قلم الاستاذ/ أيوب باحدو
بقلم الاستاذ/ أيوب باحدو

احتفلَ المسيحيون بعيد الفصح كذكرى لما وقع لربّهم من آلامٍ وتأوُّه وتوجُّع [1] -تعالى الله عما يصفون-؛ ودوّن أحد المُنصّرين -على صحيفة إلكترونية تجمعُ بين الفِكر الغث والسّمين- تدوينة أتى فيها بالتدليس الفاحش تحت عَجاج من الخلط والتوهم -كعادته التي عهدناها في حلقاته على قناة تنصيريّة-.
وقد زعم في تدوينته أن المسيحية أعطت دليلاً على صلب المسيح -عليه السلام- يتمثل في شهادة الأناجيل الأربعة واعتبرها وثائق تاريخية يُحتج بها، خصوصًا -حسب قوله- أن كتبة الأناجيل شهود عيان ومنهم من كتب إنجيله تحت إرشاد من كان من شهود عيان، وكذا تلك التفاصيل التي أعطتها الأناجيل حول واقعة الصلب، وهذا ما لا يتحقق في القرآن الكريم، ثم النقطة الأخيرة سماها الأدلة الإضافية، وتتمثل في شهادة غير المسيحيين بواقعة صلب المسيح -عليه السلام-.
ثمة مثل شعبي مغربي نقول فيه: «اتبع الكذّاب إلى باب داره»؛ ولسوف نساير كلام هذا المُنصّر حتى يبلغ مداه؛ فهو -كما تقدم- يزعم أن الأناجيل الأربعة يجب اعتبارها وثائق تاريخية صالحة للاحتجاج وأنها تتفوّق على وثيقة واحدة (القرآن الكريم)، وما هذا إلا من قبيل: المصادرة على المطلوب -كما سيأتي معنا-، فلتُثبت لنا أولاً أن هذه الأناجيل يُعوّل عليها ثم بعدها قارنها بالقرآن الكريم أو بأي وثيقة أخرى كيفما تشاء؛ فالسؤال الذي لم يطرحه هذا المُنصّر ابتداءً: هل يجب اعتبار الأناجيل الأربعة وثائق تاريخية نثق فيها؟ والجواب عليه هو بيت القصيد.
يفتح الواحد منّا نسخة من نسخ العهد الجديد فيجد على أول الصفحات: الإنجيل بحسب متى، الإنجيل بحسب مرقس، الإنجيل بحسب لوقا، الإنجيل بحسب يوحنا؛ وقد تظن للوهلة الأولى أن نسبة هذه الأناجيل إلى تلك الأسماء هي من قبيل: المسلّم بها علميًا؛ غير أننا أمام فاجعة كُبرى تعاني منها الديانة المسيحية في هذا الخصوص، وهي في المجمل على الشكل التالي:
إن العناوين المذكورة حاليًا والمنسوبة إلى أولئك الأشخاص إنّما هي من باب التقاليد التي رافقت النصارى بعد انقضاء القرن الأول، وهذه التقاليد -بتعبير القس فهيم عزيز- «قد تكون خاطئة وقد تكون صحيحة» [2]، ومعنى هذا أن الأناجيل بذاتها تحتاج وثائق تاريخية لنثق فيها ونحتجّ بها، وإلا فأسماء المبشرين متى ومرقس ولوقا ويوحنا وفقًا للمصادر المسيحية «لم تطبق على الأناجيل إلا في القرن الثاني» [3]، لتكتسب الشهرة وتتميز عن الكتب الأخرى، وبشكل عام يشير الأب بيار نجم إلى أنه: «لم يرد اسم الكاتب في أي من الأناجيل الأربعة إنما نعتمد في تسميتنا للأناجيل على تقليد وصلنا في نهاية القرن الثاني ينسب فيه الأناجيل» [4].
