وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم ونصرته، وحكم من سبه

الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني
الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، كما وعد في كتابه، وهو الصادق الذي لا يخلف الميعاد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل المرسلين وأكرم العباد، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كُلِّه ولو كره أهلُ الشرك والعِنَاد، ورفع له ذكره ولا يُذكر إلا ذُكِرَ معه كما في الأذان، والتشهدِ، والخُطبِ، والمجامعِ والأعيادِ، وكَبَتَ مُحادّه، وأهلكَ مُشاقّهُ وكفاه المستهزئين به ذوي الأحقاد، وبَتَر شانئهُ ولعن مُؤذيه في الدنيا والآخرة، وجعل هوانه بالمرصاد.

أما بعد: فيا عباد الله:
اتقوا الله تعالى حق التقوى، واعلموا أن الله تعالى هدانا بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور، وآتانا ببركة رسالته خير الدنيا والآخرة، وأجوب الله علينا حبَّهُ، وتعزيره، ونصره بكل طريق، وإيثارهُ بالنفسِ والمال في كل موطن، وحفظه وحمايته من كل مؤذٍ، وإن كان الله قد أغنى رسوله عن نصر الخلق، ولكن ليبلوَ بعضكم ببعض وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب.

عباد الله:
إن محبة الله لا تحصل للعبد إلا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[2]. وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: “ثلاث م كنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يُقذف في النار”[3]. وقال صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه: من أهله، وماله، والناس أجمعين”. وفي لفظ: “من ولده، ووالده، والناس أجمعين”[4]. وعن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا”[5].

ومحبة الله ورسوله فرض بل أفرض الفروض، وتقديمها على محبة كل شيء، قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾[6]. وهذا يدل على وجوب محبة الله ورسوله وتقديمها على محبة كل شيء، ويدل على الوعيد الشديد والمقت الأكيد على من كان شيء من هذه المذكورات أحب إليه من الله ورسوله، وجهاد في سبيله، وعلامة ذلك أنه إذا عُرِضَ عليه أمران: أحدهما يحبه الله ورسوله وليس لنفسه فيه هوى، والآخر تحبه نفسُهُ وتشتهيه ولكنه يفوِّت عليه محبوبًا لله ورسوله أو ينقصه؛ فإنه إن قدَّم ما تهواه نفسه على ما يحبه اللهُ ورسولُهُ دلَّ ذلك على أنه ظالم تاركٌ لما يجب عليه[7].

وما أحسن ما قاله القائل:
تعصي الإله وأنت تُظهرُ حُبَّهُ
هذا لعمري في القياس بديعُ
لو كان حُبَّك صادقًا لأطعتَه
إن المحبَّ لمن يُحِبُّ مُطيعُ[8]

وقال الإمام ابن القيم في نويته:
شرطُ المحبةِ أن توافِقَ مَنْ تحبَّ
على محبَّته بلا عصيان
فإذا ادَّعيتَ له المحبةَ مع خلافِكَ
ما يُحبُّ فأنت ذو بُهتانِ
أتحبُّ أعداء الحبيب وتدَّعي
حُبًّا له ما ذاك في إمكان
وكذا تُعادي جَاهدًا أَحبَابَهُ
أين المحبَّةُ يا أخا الشيطانِ[9]

ولما قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، لأنت أحبَّ إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك” فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحبَّ إليَّ من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “الآن يا عمر”[10] أي الآن عرفتَ فنطقت بما يجب[11].

وهذا الحب لا يكون بالدعوى بل بالصدق، والمحبة تثمر طاعة الله ورسوله، والبعد عما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ولا شك أن العبد إذا أحب الله ورسوله، فإنه يحبُّ ما يحبه اللهُ ورسولُه؛ لأن من أحبَّ أحدًا أحب من يحبه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من أحبَّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومَنَعَ لله، فقد استكمل الإيمان”[12].

وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن من ثواب محبته الاجتماع معه في الجنة، فقد سأله رجلٌ عن الساعة؟ فقال: “ما أعددتَّ لها؟” قال: يا رسول الله: ما أعددتُ لها كبير صيام، ولا صلاة، ولا صدقة، ولكني أحبُّ الله ورسوله، قال: “فأنت مع من أحببت”[13]. قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحًا أشدُّ من قول النبي صلى الله عليه وسلم: “أنت مع من أحببت” فأنا أحبُّ الله ورسوله، وأبا بكر، وعمر، فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم[14]. وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: كيف تقول في رجل أحبَّ قومًا ولم يلحق بهم؟ فقال: “المرء مع من أحب”[15]. ومعنى “ولم يلحق بهم” أي في الأعمال، والآية في سورة آل عمران: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [16]. يقال لها آية المحنة، امتحن الله بها العباد، فعلامة المحبة لله تعالى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والابتعاد عما نهى عنه، وفي الآية والأحاديث السابقة الدلالة على أن المرء مع من أحبَّ: فمن أحب النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فهو معهم، ومن أحب الكفار فهو معهم.

ومن صِدْقِ المحبة له صلى الله عليه وسلم: نُصرته، وتعزيره، وتوقيره، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ﴾[17]. وقال تعالى: ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[18].

ومعنى ﴿ وَتُعَزِّرُوهُ ﴾ ذكر ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما “تعظموه” وقال البغوي ﴿ وَتُعَزِّرُوهُ ﴾ تعينوه وتنصروه. ﴿ وَتُوَقِّرُوهُ ﴾ من التوقير وهو الاحترام[19]. وقد لعن الله تعالى من آذاه وآذى رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾[20]. وقال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا ﴾[21].

ولا شك أن من استهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم يستحق لعنة الله تعالى، وقد لعنه، ﴿ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 52].

