خالد بن الوليد رضي الله عنه
“سيف الله المسلول”

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي جعل لنا رجالاً يُوجِب علينا أن نسجد شكرًا لله لوجودِهم في الإسلام، رجالاً نظلُّ ندرسهم وندرس أخلاقهم كي نتعلَّم منهم ما هو أجمل، رجالاً تربَّوا في المدرسة المحمدية، رجالاً لا تَغِيب عنهم شمس الحق، نَعرِض من هؤلاء الرجل الذي قال عنه خليفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أبو بكرٍ الصديق: “عَجَزتِ النساءُ أن يلدن مثل خالد”.

خالد بن الوليد – رضي الله عنه -:

خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن كعب، سيف الله – تعالى – وفارس الإسلام، ليث المشاهد، السيد الإمام الكبير، وقائد المجاهدين، أبو سليمان القرشي المخزومي المكي، وابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث.

هاجر مسلمًا في صفر سنة ثمان، ثم سار غازيًا فشهِد غزوة مؤتة، واستشهد أمراء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الثلاثة: مولاه زيد، وابن عمه جعفر ذو الجناحين، وابن رواحة، وبقي الجيش بلا أمير، فتأمَّر عليهم في الحال خالد، وأخذ الراية، وحمل على العدوِّ، فكان النصر، وسمَّاه النبي – صلى الله عليه وسلم – سيف الله، فقال: ((إن خالدًا سيف سلَّه الله على المشركين))، وشهِد الفتح، وحُنينًا، وتأمَّر في أيام النبي – صلى الله عليه وسلم – واحتسب أدراعه ولَأْمَته في سبيل الله، وحارب أهل الردة، ومسيلمة، وغزا العراق، واستظهر، ثم اخترق البرية السماوية، بحيث إنه قطع المفازة من حد العراق إلى أول الشام في خمس ليال، في عسكر معه، وشهد حروب الشام، ولم يبقَ في جسده قيد شبر إلا وعليه طابع الشهداء.

ومناقبه غزيرة، أمَّره الصديق على سائر أمراء الأجناد، وحاصر دمشق، فافتتحها هو وأبو عبيدة – رضي الله عنهما.

له في الصحيحين حديثانِ، وفي مسند بَقِيٍّ واحد وسبعون، توفِّي بحمص سنة إحدى وعشرين، وذكر محمد بن سلام قال: لم تبقَ امرأة من بني المغيرة إلا وضعت لَمَّتها على قبر خالد بن الوليد، يقول: حلقت رأسها[1].

خالد بن الوليد ورسول الله – صلى الله عليه وسلم -:

كان لخالد بن الوليد مواقفُ عدَّة مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نذكر بعضًا منها:

سيف الله المسلول:

نعى النبي – صلى الله عليه وسلم – زيدًا، وجعفرًا، وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، ثم قال: ((أخذ الراية زيد فأُصِيب، ثم أخذ جعفر فأُصِيب، ثم أخذ ابنُ رواحة فأُصِيب))، وعيناه تذرفان: ((حتى أخذ الرايةَ سيفٌ من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم))[2]، ومنذ ذلك الوقت لقِّب خالدٌ بسيف الله المسلول.

• عن أبي هريرة قال: نزلنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – منزلاً، فجعل الناس يمرُّون، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن هذا يا أبا هريرة؟))، فأقول: فلان، فيقول: ((نِعْمَ عبدالله هذا))، ويقول: ((مَن هذا؟))، فأقول: فلان، فيقول: ((بِئْس عبدالله هذا))، حتى مرَّ خالد بن الوليد، فقال: ((مَن هذا؟))، فقلتُ: هذا خالد بن الوليد، فقال: ((نِعْمَ عبدالله خالد بن الوليد، سيف من سيوف الله))[3].

