لماذا يلحدون ؟ما هو الالحاد ؟….. بقلم الدكتور /السيد الجميلي

الإلحاد
الجمعة ديسمبر 2019
لماذا يلحدون ؟ما هو الالحاد ؟بقلم الدكتور /السيد الجميلي
لماذا يلحدون ؟ما هو الالحاد ؟بقلم الدكتور /السيد الجميلي

لماذا يلحدون ؟ما هو الالحاد ؟….. بقلم الدكتور /السيد الجميلي

لماذا يلحدون ؟  ما هو الالحاد ؟

الالحاد هو .. مذهب فلسفي يقوم على إنكار وجود الله سبحانه وتعالى ، ويذهب إلى أن الكون بلا خالق ، ويعد أتباع العقلانية .. المؤسسين الحقيقيين للإلحاد الذي ينكر الحياة الآخرة ، ويرى أن المادة أزلية أبدية ، وأنه لا يوجد شيء اسمه معجزات الأنبياء وذلك مما لا يقبله العلم في زعم الملحدين ، الذين لا يعترفون أيضاً بأية مفاهيم أخلاقية ، ولا يقيم الحق والعدل ولا بفكرة الروح . ولذا فإن التاريخ عند الملحدين هو صورة للجرائم والحماقات وخيبة الأمل ، وقصته لا تعني شيئاً ، والإنسان مجرد مادة تطبق عليه القوانين الطبيعية كافة وكل ذلك مما ينبغي أن يحذره الشاب المسلم عندما يطالع أفكار هذا المذهب .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
والإلحاد فكرة جديدة لم توجد في القديم إلا في النادر في بعض الأمم والأفراد . والعلمانيون هم المؤسسون الحقيقيون للإلحاد ومن هؤلاء أتباع الشيوعية والوجودية والداروينية .
ومما لا شك فيه أن كثيراً من دول العالم الغربي والشرقي تعاني من نزعة إلحادية عارمة جسدتها الشيوعية المنهارة والعلمانية المخادعة .
أرادت الحركة الصهيونية نشر الإلحاد في الأرض ، فنشرت العلماينة لإفساد أمم الأرض بالإلحاد والمادية المفرطة والإنسلاخ من كل الضوابط التشريعية والأخلاقية ، كي تهدم هذه الأمم نفسها بنفسها ، وعندما يخلو الجو لليهود يستطيعون حكم العالم . كما نشر اليهود نظريات ماركس في الإقتصاد والتفسير المادي للتاريخ ، ونظريات فرويد في علم النفس ، ونظرية دارون في أصل الأنواع ، ونظريات دوركايم في علم الاجتماع ، وكل هذه النظريات من أسس الإلحاد في العالم .. وجميع هذه النظريات هي مما أثبت العلماء أنها حدس وخيالات وأوهام شخصية ولا صلة لها بالعلم .
أما انتشار الحركات الإلحادية بين المسلمين في الوقت الحاضر ، فقد بدأت بعد سقوط الخلافة الإسلامية .
ففي تركيا : –
صدر كتاب عنوانه مصطفى كمال أتاتورك : للكاتب قابيل آدم يتضمن مطاعن قبيحة في الأديان وبخاصة الدين الإسلامي . وفيه دعوة صريحة للإلحاد بالدين وإشادة بالعقلية الأوروبية .
وفي مصر : –
1 – حاول اسماعيل أحمد أدهم : نشر الإلحاد ، وألف رسالة بعنوان لماذا أنا ملحد ؟ وطبعها بمطبعة التعاون بالإسكندرية حوالي سنة 1926م .
2 – أصدر إسماعيل مظهر في سنة 1928م مجلة العصور ، وكانت قبل توبته تدعو للإلحاد والطعن في العرب والعروبة طعناً قبيحاً . معيداً تاريخ الشعوبية ، ومتهماً العقلية العربية بالجمود والانحطاط ، ومشيداً بأمجاد بني إسرائيل ونشاطهم وتفوقهم واجتهادهم .
