَقْصُودِ، وَأَوْصَلُهُ إِلَى الْمَطْلُوبِ. وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ الْآيَةَ تَتَنَاوَلُ النَّوْعَيْنِ.]
۩ما هي الحِكمة ؟
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَبِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل : 125]
أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, دار هجر للطباعة والنشر, الطبعة الأولى, الجزء الرابع عشر – صـ400. [{بِالْحِكْمَةِ} يَقُولُ بِوَحْيِ اللَّهِ الَّذِي يُوحِيهِ إِلَيْكَ وَكِتَابِهِ الَّذِي يُنْزِلُهُ عَلَيْكَ.]
عبد الكريم بن هوازن القشيري (ت 465 هـ): لطائف الإشارات, الهيئة المصرية العامة للكتاب, الطبعة الثالثة, الجزء الثاني – صـ329. [والدعاء بالحكمة ألا يُخالف بالفعل ما يأمر به الناس بالنطق. والموعظة الحسنة ما يكون صادراً عن علم وصواب، ولا يكون فيها تعنيف.]
عبد الحميد محمد بن باديس الصنهاجي (ت 1359 هـ): تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير, دار الكتب العلمية ببيروت, الطبعة الأولى – صـ320. [الحكمة هي العلم الصحيح الثابت، المثمر للعمل المتقن المبني على ذلك العلم. فالعقائد الحقة والحقائق العلمية الراسخة في النفس رسوخاً تظهر آثاره على الأقوال والأعمال– حكمة. والأعمال المستقيمة، والكلمات الطيبة التي أثمرتها تلك العقائد– حكمة. والأخلاق الكريمة كالحلم والأناة– وهي علم وعمل نفسي– حكمة. والبيان عن هذا كله بالكلام الواضح الجامع– حكمة؛ تسمية للدال باسم المدلول.]
محمد الطاهر بن محمد عاشور التونسي (ت 1393 هـ): التحرير والتنوير, الدار التونسية للنشر بتونس, الجزء الرابع عشر – صـ327. [فَالْحِكْمَةُ: هِيَ الْمَعْرِفَةُ الْمُحْكَمَةُ، أَيِ الصَّائِبَةُ الْمُجَرَّدَةُ عَنِ الْخَطَأِ، فَلَا تُطْلَقُ الْحِكْمَةُ إِلَّا عَلَى الْمَعْرِفَةِ الْخَالِصَةِ عَنْ شَوَائِبِ الْأَخْطَاءِ وَبَقَايَا الْجَهْلِ فِي تَعْلِيمِ النَّاسِ وَفِي تَهْذِيبِهِمْ. وَلِذَلِكَ عَرَّفُوا الْحِكْمَةَ بِأَنَّهَا: مَعْرِفَةُ حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ الْبَشَرِيَّةِ بِحَيْثُ لَا تَلْتَبِسُ عَلَى صَاحِبِهَا الْحَقَائِقُ الْمُتَشَابِهَةُ بَعْضُهَا بِبَعْض وَلَا تخطئ فِي الْعِلَلِ وَالْأَسْبَابِ. وَهِيَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ كَلَامٍ أَوْ عِلْمٍ يُرَاعَى فِيهِ إِصْلَاحُ حَالِ النَّاسِ وَاعْتِقَادُهُمْ إِصْلَاحًا مُسْتَمِرًّا لَا يَتَغَيَّرُ (…) وَتُطْلَقُ الْحِكْمَةُ عَلَى الْعُلُومِ الْحَاصِلَةِ لِلْأَنْبِيَاءِ، وَيُرَادِفُهَا الْحُكْمُ.]
۩كيف أكتسب الحكمة وأتعلمها ؟
1.قراءة القرآن الكريم ودراسة تفسيره من كتابات السلف الصالح.
2.قراءة السُّنَّة النبوية الشريفة, من كُتُب السُّنَّة المعروفة وكُتُب السِّيَر.