إن الدراسة الداخلية والخارجية لهذه الأناجيل أسفرت عن كشف معضلة مجهولية مؤلفي الأناجيل الأربعة؛ فالذي يُنسب إليه إنجيل متى يقول فيه المؤرخ الموسوعي ول ديورنت: «إن النقاد يميلون إلى القول بأنه من تأليف أحد أتباع متى، وليس من أقوال العشار (متى) نفسه» [5]، ويقره في ذلك القس الدكتور فهيم عزيز: «إننا لا نستطيع أن نعطيه اسما، قد يكون متى الرسول، وقد يكون غيره» [6]، وقد جاء في تاريخ الكتاب المقدس منذ التكوين وحتى اليوم: «غير أن الحقيقة لا يبدو أن الكاتب كان شاهد عيان، حيث أنه اعتمد على مرقس ومصادر أخرى في الحصول على مادته» [7]. والذي يُنسب إليه إنجيل مرقس لا نعرف على وجه الدقة من هو، إذ «لا يعرف على وجه اليقين من كتب هذا الإنجيل، وليس هناك ما يدل على أي مرقس هو المقصود، فاسم مرقس كان اسما شائعا في القرن الأول» [8]، وحتى إنجيل لوقا لا يعرف الكثير عن ترجمته والمتفق عليه عند النقاد -دع عنك الأصوليين- أنه «لم يكن من شهود عيان لحياة المسيح عليه السلام» [9]، أما شخصه فلا يكاد يُعرف عن بلده ولا مهنته ولا زمن كتابته، والإنجيل الرابع -وهو المنسوب إلى يوحنا-، فلا تبعد معضلته عن معضلات الأناجيل الثلاثة الأولى، ذلك أن كاتبه مجهول أيضًا، لتشير المصادر المسيحية: «ومرة أخرى لا يعرف من كتب هذا الإنجيل» [10] و «لا أحد يستطيع التأكيد أن يوحنا هو كاتب هذا الإنجيل نفيًا وايجابًا» [11]، بل أشارت بعض المصادر إلى أن الصبغة التي كتب بها كاتب إنجيل يوحنا إنجيله بعيدة «كل البعد عن الصبغة اليهودية» [12]، مما يفسر عدم معاصرته للمسيح -عليه السلام- أي لم يكن شاهد عيان.
لقد درس أستاذ اللاهوت بارت إيرمان مصادر الأناجيل دراسة علمية أكاديمية، فانتهى المطاف به إلى الاعتقاد بأن الأناجيل لم تكتب بواسطة شهود عيان، ولا بواسطة أناس أدركوا شهود عيان، فكانت أدلته توافق ما سبق ذكره، وقد خاطب النصارى بأن يستعملوا عقولهم، فكان مما قاله: «العناوين التي تجدونها في الأناجيل تمت إضافتها بواسطة محرر ولم توضح بواسطة الكاتب الأصلي، والنقطة الثانية: لا تدعي الأناجيل بنفسها أنها كتبت بواسطة الشخص الذي يعرف الإنجيل باسمه، إنهم أتباع لاحقون» [13].
وقد حاولنا تلخيص هذه الشهادات المسيحية -وما أكثرها- تفاديًا للإطناب، فكيف يعقل لمن يتحلى بالإنصاف أن يعتبر هذه الأناجيل وثائق تاريخية صالحة للاحتجاج، وهي بنفسها تحتاج وثائق تثبت نفسها بنفسها؟ ألا ينطبق على هذا الادعاء مثال الهر الذي يحكي انتفاخاً صولة الأسد؟
فإذا أخذنا بعين الاعتبار أن كتبة الأناجيل في عداد المجاهيل، وأنها من نوع الكتابات التي لا تحتوي اسم كاتبها، وأنها بذاتها لا تشير إلى أن الكاتب كان من شهود عيان، يلزم من ذلك أن لا نعرف المصادر التي اعتمدها الكتبة؛ فكيف يستقيم أن نعتبرها وثائق تاريخية يُحتج بها؟
وقد كادَ الأمر يقف عند هذا الحد، لكن ثمة معضلة أخرى توازي مجهولية الكتبة، ألا وهي مراحل تطور الأناجيل التي يرويها الكثير من العلماء -وجلّهم يشيرون إليها- [14]:
1- يفترض أن أول مرحلة تتمثل في وجود روايات الشهود الذين عرفوا المسيح -عليه السلام-.
2- تتم صياغة هذه الروايات حسب مقتضيات واحتياجات الكنائس المبكرة.
3- وأخيرًا تعاد صياغة هذه المادة المنقولة كتابة لتُناسب مجتمع الكاتب في ذاك الوقت.
فهذه المرحلة الأخيرة، تشكل في طياتها مشكلة، فالذي يظنه الكثير من النصارى أن الكتبة حين دونوا ما كانوا يسمعونه، فإن الأمور جرت كما كتبوا عنها، لكن القس جان ماسون اليسوعي له رأي آخر، فقد قرّر أن: «هذا الانطباع سرعان ما يصطدم بما بينهم من تناقضات، حاول ما شئت التوفيق بينهم، فهناك عدة حالات يبقى التوفيق فيها أمرًا مستحيلا» [15].
وتلك هي خُلاصة القصة التي ذكرها القس جان ماسون اليسوعي، التناقضات التي تحتويها الأناجيل الأربعة تزيد المنصف يقينًا أنه لا يعول عليها من جهة الاستشهاد أو من جهة جعلها وثائق صالحة للاحتجاج، إذ لا يُعقل أن نقبل بوثائق مجهولة الكاتب ومتناقضة فيما بينها، فهي أصلا تحتاج توثيقا وتصويبا وحلاً، وسياقها مضطرب، فليس حسنًا بل معيبٌ جعلها وثائق صالحة للاستشهاد، ولكن هكذا كان من قلم مخادعٍ يحمل الشطط العجاب.
