كيف ترد على شبهات الملحدين
يقتات الملحدون في وسائل التواصل الاجتماعي على طرح الشبهات حول الإسلام أو القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يناقشون أو يطرحون وجهة نظرهم المتعلقة بالإلحاد، وذلك لأن موقفهم ضعيف جدا. فليس أمامهم إلا أن يهاجموا ويلبسوا على المسلم ليبقى المسلم في موقف دفاعي دائم!
المطاردة والاستجابة
في بعض الأحيان نجد أن المشكلة لا تكمن في الملاحدة، فهم أهل جحود وكبر على أية حال، وإنما المشكلة في بعض الأفاضل ممن يتوهم أنه كلما جاءه ملحد بسؤال: ما تأويل هذه، وما تأويل تلك، فإنه يتعين عليه أن يجد له الجواب المفصل على نحو ما يريد هذا الملحد، وإلا كان الإشكال.
ويجب إدراك أمر مهم، هو أن الإيمان بالخالق وبنسبة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إليه ليس مشروطا عند العقلاء بمعرفة جواب كل شاردة وواردة ترميها الشياطين في خواطر الناس بشأن أفعال الله جل وعلا! فهذا جهل لا يضر، لأن العلم بتلك التفاصيل ليس واجبا في العقل ولا شرطا لازما للتسليم بالقواطع العقلية التي يجحدونها جملة واحدة.
بل ليس لازما للتسليم بشيء مما أخبرنا به الرب من صفاته سبحانه وتعالى! هذا أمر يعلمونه تمام العلم.
ولو جئناهم بعشرات التأويلات والتفسيرات والتعليلات والأجوبة فلن يكتفوا، لأن الغاية عندهم ليست تحصيل المعرفة بالأساس، وإنما البقاء على الإلحاد والتذرع له بكل ذريعة، ولهذا لزمهم تعليق الإيمان بالحق على شرط معرفي باطل لا يشترطه عاقل!
والملاحدة يتواصون دائما باستخدام أسلوب الهجوم والإغراق بالشبهات والأسئلة، وهذه عينة من إحدى الوصايا بينهم:
فهم لا يناقشون موضوع الإلحاد أصلا، بل إنهم أقل الناس مناقشة لهذا الموضوع، وإنما هم في الحقيقة يتحدثون عن الإسلام أكثر مما يتحدثون عن عقيدتهم (الإلحاد).
وهذا أسلوب بائس يدل في حد ذاته على ضعف الطرح الإلحادي، فعندما يطرح الملحد مثلا شبهة (خلق الشر)، فإن طرح هذه الشبهة أصلا يفترض أن هناك خالق وأن هذا الخالق قد خلق الشر! وعندما يطرح شبهة حول نصوص القرآن فإن الهدف من هذا هو التشكيك بأن القرآن وحي من الله، ولننظر إلى النتيجة على افتراض أن هذا هدفه: هل لإثبات عدم صحة القرآن أية علاقة بوجود الخالق؟
فالملحد عموما ليس لديه أي طرح إلحادي، فكيف يكون الرد عليه؟
لا تشغل نفسك أبدا بالرد على شبهته، لأنك إن رددت عليه فسوف يعطيك شبهة أخرى.. ثم أخرى.. وهكذا، حتى يستهلك جهدك، أو يأتيك بشبهة يصعب عليك ردها. لا ترد على شبهته إلا عند الضرورة، وعندما ترى أن الرد مهم جدا.
بماذا ترد عليه؟
عندما يطرح الملحد شبهته أو تعليقه طالع في نبذة الحساب عنده لتتعرف على توجهه بشكل أفضل، ثم استئذنه بطرح بعض الأسئلة فقط إن كان لا ينزعج من الأسئلة، وسأخبرك لاحقا لماذا يجب أن تستأذنه.. فإذا وافق بادره بالسؤال التالي:
- هل أنت ملحد أم لاأدري؟
هذا السؤال هو الذي يخص الإلحاد وليس طرح الشبهات والرد عليها.
إن رفض الإجابة فإن لديه إشكاليات قوية ونقاط ضعف يخشى من نقاشها، ويمكنك حصاره وملاحقته في النقاش حتى يجيب.