من مواقف خالد بن الوليد:

• في الخامس والعشرين من رمضان سنة 8 هـ أرسل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خالد بن الوليد – رضي الله عنه – في ثلاثين فارسًا من أصحابه، وأمرهم بهدم “العُزَّى”، وكان سَدَنتها وحجَّابها من بني “شيبان” فلما انتهى إليها خالد هدمها وهو يردِّد[4]:

يا عُز كفرانَك لا سبحانَك إني رأيتُ اللهَ قد أهانَك

فشاء الله أن يهدم كبرياء وعزة الكفَّار على يد خالد بن الوليد بأمرٍ من خير البشر رسول الله – صلى الله عليه وسلم.

• كان خالد بن الوليد – رضي الله عنه – كلما افتتح موضعًا في العراق أخرج من غنائمه الخُمس فيوجه به إلى المدينة إلى أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – ويقسم باقي المَغْنَم في أصحابه، قال: إلى أن تحرَّكت الروم بأرض الشام، فنرجع الآن إلى ذكر فتوح الشام بعون الله وكرمه إن شاء الله تعالى، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، تمت بعون الله وتوفيقه آخر العصر في يوم الأحد شهر ربيع الآخر الذي خلت منه أيام 24 سنة 1278 من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام)[5].

• عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت خالد بن الوليد، يقول: ((لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية))[6].

هذا هو رجل الحرب الأول الذي شهِد له العالَم كله في اليرموك، فنذكر خالدًا في اليرموك كالأسد في الغابة.

وفي اليرموك خير شاهد على خالد بن الوليد – رضي الله عنه – حيث قال خليفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أبو بكر الصديق: “والله لأُنسِينَّ الروم وساوسَ الشيطان بخالد بن الوليد”.

اليرموك: “والله لأُنسِينَّ الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد”:

حدثت في السنة الثالثة عشرة من الهجرة قرب نهر اليرموك في شهر جمادى الآخرة بين المسلمين والروم، عدد جيش المسلمين ما بين ٤٠ – ٤٦ ألفًا، وقيل: أقل من ذلك، وعدد جيش الروم ٢٤٠ ألفًا، وقيل أكثر من ذلك.

كان قائد جيش المسلمين خالد بن الوليد، ومعه كبار قادة الفتح؛ مثل: أبي عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، والزبير بن العوام، وعكرمة بن أبي جهل.

قائد الروم: نذراق يساعده الفيقار وباهان.

ما قبل المعركة: بعدما وطد الخليفة الأول أبو بكر الصديق حكم المسلمين في داخل الجزيرة العربية، وجَّه أنظاره نحو أكبر دولتين في زمانه (الفرس والروم)، والتي كانتا تتنازعان السيادة على العراق وعلى سوريا، أعدَّ أبو بكر الحملات ووجهها إلى جنوب بلاد الشام عام ٦٣٣م، وكانت في حملات ثلاثٍ:

• الحملة الأولى بقيادة عمرو بن العاص الذي سلك الطريق الساحلي باتجاه فلسطين.

• الحملة الثانية بقيادة يزيد بن أبي سفيان.

• الحملة الثالثة: بقيادة شرحبيل بن حسنة الذي سلك طريق تبوك متجهًا نحو وادي الأُردُنِّ.

أول صدام بين الروم والمسلمين كان جنوب البحر الميِّت؛ حيث انتصر القائد المسلم يزيد بن أبي سفيان على البيزنطيين الذين انسحبوا بعد هذه الهزيمة، فلحق بهم يزيد بن أبي سفيان وهزمهم ثانيةً قرب مدينة غزة.

كذلك كان القائد عمرو بن العاص يسجِّل بدوره الانتصارات مجتاحًا المدن والقرى.

دب الذعر في نفوس البيزنطيين أمام انتصارات العرب وتقدُّمهم، وكان إمبراطور الروم البيزنطيين يومها اسمه هرقل، قد أصدر أوامره بتجهيز حملة كبيرة من مائة ألف مقاتل، وأعطى قيادتها إلى أخيه ثيودوروس.