تأكيدًا على ما سبق، ولأن التناقضات كثيرة [16] حيّرت العلماء أثناء محاولة التوفيق بينها، سنقتصر على تناقض واحدٍ له تعلق بمناسبة عيد الفصح، وجذير بالذكر أن صاحب المقالة يفتخر بأن الأناجيل أعطت تفاصيل مهمة حول واقعة الصلب، وسنناقش هذه النقطة فيما بعد بشيء من التفصيل، أما سؤالنا الآن فهو مرتبط بزمن صلب يسوع حسب الأناجيل الأربعة، هل صلب يوم الفصح أم قبل يوم الفصح؟
نقرأ في إنجيل مرقس 14 : 12ـ21 «وفي اليوم الأوَّل من الفطير حين كانوا يذبحون الفصح قال لهُ تلاميذهُ أين تريد أن نمضي ونعدَّ لتأكل الفصح؛ فأرسل اثنين من تلاميذهِ وقال لهما اذهبا إلى المدينة فيلاقيكما انسانٌ حاملٌ جرَّة ماءِ. اتبعاهُ، وحيثما يدخل فقولا لربّ البيت أن المعلّم يقول أين المنزل حيث آكل الفصح مع تلاميذي، فهو يريكما عِلّيَّة كبيرة مفروشة مُعَدَّة. هناك أَعِدَّا لنا، فخرج تلميذاهُ وآتيا إلى المدينة ووجدا كما قال لهما. فأَعَدَّا الفصح، ولما كان المساءُ جاءَ مع الاثني عشر. وفيما هم متَّكِئُون يأكلون قال يسوع: الحقَّ أقول لكم، إن واحدًا منكم يسلّمني. الآكلُ معي؛ فابتدأُوا يحزنون ويقولون لهُ واحدًا فواحدًا هل أنا. وآخر هل أنا، فأجاب وقال لهم. هو واحدٌ من الاثني عشر، الذي يغمس معي في الصحفة، إن ابن الإنسان ماضٍ كما هو مكتوبٌ عنهُ. ولكن ويلٌ لذلك الرجل الذي بهِ يُسلَّم ابن الانسان. كان خيرًا لذلك الرجل لو لم يوُلَد»، والذي نستنبطه من هذا النص، أن المسيح -عليه السلام- صلب بعد أكل الفصح، لأنه أكل الفصح مع تلاميذه، والأناجيل الإزائية الثلاثة [17] متفقة على هذه المسألة.
في الحدث نفسه، نقرأ ما جاء في يوحنا 18 : 28ـ31 «ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية، وكان صبح. ولم يدخلوا هم إلى دار الولاية لكي لا يتنجسوا، فيأكلون الفصح، فخرج بيلاطس إليهم وقال: أية شكاية تقدمون على هذا الإنسان، أجابوا وقالوا له: لو لم يكن فاعل شر لما كنا قد سلمناه إليك، فقال لهم بيلاطس: خذوه أنتم واحكموا عليه حسب ناموسكم. فقال له اليهود: لا يجوز لنا أن نقتل أحدا».
وفي نفس الإنجيل 19 : 13ـ18 «‏فلما سمع بيلاطس هذا القول أخرج يسوع، وجلس على كرسي الولاية في موضع يقال له البلاط وبالعبرانية جباثا، وكان استعداد الفصح، ونحو الساعة السادسة. فقال لليهود: هوذا ملككم، فصرخوا: خذه خذه اصلبه، قال لهم بيلاطس: أأصلب ملككم؟ أجاب رؤساء الكهنة: ليس لنا ملك إلا قيصر، فحينئذ أسلمه إليهم ليصلب فأخذوا يسوع ومضوا به، فخرج وهو حامل صليبه إلى الموضع الذي يقال له موضع الجمجمة ويقال له بالعبرانية جلجثة، حيث صلبوه، وصلبوا اثنين آخرين معه من هنا ومن هنا، ويسوع في الوسط».‏
والذي نلاحظه أن إنجيل يوحنا يخالف ما ذكَرتْه الأناجيل الثلاثة الأولى، لأنه يتكلم عن صلب وقع قبل أن يأكل الفصح.
