لو كان الإلحاد صحيحًا لما ألحد أحد!

 

-اِعتبر هذه الكبسولة جرعة إضافية –جرعة منشطة- للكبسولة السابقة-

داخل العالم المادي تسير الذرات في نسقٍ ثابت لا يتخلف، ويدور الإلكترون حول النواة بسرعة ألف كيلو متر في الثانية الواحدة باضطرادٍ وانتظام.
وذرات دماغك هي نفس الذرات التي يتشكل منها العالم المادي.

وتسود الحتمية المادية في كل شيءٍ حولك، وفي هذا الإطار يصبح الحديث عن المعنى أو القيمة أو الغاية حديثًا غير مفهوم، حديثًا لا ينتمي إلى هذا العالم المادي ولا يمكن ضبطه في إطار هذه الصرامة الحادة!
فالعالم المادي لا يوجد فيه شر ولا خير… لا قداسة ولا نجاسة…. لا صواب ولا خطأ.
وقد عبّر ريتشارد داوكينز Richard Dawkins–عرّاب الملحدين في العالم- عن ذلك قائلاً: “الكون في حقيقته بلا شر ولا خير.”
The universe we observe has … no evil and no good
River out of Eden, p.131-132

 

وبناءً على ما سبق: يستحيل أن يكتشف إنسان وجود أخطاء في دينه -على حد زعمه- فيلحد إلا لو استقر في ذهنه مسبقًا وجود الخطأ والصواب ووجود الخير والشر.

 

أُكرر مرةً أخرى: يستحيل أن يكتشف إنسان وجود أخطاء في دينه، فيلحد إلا لو استقر في ذهنه مسبقًا وجود الخطأ والصواب ووجود الخير والشر.

 

فلولا وجود الخير والشر لما استوعب إنسان وجود الخطأ في دينه والذي على أساسه قرّر أن يُلحد!

لكن هذا يعني خطأ الإلحاد؛ لأننا كما قلنا لو كنّا أبناء هذا العالم المادي لما أدركنا وجود الخطأ ولا الصواب، ولا الخير ولا الشر، وبالتالي لن يُلحد أحد لأننا المفترض أننا لا نعرف الخير ولا الشر ولا الصواب ولا الخطأ!

 

لكن هناك ملحدون؛ إذن هناك خير وشر؛ إذن الإلحاد خطأ!

 

فلولا استقرار خطأ الإلحاد في ذهن الإنسان. وأن هذا العالم ليس مبنيًا على نسق الإلحاد وأن هذا العالم يوجد به خير وشر وصواب وخطأ. لولا هذه المقدمة لما ألحد أحد ولما اكتشفنا وجود خطأ أو شر.

فلولا وجود القيمة والمعنى والهدف والغاية والذين افتقدهم الملحد في دينه –كما يزعم- لما ألحد!

ولولا معرفته بالخطأ والصواب والخير والشر، لما قرر أن إلحاده خيرٌ من دينه –كما يزعم-!

وهنا يصبح الإلحاد دليلاً على خطأ الإلحاد، ويصبح الكفر دليلاً على سقوط الكفر!

إنها مفارقة غريبة لكنها حقيقية، وعجيبة لكنها واقعية!

 

فلن يستطيع الإنسان أن يحصل على المعنى أو القيمة أو الغاية أو أن يستوعب شيئًا من القيم وضد القيم إلا بمددٍ من عالمٍ آخر وناموسٍ آخر ومقدمةٍ أخرى تمامًا -مقدمة سماوية-.

 

ولن يستطيع الإنسان أن يدرك معيارية وجوده في هذا العالم إلا بقبسٍ لا يوجد في هذا العالم ما يبرهن على معناه.

ويمضي الإنسان في هذا العالم باحثًاً عن المعنى والغاية والقيمة لأنه يعلم وجود هذه الأشياء ولأنه يستقر في وعيه معناها، ولأنه يدرك أنها معانٍ سلميةٍ تمامًا.

وهذا يُقدم توكيد مستمر لمعنى وجود الإنسان في هذا العالم!

 

ويقدم توكيد أكبر على مدى سخافة الإلحاد، وعجزه حتى عن تحليل وجوده من خلال نفس مقدماته، وعجزه عن تحليل ظاهرة الإنسان!

فلو كان الإلحاد صحيحًا لما ألحد أحد ولا أدرك أحد معنى كلمة إلحاد، ولما أدرك أحد معنى كلمة خير أو شر أو صواب أو خطأ!