ماذا يريد المسلم الجديد من المسلمين بقلم د. وديع الشماس السابق(رحمه الله)

التفسير
الأثنين يناير 2020
قلم د. وديع الشماس السابق(رحمه الله)
قلم د. وديع الشماس السابق(رحمه الله)

الحمد لله , و الصلاة و السلام على رسول الله . و أشهد أن لا اله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله , و المسيح عيسى ابن مريم هو عبد الله ورسوله إلى بني إسرائيل , وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام , وأؤمن أن الجنة حق و أن النار حق . وأؤمن بالقدر كله خيره وشره .

أما بعد .

فقد شرح الله صدري للإسلام من زمان بعيد , وهداني منذ حوالي أربعة عشر عاما , و كان عمري يومئذ حوالي أربعين سنة . و بعد إجراءات طويلة مع الروتين أنهيت أوراقي .

و قد ازدادت هذه الإجراءات في هذه الأيام بصورة صعبة جدا, مع ازدياد الضغط الأمريكي و علو صوت النصارى المصريين , بسوء أدب لا متناهي , في أمريكا و كندا و استراليا , وكلهم يتبعون الكنيسة المصرية الأرثوذكسية برئاسة البطرك / شنودة الثالث , وفي مصر أكثر و أكثر .

و انتقلت من صفوف الشمامسة إلى صفوف المصلين في المساجد , و عشت في بداية إسلامي بين عوام المسلمين , ومررت بتجارب كثيرة منها الحلو ومنها المر و التصقت بشيخ المسجد , الرجل الأزهري المثقف الواعي , الحريص على الاستزادة من العلم الديني كل يوم,

الذي لا يخاف إلا الله , لا يرجو إلا الله سبحانه وتعالى , الشيخ / إبراهيم سلامه – شيخ مسجد المحطة بالدلنجات – بحيرة – مصر .و أصبحت لا أثق إلا في علمه و عبادته .

و شاء الله أن أتعرف بأحد أتباع الدعوة السلفية في الإسكندرية . و عرفت الإسلام الخالي من التوجهات السياسية ومن عبادة القبور , المبني على أساس قيام كل فرد بتغيير نفسه أولا , على أساس قول الحق سبحانه وتعالى ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) .

= و خلال تلك الرحلة – من بدايتها إلى اليوم – عايشت الكثيرين من الذين هداهم الله إلى الإسلام , قبلي و بعدي , رجال و نساء , من كل الأعمار , من الشاب الصغير ذو الستة عشر عاما إلى الرجل الكبير ذو التسعة و الخمسين عاما.

= ووجدتهم كلهم يحبون الإسلام ,و يشتاقون إلى عبادة الله التي افتقدوها في المسيحية , و يشتاقون إلى حرية العبادة التي ابتلعها القساوسة .

= وتعرضت للكثير من الفتن , و عشت تجارب الآخرين و ما تعرضوا له من فتن شديدة , و عرفت قصصهم , وما تعرضوا له من معوقات ومن تسهيلات .

= عشت معهم الشوق و الصدمات , والمتاجرة و العثرات .

= و أحببت أن أقدم النصح لكل من يصادفه شخص مثلنا .

= و أعرض السلبيات و العثرات التي قد تصد عن دين الله .

***************************************

1— التدليل : فان البعض ينظر إلى من اهتدى للإسلام على أنه مولود جديد , فتكون كل طلباته مجابة , والبعض يرفع شأن المهتدي إلى الإسلام وكأنه شيخ و عالم . و كلا الطريقتين تفسد المهتدي , فتقوده إلي الكسل و الطمع, و إلى الكبرياء , فيصعب تعليمه صحيح الدين .

وهو حقا مثل المولود الجديد في احتياجه إلى تعلم الإسلام من بدايته بالتدريج .و خاصة العبادات و القراّن أولا

ولا يجب أن تكون كل طلباته مجابة بدون وعي فتفسده , فالدين أهم من الدنيا . هذا مبدأ أساسي .