علة اختيار هذا التناقض بالتحديد تتجلى لنا في تعليقات اللاهوتيين إبّان محاولة التوفيق بين ما جاءت به الأناجيل الثلاثة مع ما جاء به الإنجيل الرابع -إنجيل يوحنا-، إذ أن فيزيلين كيزيش في كتابه “آلام المسيح الخادم المُعذَّب” يعلّق بدقة: «لا نجد حلًّا مقبولاً لهذه الصُّعوبة التَّوقيتية» [18]، وحتى الأب بولس الفغالي وقف مشدوهًا أمام هذه المشكلة التي من الصعب فعلاً حلها -أو قل: يستحيل حلها-، فقال: «حاول الشراح أن يوفقوا بين هذين المعطيين ولكن عبثًا» [19]، وبقليل من الفطنة لا يشك المرء في المعضلة الكبرى التي تواجه الكنائس المسيحية تُجاه هذا التناقض بالتحديد، فقد أومأَ اللاهوتي جون درين إلى هذه المشكلة: «وفي نفس الوقت، يمكن حل هذه المشكلة بسهولة، بافتراض أن يوحنا على وجه الخصوص وقع في خطأ تاريخيّ في روايته، وبعض الدارسين ما زال يأخذ هذا الموقف إلى الله» [20]؛ فكيف يخطو هذا المُنصّر على بساطٍ من الافتخار بأناجيل تعاني هذا التناقض الصارخ؟
لقد ذكر مؤلفو تاريخ الكتاب المقدس مبررًا لحل هذه المشكلة وإن ظهر لنا ساذجًا لكنه ينسف ما أتى به صاحب المقالة، حيث أجابوا عن هذه المعضلة بأن كتبة الأناجيل «كانوا يكتبون كُتُباً لاهوتية ترينا من كان يسوع وماذا فعل، ولم يروا أي خطأ في تغيير حقيقة تاريخية لإبراز نُقطة لاهوتية» [21]، فكان على هذا المُنصّر -على الأقل- أن يُنصف ليعلن أمام الناس أن الأناجيل الأربعة لا يعتد بها في الحقائق التاريخية وإنما يُعتمدُ عليها فيما هو إيماني لاهوتي، كما فعل أهل الاقتباس السابق؛ وإذا كان هؤلاء الكتبة لا يبالون بأي خطأ في تغيير حقيقة تاريخية، فكيف نجعل ما كتبوه صالحا للاستشهاد والاحتجاج التاريخي؟
وهذه التناقضات غير منحصرة في هذا النص، إنما تشمل الكثير من النصوص كما تقدم وأشرت، فالأب متى المسكين قد أعياه التضارب الحاصل في قصة قيامة المسيح -عليه السلام- فأعلن للناس جميعًا: «رجاء وتوعية لكل قارئ أن لا يعثر من الاختلافات الواضحة في قصة القيامة، لأن الذي يتحدث عن القيامة إنما يتحدث عن أمور ليست تحت ضبط العقل والفكر والحواس والتمييز البصري .. فكل ما يخص القيامة لا يدخل تحت النقد أو الفحص أو التحقيق والإيضاح» [22].
يبدو أن هاتين المعضلتين: مجهولية كتبة الأناجيل، والتناقض الصارخ بينها تثقلان كاهل من يحاول الترويج لموضوع الثقة بالأناجيل الأربعة والتعويل عليها أو جعلها صالحة للاستشهاد، إذْ هي -بذاتها- ناقصة مطعون فيها؛ وإلا فمنزلتها -في هذا الباب- بمنزلة مومس تتحدّث عن الشرف والعفاف.
وثمة سؤال يتفرع عن الموثوقية العلمية لهذه الوثائق التي يتبجح بها هذا المُنصّر، وهو: هل يمكن الثقة في وثائق لا أصل لها وقد تعرضت لأخطاء كثيرة أثناء النسخ؟ لأن هذه الأناجيل يتفق العلماء أن أصلها ضائع والمخطوطات التي بين أيدينا ليست هي الأصل، وأن النساخ أثناء نسخهم للنصوص وقعوا في أخطاء جمة، حيث يقرر المهندس يوسف رياض : «نحن لا نملك نُصوص الأناجيل الأصليَّة، فهذه النُّصُوص نُسِخَت وحصلت أخطاء فيها أثناء النَّسْخ، وغالباً ما نقع على قراءَات مُتَعَدِّدَة للآية الواحدة عبر مُختلف المخطوطات التي وصلت إلينا، فأية قراءة نعتمد؟ لذلك يتحتَّم علينا الرّكُون إلى عِلم نقد النّصوص للوصول عبر مُختلَف المخطوطات إلى النَّص الأصليّ. فعلم نقد النُّصُوص يهدف إلى الوُصُول إلى أقرب ما يمكن من الأصل الأول» [23].
