الزبير بن العوام بن خويلد

“حواري رسول الله”

الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وعمل بسنَّته إلى يوم الدين.

ونحن الآن مع موعد مع صحابي من صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حواري رسُول الله – صلى اللهُ عليه وسلم – وابنُ عمته صفية بنت عبدالمُطلب، وأحدُ العشرة المشهُود لهُم بالجنة، وأحدُ الستة أهل الشورى، وأولُ من سلَّ سيفَهُ في سبيل الله، أبُو عبدالله – رضي اللهُ عنهُ – أسلم وهُو حدَثٌ، لهُ ست عشرة سنةً.

الزبير بن العوام – رضي الله عنه -:

هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، روى أحاديث يسيرة، اتفقا له على حديثين، وانفرد له البخاري بأربعة أحاديث، ومسلم بحديث.

وعن عمر بن مصعب بن الزبير قال: قاتل الزبير مع نبي الله وله سبع عشرة سنة، وقال هشام بن عروة عن أبيه، قال: كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء، فنزل جبريل على سيماء الزبير، وهو ممَّن هاجر إلى الحبشة، فيما نقله موسى بن عقبة، وابن إسحاق، ولم يُطِل الإقامة بها.

عن علي بن زيد: أخبرني مَن رأى الزبير، وفي صدره أمثال العيون من الطعن والرمي، وعن عروة قال: كان في الزبير ثلاثُ ضربات بالسيف، إحداهن في عاتقه، إن كنتُ لأُدخِل أصابعي فيها، ضُرب ثنتين يوم بدر، وواحدة في اليرموك.

عن ابن عباس أنه قال للزبير يوم الجمل: يا بن صفيَّةَ، هذه عائشة تملِكُ طلحةَ، وأنت علامَ تُقاتِلُ قريبَك عليًّا؟ فرجع الزبير، فلقيه ابن جُرموز فقتَله.

قال البخاري وغيره: قتل في رجب سنة ست وثلاثين[1].

يقول شاعر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الزبير بن العوام:

أقام على عهد النبيِ وهديِه
حواريه والقولُ بالفعلِ يُعدَلُ
أقام على منهاجه وطريقه
يوالي وليَّ الحقِّ والحقُّ أعدلُ
هو الفارس المشهور والبطل الذي
يصولُ إذا ما كان يوم محجل
له من رسول الله قربى قريبةٌ
ومن نصرةِ الإسلام مجدٌ مؤثَّلُ
فكم كربةٍ ذبَّ الزبيرُ بسيفه
عن المصطفى واللهُ يُعطي فيُجزِل

 

مواقف من حياة حواري رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:

• عن جابر – رضي الله عنه – قال: قال النبيُّ – صلى الله عليه وسلم -: ((إن لكل نبيٍّ حواريًّا، وإن حواريِّي الزبيرُ بن العوام))[2].

• عن مروانَ بن الحكم، قال: أصاب عثمانَ بن عفان رعافٌ شديدٌ سنةَ الرُّعاف، حتى حبسه عن الحج، وأوصى، فدخل عليه رجلٌ من قريش قال: استخلِفْ، قال: وقالوه؟ قال: نعم، قال: ومن؟ فسكَت، فدخل عليه رجل آخر – أحسبه الحارث – فقال: استخلِفْ، فقال عثمان: وقالوا؟ فقال: نعم، قال: ومن هو؟ فسكَت، قال: فلعلَّهم قالوا الزبير، قال: نعم، قال: أما والذي نفسي بيده، إنه لخيرُهم ما علمت، وإن كان لأحبَّهم إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم[3].

 

• عن عبدالله بن الزبير، قال: كنتُ يوم الأحزاب جُعِلْتُ أنا وعمرُ بن أبي سلمة في النساء، فنظرت فإذا أنا بالزبير على فرسه، يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثًا، فلما رجعت قلت: يا أبتِ، رأيتُك تختلف؟ قال: أوَهَلْ رأيتني يا بني؟ قلت: نعم، قال: كان رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((منِ يأت بني قريظة فيأتيني بخبرِهم))، فانطلقت، فلما رجعت جمع لي رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – أبويه فقال: ((فداك أبي وأمي))[4].