2—- التمويل : ولا يجب أن نسلك أحد طرفي النقيض , عملا بقوله تعالى ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك , ولا تبسطها كل البسط …) . فقد رأيت البعض من المسلمين الطيبين يعطي المال بلا حساب ولا سؤال , حتى يفسد المهتدي عن دينه

= فيجب إعطائه احتياجاته بحساب , بما يتفق و مستواه الاجتماعي و احتياجاته الأساسية الفعلية , مع البحث له عن عمل بسرعة , لئلا يتعود على الكسل و المال الذي يأتي بدون تعب .

3—- التعليم :

بعض الناس ينظر إلى من هداه الله على أنه أصبح شيخا , حتى أنني رأيت أحدهم يعتلي المنبر ليخطب خطبة الجمعة بعد شهور من اهتدائه , وهو ما زال يدخن السجائر , وما زالت فيه بعض الجاهلية , ويعظم طاغوت النصارى .

وكنت أنا أيضا مثله أدخن السجائر و أنا شماس ولا أرى أنها حرام . و الأمر يختلف في الإسلام .

بل إن بعض المسلمين الطيبين يظن أن من هداه الله أصبح مثل الأنبياء يأتيه الوحي , فيسأله عن أمور الدين والدنيا بدلا من أن يعلمه .

و قد يركب المهتدي الغرور , ويظن نفسه شيئا, فلا يبحث عن العلم الديني الشرعي المفيد له في الدنيا و الآخرة.

4—- الإهانة : و قد يقع المهتدي بين بعض الشباب من محدثي التدين , و قليلي العلم الديني , فيتكبرون على المهتدي لجهله بالدين , و يعاملونه بقسوة , ظانين أنهم بذلك يدفعونه لتعلم العلم الديني , بينما ذلك يصد المسلم المولود في الإسلام.

وهذا رأيته كثيرا من بعض الشباب حديثي التدين – بدون أساس منذ الطفولة , إذ يتعالون على عوام المسلمين

لذلك أرجوكم أن تعلموا أولادكم الإسلام منذ الطفولة لئلا ينشأوا منفرين .

5—- استغلال المهتدين :

وهذا أسوأ ما رأيته , ولا أحب أن أخوض في تفاصيله , فيما تعرضت له أنا و اخوتي و أخواتي المهتدين .

فأحيانا يتم استغلال اسمهم لأغراض شخصية للمحيطين بهم و لأزواجهم , بعلم المهتدي أو بدون علمه , غصبا عنه أو برضاه , و أحيانا يتم استغلال المهتدي أو المهتدية أنفسهم أسوأ استغلال .

و بعد هذه المدة من معايشة تلك المشاكل , أقول : إن كل هذا لم ينفع المستغلين ولا المهتدين , الكل خسر , بل وكان يصد المهتدين أحيانا عن الاهتمام بتعلم الإسلام, إذ انهمكوا في أمور الدنيا و أصبحوا من أهلها , إلا من رحم الله .

فاتقوا الله ما استطعتم , ولا تجعلوا الدنيا أكبر همكم , ولا مبلغ علمكم , فالكل راحل عنها , و المال متروك و ضائع , والدين هو الذي يبقى و ينفع , فلا تؤثروا ما يضيع على ما يبقى .

6—– الرعاية و المتابعة :

إن عدم الاهتمام بتعليمهم الدين الصحيح , و رعايتهم ومتابعتهم لسنوات , بدون ملل , هو من أهم الأمور , فقد يظل الكفر متربعا في القلب لغرض دنيوي طاغ على عقل المهتدي , و قد يصلي و يصوم وهو لا يدري شرائع دينه , و أحيانا لا يصلي ولا يصوم مطلقا , وقد يظل يشرب الخمر , ويطلب من زوجته أن تشاركه , و أن تتبرج , ويطلق العنان للشهوات في المعصية , و يعودها على احتفالات النصارى مثل رأس السنة , و قد ينقاد أهلها مع أسرته, بدعوى المدنية و التحضر ,وقد لا ينقطع عن مجاملة أهله النصارى في أعيادهم و يعود أسرته المسلمة على ذلك تحت أي زعم باطل .فإذا شبع من غرضه رجع الكفر يطغى على عقله و قلبه و يعود أسوأ مما كان عليه .