3 – أسست سنة 1928م جماعة لنشر الإلحاد تحت شعار الأدب واتخذت دار العصور مقراً لها واسمها رابطة الأدب الجديد وكان أمين سرها كامل كيلاني .. وقد تاب إلى الله بعد ذلك .
4 – فى سنة 1930م ألف إسماعيل مظهر حزب الفلاح ليكون منبراً للشيوعية والاشتراكية . وقد تاب إسماعيل إلى الله بعد أن تعدى مرحلة الشباب وأصبح يكتب عن مزايا الإسلام .
ومن الشعراء الملاحدة الذين كانوا ينشرون في مجلة العصور :
– الشاعر عبد اللطيف ثابت : الذي كان يشكك في الأديان في شعره .
– والشاعر الزهاوي : يعد عميد الشعراء المشككين في عصره .
ومن أعلام الإلحاد في العالم : –
أتباع الشيوعية : ويتقدمهم كارل ماركس 1818 – 1883م اليهودي الألماني .
وإنجلز عالم الاجتماع الألماني والفيلسوف السياسي الذي التقى بماركس في إنجلترا وأصدرا سوياً المانيفستو أو البيان الشيوعي سنة 1820 – 1895م .
أتباع الوجودية : ويتقدمهم :
جان بول سارتر .
وسيمون دوبرفوار .
والبير كامي .
وأتباع الداروينية .
ومن الفلاسفة والأدباء :
نيتشه : فيلسوف ألماني .
برتراند راسل : 1872 – 1970م فيلسوف إنكليزي .
هيجل : 1770 – 1831م فيلسوف ألماني قامت فلسفته على دراسة التاريخ .
هربرت سبنسر : 1820 – 1903م إنكليزي كتب في الفلسفة .. وعلم النفس والأخلاق .
فولتير : 1694 – 1778م أديب فرنسي .
أفكار ومعتقدات مذهب الإلحاد : –
1 ـ انكار وجود الله سبحانه الخالق البارئ ، المصور ، تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً .
2 ـ إن الكون والإنسان والحيوان والنبات وجد صدفة ، وسينتهي كما بدأ ، ولا توجد حياة بعد الموت .
4 ـ النظرة الغائبة للكون والمفاهيم الأخلاقية تعيق تقدم العلم .
5 ـ إنكار معجزات الأنبياء لأن تلك المعجزات لا يقبلها العلم ، كما يزعمون ومن العجب أن الملحدين الماديين يقبلون معجزات الطفرة الوحيدة التي تقول بها الداروينية ولا سند لها إلا الهوس والخيال .
6 ـ عدم الاعتراف بالمفاهيم الأخلاقية ولا بالحق والعدل ولا بالأهداف السامية ، ولا بالروح والجمال .
7 ـ ينظر الملاحدة للتاريخ باعتباره صورة للجرائم والحماقة وخيبة الأمل ، وقصته لا تعني شيئاً .
8 ـ الإنسان مادة تنطبق عليه قوانين الطبيعة التي اكتشفها العلوم كما تنطبق على غيره من الأشياء المادية .
9 ـ الحاجات هي التي تحدد الأفكار، وليست الأفكار هي التي تحدد الحاجات .
10 – المعرفة الدينية ، في رأي الملاحدة ، تختلف اختلافاً جذريًّا وكليًّا عن المعرفة بمعناها العقلي أو العلمي .
الجذور الفكرية والعقائدية :
نشأ الإلحاد الحديث مع العقلانية والشيوعية والوجودية .
وقد نشر اليهود الإلحاد في الأرض ، مستغلين حماقات الكنيسة ومحاربتها للعلم ، فجاءوا بثورة العلم ضد الكنيسة ، وبالثورة الفرنسية والداروينية والفرويدية ، وبهذه الدعوات الهدامة للدين والأخلاق تفشى الإلحاد في الغرب ، والهدف الشرير لليهودية العالمية الآن هو إزالة كل دين على الأرض ليبقى اليهود وحدهم أصحاب الدين .