 

قال الزبير بن العوام وهو يوصي ابنه: عن هشام بن عروة، قال: أوصى الزبير إلى ابنه عبدالله صبيحةَ الجمل، فقال: “ما مني عضوٌ إلا وقد جُرح مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى انتهى ذلك إلى فَرْجِه”[5].

 

• عن ابنة جعفر بن الزبير بن العوام، عن أبيها، عن جدها الزبير بن العوام أنه سمعه يقول: دعا لي رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – ولولدي ولولدِ ولدي.

 

قال: فسمعتُ أبي يقول لأختٍ لي كانت أسنَّ مني: يا بنيَّةُ، إنَّكِ ممَّن أصابته دعوةُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم[6].

 

وتربى الزبير بن العوام في بيئة قوية؛ حيث روى هشام عن أبيه عروة أن الزبيرَ كان طويلاً تخطُّ رِجلاه الأرض إذا ركب الدابة، أشعرَ، وكانت أمه صفيةُ تضربُه ضربًا شديدًا وهو يتيم، فقيل لها قتلتِه أهلكتِه، قالت:

إنما أضرِبُه لكي يدِب
ويجرَّ الجيشَ ذا الجلَبْ[7]

غزوة بدر:

• عن إسماعيل بن أبي خالد، عن البهي، قال: “كان يوم بدر مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فارسان: الزبير بن العوام على فرس على الميمنة، والمقداد بن الأسود على فرس على الميسرة”[8].

 

• وهو أولُ من سلَّ سيفًا في سبيل الله، وكان يوم بدر على الميمنة، وعليه ريطة صفراءُ قد اعتجر بها، فنزلت الملائكةُ على سيماه؛ وذلك لأنهُ أولُ حربها، فنزلت على سيما أوَّلِ محارب.

 

روى عن رسول الله ثمانية وثلاثين حديثًا مثل طلحة، أخرج له منها في الصحيحين تسعة[9].

 

يوم أحد:

قالت عائشة – رضي الله عنها -: يا ابن أختي، كان أبواك، تعني الزبير وأبا بكرٍ – رضي الله عنهما – من الذين استجابوا لله والرسول من بعدِ ما أصابهم القرح، قالت: لما انصرف المشركون من أُحُدٍ وأصاب النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – وأصحابَه ما أصابهم، خاف أن يرجعوا، فقال: ((من ينتدب لهؤلاء في آثارِهم حتى يعلموا أن بنا قوة؟))، قال: فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين، فخرجوا في آثار القوم فسمعوا بهم، وانصرفوا بنعمة من الله وفضل، قالت: لم يلقَوْا عدوًّا[10].

 

يوم الشورى:

قال عمرُ: إنهم يقولون: استخلِفْ علينا، فإن حدَث بي حدثٌ فالأمرُ في هؤلاء الستَّةِ الذين فارَقهُم رسولُ الله – صلى اللهُ عليه وسلم – وهو عنهم راضٍ، ثم سمَّاهم، ومنهم الزبير بن العوام.

 

هذا هو بطل الأبطال، إنه صاحب السيفِ الصارم، صاحب الرأي الحازم، الذي كان لربه مسكينًا، إنه صاحب الهجرتينِ، المصلِّي إلى القبلتينِ.


[1] إمتاع الأسماع (1 / 364).

[2] صحيح البخاري (5 / 21).

[3] المرجع السابق.

[4] صحيح البخاري (5 / 21).

[5] سنن الترمذي، ت. شاكر (5 / 647).

[6] المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي (3 / 193).

[7] سير أعلام النبلاء، ط. الحديث (3 / 34).

[8] المعجم الكبير للطبراني (1 / 120(

[9] كشف المشكل من حديث الصحيحين (1 / 226)

[10] السنن الكبرى للبيهقي (6 / 598)

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/culture/0/57172/#ixzz6Lt7PsHVd