السؤال

من المعلوم أن الله تعالى ذكر في القرآن أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام، مما يعني مرور زمن عليه، فكيف يمكن الجمع بين هذا وبين كون الله أزلي، ولا يمر عليه زمن؛ لأن مرور الزمن ينافي الأزلية، وبالتالي يجعل لله ـ حاشاه سبحانه ـ صفات بشرية، وربما يتكرر الأمر أيضا مع مسألة حمل الملائكة للعرش ؟ وهل يتأثر الله سبحانه بالجاذبية الأرضية مع إنها قانون أرضي ؟

نص الجواب

الحمد لله.

أولا:  الله عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء، وهو الخالق لكل شيء من زمان ومكان

أخبر الله تعالى أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، فقال سبحانه:   إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) الأعراف/ 54 ، وقال عز وجل: ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ  ق/ 38

والمقصود: في مقدار ستة أيام، إما بأيام الدنيا، أو بأيام الله، وليس في أيامانا هذه؛ لأن اليوم يعرف بطلوع الشمس وغروبها، ولم تكن الشمس موجودة يومئذ، ولهذا يقول المفسرون: “في مقدار ستة أيام من أيامنا أو من أيام الله” وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (187655).

وأما قولك: إن ذلك يعني مرور الزمان عليه وأن هذا ينافي الأزلية، فغير صحيح، فالله هو الأول الذي ليس قبله شيء، وهو الخالق لكل شيء من زمان ومكان، وكونه خلق شيئا في مدة معينة، أو فعل فعلا يرتبط بزمن، لا يعني أن الزمان يسبقه، بل الزمان مقدار حركة الأفلاك، والأفلاك مخلوقة، مسبوقة بالعدم، مسبوقة بالخالق جل جلاله.

والحاصل:

أن الله تعالى إذا أخبر أنه خلق كذا في مدة كذا، أو أنه يفعل كذا في زمان كذا، كالنزول في ثلث الليل الآخر، فهذا لا يلزم منه أن الزمان يسبقه، ولا يخطر هذا ببال أحد، وإنما جاءتك الشبهة من استعمال كلمة مجملة، وهي: مرور زمان عليه، ولا ندري من أين اقتبستها، نسأل الله العافية.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (183941) .


ثانيا:  شاء الله تعالى أن يكون للعرش حملة، كيفما شاء وقدر

لا ندري ما علاقة حملة العرش بالجاذبية الأرضية، والعرش سقف المخلوقات كلها، والأرض ليست شيئا بالنسبة للمخلوقات، وكيف يخطر ببال عاقل أن العرش له حملة لتمنعه من الجاذبية الأرضية!

وإنما شاء الله تعالى أن يكون للعرش حملة، كيفما شاء وقدر، ولو شاء أن يكون العرش بلا حملة لفعل، فإنه لا يعجزه شيء، وهذه السماوات يمسكها الله تعالى، كما أخبر، حتى لا تقع على الأرض، كما قال:  وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ  الحج/65 .

ويمسك الأرض أن تزول من مكانها:  إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا  فاطر/41 .

ويمسك الطير كذلك:  أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ  النحل/79 .

والله سبحانه هو القيوم القائم على كل شيء، والمقيم لكل شيء، ولو شاء أن يكون عرشه بلا حملة لفعل، ولكنه اختار ذلك سبحانه.

ولا علاقة لذلك بكله بأن يكون لله جل جلاله شيء من صفات البشرية، تعالى الله عن ذلك، بل ما ثبت له من أسمائه الحسنى ، وصفاته العلى ، من الحياة والقدرة والسمع والبصر والكلام ، والوجه واليدين ، ونحو ذلك من صفاته العليا ؛ لا مثل لها من صفات خلقه ، ولا تشبه بصفات البشر ، واتفاق الصفات في الأسماء، لا يؤخذ منه إلا قدر ذهني مشترك، هو ضرورة للفهم، فلولا أنا نعقل الرحمة والقدرة والسمع والبصر من أنفسنا، ما فهمنا معنى اتصاف الله بالرحمة والقدرة والسمع والبصر، مع البون الشاسع بين صفة الخالق والمخلوق، فما بين صفات الخالق وصفات خلقه من المباينة ، كما بين ذاته المقدسة وذوات خلقه من المباينة أيضا ؛ فهو سبحانه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ   الشورى/11.

وننصحك بالإقبال على العلم النافع، وأخذ العقيدة من كتب السلف، والحذر من سماع الشبهات، والتكلّف والتعمّق.

والله أعلم.

https://islamqa.info/ar/answers/334707/%D9%87%D9%84-%D8%AE%D9%84%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%84%D9%84%D8%B3%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D8%B6-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D8%AA%D8%A9-%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D9%8A%D8%B9%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%85%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D8%A8%D9%82%D9%87