الانتشار وأماكن النفوذ :
انتشر الإلحاد أولاً في أوروبا ، وانتقل بعد ذلك إلى أمريكا، وبقاع من العالم .
وعندما حكمت الشيوعية في ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي قبل انهياره وتفككه ، فرضت الإلحاد فرضاً على شعوبه ، وأنشأت له مدارس وجمعيات .
وحاولت الشيوعية نشره في شتى أنحاء العالم عن طريق أحزابها ، وإن سقوط الشيوعية في الوقت الحاضر ينبئ عن قرب سقوط الإلحاد بإذن الله تعالى .
يوجد الآن في الهند جمعية تسمى جمعية النشر الإلحادية ، وهي حديثة التكوين وتركز نشاطها في المناطق الإسلامية ، ويرأسها جوزيف إيدا مارك ، وكان مسيحيًّا من خطباء التنصير ، ومعلماً في إحدى مدارس الأحد ، وعضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ، وقد ألف في عام 1953م كتاباً يدعى : إنما عيسى بشر فغضبت عليه الكنيسة وطردته فتزوج بامرأة هندوكية وبدأ نشطاه الإلحادي ، وأصدر مجلة إلحادية باسم إيسكرا أي شرارة النار . ولما توقفت عمل مراسلاً لمجلة كيرالا شبدم أي صوت كيالا الأسبوعية . وقد نال جائزة الإلحاد العالمية عام 1978م ويعتبر أول من نالها في آسيا
يتضح مما سبق :
أن الإلحاد مذهب فلسفي يقوم على إنكار وجود الله سبحانه وتعالى ، ويذهب إلى أن الكون بلا خالق ، ويعد أتباع العقلانية هم المؤسسون الحقيقيين للإلحاد الذي ينكر الحياة الآخرة ، ويرى أن المادة أزلية أبدية ، وأنه لا يوجد شيء اسمه معجزات الأنبياء فذلك مما لا يقبله العلم في زعم الملحدين ، الذين لا يعترفون أيضاً بأية مفاهيم أخلاقية ولا بقيم الحق والعدل ولا بفكرة الروح . ولذا فإن التاريخ عند الملحدين هو صورة للجرائم والحماقات وخيبة الأمل وقصته ولا تعني شيئاً ، والإنسان مجرد مادة تطبق عليه كافة القوانين الطبيعية وكل ذلك مما ينبغي أن يحذره الشاب المسلم عندما يطالع أفكار هذا المذهب الخبيث .
يا أمة الاسلام :
كان ابن تيميه رحمه الله من احسن الناس المناضرين للملحدين . وقيل انه في احدى مناضرتة للملحدين . ان الملحدين كانو يقولو ان الطبيعة هي التي وجدت نفسها وليس هناك خالق لهذه الطبيعة وانهم مستعدين ان يثبتو هذا الكلام للناس اجمعين . فما كان من شيخ الاسلام إلا ان دعا الى مناضرتهم .
وحددو يوماً للقاء . فاعندما اتى اليوم الموعود بين هؤلاء الملحدين وشيخ الاسلام تأخر شيخ الاسلام وطال به الانتضار كثيراً حتى ظنوا انه لن يأتي . وكان تأخر شيخنا لشيء في نفسه وعندما وصل وجهوا اليه الاسئلة لماذا تأخرت ؟ فقال لهم شيخنا عندما كنت في طريقي إليكم فإنشقت الارض امامي وامتلأت بالماء ولم استطيع العبور فجلست تحت شجرة لفترة وإذا بهذه الشجرة تتكسر امامي وكونت لي قارب بنفسها دون تدخل مني . فصعدت القارب وعبرت النهر و واصلت المسير . فقالو ايعقل هذا يا ابن تيمية ان تصنع الشجرة لك قارباً . فقال لما لا وانتم تقولوا ان الطبيعه هي التي وجدت نفسها الا تستطيع هذه الطبيعة من صنع قارب صغير مقارنة بالكواكب والنجوم والشمس والانسان وما غير ذلك . فما كان منهم إلا ان قاموا من مجلسهم اقتناعاً وتصديقاً بكلام شيخ الاسلام ابن تيمية .. فلنتعلم من شيخنا رحمة الله عليه .