فإن أجاب بأنه (ملحد)، فهو هنا قد وضع نفسه في موقف بائس، وهو أضعف موقف يمكن أن يضع الملحد نفسه به. بادره فورا بسؤال مثل:
- أنت إذن تقول إنه لا يوجد خالق؟ (ملاحظة: الخالق هو الله، لكن دائما ناقشه باستخدام لفظة “الخالق” وليس “الله”، لأنك إذا استخدمت لفظ الجلالة “الله” فإنك تعطيه مخارج يهرب منها في النقاش، كصفات الله.. الخ.)
فإذا أجابك بنعم، أو قال أرجح ذلك، فقد وقع في مشكلة منطقية كبيرة. إذ أنه يتحمل عبء الدليل على هذا الادعاء.. فيمكنك حينئذ أن تسأله بسؤال كهذا:
- هل لديك دليل على عدم وجود الخالق أم أنك تؤمن بذلك بلا دليل؟
الملحد المتمرس في النقاش سيهرب أصلا إلى ادعاء أنه لاأدري، فيجعل نفسه بلا موقف لكي لا يلزم نفسه بأي إثبات أو نفي.. ولكن يكفي من هذا أنه لا يمكنه أن يدعي أي شيء، فما عليه سوى الاستماع وطرح الأسئلة. وهنا يمكنك مراجعة تغريداته وستجد فيها عادة ما يدل على إلحاده التام.. ويمكنك حينئذ كشف تناقضه..
ولكن عموما ما دام وصل إلى اعترافه بأنه ملحد فسوف يجيب على سؤالك بقوله: إنه يرى عدم وجود خالق لأنه لا يوجد دليل على وجود الخالق..
وهذا هو المطب المنطقي، لأن هذه مغالطة منطقية شهيرة اسمها مغالطة الاحتكام إلى الجهل fallacy of ignorance، وملخصها هو أن الاحتجاج بعدم وجود دليل لا يصح. بمعنى آخر: إن عدم وجود الدليل لا يعتبر دليلا على العدم. فإذا قلت مثلا إنه ليس لديك دليل على وجود شخص خلف الجدار فلا يصح أبدا أن تدعي بناء على ذلك أنه لا يوجد شخص خلف ذلك الجدار. ولو كان هذا الأسلوب في الاستدلال صحيحا فإن هذا يعني أن القارة الأمريكية لم تكن موجودة قبل ألف عام، لأنه لا أحد لديه دليل على وجودها في ذلك الوقت..
وبهذا تكون قد أسقطت دعواه بعدم وجود الخالق تماما عن طريق إثبات المغالطة المنطقية التي قامت عليها دعواه.
طيب لنفترض أنه لا يعتبر نفسه ملحدا وإنما أجاب على السؤال الأول بأنه لاأدري.. فكيف تتعامل معه؟
هنا تسأله ببساطة:
- ما نسبة احتمال وجود خالق وما نسبة احتمال عدم وجوده؟
فإذا قال 50% و 50%، فهذا يعني أنه ليس لديه موقف من ناحية وجود الخالق، ولك أن تلزمه بعدم الاعتراض على وجود الخالق لأنه ليس لديه موقف، وأن الاعتراض يجب أن ينطلق من موقف يتضمن معارضة الآخر المخالف.. فعليه أن يحزم أمتعته ويذهب ليقرر له موقفا واضحا من وجود الخالق وحينها يمكنه أن يعترض أو يوافق. وجواب الـ (50-50) يأتي غالبا من الملاحدة واللاأدريين المتمرسين في النقاش والمطلعين على المغالطات المنطقية.. وإن شئت فإنك تستطيع أن تطالبه بدليل ال 50% التي بنى عليها وجود الخالق، وتدخله في متاهات منطقية، لأن دليل الإثبات لا يتجزأ، إما أن يكون دليلا أو لا قيمة له.
ولكن في الغالب ستجد أن من يناقشك من الملحدين أو اللاأدريين العرب هم من الشباب الغر المغرور الذي ليس لديه أي عمق في النقاش، وإنما هو يردد تلك الشبهات كالببغاء، ويعتقد أن الناس جهال لا يفقهون. وستجد أنه يعطيك رقما يفيد ميله إلى ترجيح عدم وجود الخالق، ويتراوح هذا الرقم من 51% إلى 99%.. وبعضهم لشدة جهله تجده يعطيك احتمالا لعدم وجود الخالق هو 99.99%، وهو بترجيح عدم وجود الخالق يحاول أن يبرر لنفسه الهجوم على الإسلام، ولا يعلم أنه وقع في المغالطة، وأن عليه عبء الدليل لإثبات دعواه.
