أيها الأحباب، نقف اليوم في ظلال السماحة التي جاءت بها الحنيفية السمحة؛ لنتعرف على السماحة في الحياة الزوجية وعلى أشكالها وألوانها مع تطبيقاتها.
الاختيار على أساس الدين:
أمَّة العقيدة، من سماحة الإسلام اختيار الزوجة ليس بالنظر إلى حالتها المالية أو الجمالية بل إلى الإيمان والتقوى، وهذا من سماحة التشريع الإسلامي، وقد بيَّن الله تعالى ذلك في القرآن الكريم؛ فقال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 221]، فإياكم أن تنخدعوا بالمعايير الهابطة النازلة، وعلى كلٍّ منكم أن يأخذ حكم الله: ﴿ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾ [البقرة: 221]؛ لأن إعجاب الإنسان بالمرأة بصرف النظر عن الإيمان، سيكون إعجابًا قصير العمر.
إن عمر الاستمتاع قليل، وبعدها لا بد أن يذبل الجمال، وتبقى القيم هي المتحكمة، ونحن نجد المرأة مثلًا حين تتزوج ثم يتأخر الحمل، فإنها تعاني القلق وكذلك أهلها.
إنَّ الرجل إنْ كان قد تزوجها للوسامة والقسامة، فهذا كله سيبرد ويهدأ بعد فترة، ثم توجد مقاييس أخرى لاستبقاء الحياة، وعندما يلتفت إليها الإنسان ولا يجدها؛ فهو يغرق في الندم؛ لأنها لم تكن في باله وقت أن اختار؛ وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع ميزان الاختيار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين ترِبت يداك)) [1].
المثال التطبيقي للسماحة في الاختيار:
وهذا المثال التطبيقي من واقع المدينة المبنية على السماحة الإيمانية عن أنس قال: ((خطب النبي صلى الله عليه وسلم على جليبيب امرأةً من الأنصار إلى أبيها، فقال: حتى أستأمر أمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فنعم إذًا، قال: فانطلق الرجل إلى امرأته، فذكر ذلك لها، فقالت: لاها الله، إذًا ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جليبيبًا، وقد منعناها من فلان وفلان؟ قال: والجارية في سترها تستمع، قال: فانطلق الرجل يريد أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقالت الجارية: أتريدون أن تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟ إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه، فكأنها جلت عن أبويها، وقالا: صدقت، فذهب أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن كنت قد رضيته فقد رضيناه، قال: فإني قد رضيته، فزوجها، ثم فزع أهل المدينة، فركب جليبيب، فوجدوه قد قُتل، وحوله ناس من المشركين قد قتلهم، قال أنس: فلقد رأيتها وإنها لمِنْ أنفَقِ بيت في المدينة))[2].
ثانيًا: السماحة في تخفيف المهور:
أيها الأحباب، ومن صور السماحة في الإسلام أن دعا إلى تخفيف المهور وعدم المغالاة فيها؛ تيسيرًا للزواج وإحصانًا للمجتمع من الوقوع في معصية الله تعالى.
اعلم علمني الله وإياك أن الإسلام لم يحدد مهرًا معينًا للمرأة، ولكنه حث على التيسير في أمور الزواج، ورغَّب في ذلك أشد الترغيب؛ فعن أبى هريرة قال: ((كنتُ عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل، فأخبره أنه تزوج امرأةً من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرتَ إليها؟ قال: لا، قال: فاذهب فانظر إليها؛ فإن فى أعين الأنصار شيئًا))، وزاد في رواية: ((… قال: قد نظرتُ إليها، قال: على كم تزوجتها؟ قال: على أربع أواقٍ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: على أربع أواق، كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك فى بَعثٍ تصيب منه، قال: فبعث بعثًا إلى بني عبس بعث ذلك الرجل فيهم))[3]؛ قال النووي في شرح مسلم: “معنى هذا الكلام: كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج”[4].
وقد كان المهر أحيانًا في عهده صلى الله عليه وسلم شيئًا معنويًّا رائعًا، فتأملوا سماحة الإسلام ويسره، تلك السماحة التي غفلنا عنها؛ فعن سهل بن سعد الساعدي قال: ((جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، جئتُ أهبُ نفسي لك، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعَّد النظر فيها وصوَّبه، ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقضِ فيها شيئًا جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: فهل عندك من شيء؟ فقال: لا والله يا رسول الله، فقال: اذهب إلى أهلك، فانظر هل تجد شيئًا؟ فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله، ما وجدتُ شيئًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظر ولو خاتمًا من حديد، فذهب ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله، ولا خاتمًا من حديد، ولكن هذا إزاري – قال سهل: ما له رداء – فلها نصفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تصنع بإزارك؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء؟ فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم موليًّا، فأمر به فدُعي فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا، وسورة كذا – عددها – فقال: تقرؤهن عن ظهر قلبك؟ قال: نعم، قال: اذهب، فقد ملكتها بما معك من القرآن))؛ [متفق عليه، واللفظ لمسلم]، وفي لفظ: ((قال: انطلق فقد زوجتكها، فعلمها من القرآن))، وفي لفظ للبخاري: ((ملكتكها بما معك من القرآن))[5].