إرسال أبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد للقتال:

علم الخليفة أبو بكر بما يعدُّه الإمبراطور الرومي من عُدَّة لمجابهة المسلمين، فأمر بإرسال أبي عبيدة بن الجراح على رأس جيش لمساعدة الجيوش الإسلامية الثلاثة التي تحارب في بلاد الشام، وكذلك أمر الخليفةُ القائد خالدَ بن الوليد الذي كان يفتح العراق، أمَره بالتوجه حالاً إلى الشام لمساعدة الجيش الإسلامي هناك، على أن تكون له القيادة العامة على جميع الفرق.

ظهر خالد بن الوليد فجأة في بلاد الشام بعدما اجتاز الصحراء السورية، وكان واقفًا شرقي دمشق في مؤخِّرة الجيش البيزنطي، وذلك في ٢٤ نيسان عام ٦٣٤م، ثم انضمَّ إلى بقية الجيوش الإسلامية وجمعها تحت قيادته في أجنادين، ودارت معركة مع البيزنطيين، كان النصر فيها للمسلمين.

محاصرة دمشق وفتحها بعد الانتصار في أجنادين:

أصبحت الطريق نحو الشام مفتوحة أمام المسلمين، وتوزعت الجيوش الإسلامية في أنحاء البلاد تفتحها وتخضعها لسيطرتها، فتوجَّه شرحبيل بن حسنة إلى الأردنِّ، وتوجَّه عمرو بن العاص إلى فلسطين، وتوجه خالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح إلى دمشق.

أخذت المدن تتساقط أمام تقدم المسلمين، وحقق خالد بن الوليد الانتصارات على البيزنطيين، وأصبحت دمشق في قبضة يده، وحاصرها لمدة ٦ أشهر، ثم دخلها بعدما صالَح أهلها بشروط ومبادئ؛ كالتي فرضها النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – سابقًا على تبوك وغيرها، والتي أصبحت نموذجًا لشروط الصلح مع سائر المدن الشامية، وفي الوقت ذاته كان أبو عبيدة بن الجراح يدخُل دمشق من مكان ثانٍ، والتقى الجيشان – جيش خالد وجيش أبي عبيدة.

بسقوط دمشق في أيدي المسلمين سارعت بقية المدن السورية إلى فتح أبوابها أمام قادة المسلمين، ومن هذه المدن: حمص، وحماة، وبعلبك، أما بيت المقدس وقيسارية، فلم تفتحا أبوابهما للمسلمين، وكانتا تنتظران نجدة من هرقل ملك البيزنطيين الموجود في أنطاكية، والذي كان يعمل لحشد جيش كبير جمعه من كافة أنحاء الإمبراطورية البيزنطية، وقيل: إنه بلغ نحو ٢٤٠ ألف مقاتل.

سبب المعركة: عندما علم المسلمون بنبأ حشد الجيوش البيزنطية في أنطاكية قرَّروا الانسحاب إلى مكان يكون باستطاعتِهم التحرُّك فيه بحريَّة أكثر، والاتصال بالخليفة في الحجاز، وبناءً على نصيحة خالد بن الوليد تراجع المسلمون إلى وادٍ يعرف بوادي اليرموك، وكان جيش البيزنطيين يَفُوقُ جيش المسلمين عددًا وعدَّةً؛ حيث بلغوا مائتين وأربعين ألفًا، في حين لم تتجاوزِ القوَّات العربية جميعُها أربعة وثلاثين ألفًا، وأمام هذا التفوق العددي الهائل أرسل القادة العرب يستأذنون الخليفة في أن يضمُّوا قواتهم، وأن يحتشدوا في منطقةٍ اختاروها على الشاطئ الأيسر لنهر اليرموك.. يبعد كثيرًا عن نقطة التقائه بنهر الأردنِّ، فلما جاءتهم موافقته نفذوا خطتهم وتولَّى القيادة العامة أبو عبيدة بن الجرَّاح.