= و العكس يكون أسوأ حين تظل المهتدية متبرجة , وتقود زوجها ومن حوله , بدعوى التقدم و الحضارة ….الخ , فتكون النتيجة أسرة كاملة لا تعرف الإسلام , وتعيش في الجاهلية التي يدعونها حضارة القرن .

= لذلك , فان تعليمهم قواعد الدين من بدايتها , وتربيتهم عليها كالأطفال , بالصبر عليهم , وبالمنهج البسيط السليم , لهو أمر ضروري جدا , ويجب أن يستمر لسنوات لتعويض ما فاتهم من عمرهم في الكفر , بجهد مضاعف , لمحو ما تربوا عليه و ثبت في الطفولة في عقولهم و قلوبهم .

== و قبل كل شيء :

يجب أن نمتحنهم في العقيدة : ما هي عقيدتك في الله ؟ وفي محمد – صلى الله عليه و سلم ؟ وفي المسيح عيسى – عليه السلام ؟ وفي مريم رضي الله عنها ؟

وبما جاء في صورة الممتحنة .

ونصحح أخطاءهم بالشرح البسيط المتكرر- بلا ملل,

ارجع إلى موقعي ( قبل أن تتزوجوا من النصارى )

و الآن , أتكلم عن موضوع آخر هام :

ماذا ينتظرون منا ؟ أو ماذا يجب علينا نحوهم ؟

******************************

أولا : العلم الديني : بعد أن تركوا الشرك , وهو لا يزال في قلوبهم و عقولهم , يجب أن نبدأ بتعليمهم التوحيد أولا : توحيد الألوهية و الربوبية , توحيد الأسماء و الصفات .

و نبدأ معهم بقواعد الإسلام الخمسة , فمن اقتنع يغتسل أولا , و ينطق الشهادتين ولو أمام شخص واحد مسلم ثم يتعلم الوضوء و الصلاة و يتوضأ و يصلي ركعتين .

و يجب أن نعلمه نواقض الوضوء و الصلاة ,و كيف يتصرف إذا أخطأ , ويعلم النوافل أيضا لأنها تجبر الفرض.

= ثم يتعلم الصيام و حكمته و أحكامه .

= و يجب متابعته في الصلاة و الصوم بدون تهاون , فهما حق الله على العبيد , ولا إسلام بدونهما .

= و نعرفه أن الزكاة حق المسلم على المسلم , وأوجه صرفها , و كذلك الصدقة تبعا لها .

= و يعرف الحج ,و حكمه عند الاستطاعة بامتلاك ثمن الزاد و السفر فقط , بدون تأجيل لأي سبب .

= ثم نعلمه الإيمان بأركانه ( بالله و ملائكته و كتبه و رسله واليوم الآخر و القدر خيره و شره , و الجنة و النار) فكل هذه لا يوجد لها مثيل في المسيحية و اليهودية , إلا في أوهام وخيالات ليس مجالها الآن .

== ثم نعلمه الإحسان : أن يعبد الله كأنه يراه , فان لم يكن يرى الله فان الله يراه .وهو مراعاة إحاطة علم الله

بكل أعمالنا و أفكارنا .

= و ندربه على الالتزام بالاستمرار على الطاعات وان كانت قليلة في البداية , فما لا يؤخذ كله , لا يترك كله .

ثانيا : التأليف : فهو وحيد مهجور من أهله و أصحابه , وفي نفس الوقت يحاول النصارى استعادته بكل الاغراءات .

