هو بلال بن رباح الحبشي القرشي بالولاء التيمي، أبو عبدالله أو أبو عبدالرحمن، اشتراه أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – من المشركين حين عذَّبوه على الإسلام فأعتقه، فلزم النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – وأذَّن له، وشهد معه جميع المشاهد.

آخى النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، ثم خرج بلال بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – مجاهدًا إلى أن مات بالشام، وكان خازنًا للنبي – صلى الله عليه وسلم – وكان قديم الإسلام والهجرة، وكان أولاً عند أمية بن خلف، فجاء أنه كان يُخرجه إذا حمِيتْ الظهيرةُ فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره ثم يقول: لا تزال على ذلك حتى تموت أو تكفر بمحمد، فيقول وهو في ذلك: أحدٌ أحد! فمر به أبو بكر فاشتراه منه بعبد له أسود جَلْد، فصار بلال سببًا لقتل أمية يوم بدر… وكان عمر يقول فيه: إنه سيدنا وعتيق سيدنا.

وفضائله مشهورة، توفي بالشام زمنَ عمر وهو ابن ثلاث وستين، قيل: مات سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس، وقيل: سنة عشرين.[1]

مواقف من حياته – رضي الله عنه -:

• أصبح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يومًا فدعا بلالاً، فقال: ((يا بلال، بمَ سبقتَني إلى الجنة البارحة؟! فسمعت خشخشتك أمامي، فأتيت على قصرٍ من ذهب مربع مشرف، فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لرجل من قريش، فقلت: أنا قرشي، لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب))، فقال بلال: يا رسول الله، ما أذَّنتُ قط إلا صليتُ ركعتين، وما أصابني حدث إلا توضأت عندها، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((بهذا))[2].

• وكان عمر يقول: “أبو بكر سيدُنا، وأعتق سيدَنا” يعني بلالاً[3].

• عن قيس، أن بلالاً قال لأبي بكر: “إن كنتَ إنما اشتريتني لنفسك، فأمسكْني، وإن كنت إنما اشتريتني لله، فدعْني وعمل الله”[4].

• عن عمرو بن ميمون، أن أخًا لبلال كان ينتمي إلى العرب ويزعم أنه منهم، فخطب امرأةً من العرب، فقالوا: إن حضر بلال زوَّجناك، قال: فحضر بلال فقال: “أنا بلال بن رباح، وهذا أخي وهو امرؤ سيِّئ الخُلق والدِّين، فإن شئتم أن تزوجوه فزوِّجوه، وإن شئتم أن تدَعوا فدَعوا”، فقالوا: من تكن أخاه نزوِّجْه، فزوَّجُوه[5].

• عن واثلة بن الأسقع – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((خير السودان ثلاثة: لقمان وبلال ومهجع مولى رسول الله – صلى الله عليه وسلم -))[6].

• وعن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((يا بلال، أرحنا بالصلاة))[7].

• عن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: سِرْنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – ليلة، فقال بعضُ القوم: لو عرست بنا يا رسول الله، قال: ((أخاف أن تناموا عن الصلاة))، قال بلال: أنا أوقظكم، فاضطجَعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته، فغلبتْه عيناه فنام، فاستيقظ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – وقد طلع حاجبُ الشمس، فقال: ((يا بلال، أين ما قلتَ؟))، قال: ما أُلقِيتْ عليَّ نومةٌ مثلها قط، قال: ((إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردَّها عليكم حين شاء، يا بلال، قم فأذن بالناس بالصلاة)).

• وعن سعد، قال: “كنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – ستة نفر، فقال المشركون للنبي -صلى الله عليه وسلم -: اطرُدْ هؤلاء لا يجترئون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال، ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما شاء الله أن يقع، فحدَّث نفسه، فأنزل الله – عز وجل -: ﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾ [الأنعام: 52][8].

• وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: لما قدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المدينة، وُعِك أبو بكر، وبلال، فكان أبو بكر إذا أخذتْه الحمى يقول:

كلُّ امرئٍ مُصبَّحٌ في أهلِه والموتُ أدنى من شِراك نعلِهِ

• وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى، يرفع عقيرته يقول:

ألاَ ليت شِعري هل أبيتنَّ ليلةً بوادٍ وحولي إذخرٌ وجليلُ وهل أَرِدَنْ يومًا مياهَ مجنةٍ وهل يَبْدُوَنْ لي شامةٌ وطفيلُ[9]

——————————————————————————–

[1] سير أعلام النبلاء (1/ 347 – 360)، والإصابة (1/ 326 – 327).

[2] المستدرك على الصحيحين للحاكم (3/ 322).

[3] صحيح البخاري (5/ 27).

[4] صحيح البخاري (5/ 27).

[5] المستدرك (3/ 320).

[6] المستدرك (3/ 321).

[7] مسند أحمد (38/ 178).

[8] صحيح مسلم (4/ 1878)، وسير أعلام النبلاء (1/ 353).

[9] صحيح البخاري (3/ 23).