قال تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [البقرة: 51-53]، وقد كان موسى عليه السلام عندما بعثه الله عز وجل إلى فرعون إنما بعثنه بأصول الدين من التوحيد، وإقامة الصلاة لذكر الله، ووجوب الإيمان بالبعث بعد الموت، ولم يكن قد أنزل عليه التوراة.

قال تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [البقرة: 51-53]، وقد كان موسى عليه السلام عندما بعثه الله عز وجل إلى فرعون إنما بعثنه بأصول الدين من التوحيد، وإقامة الصلاة لذكر الله، ووجوب الإيمان بالبعث بعد الموت، ولم يكن قد أنزل عليه التوراة.

فلما انتهت مهمة موسى -عليه السلام- الخاصة بفرعون وملئه، وأغرق الله فرعون وجنده، فاستراح -عليه السلام- من متاعب فرعون وملئه، وبدأت متاعب موسى وهارون من بني إسرائيل، فلما خلص موسى إلى سيناء، وصار مختصًا ببني إسرائيل وهم في حاجة ماسة إلى نظام يشمل حوائجهم في معاشهم ومعادهم، ويفرق لهم بين الحق والباطل، ويبين لهم الحلال والحرام؛ هيأ الله عز وجل موسی -علیه السلام- ليلقي عليه التوراة المشتملة على الأحكام التي تسلك بأهلها صراط الله المستقيم.

وحالة موسی -علیه السلام- هذه تشبه حالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حياته النبوية قبل الهجرة وبعدها، فإن القرآن المكي كان ينزل لتقرير التوحيد والرسالة والإيمان بالبعث بعد الموت، أما القرآن المدني فإنه زيادة على ذلك جاء بتقرير نظام الدولة الإسلامية، والمجتمع السعيد، وما يحتاجه كل فرد لصلاح معاشه ومعاده.

ولذلك ساق القرآن العظيم ما أوصى الله عز وجل به موسی -علیه السلام- عندما بعثه بالتوحيد والصلاة والإيمان بالبعث بعد الموت؛ حيث يقول عز وجل في سورة طه: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى} [طه: 11-16].

وكما قال عز وجل في سورة النازعات: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} [النازعات: 15-25].

ولما أغرق الله فرعون ونجی بني إسرائيل صار لموسى -عليه السلام- دولة في حاجة إلى النظام الشامل، والنور الذي يسلكه موسى والمؤمنون ليهتدوا به إلى الصراط المستقيم([1]).


[1] – تهذيب التفسير وتجريد التأويل 1/132-133.