يعيب اعداء الاسلام على الشريعه الاسلاميه فى أمر ميراث المرأة وأن كونها ترث نصف ميراث الرجل في هذا الامر –كما يدعون- ظلم للمرأة وجور على حقها وانتقاص لها , ويتخذون من هذا الامر مدخلا لمهاجمة الاسلام وشريعته وتنفير الناس منه بل وزعزعة ايمان المؤمنين به خاصة من النساء .

وقبل ان اتكلم عن ميراث المرأة فى الاسلام أريد أن اوضح ابتداء أن المرأة قبل الاسلام لم تكن ترث بل كانت تورَث مثلها فى ذلك مثل الغنم والاثاث , وبالرجوع الى الشرائع السماويه السابقه للاسلام والتى يعيب اصحابها ان ترث المرأة نصف ميراث اخيها الذكر (لان المرأة فى حالات اخرى ترث اكثر من الذكور كما سنرى) نجد ان فى الشرائع الاخرى ومن الكتاب المقدس ان الابناء الذكور فقط هم الذين يرثون ولا ترث الانثى شيئا من مال ابيها او ملكه اذا كان له ابناء ذكور بل وحتى بين الابناء الذكور نجد ان الابن البكر له الميزة الاكبر بين باقى اخوانه الذكور , اى تحرم الانثى تماما فى حالة وجود ابن ذكر ولا يتساوى حتى الابناء الذكور فى الميراث , ولندع النصوص تتكلم .

أولا هذا النص يوضح أن الذى يرث هم الابناء الذكور وليس البنات

اللاويين 25 : 46 وَتَسْتَمْلِكُونَهُمْ لأَبْنَائِكُمْ مِنْ بَعْدِكُمْ مِيرَاثَ مُلْكٍ. تَسْتَعْبِدُونَهُمْ إِلَى الدَّهْرِ. وَأَمَّا إِخْوَتُكُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلاَ يَتَسَلَّطْ إِنْسَانٌ عَلَى أَخِيهِ بِعُنْفٍ.

ونرى فى هذا النص التالى أن الميراث لا يكون للبنات ولاينتقل اليهن شيئ من الميراث اذا كان لهم اخوة ذكور واذا كان لا يوجد ابناء ذكور ينتقل لهن الميراث ولا يأخذ اى انسان من اقارب الموروث شيئ ولا من ذوات رحمة ومن لهم عليه فضل مثل ابيه او امه او اخوانه بل اذا وجد الابناء الذكور حُرم الجميع من الميراث بما فيهم البنات واذا لم يوجد ابناء ذكور ووجد بنات تأخذ هى او هن الميراث ولا يرث احد غيرهم وهكذا مما فيه ظلم لباقى ذوات الرحم وربما يسبب البغض والحقد بل وربما التآمر وتدبير المكائد

العدد 27 : 6 فَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً:

7 «بِحَقّ تَكَلَّمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ، فَتُعْطِيهِنَّ مُلْكَ نَصِيبٍ بَيْنَ إِخْوَةِ أَبِيهنَّ، وَتَنْقُلُ نَصِيبَ أَبِيهِنَّ إِلَيْهِنَّ.

8 وَتُكَلِّمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: أَيُّمَا رَجُل مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ، تَنْقُلُونَ مُلْكَهُ إِلَى ابْنَتِهِ.

9 وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ ابْنَةٌ، تُعْطُوا مُلْكَهُ لإِخْوَتِهِ.

10 وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِخْوَةٌ، تُعْطُوا مُلْكَهُ لإخوَةِ أَبِيهِ.

11 وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لأَبِيهِ إِخْوَةٌ، تُعْطُوا مُلْكَهُ لِنَسِيبِهِ الأَقْرَبِ إِلَيْهِ مِنْ عَشِيرَتِهِ فَيَرِثُهُ». فَصَارَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَرِيضَةَ قَضَاءٍ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.

وفيما يخص التفريق بين الابناء الذكور فى الميراث وتوضيح الظلم الواقع فى تقسيم الميراث بين الابناء لمجرد ان احدهم هو البكر نجد النص التالى يقول

التثنية 21 : 15 إِنْ كَانَ رَجُلٌ مُتَزَوِّجاً مِنِ امْرَأَتَيْنِ، يُؤْثِرُ إِحْدَاهُمَا وَيَنْفُرُ مِنَ الأُخْرَى، فَوَلَدَتْ كِلْتَاهُمَا لَهُ أَبْنَاءً، وَكَانَ الابْنُ الْبِكْرُ مِنْ إِنْجَابِ الْمَكْرُوهَةِ،

16 فَحِينَ يُوَزِّعُ مِيرَاثَهُ عَلَى أَبْنَائِهِ، لاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ الزَّوْجَةِ الأَثِيرَةِ لِيَجْعَلَهُ بِكْرَهُ فِي الْمِيرَاثِ عَلَى بِكْرِهِ ابْنِ الزَّوْجَةِ الْمَكْرُوهَةِ.

