من بين كلِّ 5 وقائع انتحار في السعودية؛ هناك 4 رجال مقابل امرأة واحدة فقط. والسبب الرجاليُّ الأول هو الفشل العاطفي. هذا ما كشفت عنه لـ«الشرق» المستشارة النفسية معالجة الإدمان نوال الهوساوي التي أوضحت، أيضاً، أن الوفَيات الأكثر الناتجة عن الانتحار في البلاد هي لذكور، لكن الإناث يتفوقن أكثر في «محاولات» الانتحار. وهناك فرق بين الانتحار ومحاولة الانتحار، وذلك وفق ما نقل موقع صحيفة الشرق السعودية في عددها الصادر اليوم الجمعة (28 نوفمبر / تشرين الثاني 2014).

على المستوى العالمي تُشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الانتحار هو ثاني أهم سبب للوفاة بين من تتراوح أعمارهم بين 15و 29 عاماً، على مستوى العالم. وتقول المنظمة إن 800 ألف شخص يلقون حتفهم سنوياً بسبب الانتحار، وتتصدر الصين والهند القائمة.

ومقابل كل حالة انتحار هناك كثير من الناس يحاولون الانتحار كل عام، وتمثل محاولة الانتحار السابقة أهم عامل خطر لعموم السكان. وتربط منظمة الصحة الأوضاع الاقتصادية بتزايد حالات الانتحار؛ إذ إن 75% منها يحدث في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.

وفي تقريرها الذي نشرته هذا العام، كشفت المنظمة عن قلقها من المشكلة بوصفها إحدى قضايا الصحة العمومية التي تحظى بالأولوية. وطالبت الدول الأعضاء بتكثيف التوعية من منظور الصحة العمومية، وإلى جعل الوقاية من الانتحار أولوية قصوى على جدول أعمال الصحة العمومية العالمي. وتؤكد المنظمة أن معدلات الانتحار أعلى في الرجال عنها في النساء؛ فهناك 4 ذكور يقتلون أنفسهم سنوياً مقابل 3 إناث، عدا المحاولات التي قد تصل إلى 20 مليون محاولة انتحار غير مميتة.

ومن الزاوية السعودية، تشير الهوساوي إلى أن أغلب المقدمين على الانتحار لم يسبق لهم العلاج النفسي، وأن 80% منهم يتعافون تماماً بعد الخضوع للعلاج، في حين أن هناك 15% منهم يقدمون على الانتحار مجدداً. وأضافت أن لدى المنتحر من 8 إلى 25 محاولة فاشلة للانتحار قبل أن ينتحر ويموت فعلياً.

فشل العلاقات

وأكدت الهوساوي أن فشل العلاقات العاطفية يشكل أبرز الأسباب لانتحار الرجال السعوديين، كما أن الاكتئاب من أخطر العوامل المؤدية للانتحار، كذلك إدمان المخدرات، والميل للعدوانية والتهور، والضغوط المادية، أو الفشل المهني، كل ذلك يمكن أن يؤدي بالشخص إلى الانتحار، مبينة أن عوامل منع الانتحار تقوم على توفير علاج فاعل للمرضى النفسيين ومرضى الإدمان والأمراض المستعصية، وتقوية الروابط الأسرية.

حذار من السخرية

وحذرت الهوساوي من التجاهل أو السخرية من الشخص الذي يهدد بالإقدام على الانتحار تصريحاً أو تلميحاً، بل يجب على المحيطين به التحدث معه بصراحة وجرأة والتعامل مع الحدث بجدية. وأضافت «لابد من وضع خطة طوارئ تحسباً لأي طارئ قد يحدث»، وحددت للخطة نقاطاً عديدة، منها تدوين الذكريات والخواطر والمواقف والتصرفات التي تدفع الشخص نحو التفكير في الانتحار أو إيذاء الذات.

تهدئة ذاتية

وأشارت إلى أن اللجوء إلى التهدئة الذاتية واستخدام أساليب التكيُّف مع الضغوط من أول الحلول، ومن ثم يتم اللجوء إلى شخص ذي ثقة مقرب لمحاولة إعادة التوازن والتصرف بالحكمة، مؤكدة أن الشخص الحكيم باستطاعته احتواء الموقف وتقديم العون المناسب، ويجب التواصل مع أحد مقدمي الرعاية الصحية كطبيب الأسرة أو المعالج النفسي، ولابد أن تكون خطة الطوارئ مكتوبة بشكل واضح يسهل الوصول له عند الحاجة.

أسلحة وعقاقير

وشدَّدت على أهمية التخلص من الأدوات الخطرة كالأسلحة النارية والعقاقير، فقد يلجأ إليها الشخص في لحظة ضعف، وقالت الهوساوي إن منع الانتحار ليس أمراً مستحيلاً، ويمكن تحقيق ذلك عبر توعية المجتمع والتثقيف المستمر، مبينة أن نسب الانتحار في المجتمعات المنعزلة التي لا تشجع على طلب العلاج النفسي تزيد مقارنة بغيرها من المجتمعات.