هل من الممكن أن تتحول التكيفات بالتراكم إلى تطور كبير، أو بمعنى أدق بحسب لغة القوم: هل يمكن أن يتحول التطور الصغير إلى تطور كبير؟

هذا السؤال يعني عدم استيعاب ما سبق!

فكل التحورات والتكيفات والتطور الصغير يحصلون داخل المطبخ، داخل نفس الحوض الجيني.

لم تظهر لدينا معلومة من خارج الحوض الجيني أصلاً لنطرح افتراضًا مثل هذا!

لا علاقة بين التكيفات أو التطور الصغير وبين نظرية التطور!

في اجتماع كبير اجتمع فيه أكثر من مائة وخمسون باحثًاً في ملف التطور حول العالم في أحد المؤتمرات بجامعة شيكاغو  لبحث آليات ظهور الأنواع، وكان السؤال المحوري في المؤتمر حول ما إذا كانت التكيفات وطفرات الجراثيم -التطور الصغير- كافية لشرح ظواهر التطور الكبير وظهور الأنواع الجديدة وكانت الإجابة الواضحة هي: “لا”.[1]

أما عالِم الجراثيم بجامعة بريستول آلان لينتون Alan Linton فقد كتب يقول: “لا يوجدُ أي منشور علمي يدَّعي تطورَ نوعٍ ما إلى نوعٍ آخر. والجراثيم هي الشكل الأبسط من أشكال الحياة المستقلة، وهي مثاليةٌ لمثل هذا النوع من الدراسات فزمن الجيل 20 – 30 دقيقةً ويمكنُ الحصولُ على الجماعات في 18 ساعة. وخلال 150 عامًا من انطلاق علم الجراثيم لم يسجَّلْ تطور نوع جرثومي إلى نوع آخر نهائياً. ونظراً لانعدام الدليل حول تغير الأنواع في الشكل الأبسط من أشكال الحياة وهو الجراثيم، فلن يكونَ مستغربًا فقدانُ الدليل حول تطور الكائنات الحية الأرقى متعددة الخلايا”.[2]

وهذه كانت نفس النتيجة اللي خرج بها عالما الأحياء التطورية لين مارغيلوس Lynn Margulis ودوريون ساغان Dorion Sagan فقد ذكرا في تقرير لعام2002: “أننا لمْ نستطعْ اقتفاءَ دليلٍ مباشرٍ على الانتواع –ظهور الأنواع الجديدة- سواءً كان في جزر الجالاباغوس البعيدة أو في أقفاص مختبرات خبراء ذبابة الفاكهة أو في الرسوبات المتكدسة”. لا يزالُ الدليلُ الحاسمُ على التطور مفقوداً”.[3]

فكل ما رصدناه هو تغيرات ضمن النوع الواحد.

فزيادةُ نسبةِ العثّ الإنجليزي الغامق Peppered moths خلال فترة الثورة الصناعية لم يكن أكثر من مجردُ تنوعٍ لوني ضمن نوع العث نفسه، وعلوم الهندسة الوراثية وفرت لنا  أبقارًا وفيرةَ اللحم وذُرَةً أغنى بالبروتين؛ لكن الماشيةَ ظلَّت ماشية والذُّرَة ظلت ذرة.

تم استنفاذ التنوع في كثير من الكائنات الحية لأقصى حد ولم يعدْ بالإمكان حصول المزيدِ من التغيُّرِ فيها ومع ذلك لم يظهر نوع جديد على الإطلاق.

فالطفرات والتكيفات والتطور الصغير يحصلون دائمًا داخل نفس النوع، ولم يثبت أبدًا أن الطفرات خلّقت مثلاً مادة وراثية جديدة داخلDNA   الكائن الحي.

فلا الطفرات ولا التطور الصغير ولا التكيفات ولا التعقيد البيولوجي لهم القدرة على زيادة المعلومة الجينية، وبالتالي يستحيل أن تُحلل الطفرات تطور النوع نحو الأفضل فضلاً عن ظهور أنواع جديدة لديها كومة عملاقة منضبطة من القواعد النيتروجينية المشفِرة لوظائف جديدة ستظهر في كائن جديد!

ولذلك اعترفت مجلة علم الأحياء النمائي Developmental Biology التطورية في مقال لها اشترك فيه مجموعة من علماء الأحياء أن: “التغيرات في مجالات الهندسة الوراثية قد تؤدي إلى التكيف مع البيئة لكن هذا لا يعني ظهور الأصلح، ويبدو أن أصل الأنواع -مشكلة داروين- تبْقى مشكلةً غير محلولة”.[4]

إنّ عجزنا عن رصد تطور أولي طيلة عقود من التجارب والاختبارات مع كائنات أولية ومعقدة يعني أن قضية التطور برُمتها خارج إطار العلم التجريبي والرصدي!

[1] Evolutionary theory under fire, Science, Vol. 210, Issue 4472, pp. 883-887

[2] Alan Linton, Scant Search for the Marker, the Timer Higher Supplement (April, 20-2001).

(تصميم الحياة، د.ويليام ديمبسكي ود.جوناثان ويلز، ترجمة د.مؤمن الحسن وآخرين، دار الكاتب ص151-152)

[3] Lynn Margulis and Dorion Sagan, Acquiring Genomes: A Theory of the Origins of Species, p.32.

(م.س. ص152)

[4] Scott F. Gilbert, John M. Opitz, Rudolf A. Raff, Resynthesizing Evolutionary and Developmental Biology, Developmental Biology Magazine, Vol173, P.357-372.