هل يمكن تفسير وظيفة العقل تفسيرًا ماديًا من خلال ربطه بعمل المخ؟

د. هيثم طلعت

 

عمل المخ هو عمل تزامني وليس عملاً سببيًا!

فأنت عندما ترى شخصًا لا تحبه فإن هرمون الكورتيزول –هرمون الغضب- يرتفع عندك، هذه علاقة تزامنية!
أي في زمن الرؤية يرتفع الكورتيزول.
لكن هل الرؤية ذاتها تُسبب رفع الكورتيزول؟

لا إطلاقًا!

فالرؤية محايدة في ذاتها.
وفي المقابل لو رأيت مَن تُحبه فإن الإندورفين –هرمون السعادة- يرتفع عندك؛ مع أنها نفس آلية الرؤية ونفس المواد والأجهزة التي ترى، لكن شتان بين النتائج.
فالمخ يعمل بنظام تزامني لا سببي!

وفي الوقت الذي قرّرت أن ترفع يديك تظهرالإشارة لرفع اليد في المخ، لكن ليس المخ هو الذي يقرر!

فعمل المخ تزامني لا سببي!

المُخ يُنفذ ولا يُشرِّع.

فالمخ هو مجموعة من الأسلاك العصبية متجمعة، وكل ما يجري فيه هو تبادل لأيونات الصوديوم والبوتاسيوم على جدران هذه الأسلاك العصبية لنقل النبضات لا أكثر.
وقد قام عالم النفس الشهير وأخصائي السلوك والذاكرة كارل لاشلي Karl Lashley بتدريب الفئران والقرود على العديد من الخدع، وعندما يتعلمون الخدعة يقوم بقطع جزء من المخ لمعرفة في أي جُزء تُخزن الذاكرة، وقد تفاجأ عندما رأى أنه باستطاعته قطع أجزاء كبيرة من المخ، لا يهم أي جزء أعلى أسفل داخل خارج سطحي عميق أمامي خلفي علوي سفلي، النتيجة واحدة دائمًا وهي عدم تلف الذاكرة أو ضياعها، فالذاكرة ليست في النهايات العصبية المُعدلة، ولا في فسفرة البروتين ولا الطرق الجزيئية الأخرى، ببساطة الذاكرة ربما لا تكون في المخ أصلاً.[1]
ويصل عالِم الأعصاب الدماغية الشهير كارل بريبرام Karl Pribram والحائز على نوبل في علم الأعصاب يصل لنفس النتيجة فيقرر أن الوعي والإدراك الإنساني لا علاقة لهما بالمخ أو الوصلات العصبية، والذي يرهق نفسه في هذا النفق الضيق فلن يخرج بشيء.[2]
فالمخ يمثل جهازًا تنفيذيًا لا جهازًا تشريعيًا!

المخ لا يُشرع القيمة ولا يحدد المعنى ولا يصدر القرارات، ولا يُحب ولا يكره، وإنما المسئول عن كل ذلك هو العقل هو الذات هو أنت.
وليس للمخ إلا التنفيذ.

[1] http://en.wikipedia.org/wiki/Karl_Lashley

[2] http://en.wikipedia.org/wiki/Karl_H._Pribram