علِم الرومُ بتجمُّع العرب فأسرعوا بدورهم وضمُّوا جيوشهم الأربعة لتعسكر على الجانب الأيمن لليرموك، مضى شهران والفريقان يستعدَّانِ، وجمع العرب المعلومات عن موقع الروم، فتبينوا أنهم يعسكرون في سهلٍ تُحيط به الجبال من ثلاث جهات، وليس لهم غير منفذ واحد من جهة الشرق، وكان هذا أحد الأخطاء التي ارتكبها الروم عند اليرموك، وقد استغلَّ العرب الخطأ فعبروا اليرموك، وأقاموا على ذلك المنفذ الوحيد لمعسكر الروم، كذلك أخطؤوا باختيارهم موقف الدفاع فلم يستفيدوا من ضخامة الجيوش التي عبَّؤوها، وكانت قواتهم سبعة أضعاف الجيوش الإسلامية مجتمعة، ومع ذلك لم تكن لديهم الشجاعة لبَدْء الهجوم على المسلمين.

أحداث المعركة: عسكر العربُ شمالي اليرموك، وأغلقوا المنفذ الوحيد لمعسكر الروم، ومضت الأيام وكل فريق في موقعه يحاول الروم الهجوم فيردهم العرب ثم يعودون إلى معسكراتهم، كتب المسلمون إلى الخليفة يطلبون المَدَد، فجعل أبو بكر يشاور الصحابة ويفكر، فأعلن أبو بكر قراره قائلاً: “والله لأُنسِينَّ الرومَ وساوس الشيطان بخالد بن الوليد”، فلم يُضِع خالد الوقت واختار طريقًا طويلة وصعبة كيلا يلقى مَن يعوق مسيرته من الروم أو حلفائهم العرب، قطع خالد الطريق من الحِيرة إلى بُصْرَى في ثمانية عشر يومًا، وبلغ اليرموك فأقام شهرًا يتعرف حركة الأعداء وتنظيمهم كما ذكرناه سابقًا.

كان هرقل قد عزَّز جيشه في اليرموك بالبطريق باهان، ونظَّم خالد الجيوش العربية في اليرموك، بعد توحيدِها، ونشط البطريق باهان في تعبئة الروم حتى بدا كأنه يستعد لهجوم سريع، على حين كانت الجيوش الإسلامية تقيم في معسكرات منفصلة، وكل قائد يدبِّر أمور جيشه بالطريقة التي يراها.

قسَّم خالد المجاهدين في الجيش الموحد فرقًا، عُرِفت باسم الكراديس، كل فرقة تسمى أوكردوس، يتكوَّن من ألف رجل، ووزع الكراديس على الميمنة والميسرة والقلب، جعل قيادة الميمنة لعمرو بن العاص، يعاونه شرحبيل بن حسنة، وعلى الميسرة أقام يزيد بن أبي سفيان، أما القلب، فأسند قيادته لأبي عبيدة بن الجراح ومعه عكرمة بن أبي جهل.

كان أبو عبيدة بن الجراح قد أوصى نساء المسلمين بأن يعترضن طريق مَن يضعف من المسلمين ويمنعنَه من الفرار، فحشدهن خالد وراء الجيش وأمرهن أن يقتلن كل مَن يمر بهن منهزمًا.