3.الاقتباس من وصايا الحكماء, خصوصاً سلفنا الصالح الكرام.
4.العمل بالعلم والصبر على العبادة والاستقامة على أمر الله.
5.الدُّعاء والتذلل إلى الله عز وجل بالتوفيق والسداد.
6.التزام الأحكام الشرعية الخاصة بضوابط الدَّعوة والحِوار.
7.الخبرة والتجربة العملية.
۩ما هي الموعظة الحسنة ؟
أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, دار هجر للطباعة والنشر, الطبعة الأولى, الجزء الرابع عشر – صـ400. [{وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} يَقُولُ: وَبِالْعِبَرِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ فِي كِتَابِهِ، وَذَكَّرَهُمْ بِهَا فِي تَنْزِيلِهِ، كَالَّتِي عَدَّدَ عَلَيْهِمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ حُجَجِهِ، وَذَكَّرَهُمْ فِيهَا مَا ذَكَّرَهُمْ مِنْ آلَائِهِ.]
محيي السنة أبو محمد الحسين البغوي (ت 510 هـ): معالم التنزيل في تفسير القرآن, دار إحياء التراث العربي ببيروت, الطبعة الأولى, الجزء الثالث – صـ103. [{وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} يَعْنِي مَوَاعِظَ الْقُرْآنِ. وَقِيلَ: الْمَوْعِظَةُ الْحَسَنَةُ هِيَ الدُّعَاءُ إِلَى اللَّهِ بِالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ. وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ اللِّينِ الرَّقِيقِ مِنْ غَيرِ تَغْلِيظٍ وَلَا تَعْنِيفٍ.]
عبد الحميد محمد بن باديس الصنهاجي (ت 1359 هـ): تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير, دار الكتب العلمية ببيروت, الطبعة الأولى – صـ322. [الوعظ والموعظة، الكلام الملين للقلب، بما فيه من ترغيب وترهيب فيحمل السامع– إذا اتعظ وقبل الوعظ، وأثر فيه– على فعل ما أمر به وترك ما نهي عنه. وقد يطلق على نفس الأمر والنهي.]
عبد الحميد محمد بن باديس الصنهاجي (ت 1359 هـ): تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير, دار الكتب العلمية ببيروت, الطبعة الأولى – صـ323. [الموعظة التي تحصل المقصود منها: من ترقيق للقلوب، للحمل على الامتثال لما فيه خير الدنيا والآخرة هي الموعظة الحسنة. وإنما يحصل المقصود منها إذا حسن لفظها؛ بوضوح دلالته على معناها، وحسن معناها بعظيم وقعه في النفوس، فعذبت في الأسماع، واستقرت في القلوب، وبلغت مبلغها من دواخل النفس البشرية، فأثارت الرغبة والرهبة، وبعثت الرجاء والخوف، بلا تقنيط من رحمة الله، ولا تأمين من مكره، وانبعثت عن إيمان ويقين، ونادت بحماس وتأثر، فتلقتها النفس من النفس، وتلقفها القلب من القلب، إلاّ نفساً أحاطت بها الظلمة، وقلباً عَمَى عليه الران. عافى الله قلوب المؤمنين.]
محمد الطاهر بن محمد عاشور التونسي (ت 1393 هـ): التحرير والتنوير, الدار التونسية للنشر بتونس, الجزء الرابع عشر – صـ327. [والْمَوْعِظَةِ: الْقَوْلُ الَّذِي يُلَيِّنُ نَفْسَ الْمَقُولِ لَهُ لِعَمَلِ الْخَيْرِ. وَهِيَ أَخَصُّ مِنَ الْحِكْمَةِ لِأَنَّهَا حِكْمَةٌ فِي أُسْلُوبٍ خَاصٍّ لِإِلْقَائِهَا (…) وَوَصْفُهَا بِالْحُسْنِ تَحْرِيضٌ عَلَى أَنْ تَكُونَ لَيِّنَةً مَقْبُولَةً عِنْدَ النَّاسِ، أَيْ حَسَنَةً فِي جِنْسِهَا، وَإِنَّمَا تَتَفَاضَلُ الْأَجْنَاسُ بِتَفَاضُلِ الصِّفَاتِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهَا.]