فإذا اتضح أنه يميل بأية درجة إلى ترجيح عدم وجود الخالق، هنا يمكنك أن تتبع معه نفس الأسلوب مع الملحد، كل ما عليك هو أن تطالبه أن يخبرك بسبب هذا الترجيح.. لابد أن هناك دليلا أو مبررا منطقيا لهذا الترجيح.. فإن عجز عن الإتيان به فمعنى هذا أنه يرجح بناء على هواه ورغبته الشخصية وليس على أساس منطقي أو عقلي.. وهذه ضربة قوية تهدم طرحه كاملا، وتكشف أنه ملحد نفسي.
ستلاحظ عند المناطق المحرجة في النقاش أنه سيتذمر ويطرح شبهات خارجة عن الموضوع، وقد يطالب بطرح الأسئلة مثلك، أو يتهمك بأنك تحقق معه.. ولهذا قلت إن الاستئذان منه ضروري في البداية.. حتى لا يكون لديه مجال للهروب من النقاش.
ستجد مثلا أنه سيطالبك بإثبات وجود الخالق، هنا لا تتجاوب معه، وقل إنك لم تدّع وجود الخالق حتى الآن، وإنما هو الذي ادعى عدم وجود الخالق فعليه عبء الإثبات.. وعندما يحين الوقت مثلا، أو تحتاج إلى إثبات وجود الخالق فإن هذا الموضوع ، وأيضا هذا الموضوع قويان ومفيدان جدا.
طريقة أخرى لنقاش الملحد
قد يسلك الملحد أسلوب الهجوم، ويطرح عليك هذا السؤال: هل من دليل على وجود الله؟
فتسأله إي دليل تبحث عنه؟
فيرد عليك: أُريد رؤيته..
فترد: ماذا لو رأيته؟
فيقول: سأسلم وأؤمن بوجوده.
وهنا يكون التساؤل منك: كيف ستعرف أنه إله؟
هو إذن أقر بإجابته بإمكانية وجود الإله وإمكانية التعرف عليه، فالمشكلة ليست في استحالة وجوده وإنما في رؤيته.
وكأنه بهذا النقاش يقول صراحة: ليس لدي مانع من الإيمان بوجود إله ولكني أريد أن أراه.
هنا تكون أسقطت إنكاره لوجود الإله، ويمكنك بعدها أن تستطرد معه في سؤالك: لو رأيته فكيف تعرف أنه إله.. وسترى كيف يسقط في يده ويحتار.. فالله سبحانه ليس كمثله شيء.
وقد يبدأ الملحد النقاش بسؤاله مثلا: أثبت أنت أن إلهك على العرش في السماء؟
من خلال قوله هذا فهو مؤمن بالله وهو لا يدري.. فكيف يكون ذلك؟
قل له: بما أنك تريد إثباته بتصور محدد فهذا يعني أن مشكلتك في تصوره لا في وجوده، وهذا جيد..
والإلحاد هو “لا إله”، أي لا وجود لله، وليس لا صفات لله! فرفض الصفات هو إيمان مسبق بالإله.
يمكنك أيضا أن تسأله: ما قولك لو أخبرك شخص ما أنه هو إلهك الذي خلق الكون؟
سيخبرك أنه لن يصدقه، ولو سألته لماذا؟ سيقول إن الإنسان لا يستطيع فعل ذلك.
فهو الآن قام بحصر نفسه من حيث لا يدري!
فكونه رفض ذلك الشخص لأنه لا يستطيع يدل على أن استبدال ذلك الشخص العاجز بإله قادر على كل شيء سيكون معقولاً مقبولاً.
ماذا إن كان ربوبيا؟
الربوبي هو الذي يؤمن بوجود الخالق لكنه لا يؤمن بالأديان ولا بالأنبياء، وهو من أغبى خلق الله، حيث يمكنك بسهولة أن تهدم عقيدته. فهو شديد الحيرة في الرد على الأسئلة، ولهذا تجد أكثرهم يدعي أنه لا يهتم بمعرفة شيء عن الخالق لكي يريح نفسه من الرد على الأسئلة المحرجة.
وتكمن الصعوبة في النقاش مع الربوبي في أن لكل ربوبي اعتقاداته الخاصة التي يؤلفها من رأسه، والسبب هو عدم وجود إجابات لديهم على الأسئلة الحاسمة.. اسأله مثلا:
- ما هي صفات الخالق؟
فإذا أعطاك أي صفة من الصفات طالبه بالأدلة عليها، وخصوصا الصفات الغيبية.