رسم خالد خطة لاستدراج الروم بعيدًا عن مواقعهم التي حفروا أمامها الخنادق، فكلف عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو التميمي الهجوم بكردوسيهما فجرًا حتى يبلغا خنادق الروم، وبعد ذلك يتظاهرانِ بالانهزام ويتقهقران، ونفذ القائدان المهمة بنجاح، فلم يكادا يأخذانِ في التراجع حتى أمر باهان فرسان الروم بالهجوم، وكان جيش الروم ثمانين ألف فارس، وكان عكرمة يقود كردوسه أمام الخيمة التي اتخذها خالد مقرًّا لقيادته عندما شاهد الروم يدفعون قوات الميمنة إلى الوراء، فيتراجع أغلب رجالها، وفي الحال صاح مناديًا: مَن يبايع على الموت؟ وسرعان ما تبعه أربعمائة من فرسان المسلمين، واندفعوا لنجدة الميمنة غير مبالين بما يصيبهم، وأفلحوا في صد الهجوم الرومي على الميمنة بعد قتال استشهد فيه عدد كبير منهم، واستمر القتال إلى الغروب، وأخيرًا تمكَّن المسلمون من الفصل بين فرسان الروم ومُشاتِهم، فأمر خالد بمحاصرة الفرسان حصارًا شديدًا فلما ضاق فرسان الروم بالقتال وأصابهم التعب، فتح المسلمون أمامهم ثغرة أغرَتْهم بالخروج منها طالبين النجاة، تاركين المشاة لمصيرهم!

مصير المشاة الهاوية:

كان جيش الروم قد اتخذوا خنادقهم في مواجهة العرب ومن ورائهم هاوية عميقة هي هاوية الواقواصة، وفي هذه الخنادق رابطوا بعد أن شدُّوا أنفسهم بالسلاسل والعمائم كل عشرة معًا، ليمنعوا مرور العرب من بينهم، وأيضًا ليستحيل الفرار على مَن يضعف منهم، فلما أخلى فرسانهم الميدان واقتحم العرب عليهم الخنادق جعلوا يتراجعون ويسقطون في الهاوية عشرات! مئات! ألوفًا! مائة ألف منهم أو يزيد قُتِلوا في ذلك اليوم من العام ٦٣٤ الميلادي، وقتل معهم أخو هرقل وعدد كبير من أمرائهم.

استطاع باهان أن يهرب، لكن انتصار اليرموك كان بداية النهاية في تاريخ الإمبراطورية الرومانية وطليعة الفتوح الإسلامية.

هذا هو خالد، خالد الذي جاهد في سبيل الله حق جهاده، كان يتمنى الموت في سبيل الله وما كان إلا أن يُعِزَّ الله الإسلام على يدِه، ففتح وحارب وقاتل في سبيل الله.

يقول الشاعر في خالد:

وثب الهُمامُ لحربِه زأروا وبكفه الصمصامة البتارُ يجلي به الظلماءَ عن وجه الدُّنا وبحدِّه تتلألأُ الأنوارُ وإذا امتطَى الخيل العتاق رأيتَه بين الصفوف كأنه الإعصارُ هذا لَعَمْرُ اللهِ خالد إنه سيفُ الإلهِ على العدا قهارُ هذا الذي عشق الشهادة مخلصًا ولسوحِها دومًا هو الكرَّارُ هيَّا شباب الحق فاحذوا حذوَه كصقورِ عزٍّ للعلا قد طاروا هيَّا وكونوا للجهادِ ضياغمًا تحمي العرينَ تهابُها الأشرارُ ابنَ الوليد سُقيتَ واكفَ رحمةٍ ما ثار في الحربِ الضروس غبارُ

وفاته – رضي الله عنه -:

استقرَّ خالد في حمص – من بلاد الشام – فلما جاءه الموت، وشعر بدُنُوِّ أجله، قال: لقد شهِدتُ مائة معركة أو زُهاءها، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيفٍ، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، ألا فلا نامَت أعينُ الجبناء.

وكانت وفاته سنة إحدى وعشرين من الهجرة النبوية، مات مَن قال عنه الصحابة: الرجل الذي لا ينام، ولا يترك أحدًا ينام، وأوصى بتركتِه لعمر بن الخطاب، والتي كانت مكوَّنة من فرسه وسلاحه.

——————————————————————————–

[1]إمتاع الأسماع (1 / 363).

[2] صحيح البخاري (5 / 143).

[3]سنن الترمذي، ت/ شاكر (5 / 688).

[4] نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان (1 / 319).

[5]كتاب الردة للواقدي (1 / 21).

[6] صحيح البخاري (5 / 144).