۩كيف أُجادل بالتي هي أحسن ؟
أبو الحجاج مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 هـ): تفسير مجاهد, دار الفكر الإسلامي الحديثة بمصر, الطبعة الأولى – صـ535. [عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}, يَقُولُ: إِنْ قَالُوا شَرًّا فَقُولُوا خَيْرًا.]
أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, دار هجر للطباعة والنشر, الطبعة الأولى, الجزء الرابع عشر – صـ400. [{وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} يَقُولُ: وَخَاصِمْهُمْ بِالْخُصُومَةِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ مِنْ غَيْرِهَا، أَنْ تَصْفَحَ عَمَّا نَالُوا بِهِ عِرْضِكَ مِنَ الْأَذَى، وَلَا تَعْصِهِ فِي الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ عَلَيْكَ مِنْ تَبْلِيغِهِمْ رِسَالَةَ رَبِّكَ.]
محيي السنة أبو محمد الحسين البغوي (ت 510 هـ): معالم التنزيل في تفسير القرآن, دار إحياء التراث العربي ببيروت, الطبعة الأولى, الجزء الثالث – صـ103. [{وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وَخَاصِمْهُمْ وَنَاظِرْهُمْ بِالْخُصُومَةِ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أَيْ أَعْرِضْ عَنْ أَذَاهُمْ وَلَا تُقَصِّرْ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَالدُّعَاءِ إِلَى الْحَقِّ.]
عبد الحميد محمد بن باديس الصنهاجي (ت 1359 هـ): تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير, دار الكتب العلمية ببيروت, الطبعة الأولى – صـ324, 325. [لا بد أن يجد داعية الحق معارضة من دعاة الباطل، وأن يلقى منهم مشاغبة بالشبهات، واستطالة بالأذى والسفاهة؛ فيضطر إلى رد باطلهم وإبطال شغبهم، ودحض شبههم، وهذا هو جدالهم ومدافعتهم الذي أمر به نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بقوله: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. ولما كان أهل الباطل لا يجدون في تأييد باطلهم إلاّ الكلمات الباطلة يموهون بها، والكلمات البذيئة القبيحة يتخذون سلاحاً منها، ولا يسلكون في مجادلتهم إلاّ الطرق الملتوية المتناقضة، فيتعسفون فيها ويهربون إليها؛ لما كان هذا شأنهم، أمر الله نبيه– صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-. أن يجتنب كلماتهم الباطلة والقبيحة، وطرائقهم المتناقضة والملتوية. وأن يلتزم في جدالهم كلمة الحق والكلمات الطيبة البريئة. وأن يسلك في مدافعتهم طريق الرفق والرجاحة والوقار، دون فحش ولا طيش ولا فظاظة. وهذه الطريقة في الجدال هي التي هي أحسن من غيرها، في لفظها ومعناها، ومظهرها وتأثيرها، وإفضائها للمقصود من إفحام المبطل وجلبه، ورد شره عن الناس، واطلاعهم على نقصه، وسوء قصده. وهذه هي الطريقة التي أمر الله نبيه– صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ– بالجدال بها في قوله: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.]
محمد سيد طنطاوي (ت 1431 هـ): التفسير الوسيط للقرآن الكريم, دار نهضة مصر بالقاهرة, الطبعة الأولى, الجزء الثامن – صـ262. [أي: وجادل المعاند منهم بالطريقة التي هي أحسن الطرق وأجملها، بأن تكون مجادلتك لهم مبنية على حسن الإقناع، وعلى الرفق واللين وسعة الصدر فإن ذلك أبلغ في إطفاء نار غضبهم، وفي التقليل من عنادهم، وفي إصلاح شأن أنفسهم، وفي إيمانهم بأنك إنما تريد من وراء مجادلتهم، الوصول إلى الحق دون أي شيء سواه.]
