فسير قوله تعالى:
﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾
(سورة البقرة: الآية 31)
إعراب مفردات الآية [1]:
الواو استئنافيّة (علّم) فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو “أي الله”، (آدم) مفعول به منصوب (الأسماء) مفعول به ثان منصوب (كلّ) توكيد معنوي منصوب والهاء ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه (ثمّ) حرف عطف (عرض) مثل علّم و(هم) ضمير متّصل في محلّ نصب مفعول به (على الملائكة) جارّ ومجرور متعلّق بـ (عرضهم) الفاء عاطفة (قال) مثل علّم (أنبئوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون والواو فاعل والنون للوقاية والياء مفعول به (بأسماء) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنبئوني). (ها) حرف تنبيه (أولاء) اسم إشارة في محلّ جرّ مضاف إليه (إن) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط و(تم) ضمير متّصل في محلّ رفع اسم كان. (صادقين) خبر كان منصوب وعلامة النصب الياء.اهـ.
روائع البيان والتفسير
﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا ﴾ قال ابن كثير في شرحها وتفسيرها:
هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة، بما اختصه به من عِلم أسماء كلّ شيء دونهم، وهذا كان بعد سجودهم له، وإنما قدم هذا الفصل على ذاك، لمناسبة ما بين هذا المقام وعدم علمهم بحكمة خلق الخليفة، حين سألوا عن ذلك، فأخبرهم الله تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون؛ ولهذا ذكر تعالى هذا المقام عقيب هذا ليبين لهم شرف آدم بما فضل به عليهم في العلم، فقال تعالى: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا ﴾.اهـ[2]
﴿ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ﴾ قال الشنقيطي – رحمه الله -:
يعني مسميات الأسماء لا الأسماء كما يتوهم من ظاهر الآية. وقد أشار إلى أنها المسميات بقوله: (أنبئوني بأسماء هؤلاء) الآية، كما هو ظاهر.اهـ[3]
وزاد ابن العثيمين في فوائد الآية ما مختصره:
أن الله علم آدم أسماء مسميات كانت حاضرة، والملائكة تجهل ذلك..
ثم قال:
أن اللغات توقيفية. وليست تجريبية؛ “توقيفية” بمعنى أن الله هو الذي علم الناس إياها؛ ولولا تعليم الله الناسَ إياها ما فهموها؛ وقيل: إنها “تجريبية” بمعنى أن الناس كوَّنوا هذه الحروف والأصوات من التجارب، فصار الإنسان أولاً أبكم لا يدري ماذا يتكلم، لكن يسمع صوت الرعد، يسمع حفيف الأشجار، يسمع صوت الماء وهو يسيح على الأرض، وما أشبه ذلك؛ فاتخذ مما يسمع أصواتاً تدل على مراده؛ ولكن هذا غير صحيح؛ والصواب أن اللغات مبدؤها توقيفي؛ وكثير منها كسبي تجريبي يعرفه الناس من مجريات الأحداث؛ ولذلك تجد أن أشياء تحدث ليس لها أسماء من قبل، ثم يحدث الناس لها أسماء؛ إما من التجارب، أو غير ذلك من الأشياء..اهـ[4]
﴿ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ قال القرطبي – رحمه الله – في تفسيرها:
إن كنتم صادقين أن بني آدم يفسدون في الأرض فانبئوني، قاله المبرد[5]. ومعنى ﴿ صادِقِينَ ﴾ عالمين، ولذلك لم يسغ للملائكة الاجتهاد وقالوا: “سُبْحانَكَ”! حكاه النقاش[6] قال: ولو لم يشترط عليهم إلا الصدق في الإنباء لجاز لهم الاجتهاد كما جاز للذي أماته الله مائة عام حين قال له: ﴿ كَمْ لَبِثْتَ ﴾ فلم يشترط عليه الإصابة، فقال ولم يصب ولم يعنف، وهذا بين لا خفاء فيه. اهـ[7]
[1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان – دمشق ( 1 /97 ).
[2] تفسير القرآن العظيم لأبن كثير- الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع ( 1 / 222 ).
[3] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر: دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت – لبنان ( 1 / 32 ).
[4] تفسير العلامة محمد العثيمين -مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3/ 79 ).
[5] هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر إمام النحو، أبو العباس، الأزدي، البصري، النحوي، ألأخباري، صاحب (الكامل). أخذ عن: أبي عثمان المازني، وأبي حاتم السجستاني.
وعنه: أبو بكر الخرائطي، ونفطويه، وأبو سهل القطان، وإسماعيل الصفار، والصولي، وأحمد بن مروان الدينوري، وعدة. وكان إماما، علامة، جميلا، وسيما، فصيحا، مفوها، موثقا صاحب نوادر وطرف.
قال ابن حماد النحوي: كان ثعلب أعلم باللغة، وبنفس النحو من المبرد، وكان المبرد أكثر تفننا في جميع العلوم من ثعلب. قلت: له تصانيف كثيرة، يقال: إن المازني أعجبه جوابه، فقال له: قم فأنت المبرد، أي: المثبت للحق، ثم غلب عليه: بفتح الراء. وكان آية في النحو، كان إسماعيل القاضي يقول: ما رأى المبرد مثل نفسه.
مات المبرد: في أول سنة ست وثمانين ومائتين.-سير أعلام النبلاء للذهبي بتصرف (13 /577).
[6] هو أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد المقرئ، المعروف بالنقاش، الموصلي الاصل البغدادي المولد والمنشأ؛ كان عالما بالقرآن والتفسير، وصنف في التفسير كتابا، سماه شفاء الصدور وصنف غيره فمن ذلك الإشارة في غريب القرآن، والموضح في القرآن ومعانيه و” صد العقل “، والمناسك، وفهم المناسك، وأخبار القصاص، وذم الحسد، ودلائل النبوة..الخ.
ثم قال: وفي حديثه مناكير بأسانيد مشهورة، وذكر النقاش عند طلحة بن محمد بن جعفر، فقال: كان يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص، وروى عن جماعة من العلماء ورووا عنه، وقال البرقاني: كل حديث النقاش مناكير، وليس في تفسيره حديث صحيح.
وكانت ولادته سنة ست، وقيل خمس، وستين ومائتين. وتوفي يوم الثلاثاء ودفن يوم الأربعاء، لثلاث خلون من شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، رحمه الله- نقلا عن وفيات الاعيان لابن خلكان بتصرف (4 /298).
[7] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي- الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة (1 / 282 ).
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/83105/#ixzz62R6TgfqX
هداية الموقع لك ……….. لك انت ايها المحب
https://www.youtube.com/watch?v=EXwpXZ0n8QY
راحل الشيخ على ياسين