أهم الأسباب التي قد تدفع ببعض الشباب إلى الإلحاد أو اللادينية أو اللاأدرية :
وكما أشرنا سابقاً أن الإلحاد يختلف عن اللادينية أو اللاأدرية ، فالإلحاد هو إنكار وجود الرب ، في حين اللادينية هي إنكار المصدر الإلهي للأديان ، فكل ملحد هو لا ديني بالضرورة ، والعكس غير صحيح ، فقد يكون اللاديني ربوبيا مؤمنا بالخالق ، وقد يكون لا أدريا ، أما اللاأدري فهو الذي يتوقف عند سؤال وجود الخالق ويزعم أن الإجابة عن هذا السؤال غير ممكنة ، وهذه الأسباب التي سأذكرها مرتبطة بالإلحاد واللادينية واللاأدرية على حد سواء ، وليست مقتصرة على الإلحاد فحسب ، وترتيب هذه الأسباب ليس له علاقة بأهمية السبب وتأثيره ، وفي الغالب تتضافر عدة أسباب ومؤثرات فتقود الشخص للإلحاد ، ويصعب أن يكون سبب واحد فقط هو الدافع للإلحاد.
** 1 – التطرف والجمود الديني:
الغالبية العظمى ممن ألحدوا – في مجتمعنا – كان إلحادهم ردة فعل نفسية من التشدد الديني والاجتماعي! ، التطرف الديني والتشدد الاجتماعي الذي يتربى عليه الشخص يؤدي به إلى نفور من الدين والتدين ، ولذا نجد كثيرا من هؤلاء الذين ألحدوا قد تربوا في بيئات دينية أو اجتماعية متشددة ، بل إن بعضهم قد حفظ القرآن وتعلم الدين وربما تتلمذ على بعض المشايخ ثم صار به الحال إلى الإلحاد! ، من المهم أن يدفعنا هذا إلى التساؤل والبحث عن الخلل الذي أدى لمثل ردات الفعل هذه.
ومن الإشكالات التي يسببها التطرف الديني أنه يربي الأشخاص على التطرف والحدية في تبني الآراء فتجد أن عقلية هذا الشخص تتشكل بهذه الطريقة ، وحين تتغير بعض أفكاره ويرتبك أمام بعض القضايا أو التساؤلات فإنه يتطرف بالاتجاه المقابل ويتخذ موقفا معاديًا للدين والتدين ، وهذا ملاحظ لدى بعض من سلكوا طريق الإلحاد.
وقبل أن يصل الشاب إلى مرحلة الإلحاد يعيش فترة يعاني فيها من الإحباط والغضب وفقدان المعنى في كل ما حوله , ويعيش صراعا هائلا بين متناقضات عديدة في حياته لا يجد لها مخرجا من وجهة نظره إلا إنكار كل الثوابت وتحطيمها وعلى رأسها الدين لكي ينطلق متحررا من كل القيود التي تسببت في معاناته. وبعضهم يتوجه نحو الإلحاد بحثا عن الحرية والتحرر من كل القيود , فهو يرى أن المؤسسات الدينية والمجتمع يستخدمان الدين بشكل نفعي ويوظفان السلطة الروحية لسلب حريته .
وقد يكون الإلحاد رد فعل عنيف على حالات التطرف الديني السائدة في المجتمع , وكأنه تحقيق لقانون التوازن في الكون الذي يضبطه قاعدة : لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الإتجاه . وتزداد الرغبة في الإلحاد كلما كان التدين السائد في المجتمع ظاهريا أو انتهازيا أو نفعيا أو هروبيا أو تسلطيا .