۩حُسن الخُلُق:
مجمع اللغة العربية بالقاهرة: المعجم الوسيط, دار الدعوة بالإسكندرية – صـ252. [(الْخلق) حَال للنَّفس راسخة تصدر عَنْهَا الْأَفْعَال من خير أَو شَرّ من غير حَاجَة إِلَى فكر وروية.]
{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم : 4]
صحيح البخاري 6203 – عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا.
صحيح البخاري 6029 – قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «إِنَّ مِنْ أَخْيَرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ خُلُقًا ».
صحيح البخاري 6035 – قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقًا ».
سنن أبي داود 4800 – قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ ».
سنن أبي داود 4684 – عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم– «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ».
سنن الترمذي 1987 – عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ».
۩تقديم الأحسن في أقوالك وأفعالك:
{وَقُل لِّعِبَادِييَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً} [الإسراء : 53]
أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, دار هجر للطباعة والنشر, الطبعة الأولى, الجزء الرابع عشر – صـ623. [وَقَوْلُهُ: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقُلْ يَا مُحَمَّدُ لِعِبَادِي يَقُلْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الْمُحَاوَرَةِ وَالْمُخَاطَبَةِ.]
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت 774 هـ): تفسير القرآن العظيم, دار الكتب العلمية ببيروت, الطبعة الأولى, الجزء الخامس – صـ80. [يأمر تبارك وتعالى عبده ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَ عِبَادَ الله المؤمنين أن يقولوا في مخاطبتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة، فإنهم إن لم يفعلوا ذلك، نزع الشيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، وأوقع الشر والمخاصمة والمقاتلة.]
عبد الحميد محمد بن باديس الصنهاجي (ت 1359 هـ): تفسير ابن باديس في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير, دار الكتب العلمية ببيروت, الطبعة الأولى, الجزء الأول – صـ112, 113. [اللسان أداة البيان، وترجمان القلب والوجدان. والكلام به يتعارف الناس ويتقاربون، وبه يتحاجون ويتفاضلون، ولولاه لما ظهرت ثمرات العقول والمدارك، ولما تلاحقت الأفكار والمشاعر، ولما تزايدت العلوم والمعارف، ولما ترقّى الإنسان في درجات أنواع الكمالات، ولما امتاز على بقية الحيوانات. فهو رابطة أفراد النوع الإنساني وعشائره وأممه. وبريد عقله وواسطة تفاهمه. فإذا حسن قويت روابط الألفة، وتمكنت أسباب المحبة، وامتد رواق السلام بين الأفراد والعشائر والأمم. وتقاربت العقول والقلوب بالتفاهم، وتشابكت الأيدي في التعاون والتآزر. ويعني العالم من وراء ذلك تقرر الأمن واطراد العمران. وإذا قبح كان الحال على ضد ذلك: فالكلام السيء قاطع لأواصر الأخوة، باعث على البغضاء والنفرة، يبعد بين العقول فتحرم الاسترشاد والاستعداد والتعاون، وبين القلوب فتفقد عواطف المحبة وحنان الرحمة، وهما أشرف ما تتحلى به القلوب، وإذا بطلت الرحمة والمحبة بطلت الألفة والتعاون، وحلت القساوة والعداوة، وتبعهما التخاصم والتقاتل. وفي ذلك كل الشر لأبناء البشر. فالمحصل للناس سعادتهم وسلامتهم، والمبعد لهم عن شقاوتهم وهلاكهم– هو القول الحسن. ولهذا أمر الله تعالى نبيه– صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ– أن يرشد العباد إلى قول التي هي أحسن، فقال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.]