وما على القارئ بأس -إن شاء الله- إذا هو أجهد نفسه معي في التطواف؛ ونعود من هذه العوارض -التي تجاوزها هذا المُنصّر كأنها لم تكن- إلى عوارضَ أخرى تَجاوزَها أيضًا وأخفاها على قليلي النباهة؛ لقد أخفى في مقالته ما تعانيه الأناجيل الأربعة من سؤال مصدر المعلومات، إذ يلزم من التعامل مع هذه الأناجيل على أساس كونها وثائق تاريخية أن تخضع لسؤال النشأة والمصدر؛ ولا ندري صراحة كيف ينتصب امرؤ له بقية عقل أو سبق له وشم ريح مبحث «الأناجيل الإزائية» فيُخرج من فيّه أن هذه الأناجيل بمثابة وثائق تاريخية؟ لأنه حينئذٍ لا يكون إلا مدلسا يحتال ويخادع؛ ودعونا نرفع الستار عن هذه القضية بشيء من الاختصار:
يتلخص تعريف المشكلة الإزائية في محاولة رصد العلاقة الأدبية النصية بين الأناجيل ككل– وذلك باعتبار عدم وجود معلومات كافية على كتبتِها، وباعتبار عدم وجود دليل داخلي يتكلم فيه الكاتب عن نفسه-، معنى هذا أننا نفتح الأناجيل الأربعة جنبًا لجنبٍ ثم نخضعها للدراسة المقارِنة لتلكم الروايات والقصص التي تحتويها، والحاصل -بعد عقد المقارنة- أن الدارسين لاحظوا تشابها كبيرًا حصل بين روايات الأناجيل الثلاثة الأولى: متى ومرقس ولوقا، إذ وجدوا بعض القصص مذكورة في هذه الأناجيل الثلاثة وغير مذكورة في الإنجيل الرابع (إنجيل يوحنا)، ولاحظوا أن بعض القصص موجودة في إنجيل متى وإنجيل لوقا، وغير موجودة في إنجيل مرقس، ولاحظوا أيضًا أن كل إنجيل يتفرد عن الأناجيل الأخرى كلها بقصص معينة؛ هذه المقارنة جعلت النقاد يضعون تصورًا لإبراز طبيعة العلاقة بين هذه الأناجيل؛ وعليه: ذهب النقاد إلى اعتبار إنجيل يوحنا إنجيلا مميزا [24] عن الأناجيل الإزائية الثلاثة لأنه آخر إنجيل كُتب [25]، أما الأناجيل الثلاثة فاعتبروها في علاقة بينها، ولذلك جل العلماء يقولون بما يسمى «نظرية الوثائق الأربعة» [26] وبيانها أن إنجيل مرقس كان مصدرا لإنجيليْ متى ولوقا، معنى هذا أن كاتب إنجيل متى وكاتب إنجيل مرقس كانا يعرفان إنجيل مرقس فأخذا ونقلا منه المعلومات التي يحتويها، لكن ماذا عن القصص التي انفرد بها إنجيل متى، والروايات التي انفرد بها إنجيل لوقا ولا وجود لها في إنجيل مرقس؟ ولذلك اعتبروا أن كاتب إنجيل متى كان يعتمد على مصدر خاص به، وكاتب إنجيل لوقا هو الآخر كان يعتمد على مصدر خاص به، وملاك القول أن المصادر الأربعة للأناجيل كالتالي:
1- إنجيل مرقس، نقل منه كاتب إنجيل متى وكاتب إنجيل لوقا، يبرر وجود التشابه بين الأناجيل الثلاثة.
2- المصدر “Q” وهو مصدر مجهول، لوجود تشابه بين إنجيل متى وإنجيل لوقا في بعض الأحداث.
3- المصدر “M” وهو مصدر مجهول أيضًا يبرر تفرد إنجيل متى بقصص لا وجود لها في الأناجيل الأخرى.
4- المصدر “L” وهو مصدر مجهول أيضا، يبرر تفرد إنجيل لوقا بقصص لا وجود لها في الأناجيل الأخرى.
فمن أجل ذلك ليس لنا علم بهذه المصادر هل كانت مكتوبة أم شفوية، ولا نعلم عن خلفياتها شيئا يُذكر؛ فنحن بهذا الاعتبار أمام مصادر مجهولة هي العمدة عند هؤلاء الكتبة أثناء تدوينهم للمعلومات المتعلقة بشخص المسيح -عليه السلام- وحياته، والنقد المصدري الذي وجه للأناجيل الأربعة جعل بعض الأسئلة تُطرح في عقل كل دارسٍ لها، ومن هذه الأسئلة: هل هناك كتاب يسبق الأناجيل الإزائية؟ هل هناك إنجيل بمثابة الأصل؟ لكنه متعذرٌ الإجابة عنها، لأن المصادر مجهولة أصلاً.