ويشجع على الإلحاد رؤية الدين كنوع من التفكير الخرافي الذي لا يثبت أمام المنطق والعقل النقدي , خاصة حين يحاول الشخص أن يقيس الخبرة الدينية والمعتقدات الدينية بنفس مقاييس العلم التجريبي ولا يراعي الفارق بين هذا وذاك واحتياج الخبرة الدينية لمنهجية مختلفة في النظر والقياس نظرا لاختلاف المجال .
وبعض علماء الدين تكون لديهم الرغبة في إقحام الدين في كل تفاصيل الحياة البشرية , وحجتهم في ذلك أن الدين يدخل (أو يجب أن يدخل) في كل شئ لأنه منهج كامل متكامل لحياة البشر , وهذه كلمة حق يراد بها باطل إذ تسمح للدعاة والمشايخ بأن يتسلطوا على حياة البشر ويتحكموا فيهم ويصبحون أوصياء عليهم , ويبدو بقية الناس ضعفاء قاصرين جهلاء سفهاء لا يعرفون ما يصلحهم لذلك يلجأون إلى وعاظهم ومشايخهم في كل صغيرة وكبيرة خوفا من الوقوع في الخطأ والمحظور , وهنا تتضخم ذوات القادة الدينيين ويزداد تأثيرهم على العامة والخاصة , وتتسع دائرتي الحلال والحرام لتحتل كل مساحة النشاط البشري وتتضاءل أو تختفي دائرة المباح التي تمنح الإنسان حرية التفكير والتصرف في شئون دنياه كما قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – حين سألوه عن تأبير النخيل “أنتم أعلم بشئون دنياكم” . وهذه التسلطية الدينية تدفع الشاب الراغب في الحرية أن يتخلص ليس فقط من سلطة القادة الدينييين بل من سلطة الدين نفسه الذي يتحدثون عنه .
ونجد أن الكثير من حالات الإلحاد لدى الشباب لا يجدي معها الحوارات الدينية ولا يجدي تقديم الأدلة والحجج والبراهين لأن الأصل في المشكلة ليس دينيا , بل إن تقديم الحجج والبراهين الدينية من جانب بعض العلماء والوعاظ الذين لا يدركون عمق حالة الإلحاد قد يغري الملحد بالكثير من الجدال (الذي يتقنه جيدا) لا لشئ إلا لإثبات قدرته على إفحام محدثه وتحقيق انتصار على الرموز الدينية التي يكرهها وعلى المجتمع الذي يرفضه وعلى السلطة التي يتمرد عليها .
ولعل أكبر سبب للإلحاد في التاريخ البشري هو الرغبة في التخلص من القيود التي تفرضها الأديان على الناس خاصة الأشخاص الذين يكرهون أية قيود مهما كان مصدرها ومهما كانت درجتها ويرغبون في الإنطلاق في حياتهم بتوجيه عقولهم وخياراتهم الشخصية .
ومن العوامل الدافعة للإلحاد لدى المراهقين والشباب الهوة العميقة بين القيم المعلنة والقيم السائدة في المجتمع , وهنا يشعر المراهق أو الشاب أن المجتمع الذي يعيش فيه مجتمعا منافقا يقول شيئا ويفعل شيئا آخر , يتغنى بالصدق ويكذب ليل نهار , يتحدث عن العفة والفضيلة في العلن بينما يأتي أبشع المنكرات في الخفاء , وهنا تسقط مصداقية المجتمع وتسقط مصداقية السلطة وعلماء الدين والآباء والكبار عموما وأخيرا تسقط مصداقية الدين ذاته الذي يصله عبر هذه الرموز المرفوضة .
والاستبداد الديني بدوره أنتج نفورا من الدين والتدين فحينما يكون الدين خاضعا لسلطة دينية مقدسة ومستبدة ، وقد تُوظَّف بوصفها ورقةً داعمة للاستبداد السياسي ، فإن هذا قد يدفع الشخص لاتخاذ موقف من الدين نفسه!.