17 بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَرِفَ بِبَكُورِيَّةِ ابْنِ الْمَكْرُوهَةِ، وَيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يَمْلِكُهُ، لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ مَظْهَرِ قُدْرَتِهِ، وَلَهُ حَقُّ الْبَكُورِيَّةِ.

يوضح النص أن الابن البكر (من له حق البكوره) يرث نصيب اثنين من كل ما يملكه الموروث , فنرى هنا التفضيل للبكر بنصيب الاثنين من امثاله وهو ما يعيبه المشككون فى الشريعه الاسلاميه عندما اعطى المرأة نصف الذكر (فى بعض الحالات) ولكن بالطبع لا يذكر هذا الامر احد . فهل فى هذا الامر عدل ومساواه بين الابناء ؟؟!

وكما نرى كل هذه التفصيلات مذكوره فى العهد القديم ولا يوجد شيئ عن تقسيم المواريث فى العهد الجديد كما ان المسيح لم ينقض مثل هذا التشريع , فإما أن يكون التشريع للنصارى هو نفسه عند اليهود بأتباعهم العهد القديم (وهذا رأى بعضهم) أو على النصارى أن يأتوا لنا بتشريع جديد يتم تقسيم الميراث على اساسه , وبالطبع لن يجدوا . فلا يوجد فى المسيحيه تشريع يتم تقسيم الميراث على اساسه او يحتكم اليه اتباعه فى مثل هذه الامور وليس امامهم الا اتباع ما جاء فى العهد القديم الذى يؤمنون به فى كتابهم المقدس والذى كما رأينا لا يعطى المرأة او اى انسان آخر اى حق فى الميراث اذا كان للموروث ابناء ذكور.

================================

وأما بالنسبه للتشريع فى الاسلام فإنه من الخطأ تعميم القول بأن المرأة في الميراث الإسلامي تأخذ نصف نصيب الرجل، بل المرأة لها أربع حالات، الأولى : أن تأخذ المرأة نصف الرجل، والثانية : أن تأخذ المرأة مثل الرجل، والثالثة : أن تأخذ المرأة أكثر من الرجل، والرابعة : أن ترث المرأة ولا يرث الرجل.

الحالة الأولى : أن ترث المرأة نصف الرجل، ولذلك أربع صور، هي الآتية :

1 = إذا ورث المتوفى بنته مع ابنه. 2 = أو بنت ابنه مع ابن ابنه.

3 = أو أخته الشقيقة مع أخيه الشقيق. 4 = أو أخته لأب مع أخيه لأب.

الحالة الثانية : أن يكون نصيب المرأة مساويا لنصيب الرجل، ولهذه الحالة صور، منها :

صورة رقم (1) : إذا توفي شخص وترك بنتا وأبا، فإن نصيب البنت هو نصف الميراث، بينما نصيب الأب هو : سدس الميراث مع باقي الميراث وهو في هذه الحالة السدسان (أي : ما مجموعه النصف الآخر من التركة)، ففي هذه الحالة تأخذ بنت المتوفى مثل نصيب أبي المتوفى.

صورة رقم (2) : إذا توفي شخص وترك بنتا وابن ابن، فإن نصيب البنت هو نصف الميراث، وابن الابن هنا عصبة ، والعصبة يأخذ ما بقي من التركة إن بقي منها شيء، وباقي التركة في هذه الحالة هو النصف، وهكذا ترى هنا أن بنت المتوفى قد أخذت مثل نصيب ابن ابن المتوفى.

صورة رقم (3) : إذا توفي شخص وترك بنتا وأخا واحدا، فإن نصيب البنت هو نصف الميراث، والأخ هنا عصبة، فسيأخذ باقي الميراث، والباقي في هذه الحالة هو النصف، وهكذا ترى هنا أن بنت المتوفى قد أخذت مثل نصيب أخ المتوفى.

الحالة الثالثة : أن يكون نصيب المرأة أكثر من نصيب الرجل، ولهذه الحالة صور أيضا، منها ما يلي :

صورة رقم (4) : إذا توفي شخص وترك بنتا وأما وأبا، فهذه الحالة مثل الحالة رقم (1) لكن مع زيادة الأم، وستأخذ الأم سدس الميراث، لكن هذا السدس لن يخفض من نصيب البنت شيئا، بل سيخفض من نصيب الأب، وعليه فسيكون نصيب بنت المتوفى نصف الميراث، ونصيب الأم سدس الميراث، ونصيب الأب هو : سدس الميراث مع باقي الميراث وهو في هذه الحالة السدس فقط (أي : ما مجموعه ثلث التركة)، وهكذا ترى في هذه الحالة أن بنت المتوفى قد أخذت أكثر من نصيب جدها.