{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ(34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ(35)} [فصلت]
أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, دار هجر للطباعة والنشر, الطبعة الأولى, الجزء العشرون – صـ432. [يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْفَعْ يَا مُحَمَّدُ بِحِلْمِكَ جَهْلَ مَنْ جَهِلَ عَلَيْكَ، وَبِعَفْوِكَ عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ إِسَاءَةَ الْمُسِيءِ، وَبِصَبْرِكَ عَلَيْهِمْ مَكْرُوهَ مَا تَجِدُ مِنْهُمْ، وَيَلْقَاكَ مِنْ قِبَلِهِمْ.]
أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, دار هجر للطباعة والنشر, الطبعة الأولى, الجزء العشرون – صـ432. [عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}, قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَالْحِلْمِ وَالْعَفْوِ عِنْدَ الْإِسَاءَةِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ، كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.]
۩الموضوعية في الحِوار وعدم الشخصنة:
أ. د. عباس محجوب: الحكمة والحوار علاقة تبادلية, عالم الكتب الحديث بالأردن – صـ198. [والمطلوب من المحاور أن يركز على الفكرة المطروحة بعرضها ونقدها وتفنيد ما فيها من أخطاء دون التعرض لصاحبها بالتهكم أو السخرية لأن ذلك يؤدي إلى فشل الحوار وفقدانه لهدفه.]
معن محمود عثمان ضمرة: الحوار في القرآن الكريم, جامعة النجاح الوطنية بفلسطين – صـ107. [في أغلب المناقشات يحسن تناول الفكرة بالبحث والتحليل, أو بالنقد والنقض بعيداً عن صاحبها أو قائلها, وذلك حتى لا يتحول الحوار إلى مبارزة كلامية, طابعها الطعن والتجريح والعدول من مناقشة القضايا والأفكار إلى مناقشة التصرفات والأشخاص.]
عبد الله حسين الموجان: الحوار في الإسلام, مركز الكون بمكة المكرمة – صـ108. [وهناك كلمات قد تفسد الحوار: (أنا – نحن – رأيي – تجربتي – خبرتي – تبين لي) لأن استعمال ضمير المتكلم قد يوقع في مدح النفس, والتأكيد على الخيرة والعلم قد يوقع في فساد النية ويترك انطباعاً سلبياً لدى السامع يجعله ينفر منه والإنسان بطبعه يكره من يتعالى عليه.]
عبد الله حسين الموجان: الحوار في الإسلام, مركز الكون بمكة المكرمة – صـ108. [لا تواجه محدثك بخطئه بقولك: سأثبت لك عكس ذلك وأنت مخطئ في هذا الأمر؛ لأن هذا الأسلوب يكسبك عداءه. لا تسخر ممن يتحاور معك سواء بالكلمة أو بتعبيرات وجهك.]
۩تقديم الحق الذي معك بتواضع:
أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 هـ): شعب الإيمان, مكتبة الرشد بالرياض, الجزء العاشر – صـ515. [7913 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْحَجَّاجِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى بْنِ النُّعْمَانِ، بِمِصْرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: “التَّوَاضُعُ مِنْ أَخْلَاقِ الْكِرَامِ، وَالتَّكَبُّرُ مِنْ شِيَمِ أَخْلَاقِ اللِّئَامِ“، 7914 – قَالَ: وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: “أَرْفَعُ النَّاسِ قَدْرًا: مَنْ لَا يَرَى قَدْرَهُ، وَأَكْبَرُ النَّاسِ فَضْلًا: مَنْ لَا يَرَى فَضْلَهُ“.]
صحيح مسلم 7389 – قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَىَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلاَ يَبْغِى أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ».
{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات : 17]
{وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} [النساء : 113]
{قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام : 149]
{إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} [النساء : 36]
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
[6]سعيد محمد موسى إدريس: الأربعون حديثاً النبوية في منهاج الدعوة السلفية, دار الإمام أحمد بالقاهرة – صـ121, 122.