إنّ الأناجيل الأربعة لا يمكن الاعتماد عليها باعتبارها وثائق تاريخية، وإنما هي وثائق إيمانية سجلها كتبة الأناجيل بما يوافق إيمان الجماعات المسيحية الأولى، فلو حصل وكان المجتمع المسيحي في نهاية القرن الأول يؤمن بأن المسيح- عليه السلام- لقي حتفه على يد اليهود باستخدام المقصلة، لتم تسجيل ذلك، ولرأيت نصارى اليوم يقدسون المقصلة، لأن الكتبة سيكتبون ذلك وفقا للمعتقد السائد آنذاك عبر ما يسمى “التقليد الشفهي” و”الوعظ” و”التعليم” [27] لكن السؤال هنا: ما هي مصادر هذه الروايات الشفهية؟ ومن نقلها؟ وما هو النظام المعتمد للفرز بين الروايات الشفهية الصحيحة وغير الصحيحة؟ والذي نرمي إليه تُعضضه المراجع المسيحية بذاتها، لأن الكثير منها تُشير إلى أنّ الأناجيل إنما كتبت بفنٍ أدبي لا تعلق له بالدقة التاريخية، ومعنى هذا أنها لم تعتمد على منهج تاريخي عماده الدقة والتحقيق -كما حدث مع الروايات الشفهية التي تناقلها الجيل الأول من المسلمين [28]-، فهي أناجيل وعظ وليست أناجيل تاريخ [29] ونستنبط هذه القاعدة في تعليقات المصادر المسيحية حيث تشير إلى أن: «الأناجيل بما فيها من تفاصيل مميزة كثيرة، تعود بنا إلى إيمان الجماعات المسيحية الأولى وحياتها» وأن الكتبة كانوا: «يعرضون تقليدًا قد أصبح تفسيرًا» و «الذين حرروا ليسوا بكتاب انكبوا في مكاتبهم على وثائق مبوبة تبويبًا محكمًا فأقدموا على وضع تاريخ ليسوع الناصري، فطريقة تأليف الأناجيل التي يجب النظر إليها تختلف كل الاختلاف عن هذه الطريقة» [30]، والحاصل أن هذه الأناجيل لا يمكن اعتبارها وثيقة تاريخية بقدر ما يجب اعتبارها وثائق تعليمية إيمانية وعظية، فكيف يصيّرها المنصر وثائق تاريخية صالحة لمحاكمة الوثائق الأخرى من جهة التدقيق التاريخي؟
وهذا الموضوع له جذر آخر لمعضلةٍ أخرى، وهو موضوع يسوع التاريخ ويسوع الإيمان [31]، وهو مبحث طويل لا مجال لبحثه هنا، لعلنا نخصص له عملاً خاصًا.
وخلاصة ما توصلنا إليه -لحد الآن -: أن هذه الأناجيل لها معضلات تتعلق بتاريخها أصلا، من جهة مجهولية كتبتها أولاً ومن جهة عدم وجود دليل داخلي يشير إلى أن الكاتب كان من شهود عيان ثانيًا، ومن جهة مشكلة سؤال المصدر ثالثاً، ومن جهة معضلة التناقض رابعًا، ومن جهة ما أشرنا إليه حول ضياع أصل هذه الوثائق وأخطاء النساخ خامسًا؛ فهل بعد ذلك يُقال بأنها شواهد تاريخية نحتج بها على الآخرين؟ لا شكّ عندي أنه تنفخٌ غث يؤدي كل مطلع على ما بحثناهُ بشيء من الإيجاز.
لا زلتُ مُصرًا على أن المعضلات التي نمرُّ عليها إنّما نمرُّ عليها بشكل موجز تفاديًا للإطناب حتى لا يجرني القلم إلى الإطالة، وإنه ليضيق الصدّر إذا نظرنا إلى هذا الكم الهائل من التدليس الذي يمارسه صاحب المقالة؛ إن النقطة التي نحن بصددِ مُناقشتها والتي سماها المُنصّر بـ”الأدلة الخارجية” مُستدلاً فيها بشهادات أناس خارج مربع الديانة المسيحية لهو استدلال هزيلٌ لا يتقيّح إلاّ ممن أُتلف عليه ذكاؤه.