صورة رقم (5) : إذا توفي شخص وترك بنتا وعشرة إخوة، فإن نصيب البنت هو نصف الميراث، والإخوة العشرة هنا عصبة، فسيأخذون الباقي، أي أن العشرة سيشتركون في نصف الميراث، وهذا يعني أن بنت المتوفى وحدها ستأخذ نصف التركة، وكل واحد من الإخوة سيأخذ (1/20) من التركة، فلو فرضنا أن المتوفى ترك مائة دونم، فستأخذ البنت وحدها خمسين دونما، وسيأخذ كل واحد من الإخوة دونمين ونصف.

صورة رقم (6) : إذا توفي شخص وترك بنتين وثلاثة أعمام، فإن نصيب البنتين معا هو الثلثان من الميراث، والأعمام الثلاثة هنا عصبة، فسيأخذون الباقي، أي أن الأعمام الثلاثة سيشتركون في باقي الميراث، وهو الثلث، وهذا يعني أن بنتي المتوفى وحدها ستأخذان ثلثي التركة، وكل واحد من الأعمام سيأخذ (1/9) من التركة، فلو فرضنا أن المتوفى ترك تسعين دونما، فستأخذ كل بنت ثلاثين دونما، وسيأخذ كل واحد من الأعمام عشرة دونمات.

الحالة الرابعة : أن ترث المرأة ولا يرث الرجل.

ولهذه الحالة صور ، منها ما يلي :

صورة رقم (7) : إذا توفي شخص وترك بنتا وأختا شقيقة وأخا لأب، فإن البنت ستأخذ نصف الميراث، والأخت الشقيقة هنا عصبة مع البنت، فستأخذ الباقي، وكل من البنت والأخت الشقيقة معا سيحجبان الأخ الشقيق ولن يرث شيئا، بينما لو لم توجد الأخت الشقيقة ، فسيكون الأخ لأب عصبة وسيأخذ هو الباقي، وهذا يعني أن الأخت الشقيقة مع البنت حجبا الأخ لأب.

تنبيه هام

إن أصحاب الفروض هم : “الوارثون الذين يرثون كسرا محددا ونسبة معينة من التركة”، كالنصف أو الثلث أو الربع أو السدس، بينما العصبات بالنفس فهم : “الوارثون الذين يرثون ما يبقى من التركة بعد أصحاب الفروض”، ويلاحظ أن أكثر أصحاب الفروض نساء، وأن جميع العصبات بالنفس رجال، وهذا يعني ما يلي :

1 ) أن أولوية التقسيم في الميراث هي لأصحاب الفروض الذين أغلبهم من النساء، ثم ما يبقى يعطى للعصبات بالنفس الذين جميعهم رجال.

2 ) إنه لا مجال لأن يقل نصيب المرأة عن تلك النسبة المحددة لها في الشرع، فلو شاركها وارثون آخرون في الميراث فلن تقل نسبتها عما حدده لها الشرع، أما الرجل الذي هو عصبة بالنفس فكلما دخل في الميراث وارث غيره قل نصيبه، ولو أن أصحاب الكسور أخذوا جميع التركة فإن هذا العصبة من الرجال لن يأخذ شيئا.

3 ) لو أن أصحاب الكسور زاد مجموع كسورهم عن الواحد الصحيح ، أي : زادت أنصبتهم عن القيمة الكلية للميراث، فإن الشرع أوجب توريثهم جميعا، حيث تقسم التركة بطريقة تسمى “العول” ، حيث أن العول يضمن لكل صاحب كسر أن يأخذ نسبته المحددة شرعا، بينما لو أخذ أصحاب الكسور جميع التركة ولم يبق من التركة مال، فإن العصبة من الرجال لن يأخذ شيئا، وهكذا يتبين لك أن الشرع لا يجري العول للعصبات، وإنما يجريه لأصحاب الفروض فقط.

بعد هذا التوضيح نتحدى اى انسان كائنا من كان أن يأتى بتشريع هو أحكم وأعدل من تشريع الله فى الاسلام الذى اعطى كل ذى حق حقه بحكمة بالغه لا يعلمها ولا يدركها فهم وعقل الحاقدين على الاسلام واهله وشرعه , فقد قسم الاسلام الميراث فى كل حاله بما يناسبها ولم يمنع ذوى الارحام والاقارب للمتوفى من ان يكون لهم نصيب فى الميراث حتى لا يوغل صدورهم او يوقع العداوة والبغضاء بين الاهل والاقارب واعطى كل واحد بحسب صلة قرابته وحاجته للمال ومدى كفالته لغيره وغير ذلك من الامور التى لم يكن لانسان بشر ان يدركها ويتداركها , وكيف لا وهذا تشريع رب العالمين واحكم الحاكمين “وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ”

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين