كيف تحدث عملية التشفير في جينوم الكائنات الحية، وما هي أوجه الإعجاز فيها؟
كل خلية من خلايا جسدك وجسد الكائنات الحية فيها شريط وراثي، شريط من الDNA.
هذا الشريط عبارة عن سلسلة بجوار بعضها البعض، تصل حروف هذه السلسلة في الخلية الواحدة للمليارات.
ففي الإنسان مثلاً كل خلية من خلاياه بها ثلاثة إلى أربعة مليارات حرف.
وكل مجموعة حروف تُشكل شفرة.
هذه الشفرة عندما يتم فكّها فإنها تتحول إلى بروتين، والبروتين هو الذي يقوم بالوظائف المتخصصة داخل جسدك، فكل جسدك عبارة عن بروتينات متخصصة.
مثال ذلك: جلدك عبارة عن بروتين توجد شفرته داخل الشريط الوراثي الخاص بكل خلية من خلاياك.
وشبكية عينك هي بروتين آخر توجد شفرته أيضًا داخل الشريط الوراثي الخاص بكل خلية من خلايا جسدك.
نفس الكلام يقال على الكلية والمخ و الكبد وكل عضو من أعضاء جسدك؛ فكل أعضائك مشفرة ويتم في مرحلة تالية فك التشفير ليظهر العضو.
والشفرات رباعية أي تتكون من أربعة حروف وهي: ( أ و ث و ج و س ) أو: C G T A .
الشفرة الرباعية بتتابع مُعين تُنتج صورة بروتين محدد، ولو اختلف ترتيب حرف واحد في هذا التتابع فلن يظهر البروتين الذي نحتاج إليه.
الغريب أن العلماء اكتشفوا أن الشريط الوراثي لا يُنتج البروتينات بمجرد النسخ للشفرة، لكن هناك عوامل أخرى في غاية التعقيد وهناك نُظم إدارية داخل الخلية لضبط كمية الإنتاج، والعلم الذي يدرس هذه العوامل والنُظُم يُسمى علم دراسة ما فوق الجينات أو Epigenetics .
إنه عالم مدهش داخل نواة كل خلية من خلايا جسدك!
الغريب أنه بعد نسخ شفرة البروتين المطلوب، فإن الناسخ للرسالة والذي نطلق عليه mRNA لا تتوقف مهمته عند مجرد نسخ الرسالة، وإنما يتعرض بعد نسخ الرسالة لعمليات تجعل رسالته تُعطي رسائل متنوعة أي: أشكالاً متنوعةً من البروتينات، كل هذا يجري بحكمة وإتقان مبهر!
والأغرب أن بعض البروتينات تَنتج من شفرتين متجاورتين، والأكثر غرابة أن شفرة بروتين محدد يمكن أن تعطي بروتينًا آخر تمامًا لو قُرأت من اليسار لليمين.
الشفرة تقرأها من اليمين لليسار تعطيك بروتينًا، ومن اليسار لليمين تعطيك بروتينا آخر تماماً.
{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} ﴿١١﴾ سورة لقمان.