ثالثًا: السماحة في بيت الزوجية:
وبعدما يتم بناء الأسرة، فإن الإسلام يأمرنا بالسماحة في الحياة الزوجية؛ قال سبحانه: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، فهذه هي ثلاثية الحياة الزوجية مبناها على السماحة؛ وهي: المودة والسكن والرحمة.
ولقد جاءت الوصايا النبوية بالسماحة والرفق بالزوجة، فها هو من علَّم الدنيا السماحة والوفاء صلى الله عليه وسلم يأمرنا ويوصينا بالنساء؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((… واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن خُلِقْنَ من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبتَ تُقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوجَ؛ فاستوصوا بالنساء خيرًا))[6]؛ قال النووي: “استوصوا بالنساء: فيه الحث على الرفق بالنساء واحتمالهن”[7]، وقال ابن حجر: “معناه: اقبلوا وصيتي فيهن، واعملوا بها، وارفقوا بهن، وأحسنوا عشرتهن”[8].
منهج السماحة في بيت النبوة:
ولم تكن تعليمات النبي صلى الله عليه وسلم أقوالًا فحسب، لا والله، بل كانت تُترجَم في كل حركة من حركاته صلى الله عليه وسلم؛ فعن عائشة قالت: ((ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادمًا له قط، ولا امراةً له قط، ولا ضرب بيده إلا أن يجاهد في سبيل الله))[9]؛ [رواه النسائي].
سماحة تجعله صلى الله عليه وسلم لا يتكبر ولا يستنكف أن يخدم أهله، ويساعدهم في عمل بيت الزوجية، وسُئلت عما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله قالت: ((كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة))[10].
سماحة تجعله صلى الله عليه وسلم يفهم نفسية زوجته، ويعلم من خلالها إن كانت راضية عنه أو غضبى منه صلى الله عليه وسلم؛ ففي الصحيحين عن عروة عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعلم إذا كنت عني راضيةً، وإذا كنت علي غضبى، قالت: فقلت: ومن أين تعرف ذلك؟ قال: أما إذا كنت عني راضيةً، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى، قلت: لا، ورب إبراهيم، قالت: قلت: أجل، والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك …))[11].
ومن سماحة الإسلام مع المرأة ألَّا يعد لها الزلات والأخطاء، بل ينبغي عليه أن يتغافل؛ فإنه إن كره منها خلقًا رضي آخر؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفرك – يبغض – مؤمنٌ مؤمنةً، إن كرِه منها خلقًا رضي منها آخر …))[12].
ومن سماحته صلى الله عليه وسلم أنه كان يناديها بأحبِّ أسمائها عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا: ((يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته))[13].
ومن السماحة مع الزوجة ملاطفتها عند تناول الطعام، وهذا مما يزيد الحب ويديم العشرة بين الرجل وزوجته؛ فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في فم امرأتك …))[14].
السماحة عند الاختلاف والشقاق:
أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه إذ يقول بأبي هو وأمي: ((لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كرِه منها خلقًا، رضي منها خلقًا آخر))[15]؛ أي: لا يبغض مؤمن مؤمنة.
إنه منهاج يجب اتباعه في جميع العلاقات بين الناس، وأخصُّ هذه العلاقات ما جاء هذا النص فيه بخصوصه، وهو العلاقة بين الزوج وزوجته، فمن ذا الذي سلم من عيوب ونقص؟
من ذا الذي ما ساء قط ♦♦♦ ومن له الحسنى فقط
فقابل أيها المبارك النقصَ الذي تراه إما في الخَلْقِ أو الخُلُقِ بكثير من الكمالات، تصفُ لك الحياة، وتزُلِ السوءات.
عباد الله، إن الخير العظيم قد يكون في طيات الكره والمضض؛ كما قال جل وعلا: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]؛ قال ابن عباس في هذه الآية: “هو أن يعطف عليها، فيرزق منها ولدًا، ويكون في ذلك الولد خير كثير”[16]، وقال السعدي رحمه الله: “أي: ينبغي لكم أيها الأزواج أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهن؛ فإن في ذلك خيرًا كثيرًا؛ من ذلك: امتثال أمر الله، وقبول وصيته التي فيها سعادة الدنيا والآخرة”[17].
