نظرية التطور هي قضية فلسفية.

فأسس المنهج العلمي هي:

1- الملاحظة

2- ثم وضع الفرضية

3- ثم الاختبار.

ثم تظهر النظرية وقد تتحول إلى قانون أو تبقى فرضية.

هذا هو المنهج العلمي.

بينما المنهج الفلسفي يعتمد على التحليل التخيلي للظاهرة دون الدخول لمعمل أو إجراء تجربة!

عندنا كائن حي يشبه كائنًا آخر، لو افترضنا أن بينهما سلفًا مشتركًا لمجرد التشابه الخارجي لهما فهذا منهج فلسفي وليس منهجًا علميًا، وفي حال دخلنا المعمل ورصدنا السلف المشترك وانحدار الكائنين عنه فهنا يصبح الأمر علمًا!

سنعطي مثالاً عمليًا واقعيًا حتي يتضح الموضوع أكثر:

لو أنك قلت لأحد المؤمنين بنظرية التطور كيف ظهرت العين البشرية المعقدة المبهرة؟

فدقة العين البشرية توازي 576 ميجا بيكسل، وتحتوي العين على أنقى عدسة في العالم، ولا تحمل هذه العدسة أية أوعية دموية لتغذيتها حتى لا تؤثر على الرؤية، وإنما تتغذى من دموع العين، وتحصل على الأوكسجين من الهواء مباشرةً.

وتُميز العين بين عشرة ملايين درجة لونية مختلفة، وحجم المستقبِل الضوئي في الشبكية لا تتجاوز مساحته نصف ملليمتر مربع، ويتكون هذا المستقبِل من 130 مليون عُصية ومخروط -130 مليون مستقبل ضوئي-، وفي العين مادة مضادة للتجمد ولذا لا تتجمد وإلا لأُصيب بالعمى أهل المناطق المتجمدة.

فهذا إعجاز وخلق إلهي مبهر.

هنا سيقاطعك المؤمن بالتطور وسيخبرك أن هناك عيونًا أقل تعقيدًا في عالم الكائنات الحية، بل إن هناك خلايا حسّاسة للضوء فقط.

وهذا الجواب هو لُب الإشكال والذي يُبين أننا في حصة فلسفة ولسنا في ميدان بحث علمي!

لأن الاعجاز ليس فقط في العين، إنما الإعجاز في فكرة الخلية الحسّاسة للضوء؟

ولماذا تحسّست للضوء؟

وكيف يتحول التحسس للضوء إلى نبضات كهربية؟

وكيف تتحول النبضة الكهربية إلى وعي ورؤية لما أمامك؟

فالقضية منقوصة من البدء!

وهذا أشبه بقولك لنفس التطوري: هل تستطيع الطبيعة أن تُنشيء صينية كنافة طازجة بالقشطة ؟

فإنه سيجيبك بنفس منطقه أن: الموضوع بسيط جداً فالقمح موجود في الطبيعة وسقوط النيازك قد يتسبب في طحن القمح في أحد الأزمنة السحيقة ليتحول إلى دقيق، ومع قليل من المطر يتحول الدقيق إلى عجين، وعلى طرف أحد صخور الأفران البركانية سيتاح مكان رائع للطهي السريع، وقصب السكر أيضًا موجود في كل مكان لإضافة مذاق الكنافة، ولا ننس ينابيع الماء الساخن لإذابة قصب السكر، أما القشطة فظهورها سهل فما أكثر الأبقار ونقاط اللبن التي تنزل من ضرعها بعد رضاع أولادها.

إلى هنا قد تشعر بسخافة الطرح بل وتشعر بالممل فأنت أمام سفاهةٍ حرفيًا!

فالقضية ليست في توافر المواد الأولية: خلية حساسة للضوء أو عين مقعرة!

القضية في المعرفة the Know How التي تنتج صينية الكنافة بالقشطة!

القضية منقوصة من البدء!

أنت لو انتظرت ملايين الأعوام لن تتشكل صينية كنافة واحدة لأن القضية معرفة Know How وليست موادًا أوّلية.

افتراض أن وجود المواد الأولية كافٍ هذا افتراض فلسفي، لكنه لا يصلح كمعطىً علميًا معتبرًا!

فالقضية معلومة وليست مادة.

كل ما يفعله التطوري أنه يُفكك في عقله أجزاء النظام البيولوجي الذي أمامه، يفكك الأجزاء المُكوِّنة للعين في عقله ثم يقوم بإعادة تجميع هذه الأجزاء من أماكن مختلفة في الطبيعة.

هذا هو لب نظرية التطور، كأننا نلعب لعبة البازل Puzzle Game.

فكك وجمَّع!

الخيال خصب.

وموهبة توليد الحكايا قد يمتلكها البعض.

لكن على المستوى الجُزيئي كل التفاصيل مهمة، ونقطة نيوكليوتيدية واحدة – التي هي لَبنة تكوين الحمض النووي المشفر للبروتينات- اختلاف نقطة واحدة يفسد نظامًا بأكمله.

ففروض ظهور العين المبهرة الخلق بدعاوى وجود خلايا حساسة للضوء في الطبيعة هي فروض غارقة في السخف والتأويل للهروب من دلائل الخلق الإلهي المتقن!

والمشكلة الأكبر أن أسلاف الجزيئات الحيوية في المنظومة التطورية هي أسلاف تخيلية لا أسلافًا حقيقية كما يتصور البعض!

فالتطوريون أشبه ما يكون بمن يزعم أن البندقية هي سلف تطوري لمصيدة الفئران لمجرد اشتراكهما بنجاح في التخلص من الفأر!

فنظرية التطور تحمل الكثير من الأحلام والأفكار الخلابة لكنها في النهاية لا تصلح إلا لدغدغة خيالات مراهق!