الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
الشيخ عبد القادر شيبة الحمد

﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ﴾

قال تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 6].

الغَرَض الذي سِيقَتْ له الآية هو: بيان حكم مَن قصد من الكفار الوقوف على شعائر الدين.

ومناسبتها لما قبلها: أنه لما أمر بالقتال في الآية السابقة، أشار هنا إلى أن الغرض دخول الناس في الخير حتى لا يدعي مبطلٌ أن القتال شُرع حبًّا في سفك الدماء أو طلبًا للثراء.

وقوله: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ ﴾:

(أحدٌ) فاعل بفعل محذوف يفسره المذكور بعده.

والمراد بـ(المشركين) الوثنيون الذين لا عهد لهم.

ومعنى ﴿ اسْتَجَارَكَ ﴾؛ أي: سألك أن تؤمِّنه وتحافظ عليه.

ومعنى ﴿ فَأَجِرْهُ ﴾؛ أي: فأمِّنه، والجملة جواب الشرط.

وقوله: ﴿ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ﴾ يجوز في (حتى) أن تكون تعليلية أو غائية، والمعني بكلام الله هو: القرآن، والمقصود ما يرشد إلى الدين.

وقوله: ﴿ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ﴾؛ أي: أوصله إلى المكان الذي يأمن فيه على نفسه، وهو دار قومه إذا لم يدخل في الإسلام، والعطف بـ(ثم) للإشارة إلى تمكينه مدة طويلة يقف فيها على محاسن الدين، والإشارة بقوله: ﴿ ذَلِكَ ﴾ راجعة إلى الإجارة وإبلاغ المأمن.

وقوله: ﴿ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ (الباء) للسببية، و(الجار والمجرور) خبر اسم الإشارة، ومعنى ﴿ لَا يَعْلَمُونَ ﴾: لا يعرفون حقيقة الإسلام.

وقد نصَّ الفقهاء على أن مَن قدم مِن دار الحرب إلى دار الإسلام في أداء رسالة أو تجارة أو طلب صلح، أو حمل جزية، وطلب أمانًا – أُعطي أمانًا ما دام في دار الإسلام وحتى يرجع إلى وطنه.

وقد يؤخذ هذا من الآية على جعل (حتى) للتعليل؛ لأن مجيئه لهذه الأغراض قد يكون سببًا لسماع كلام الله.

ولا نزاع بين العلماء في أنه يجوز أن يُمكن من الإقامة في دار الإسلام أربعة أشهر، كما أنه لا خلاف بينهم في أنه لا يجوز أن يمكن من الإقامة سنة كاملة، واختلفوا فيما بين ذلك؛ هكذا نقل ابن كثير.

الأحكام:

1- جواز تأمين الحربي إذا طلب الأمان؛ ليسمع ما يدل على صحة الإسلام.

2- يجب حماية المستجير حتى يرجع إلى مأمنه.

3- يجب تعليم من طلب شيئًا من علوم الدين.

4- في الآية دليل على أن كلام الله مسموع.