إذا كان صاحب المقالة قد استدلّ على صحة واقعة صلب المسيح -عليه السلام- بدليل خارجي على لسان أناس لا يُحسبون على الفكر المسيحي تمويهًا للدلالة على اتفاق المؤرخين في قضية صلبه -عليه السلام -(حيث يقول بالحرف: بينما لا توجد وثائق تاريخية تثبت عملية إلقاء الشبه)، فنحن أمام مدوّن تدرّب على حسن تدوين التلفيق المعرفي أيّما تدريب؛ ذلك أن إنكار صلب المسيح -عليه السلام- لم يخترعه الإسلام أصالةً، بل سبقه إلى ذلك فرق كثيرة تدخل في مربع الفكر المسيحي، نجملها بإيجاز في هذه العوارض:
ترفض الفرقة الغنوصية وهي من الفرق المسيحية المبكرة فكرة الصلب وتعتبر صلب المسيح -عليه السلام- عقيدة تخالف لاهوته، وعلى رأسهم: باسيليدس (حوالي 120ـ-125م) الذي يعتقد بأن «المسيح لم يمت على الصليب بل مات عليه سمعان القيرواني» [32] «إن إحدى الطوائف الغنوصية التي عاشت في القرن الثاني قالت بأن سمعان القيرواني قد صلب بدلاً من يسوع» [33]
ترفض الفرقة الدوسيتية -وهي أيضًا من الفرق المسيحية المبكرة- فكرة صلب المسيح -عليه السلام- وتنسب الصلب إلى سمعان القيرواني بدلاً من المسيح -عليه السلام-، يقول القس عوض سمعان حول عقيدتهم: «لكن لما وجد أنَّ اليهود قد عقدوا النِّيَّة على صلب المسيح، رفعه إلى السَّماء، ولذلك فإنَّهم لم يصلبوه، بل صلبوا شخصاً أخر تراءى لهم، أو خُيِّل لهم، أنَّه المسيح» [34]
كذلك الفرقة الآريوسية تنكر صلب المسيح -عليه السلام- حيث قالوا «بحقيقة الصَّلب، لكنَّهم أنكروا كون المصلوب هو المسيح، بل هو شخص يُشبهه» [35]
وكذلك الطائفة الأبيونية في العصور الأولى وعلى رأسهم إيريناوس أسقف ليون حيث نقل عنه القمص غريغوريوس في إحدى كتبه فأشار: «ورفض الأبيونيون الاعتقاد بأن المسيح -عليه السلام- خضع للموت أو للألم، واكتفوا بتعاليمه ومبادئه ومعجزاته» [36]
وثمة الكثير من الشخصيات المهمة في التاريخ المسيحي تنكر صلب المسيح -عليه السلام- في القرون الأولى ومنهم ساترينوس وتاتيانوس وبرديستابس ويوليانوس ونطانيوس [37] وغيرهم.
فنحن –إذًا- أمام شهادات تدخلُ ضِمن الثقافة المسيحية والفكر المسيحي عمومًا تُعدّ أيضًا بمنطق هذا المُنصّر وثائق تاريخية تثبت عملية إلقاء الشبه التي نفاها في مقالته نفيا قطعيًا، فأظهرنا عاقبة التلفيق.
إن الهزل الذي انطوت عليه مقالة هذا المُنصّر أوجب علينا كشف هذه المعضلات في هذه التدوينة، وما هي إلا مقدمة تناقش المعطيات من جهة مسيحية صرفة، وبشكل موجزٍ كما أشرتُ آنفًا، وإلا فإن التدوينة الآتي نشرها تتضمن المزيد من المعضلات الكاشفة لهذا العبث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
[1] : هذا التعبير الذي ذكرناهُ قد يزعج بعض النصارى، ليزعم أن الذي تألم هو: الناسوت وليس اللاهوت؛ لذلك نُذكِّره: بأنك تخالف عقيدة الآباء الذين تأخذ منهم دينك، فقد جاء عن القديس أثناسيوس الرسولي باللفظ: “المسيح الذي على الصليب هو الله” (أثناسيوس الرسولي، تجسد الكلمة، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية بالقاهرة، نصوص آبائية 128، الفصل 19، الفقرة 3 – ص58-59)، ورهبان دير الأنبأ مقار يقرُّون باللفظ الصريح: “بل كان هو نفسه بعينه إلهاً بطبعه” (انظر: المسيح في حياته المقدسة بحسب تعليم القديسَين أثناسيوس الرسولي وكيرلس الكبير، دار مجلة مرقس بالقاهرة – ص39-40)، وهذا الاعتقاد وفق العقيدة الإسلامية: كفرٌ مُقرِف فاحش والعياذ بالله.
[2] : فهيم عزيز، المدخل إلى الكتاب المقدس، ط: دار الثقافة، ص221.
[3] : ستيفن ميلر وروبرت هوبر، تاريخ الكتاب المقدس، ط: دار الثقافة، ص209.
[4] : بيار نجم، الدرس الأول: مدخل إلى العهد الجديد، ص8.
[5] : ول وايريل ديورانت، قصة الحضارة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ـ دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع، ج11، ص208.
[6] : فهيم عزيز، المدخل إلى العهد الجديد، ط: دار الثقافة، ص245.
[7] : ستيفن ميلر وروبرت هوبر، تاريخ الكتاب المقدس، ط: دار الثقافة، ص74.
[8] : نفسه، ص72.
[9] : نخبة من اللاهوتيين، مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين، ص227.
[10] : ستيفن ميلر وروبرت هوبر، تاريخ الكتاب المقدس، ط: دار الثقافة، ص76.
[11] : بيار نجم، المدخل إلى إنجيل يوحنا، ص2.
[12] : مجموعة من المؤلفين، مدخلٌ إلى الكتاب المُقدس، ط: دار الثقافة، ص428.
[13] : قال ذلك خلال مناظرته مع مايك ليكونا حول موثوقية الأناجيل الأربعة تاريخياً، انظر المقطع هنا.
[14] : انظر: ستيفن ميلر وروبرت هوبر، تاريخ الكتاب المقدس، ط: دار الثقافة، ص77.
