وأنت تقرأ هذا المقال الآن فإن فوتونات الضوء تسقط على شبكية عينك، فتقوم هذه الفوتونات بتحفيز بروتين الرودوبسين  Rhodopsinحتى يتغير شكله بعد التحفيز ويستطيع أن يلتصق ببروتين آخر فيُطلقا معًا جزيئة اسمها GDP ويكتسبان بدلاً منها جزيئة GTP وبعد اكتساب هذه الجزيئة الأخيرة يكونان قد اكتسبا قوة، وبهذه الطريقة يصبح بإمكانهما وأخيرًا فصل جزيئة cGMP فتدخل ذرات الصوديوم ذات الشحنة الموجبة إلى داخل الخلية.

ما أن تدخل ذرة الصوديوم داخل الخلية فهذا يعني أن هناك خللاً في توازن الشحنات عبر غشاء الخلية، هذا الخلل يُولِّد تيارًا كهربيًا ينتقل عبر العصب البصري إلى الدماغ.

وهنا تبدأ رحلة من أعجب ما يكون، رحلة مبهرة!

ما أن يصل التيار الكهربي إلى دماغك يقوم الدماغ بتفسير تردد هذا التيار وكأنه يمتلك قاموسًا متكاملاً فكل مستوى تردد يُمثل درجة لونية معينة.

الغريب أن دماغك يوجد داخل صندوق مظلم والذي هو الجمجمة، فلا يصل لدماغك إلا النبضات الكهربية.

كيف عرف الدماغ أن كل نبضة لها معنى لوني معين بأبعاد معينة بشكل معين؟

وكيف استوعبت أنت ألوان ما حولك بأبعادها الثلاثة بدرجاتها اللونية المختلفة التي تصل لعشرة ملايين درجة لونية؟

كيف حصلت على هذا الوعي ولم يصل لمخك إلا تيار كهربي ضعيف؟

الأمر يدعو للانبهار حقًا!

كل هذا يحدث في أقل من جزء من الثانية بمجرد ما أن تفتح عينيك وتنظر!

ما نسيت أن أخبرك به أن بروتين الرودوبسين الذي بدأ معنا رحلة الرؤية لابد أن يعود سريعًا ليشارك بعد أقل من لحظة في دورة إبصار جديدة، والذي يقوم بتفكيك الرودوبسين هو إنزيمات متخصصة تقوم بعملها ليعود الصوديوم خارج الخلية ولتعود جزيئة cGMP للالتصاق مجددًا بالبروتين الخاص بها!

كل ذرات الكون لا تكفي لتشكيل بروتين رودوبسين واحد بالصدفة؛ فضلاً عن تكوين شبكية عين، فضلاً عن إدراك لمعنى الرؤية داخل صندوق المخ المظلم، فضلا عن ظهورك أنت أيها الإنسان!

سبحانك ربي!

{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّـهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} ﴿٣١﴾ سورة يونس

فالذي يفترض أن تطورًا قاد هذه المنظومات المعجزة بلا وعي وبعشوائية فمثل هذا لا سبيل لنا عليه!

ماذا تفعل مع من يُغطون إبهار الخلق الإلهي بحيل لغوية !

هل تتخيل أننا في عام 2019م  ودعاة نظرية التطور لا يملكون نموذجًا واحدًا مفصلاً لظهور جزيء وظيفي واحد داخل الخلية؟

لا يملكون إلا التبرير بالحيل اللغوية المعتادة!