و الشيطان يستغل هذه الفترة و هذه الوحدة ليرده إلى الضلال ( راجع قصة إسلامي على موقعي ).

ولا يجب أن يكون التأليف بإدخاله البيوت يختلط بالمحارم, فهذا ليس من الإسلام , مع عدم التأكد من نيته و إخلاصه . ولا نتركه مهجورا خوفا من المعصية في اختلاط الشباب بالبنات .

بل يجب أن نبحث له أولا عن المكان المناسب و الصحبة المناسبة و العمل المناسب , ولن نعجز بإذن الله , ولكل من سعى الأجر من الله .

و لا تنسى أخي المسلم و أختي المسلمة أن تكونوا حريصين على ملازمة المهتدي في الذهاب إلى المسجد و في الطاعات و حضور دروس العلم المناسبة له .

ولا بد من سؤاله عن مشاكله , ومساعدته بقدر الإمكان , بدون تفريط أو إفراط .

و يجب الاهتمام بقضاء احتياجاته و مواساته في مشاعره , فقد صار فجأة وحيدا .

ثالثا : المتابعة : و الدال على الخير كفاعله :

حتى بعد أن يتزوج أو يحصل على عمل , لا تتركه , و لكن لا تثقل عليه .

و المتابعة في الدين أهم , و لكن المتابعة في أمور الدنيا مهمة , وكلاهما يجب أن تستمر لسنوات , إلى أن يعتاد المداومة على الصلاة و الصيام و الزكاة ….ألخ . فقد كان قلبه مليئا بالكفر عمرا قبل الإسلام .

رابعا : القدوة الحسنة , مع توجيههم إلى العمل الصالح . مثل صوم و صلاة النوافل , مع التذكير بفوائدها .

لقد ضاع الكثيرون منهم في خضم الحياة بعد التركيز فقط على البحث لهم عن عمل , و التف حولهم العوام الذين يعيشون للدنيا فقط , فأصبحوا من المدخنين و رواد المقاهي و السينما , ولم يتركوا الجاهلية التي كانوا عليها , ولا ما اعتادوا عليه , لأنهم لم يروا الإسلام الصحيح .

وهؤلاء نخشى عليهم الردة مع العثرات و الصدمات , بل ومع دعاوى التنصير التي تظل تلاحقهم بلا يأس .

و إن كانت الهداية من الله .فعلينا تحصيل الحسنات لأنفسنا بتوجيههم و كأنهم أبناءنا , و يمكن أن نربطهم بالصالحين وما أكثرهم في مساجدنا .

خامسا : معاملتهم كمسلمين وليس كنصارى :

و هذا من أكبر الأخطاء التي يقع فيها عوام المسلمين , إذ يظلون ينظرون إليهم على أنهم شيء آخر غير المسلمين , أو أنهم هاربون إلى الإسلام, ويكلمونهم أحيانا – ولو بالمزاح – بأسماء الكفر السابقة .

و لقد نهانا الله عن ذلك في كتابه الحكيم ( ولا تنابزوا بالألقاب . بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ).

فيجب علينا أن نقدم لهم النصيحة بالقدر المناسب لعقل كل منهم , ولا نبالغ في تخطيئهم كلما صدر منهم أمر غير مقبول .

اعتبرهم كأولادك في بداية تعليمهم .

سادسا : عدم الإلحاح عليهم لمعرفة ماضيهم بالتفصيل , وكيف ولماذا اهتدوا .فهذا منهي عنه في كتب العلماء

و لم يكن الرسول صلى الله ليه وسلم ولا صحابته رضي الله عنهم يفعلون ذلك , ولذلك لم نعرف لماذا و كيف أسلم كل يهودي أو نصراني , إلا من روى سيرته بنفسه متطوعا , مثل سلمان الفارسي – رضي الله عنه .

