يزعمون حتمية الحل العلماني

هذه فضيحة من أكبر الفضائح التي يروج لها العلمانيون العرب، فبتسوانا وناميبيا وجامبيا وموريشيوس والسنغال كلها دول أفريقية تُدار بأنظمة ليبرالية علمانية رأسمالية ديموقراطية تمامًا منذ عشرات السنين، ومع ذلك هذه الدول من أفقر دول العالم على الإطلاق وأكثرها انتهاكًا لحقوق الإنسان!

 

ودولة ليبريا الأفريقية، تعمل بالدستور الأمريكي مباشرًة، وعملتها الدولار، وبها مجلس شيوخ ومجلس نواب منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، وهي علمانية ليبرالية عتيقة، وأهلها ليبراليون جدًا – يرقصون الشارلستون ويأكلون لبان تشكلس ويرتدون أحذية نايكي- ومع ذلك دولة ليبريا مُصنفة كأفقر دول العالم على الإطلاق.

 

وفي العام الماضي لم يلتحق بالجامعة في ليبريا طالب واحد، فجميع الطلاب بلا استثناء فشلوا!

http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=394860

 

ثم إن جميع الحروب الكبرى في القرن العشرين جرت بين دولة علمانية علمانية، والحربان العالميتان الأولى والثانية واللتان أبادتا 5% من سكان العالم وأعادتا المهزوم والمنتصر ثلث قرن إلى الوراء كانتا حروب حصرية بالدول العلمانية.

وجميع الأيديولوجيات الإجرامية التي ظهرت في القرن العشرين مثل النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا والستالينية في الاتحاد السوفيتي والماوية في الصين، كلها أيديولوجيات علمانية نشأت وترعرعت في دول علمانية.

 

والحزب النازي في ألمانيا وصل إلى الحكم بطريقة ديموقراطية علمانية رشيدة، وكل قرارات الإبادة التي قام بها الحزب تمت بطريقة ديموقراطية عقلانية.

 

والمشروع الإمبريالي الغربي قامت به حكومات تم انتخابها بطرق علمانية سليمة، وعمليات السخرة والإبادة كانت تحظى بالتأييد العلماني.

 

أما حقوق الإنسان التي يتمحك بها العلمانيون فليس لها في الإرث العلماني نصيب، فحقوق الإنسان قضية ميتافيزيقية بحتة، فقولك أن البشر متساوون هذا ممكن فقط إذا كان الإنسان مخلوقًا لله، فالمساواة بين البشر هي خصوصية أخلاقية وليست حقيقة طبيعية أو مادية أو عقلية، فالناس بالمنظور المادي أو الطبيعي أو العقلي هم وبلا شك غير متساوين، وتأسيسًا على الدين فقط يستطيع الضعفاء والبسطاء المطالبة بالمساواة .

 

ففي المنظور المادي العلماني العلاقات بين البشر تسودها الرؤية الداروينية والبقاء للأصلح Survival for the Fittest، والانتخاب الطبيعي Natural Selection .

 

وفي الإطار المادي يتم تقسيم البشر وتصنيفهم طبقًا لمقاس حجم الجمجمة Skull Measurement وهو المفهوم الذي أسست لهم العلمانية الغربية، فحجم جمجمتك  يحدد درجة ومستوى جنسك وبالتالي حقك في البقاء.

 

وداخل العالم المادي العلماني الغربي اضطرت أجناس كاملة من البشر ومنهم المصريون إلى الدخول في أقفاص الحيوانات Human Zoo باعتبارهم حلقات أدنى.

http://query.nytimes.com/gst/abstract.html?res=9C04E7D81F3EE733A25753C1A96F9C946797D6CF

 

فالذي يتحدث عن حقوق الإنسان بمنظور علماني هو شخص لا يعرف شيء عن التاريخ ولا الفكر ولامعنى العلمانية ذاتها!

المشكلة أن العلمانيين العرب دائمًا يستحضرون بعض النماذج الغربية التي يرون أن صورتها مشرقة دائماً –مثل هولندا وأسبانيا والبرتغال وفرنسا-، وطبعًا لابد أن تكون مشرقة دائمًا لأن ثرواتها جاءت نتيجة 500 عام من الاستعمار، و50 عام من صندوق النقد الدولي.