ومن المسائل المهمة أيضا هي أن طبيعة الخطاب الديني عندنا تدفع الشخص لأن يعتقد أو يفترض بأنه سيوقن بكل شيء ، التربية على اليقين (في كل شيء) لها تأثير سلبي ، فبمجرد أن يدخل الشك في مسألة تبدأ المسائل كلها تنفرط لأنها بذات الدرجة من اليقينية!. وهكذا يصبح الشك أو الارتباك أمام بعض القضايا سببا أو دافعا لأن يشك هذا الشاب في كل شيء ، وهذا أمر خطير، عدد من هؤلاء الذين ألحدوا كانت شرارة الإلحاد بالنسبة لهم هو أن إحدى المسائل التي تربوا على أنها مسألة يقينية ومحسومة اكتشفوا أن فيها خلافا شديدًا بين أهل الدين أنفسهم ، فشعروا بأنهم كانوا مخدوعين أو أن ما تربوا عليه وغرس في عقولهم كان خاطئًا ، وربما كانت هذه المسألة فقهية وبسيطة كمسألة اللحية أو الإسبال أو صلاة الجماعة ولكن هذا ما يحصل فعلا لدى البعض!.
هناك أنواع من الخطاب الديني تساهم بقوة في تنامي ظاهرة الإلحاد نذكر منها :
1 – الخلط بين الأصول والفروع وبين الثوابت والمتغيرات , وهذا يجعل بعض الفروع والمتغيرات تبدو كأصول وثوابت ربما يصعب على بعض الناس قبولها أو هضمها بسبب بعض التناقضات أو الإشكاليات العقلية فيكفرون بمجمل الدين .
2 – التجزئ والتفكيك للدين بما يجعله قضايا منفصلة بعيدة عن الجوهر الكلي للدين وحين يتناول العقل هذه الأجزاء المفككة لا يستطيع قبولها بسهولة خاصة إذا كان عقلا نقديا يتصيد الثغرات أو يفترضها بقوة ويريد إثبات وجودها نظرا لدوافع ذاتية .
3 – السلطوية والتسلطية .
4 – التوجه الصراعي الإستقطابي الإستعلائي العنصري والبعيد عن النزعة التراحمية الإنسانية العالمية .
5 – تقييد حرية العقل وحرية الإنسان بأكثر مما يتطلبه الدين في جوهره (اتساع دائرتي الحلال والحرام على حساب دائرة المباح) , ففي الدين الصحيح تتسع دائرة المباح لتمنح العقل مساحة للتفكر والتدبر والإبداع , أما في الدين المختزل فتضيق جدا هذه المساحة حتى لتخنق العقل .
6 – فرط تديين الحياة البشرية مما يتيح سلطة استبدادية للقيادات والرموز الدينية لا يستطيع طالبي الحرية من الشباب المتمرد الخلاص منها إلا بالخلاص من الدين نفسه من وجهة نظرهم .
7 – الخطاب الترهيبي لدرجة التنفير أو الترغيبي الطفولي .
8 – كثرة الدوجماتيات (كثرة المطلقات المغلقة التي لاتقبل التفسير أو المناقشة أو التعديل) .
9 – كثرة المفاهيم الخرافية .
10 – تعدد وتناقض الخطاب الموجه من الجماعات والمجموعات الدينية المتصارعة على الساحة .
11 – تسييس الخطاب الديني بما يجعله يفقد نقاءه وصفاءه وتجرده وروحانياته .
—————————————————-
** 2 – تساؤلات تبحث عن إجابة ، وردود فعل تكبت وتخرس:
كثيرٌ ممن ألحدوا كان إلحادهم هو نتيجة لتساؤلات أربكت عقولهم فبحثوا عن إجابات لها ولم يجدوا شيئا ، والمصيبة الأكبر هي أن تقابل مثل هذه التساؤلات بالكبت والتخويف والتعنيف ، كبت الأسئلة وقمعها وعدم الترحيب بالاختلاف في الرأي ومنع الحوار سبب ردة فعل لدى البعض أدت إلى نفور من الدين والتدين .