و أشهر قول في النهي عن ذلك هو قول عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: ( إن الوحي قد انقطع , فمن أظهر لنا صفحته , قبلناه و أمناه ), والمعنى : أن نقبل الظاهر و نترك الباطن لله سبحانه وتعالى .لأن الله نهى عن كثرة السؤال عما لا يعنينا ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) . فقد يروي لك أحدهم شيئا من ماضيه , فتسيء الظن بإسلامه , أو تخبر آخرين عنه فتضره .

سابعا : عدم الشك فيهم و في نواياهم , و عدم التسليم المطلق لهم :

فان بعض المسلمين يرى أن كل من أسلم فقد فعل ذلك لأمر دنيوي , و هذا هو ما يشيعه النصارى عنهم ليصدوا المسلمين عن مساعدتهم فيرتدوا . و لقد عانيت في بداية إسلامي الكثير من هذا المنطق الخطأ , وما ذلت إلى اليوم , بعد أربعة عشر عاما, سواء من الحاصلين على أعلى الشهادات , ومنهم أستاذ في الأزهر , أو من العوام . حتى أن البعض منهم يصدني عن الدعوة و يتهمني بالكذب لأغراض شخصية ؟؟؟

= و كذلك لا يجب التسليم لهم مطلقا في بداية عهدهم بالإسلام, بل يجب معاملتهم بثقة و حرص , وخاصة مع البنات , فقد تشتاق لأسرتها أو تنهار بسرعة أمام العوائق و الروتين , وما أكثرها و أعقدها الآن.

= فيجب الحرص مع البنت الصغيرة و توجيهها

ثامنا : عدم ربط الأسباب المؤدية إلى إسلامهم بما هم عليه بعد إسلامهم :

فكما رأينا منذ بداية الهجرة , إلى اليوم , يوجد من أسلم من أجل حب فتاة مثلا , ثم حسن إسلامه , و أصبح هو رائدا لها في الإسلام .

فلعل الله يجعل أي رجل مسلم سببا لأسلام نصرانية , ليزيد في حسناته , و يدخلها هي و ذريتها الجنة .

فلا تتدخل في الأسباب التي قدرها المولى عز و جل , ولا تسيء الظن بأحد أظهر إيمانه, كما قال عمر ابن الخطاب- رضي الله عنه . فأحسن الظن بعباد الله و لا تسيء الظن إلا بنفسك الأمارة بالسوء إلا من رحم ربي .

و أحسن إليهم لكي يحسن الله إليك ويغفر لك .

= وكنت أنا من أول يوم أعلنت فيه إسلامي , أواجه نفس الأسئلة , من بعض الجهات الحكومية , ومن الكثيرين من العوام , و إلى اليوم , و أسمعها عن غيري , وكلها أسئلة تحمل في طياتها الشك و الفضول الشديد ,و سوء الظن , و الصد أحيانا , وبإلحاح وتكرار بلا ملل : مثل :

— لماذا أسلمت ؟ هل حبا في امرأة ؟

— هل أعطوك مالا ؟ وما هي الجهة التي تعطيكم أموالا لتسلموا ؟

— سمعنا أن السعودية ترسل لكل نصراني يسلم خمسين ألف دولار ؟

و يظلون يروجون الإشاعات التي يطلقها النصارى عنا , و يجرحونا , حتى تضيق صدورنا و نهجرهم .

و لعلها ابتلاءات من الله لكل مهتدى ليمحص صدره و قلبه .

— نصيحة لكل من يتعرف على شخص مثلنا : لكي لا تكسب ذنوبا و أنت لا تدري : اترك الأمر كله لله , ولا تتدخل في الأسباب , فقد تدفع المهتدي إلى الكذب حين لا يجد أجوبة يدفع بها فضولك , لأنه لا يريد أن يصدك أو يخسرك نظرا لحاجته إليك . ثم يعتاد الكذب بسببك , ليفتخر بماضيه أمام الناس.