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا؛ أما بعد:
فخامسًا: السماحة عند الطلاق:
إخوة الإسلام، ومن سماحة الإسلام السماحةُ عند الطلاق، وأن يتفرقا بمعروف وإحسان دون أن يسيء أحدهما إلى الآخر، ودون أن يشهِّر أحدهما بالآخر كما نرى وكما نشاهد من نشرٍ للأسرار الزوجية بعد الطلاق، ومن ذمٍّ ورميٍ بالبهتان؛ ما يولد الحقد والعداوة والبغضاء بين الناس.
واسمع أخي لأحد السلف رحمه الله يوم أراد أن يطلق زوجته لأمر ما، فقيل له: ما يسوؤك منها؟ قال: أنا لا أهتك ستر زوجتي، ثم طلقها بعد ذلك، فقيل له: لمَ طلقتها؟ قال: ما لي وللكلام عن امرأة صارت أجنبية عني.
فمن صور السماحة أيها الأحباب السماحة عندما تستحيل الحياة الزوجية؛ فشرع الله تعالى الطلاق، وحثنا على أن نلتزم تعليمه في الطلاق، فأمرنا إذا طلقنا أن نطلِّقَ بإحسان؛ قال الله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 231]، ويقول سبحانه: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 236]؛ يقول الشيخ محمد رشيد رضا: “إن في هذا الطلاق غضاضة وإيهامًا للناس أن الزوج ما طلقها إلا وقد رابه منها شيء، فإذا هو متعها متاعًا حسنًا تزول هذه الغضاضة، ويكون هذا المتاع الحسن بمنزلة الشهادة بنزاهتها، والاعتراف بأن الطلاق كان من قِبَلِهِ؛ أي: لعذر يختص به، لا من قِبَلِها؛ أي: لا لعلة فيها؛ لأن الله تعالى أمرنا أن نحافظ على الأعراض بقدر الطاقة، فجعل هذا التمتيع كالمرهم لجرح القلب لكي يتسامع به الناس، فيقال: إن فلانًا أعطى فلانة كذا وكذا، فهو لم يطلقها إلا لعذر، وهو آسف عليها معترف بفضلها؛ لأنه رأى عيبًا فيها أو رابه شيء من أمرها”[18]؛ وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 237]، ولنا أن نتذكر دائمًا في مثل هذه المواقف قول الحق: ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾، فحتى في مقام الخلاف الذي يؤدي إلى أن يفترق رجل عن امرأة لم يدخل بها – يقول الله: ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾؛ أي: لا تجعلوها خصومة وثأرًا وأحقادًا، واعلموا أن الحق سبحانه يجعل من بعض الأشياء أسبابًا مقدورة لمقدور لم نعلمه.
تلك هي بعض مظاهر السماحة داخل الأسرة المسلمة، فبالسماحة تدوم المودة ويرفرف الحب على الأسرة، وبالسماحة ينال المسلم والمسلمة السعادة الأب
[1] أخرجه البخاري (5090)، ومسلم (1466).
[2] أخرجه أحمد 3/ 136، (12420)، وعبد بن حُمَيْد (1245).
[3] أخرجه مسلم (1424) (75).
[4] شرح النووي على مسلم (9/ 211).
[5] البخاري (8/ 696، رقم: 5030)، ومسلم (2/ 1040، رقم: 1425) [76].
[6] البخاري: كتاب النكاح، باب: الوصاة بالنساء (5186)، ومسلم: كتاب الرضاع، باب: الوصية بالنساء (2: 1091)، حديث: 60 (1468).
[7] شرح صحيح مسلم، (10: 58).
[8] فتح الباري، (6: 424) عند شرح حديث (3331).
[9] أخرجه: مسلم 7/ 80 (2328) (79).
[10] أخرجه البخاري 2/ 162 (676)، المسند 6/ 121، ومسلم 4/ 1794 (2294).
[11] أخرجه أحمد (6/ 61، رقم: 24363)، والبخارى (5/ 2004، رقم: 4930)، ومسلم (4/ 1890، رقم: 2439).
[12] أخرجه مسلم من رواية أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أخرجه في الصحيح 2/ 1091، كتاب الرضاع (17)، باب: الوصية بالنساء (18)، الحديث (61/ 1469).
[13] أخرجه البخاري في بدء الخلق (3217)، وفي الاستئذان (6249)، وفي فضائل الصحابة (3768)، وفضل عائشة (6201)، ومسلم (2447)، والنسائي في الكبرى (8358).
[14] البخاري في الأدب المفرد، ج: 1، ص: 264، حديث رقم: 752.
[15] مسلم (2/ 1091، رقم: 1469) [63].
[16] تفسير ابن كثير، دار طيبة (2/ 243).
[17] تفسير السعدي (ص: 172).
[18] تفسير المنار (2/ 341).