ماذا عن تجربة يوري- ميلر وهل استطاع العلماء إنشاء حياة في معمل؟

تجربة يوري- ميلر جرت عام 1952م في جامعة شيكاغو، على يد اتنين من العلماء ستانلي ميلر Stanley Miller ومساعده هارولد يوري Harold Urey.

تُبين هذه التجربة كيف أن الميثان والأمونيا من الممكن أن يتحولا إلى أحماض أمينية.

لكن السؤال هنا: ما علاقة هذا بالحياة؟

الأحماض الأمينية هي: تركيبات كيميائية، هذه التركيبات من الممكن أن تملأ أحد المحيطات، لكن هل تستطيع من هذا المحيط أن تُوجِد ولو أبسط صور الحياة؟

الأحماض الامينية في كل مكان؛ فاصنَع منها حياة!

والعجيب في تجربة يوري- ميلر أن الهيدروجين الذي هو أساس هذه التجربة؛ والذي افترضوا وجوده بكثافة في بيئة الأرض الأولى، هذا الهيدروجين وهو المسئول عن تحويل النيتروجين إلى أمونيا وثاني أوكسيد الكربون إلى ميثان، هذا الهيدروجين من الثابت علميًا أنه لم يكن موجودًا في بيئة الارض الأولى تقريبًا فهو بمجرد خروجه من البراكين يتسرب سريعًا نحو الفضاء.

بينما يوري وميلر افترضا أن 76% من بيئة الارض الأولى هي من الهيدروجين حتى تسير المعادلة وأجريا تجاربهما على هذا الأساس.[1]

الأغرب من ذلك أنهما أيضًا افترضا عدم وجود الأوكسجين في بيئة الارض الأولى، لأن وجوده يعني تدمير الميثان إلى ثاني أوكسيد كربون وماء، وتدمير الأمونيا إلى نيتروجين وماء!

لكنهما تناسيا أن الأوكسجين لو لم يكن موجودًا فلن تكون هناك طبقة أوزون!

وهذا يعني أن الأشعة فوق البنفسجية Ultraviolet Rays والأشعة الكونية ستصلان للأرض بكثافة لأن طبقة الأوزون تحمي الأرض من هذه الأشعة المدمرة، ولو نفذت هذه الأشعة للأرض فإن هذا سيؤدي لتدمير الأمونيا فورًا!

والأمونيا هي عصب الحمض الأميني.

ففي كل الحالات سواءًا افترضنا وجود الأوكسجين أو لم نفترض وجوده، لن تظهر لدينا لبِنات الحمض الأميني أصلاً!

والحمض الأميني في الأخير ليس له علاقة بمفهوم الحياة؛ فالأحماض الأمينية مهما ازدحمت لن تخرج بشيء!

فالحياة تبدأ بشفرة؛ الحياة تبدأ بمعلومة وليس بمادة؛ نعم! الحياة نظام معلوماتي.

فكل كائن حي بداخله شفرة من الشريط الوراثي الDNA تُشفر كل وظائفه.

شفرة مكتوبة حرفياً، ولا يوجد كائن حي دون أن تُشفر وظائفه داخل الشريط الوراثي الDNA الخاص به!

هذا الشريط الوراثي الذي نطلق عليه اسم الجينوم يكون متواجدًا عندك داخل نواة الخلية.

فعينك مُشفره داخل الشريط الوراثي الخاص بكل خلية من خلاياك، كذلك لون شعرك وطولك ووظائف غددك وأعضائك، كل أعضائك ووظائفك الحيوية مُشفرة داخل كل خلية من خلاياك، وكل كائن حي مهما صغر أو كَبُر يتم تشفير كل أعضائه في الشريط الوراثي الخاص به قبل أن يظهر!

عملية تشفير المعلومة قبل ظهورها هي عملية مدهشة!

والأكثر دهشة هو: كيف تتحول الشفرة إلى لحم ودم؟ كيف لكلمات مكتوبة أن تتحول إلى كِلية وشبكية عين وخلايا جلد ووظائف متخصصة مبهرة وغدد، وما لا حصر له من عجائب الخلق؟

هذه بعض أسرار بداية الحياة.

فالحياة ليست مُكونًا ماديًا وإنما مُكون معلوماتي.

لا علاقة للحياة بالحمض الأميني سواءًا وُجِد أو لم يُوجد.

فالحياة معلومة وليست مادة.

[1] أيقونات التطور، جوناثان ويلز، ص23.