تاسعا : يجب أن نتوقع منهم أن يحاربهم الشيطان بكل ما عاشوا فيه طفولتهم و شبابهم , و حب الأسرة و الأصدقاء النصارى , فيرتدوا :

فيجب أولا أن نعوضهم عمن فقدوهم , ونلين المعاملة معهم بالرفق و الرحمة و الاحترام و المودة .

وثانيا نقويهم و نساعدهم على الصبر , و نكون عونا لهم على مأساتهم , لا عونا للشيطان عليهم.

و ثالثا لا نزيد الفتنة عليهم بكثرة السؤال عمن هجروهم , فنجدد أحزانهم كلما حاولوا أن ينسوها.

=== و أقسم بالله أنني و غيري تعرضنا للسؤال بإلحاح ومن كثيرين : ألا تحن لأمك ؟ ألم تفتقد أخوتك النصارى ؟……. الخ . و كم بكيت و أنا وحيد من كثرة الشوق . و كان هذا هو وضع الكثيرين مثلي كما سمعت منهم .

= ألا يكفينا ما يسبنا و يشتمنا به أهلنا النصارى إذا لاقونا في الطريق أو اتصلنا بهم بالتليفون لنطمئن عليهم ؟؟؟

العاشر : ألا نجبرهم على مقاطعة أهلهم , ولا ندفعهم إلى أحضانهم , ولا نسب أهلهم أمامهم ,

بل نتخذ موقفا وسطا , بكل حكمة , ونقف معهم بكل طاقتنا في تلك الفترة الحرجة, و نأمرهم بالدعاء لأهلهم بالهداية , و بالصبر على أذاهم , وبالصمود أمام الاغراءات و التحديات بالإيمان بالله .

= إن كل أسرة مسيحية , أسلم منهم فرد , يقولون له نفس الكلام الذي تأمرهم به الكنيسة , وهو ( أنت صرت من الكلاب , فلا تقترب منا إلا إذا تركت هذه الملة الكافرة ) و لك أن تتخيل مدى الأذى النفسي الذي نقع فيه ممن كنا نحبهم طول أجمل سنين عمرنا .

= = لقد روى لي شاب صغير أسلم وهو في السادسة عشرة , بعد أن طرده أبوه من البيت , فلم يجد مكانا يبيت فيه إلا أحد مساجد محطة مصر , حيث تعرف على الإسلام , وأسلم بعد ستة أشهر . وحصل على بطاقته بعناء لا يوصف , بعد عامين , تخلله المبيت بقسم الشرطة ليتأكدوا من صدق نواياه ؟؟؟. وبعد كل هذا أصابه الشوق ليتصل بأمه فكلمها في التليفون , و رآه شاب حديث الالتزام وهو يبكي, فقال له: لا تبكي على كافرة .!!! فأصابه بصدمة , واشتبكا في معركة , ترك بعدها ذلك المسجد . و لكن الله لطف به و ثبته .

الحادي عشر : إظهار الحب لهم – دائما , و إكرامهم , لأنهم من الذين يؤتيهم الله أجرهم مرتين , جزاءا مضاعفا , على ما صبروا بمفارقة الأهل و الأصدقاء , و صبرهم على سوء ظن النصارى و بعض المسلمين بهم ., و على إيمانهم بعيسى عليه السلام أنه عبد الله و رسوله , بعد أن كانوا يعبدونه بدلا من الله, فتركوا عبادة العبد إلى عبادة الرب , و آمنوا أن محمدا رسول الله , و صدقوا بالقراّن .

وهذا أمر شديد الصعوبة , لا تتخيله , أن تنخلع من جلدك , ومن أسرتك , وأصدقائك , لتواجه الدنيا وحدك .

وهذا كله يهون في سبيل النجاة من النار و الفوز بالجنة .