ويمكنك أن تطرح عليه أسئلة محرجة جدا ولا يوجد لها إجابة إلا عند المسلمين، مثل سؤال وجود الشر، وهل هناك آخرة أم لا؟ وإذا لم تكن هناك آخرة وعقاب وثواب فكيف تتحقق صفة العدل عند الرب والعدل غير متحقق في هذه الدنيا.. الخ. أما إذا كان لا يعرف أي صفات عن الخالق فهو يؤمن بمجهول، وهذا يكفي لإسقاط إيمانه. فمفتاح النقاش مع الربوبي هو إقراره بالغيبيات من دون مصادر، أو جهله بما لا يسعه الجهل به منها.
ويمكنك أيضا أن تنطلق من أسئلة مثل:
- هل الربوبية تقوم على وجود الخالق ومعرفته أم يمكن أن تقوم على وجوده والجهل به؟ (الإيمان بوجود مجهول)
- هل يكفي العقل لمعرفة الخالق وصفاته والغيبيات الأخرى أم يلزم الوحي؟ (إذا كان الوحي ضروريا فهو موجود حتما فمتنع إنكاره ويجب إيجاده وتحديده، ويلزم أن تكون معايير الاستبعاد في تحديد الوحي الصحيح منطقية. أما إذا ادعى عدم وجود وحي فإن وجود العقل الباحث عن الغيبيات دون توفيرها يناقض اتصاف الخالق بالحكمة وينسب إليه العبث وهذا ممتنع).
- لماذا خلقنا؟ (هنا سيشعر الربوبي بالإشكال، فإذا كان الخلق من أجل العبادة أو الإيمان فسوف يسقط أي افتراض لاحق للربوبي أن الخالق قد غرس معرفة صفاته في قلب كل مؤمن، وسيقع الربوبي في إشكالية أخرى هي عبادة إله مجهول، أما إن كان الجواب هو عدم وجود أي هدف من الخلق أو عدم إمكانية الجواب فهذا قول بالعبث في الخلق، وهو يناقض حكمة الخالق أيضا).
- ويجب أن نؤكد على السؤال المهم: هل يتفق مع حكمة الخالق أن يهبنا عقلا ليس لديه عن الخالق سوى الأسئلة ثم لا يعطينا مصدرا يخبرنا عن تلك الصفات؟ (لقد خلقَنا الخالق بكل احتياجاتنا ثم وفرها لنا من هواء وماء وطعام وأمن ولباس.. الخ، فمن المنطقي عندما خلق لنا عقولا تسأل أن يوفر لها الإجابة من خلال الوحي، ومن هنا يأتي التكامل: العقل يدرك وجود الخالق والوحي يعرفنا به وبالحساب وبالغاية من خلقنا.. هنا تظهر أهمية الدين).
- ماذا بعد الموت؟ (يمكن النقاش هنا بنفس طريقة السؤال السابق، مع إثارة مسألة العدل الإلهي ومعضلة الشر كما أشرنا سابقا)
- قد يتذرع الربوبي بأهمية الشك، وهذه إشكالية لديهم، فإذا كان الشك محمودا لديهم فما نقيضه؟ إنه اليقين.. وبالتالي فإن النتيجة هي أن اليقين مذموم.. وهذا انتكاس في العقل والفطرة.
عندما تحيرك شبهة
قد يطرح الملحد أو اللاأدري أو الربوبي شبهة لم يسبق لك أن عرفتها.. وكل شبهاتهم تقوم على المغالطات والتدليس.. فإذا احترت في شبهة فما عليك إلا أن تفتح محرك البحث Google وتبحث عن الردود عليها، فهناك ردود عديدة على جميع الشبهات تقريبا، وهي ردود تكشف المغالطات والتدليس في تلك الشبهات.. اكتب كلمة (شبهة) ثم بعدها وصف الشبهة..
إذا سب أو شتم
غالب بضاعة الملاحدة والربوبيين هي السب والشتائم والسخرية بالله ودينه ونبيه وكتابه.. فإذا لاحظت أن المناقش قد يمارس هذه العادة البذيئة أثناء النقاش نبهه في البداية إلى أن يناقش باحترام، أما إذا لاحظت أنه بدأ بالسخرية والسباب، فلا أنصحك أبدا بمواصلة النقاش، وإنما كل ما عليك هو حظره.. وهو في الغالب يلجأ لذلك عندما يتورط، وهو يعلم أنك ستنهي النقاش وتحظره، وذلك أفضل عنده من انكشاف جهله.