فإذا كان مسلمًا قبل سبّه ارتدَّ ولا تقبل توبته عندنا ولو تاب؛ لقول الله تعالى: ﴿ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾[22]. ويجب قتله بدون استتابة على القول الصحيح.

أما إذا كان السابُّ ذميًّا أو معاهدًا فإنه ينتقضُ عهدهُ ويقتل ولا يجوز المنُّ عليه ولا مفاداته بل يقتل على كل حال. وإذا تاب السابُّ فالصواب أنه يقتل ولو كان أصله مسلمًا فلا تقبل توبته عندنا، أما عند الله فهذا إليه سبحانه.
وقد ضَمَّن ذلك شيخ الإسلام في كتابه “الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم” قال رحمه الله: “وقد رتبته على أربع مسائل:
المسألة الأولى: أن السابَّ يقتل: سواء كان مسلمًا أو كافرًا.

المسألة الثانية: في أنه يتعين قتله وإن كان ذميًّا فلا يجوز المنُّ عليه ولا مفاداته.

المسألة الثالثة: في حكمه إذا تاب، وكذا لو أسلم الكافر بعد السبِّ.

المسألة الرابعة: في بيان السبّ وما ليس بسبٍّ والفرق بينه وبين الكفر. وقد أجاد وأفاد رحمه الله تعالى.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾[23].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الحق المبين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الأمين.

أما بعد: عباد الله:
لقد أرسل الله هذا النبي الكريم رحمة للعالمين كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾[24]. وجعله خاتم الأنبياء والمرسلين، ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾[25]. فلا نبي بعده عليه الصلاة والسلام، وهو الداعي لكل خير، المحذر من كل شر لجميع الجن والإنس، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾[26].

﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [27].

وهو عليه الصلاة والسلام منةٌ من الله تعالى على المؤمنين خاصة، ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾[28]. وقد عصمه الله تعالى وتكفل بحمايته فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾[29]. وكفاه الله تعالى المستهزئين فقال: ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [30].

فيا عبدالله المؤمن كن من الطائعين المتبعين لهذا النبي الكريم ولا تُعِن الكافرين بل أبغضهم لله رب العالمين ولا تتشبه بهم؛ فإن “من تشبه بقوم فهو منهم”، وانصر نبيك محمدًا صلى الله عليه وسلم باتباعه، ومحبته، ومقاطعة المشركين، والله تعالى ناصر نبيه ومُعلي كلمته ولو كره المشركون، ولو كره الكافرون، ولو كره المنافقون، ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾[31]. وقال عليه الصلاة والسلام: “والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة: يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلتُ به إلا كان من أصحاب النار”[32].

فدعوته صلى الله عليه وسلم عامة للإنس والجن إلى قيام الساعة، ومن آذاه وسبه فقد تولى الله عقابه في الدنيا والآخرة. ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾[33]. وقال: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا ﴾[34].

فمن شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أونال منه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

وقد أحسن حسانُ بن ثابت رضي الله عنه حين قال لمن سب النبي صلى الله عليه وسلم:
هجوتَ محمدًا فأجبتُ عنه
وعند الله في ذلك الجزاءُ
فإن أبي ووالدتي وعرضي
لعرضِ محمدٍ منكم وِقاءُ

فيا عبدالله أطع نبيك واتبعه ولا تطع الكافرين والمنافقين. اللهم صلِّ وسلم على نبيك وحبيبك وخليلك وخيرتِكَ من خلقك نبينا وقدوتنا محمد بن عبدالله، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين والمستهزئين، وأنزل عليهم بأسك الذي لا يردُّ عن القوم المجرمين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، واغفر لأمواتنا وأموات المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.

عباد الله:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾[35]. فاذكروا الله تعالى يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [36].

[1] ألقيت في 27/11/1426هـ عندما نال بعض الدانمركيين من الحبيب صلى الله عليه وسلم.
[2] سورة آل عمران، الآية: 31.
[3] البخاري برقم 21، ومسلم برقم 43 من حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
[4] البخاري برقم 15، ومسلم برقم 44 عن أنس رضي الله عنه.
[5] مسلم، برقم 34.
[6] سورة التوبة، الآية: 24.
[7] تفسير السعدي ص 332.
[8] الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2/571 – 582.
[9] شرح النونية للهراس 2/134.
[10] البخاري برقم 6632.
[11] فتح الباري 11/528.
[12] أبو داود، وصححه الألباني في صحيح أبي داود 3/886.
[13] البخاري برقم 617، ومسلم برقم 2639.
[14] مسلم برقم 163 2639.
[15] البخاري برقم 6170.
[16] سورة آل عمران، الآية: 31.
[17] سورة الفتح، الآيتان: 8، 9.
[18] سورة الأعراف، الآية: 157.
[19] ابن كثير ص 1233 والبغوي المختصر 2/872.
[20] سورة الأحزاب، الآية: 57.
[21] سورة النساء، الآية: 52.
[22] سورة التوبة، الآية: 65، 66.
[23] سورة الأعراف، الآيات: 156 – 158.
[24] سورة الأنبياء، الآية: 107.
[25] سورة الأحزاب، الآية: 40.
[26] سورة الأحزاب، الآيات: 45 – 48.
[27] سورة المائدة، الآيتان: 15، 16.
[28] سورة آل عمران، الآية: 164.
[29] سورة المائدة، الآية: 67.
[30] سورة الحجر، الآيات: 94 – 99.
[31] سورة آل عمران، الآية: 85.
[32] رواه مسلم 153.
[33] سورة الأحزاب، الآية: 57.
[34] سورة النساء، الآية: 52.
[35] سورة النحل، الآية: 90.
[36] سورة العنكبوت، الآية: 45.