و هذا أمر شاق جدا ,كلما تذكرته و تذكرت مدى ما تعرضت له , وما قاسيته من صراع نفسي و مادي و جسدي , بكيت حزنا على أهلي لأنهم لم يتبعوني , وعلى من أساء الظن بي أو حاربني أو سلبني أو استغل ظروفي لمصالح شخصية من المسلمين .

الثاني عشر : الاستمرار في تشجيعهم بلا انقطاع, على الاستمرار في حفظ القران , و تحصيل العلم الشرعي , و المداومة على الطاعات, و أفضل التشجيع هو القدوة الحسنة من المسلم المولود على الإسلام , و الهدية النافعة في الدين , ولا مانع من الهدية النافعة في الدنيا مهما كانت صغيرة نظرا لاحتياجهم لكل شيء في بداية هجرتهم من أرض الكفر إلى أرض الإسلام , فهي تؤلف القلوب على حب المسلمين و الإسلام , لأنها تتبع سنة النبي صلى الله عليه و سلم ( تهادوا تحابوا ).

= و لقد كانت بدايتي ساخنة جدا مع أخي في الله – الدكتور / علي عيسى أحمد خليل – أخصائي العظام بالدلنجات – بحيرة – مصر , فأهداني المصحف الشريف , و تفسير ابن كثير , و رياض الصالحين , ثم دعاني لمنافسته في حفظ سورة البقرة , فحفظتها , ثم سورة آل عمران فحفظتها . ومنذ أن تركت هذه البلد لم أحفظ شيئا يذكر , لأنني فقدت التشجيع و المعلم .

= إن الإسلام هو دين الحب و الوفاء و الأخوة والرحمة و الجنة . فلا توجد جنة عند النصارى , وهذا يشعل غيرتهم جدا جدا جدا .

= لقد كتبت بحثا عن ( نبي الرحمة ) و حياتي مع صفاته , و أتمنى من الله أن أنشره في كتاب , بعد أن اشتركت به في مسابقة عالمية في السعودية في العام الماضي , ولم أفز فيها .

و قبل أن أختم :

أحب أن أشير إلى شخص ساعد الكثيرين ممن هداهم الله إلى الإسلام ,بالمال و الجهد و الوقت , مع أنه رجل بسيط , وهو الشيخ ( حسن ). واكتسب خبرة كبيرة في هذا المجال , ولم أعرفه إلا بعد إسلامي بسنوات ,

و استطاع أن ينهي أوراق الكثيرين من المهتدين , وينفق من ماله الخاص القليل . جزاه الله عنا كل خير , وعوضه عن سفره لكل المحافظات جريا وراء أوراق المهتدين , و نسأل الله أن يضاعف له الجزاء في ذريته و في الدار الآخرة .

و لقد رأيت في الشيخ ( حسن ) الفراسة التي تميز المؤمن الصادق , و مع ذلك لم يمتنع عن مساعدة أحد من المهتدين مهما ظهر له منه ما يريبه , وكان إحساسه يصدق غالبا .

و كانت نصائحه نافعة جدا , وتضحياته و مساعداته بلا حدود .

اللهم اجمعنا به في الجنة , مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين , وحسن أولئك رفيقا .

=
=== إن الله لا يرضى لنا إلا كل فعل طيب , فأحبوا ما رضي الله لكم , و أطيعوه و أطيعوا رسوله – محمد – صلى الله عليه وسلم . وان تطيعوه تهتدوا .

سبحانك اللهم و بحمدك .

لا اله إلا أنت .

نستغفرك و نتوب إليك .

و صلى اللهم و سلم على سيدنا محمد , و على اّله و صحابته , و ارضي عنهم جميعا .

و الحمد لله رب العالمين .


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


مواضيع ذات صله


القائمة البريدية

إشترك في قائمنا البريدية ليصلك كل ما هو جديد من المقالات

[mailpoet_form id="1"]

جميع الحقوق محفوظه لموقع هدايه الحيارى