[15] : جاك ماسون اليسوعي، إنجيل يسوع المسيح للقديس مرقس: دراسة وشرح، ط: الاتحاد لطابعة الأوفست، ص10.
[16] : بإمكانك مطالعة هذه التناقضات في كتاب “التحريف والتناقض في الأناجيل الأربعة”، د. سارة بنت حامد محمد العبادي.
[17] : أو الأناجيل السينوبتية، وهي المتوافقة في رواياتها على شخص المسيح وحياته، وليس المقصود هنا التوافق الكلي الشامل، وإنما سميت كذلك للتوافق في وحدة الموضوع والقضايا في إطارها العام، وإلا فثمة خلاف في كثير من التفاصيل الداخلية.
[18] : فيزيلين كيزيش، آلام المسيح الخادم المُعذّب، ص66، نقلاً عن: محمد عنان، ما لا تعرفه عن المسيحية، ص74.
[19] : بولس الفغالى، المحيط الجامع فى الكتاب المقدس والشرق القديم، ط: المكتبة البولوسية، جمعية الكتاب المقدس، ص852.
[20] : جون درين، مدخل إلى العهد الجديد، ط: دار الثقافة، ترجمة: د. ايهاب جوزيف. د. فنيس نقولا، ص144.
[21] : ستيفن ميلر وروبرت هوبر، تاريخ الكتاب المقدس، ط: دار الثقافة، ص75.
[22] : متى المسكين، الإنجيل بحسب القديس متى: دراسة وتفسير وشرح، ط: دﻳﺮ القديس أﻧﺒﺎ ﻣﻘﺎر، ص832.
[23] : رياض يوسف داود، مدخلٌ إلى النّقد الكِتابي، ط: دار المشرق بيروت، ص27.
[24] : الذي جعله مميزا عن الأناجيل الثلاثة الأولى مجموعة من الاعتبارات من بينها ذكره لأحداث لم تتطرق لها الأناجيل الإزائية، حتى شعر البعض “بعدم دقته في رواياته المستفيضة عن أقوال المسيح عليه السلام”. انظر: مجموعة من المؤلِّفين، مدخل إلى الكتاب المُقدس، دار الثقافة، ص42.
[25] : جون درين، مدخل إلى العهد الجديد، ط: دار الثقافة، ترجمة: د. ايهاب جوزيف. د. فنيس نقولا، ص144.
[26] : وضعها اللاهوتي ستريتر سنة 1925م.
[27] : الكتاب المقدس الترجمة اليسوعية، ط: دار المشرق، الطبعة الثالثة، مدخل إلى الأناجيل الإزائية، ص25.
[28] : قد يقول أحدهم: وكذلك الأمر بالنسبة للتشريع الإسلامي الذي أصله الروايات الشفهية، فيرد عليه: أن الفرق بين الإسلام والمسيحية يكمن في عمل المسلمين الأوائل على منهج نقدي يغربلُ هذه الروايات الشفهية، وهذا المنهج مبني على قواعد عقلية وعلمية، أما المسيحية فلا شيء يذكر في هذا الخصوص، راجع مقالة: “كيف نفهم عزّة الإسنادِ وشموخَه؟ .. أزمات النص التوراتي والإنجيلي نموذجاً“.
[29] : الكتاب المقدس الترجمة اليسوعية، ط: دار المشرق، الطبعة الثالثة، مدخل إلى الأناجيل الإزائية، ص26.
[30] : المصدر نفسه، ص25 ، 26 ، 27.
[31] : هذا الموضوع كان وما زال يتجدد بقوة في الدراسات التاريخية لحقيقة يسوع في المكتبة الغربية على وجه الخصوص، وموضوعه: البحث عن يسوع التاريخي للفرز بين يسوع الإيمان الذي رسمته الكنيسة ورسمته هذه الأناجيل، ويسوع التاريخي الخارج عن العهد الجديد، فالمرء يريد أن يعرف المعلومات التاريخية ليسوع، وليس المعلومات الإيمانية التصورية عنه.
[32] : تادرس يعقوب ملطي، نظرة شاملة لعلم الباترولوجي في الستة قرون الأولى، كنيسة مار جرجس باسبورتنج، ص53، 54.
[33] : سامي حلّاق اليسوعي، الصليب والصلب قبل الميلاد وبعده، ط: دار المشرق ببيروت، ص18.
[34] : حنا جرجس الخضري، تاريخ الفكر المسيحي، ط: دار الثقافة، ج 1 ص207.
[35] : عوض سمعان، صلْب المسيح وموقف الغنوسطيين إزاءه، ص14.
[36] : مرقس ميخائيل، الإعلانات الإنجيلية، ص47، نقلا عن: ما لا تعرفه عن المسيحية ص89.
[37] : محمد عنان، ما لا تعرفه عن المسيحية، ط: دار التحقيقات العلمية، ص87 ـ 89.