من الضروري أن يهتم المفكرون والمربون بحوار الشباب المتسائل ، وأن يرحبوا بكل أسئلته أيًّا كانت ، وأعني بالحوار هنا الحوار الحقيقي ، وهو في أن تعطي وتأخذ ، تتحدث وتستمع ، لا أن تقدم موعظة فكرية ثم تسمي ذلك حوارا!. بعض المشايخ أو المفكرين يتعامل مع الشباب بطريقة أستاذية بحيث ينتظره يسأل السؤال أو يطرح الشبهة كي يسرد عليه الإجابة التي يفترض هو أنها ستكون مقنعة ، ولكن هذه الطريقة ليست مجدية مع هؤلاء الشباب.
ومن المهم أن أؤكد هنا أن طرح التساؤلات لا يصح أن يكون على الملأ ؛ لأنه قد يربك عقول أناس لم تطرأ عليها هذه الاستشكالات ، ومن الحكمة أن يطرح الشاب هذه التساؤلات لمن يظن أن بإمكانه أن يجيب عنها وأن يستوعبها ، ومما تجدر الإشارة إليه أن بعض هؤلاء الشباب يحاول أن يفرض على الآخرين أن يتبعوا طريقته في الشك والتساؤل وهذا ليس من الحكمة ، ليس هناك أي إشكال في الأسئلة الوجودية التي تقلق الإنسان لأن هذا أمر طبيعي ، ولكن الإشكال هو حينما يحاول البعض أن يفرض على الآخرين الشك والتساؤل الفلسفي بحجة أنه طريق اليقين ، في حين أن إدراكات الناس تتفاوت وطرق وصولهم لليقين تتنوع وتتعدد بتعدد أنفاس البشر!.
—————————————————-
** 3 – الثورة على العقلية الأسطورية:
حينما ينتج الخطاب الديني عقلية أسطورية بسبب كثرة القصص والحكايات غير الثابتة التي تروي معجزات وحكايا تتناقض مع القوانين التي وضعها الله في هذا الكون ، فإن هذا الأمر يدفع البعض لأحد أمرين: إما أن يعيش بتناقض بين عالم النظرية وعالم الواقع ، أو أن يكفر بكل تلك المرويات صحيحها وضعيفها حتى ما ثبت منها في القرآن والسنة الصحيحة!. ولذا من المهم ألا يكون الخطاب الديني سببا في تشكيل عقليات أسطورية عن طريق نقل قصص وحكايا لم تثبت ونشرها بين الناس ظنا منهم أنها ستزيد في إيمانهم على حين قد تكون النتيجة هي العكس!.
—————————————————- ** 4 – غرس الكراهية باسم الدين:
عندما يأتيك من يوجب عليك بحكم إسلامك أن تكره الآخر الذي قد يكون زميلا في العمل أو طبيبا أو معلما لمجرد أنه يخالفك في الديانة ، فمن الطبيعي أن ينفر من هذا الكثير من أصحاب القلوب الطيبة والمحبة للآخرين ، لأنهم يجدون هذا الأمر صعبا على النفس ومناقضا لما فطره الله في قلوبهم من حب للآخرين الذين أحسنوا إليهم.
هذه القضية مؤثرة لدرجة أن بعضهم يقرر أن يترك الدين ويلجأ للإلحاد لأنه أكثر إنسانية! وهذا عجيب ، فالمصيبة التي يغفل عنها هؤلاء أن الإلحاد يحطم مبدأ الإنسانية تماما ؛ لأن فكرة كرامة الإنسان لا يمكن أن تستند إلا إلى إيمان بخالق متعالٍ منحه هذه الكرامة ، وإلا فلا شيء يميز الإنسان عن أي مخلوق آخر فكلهم مجرد نتيجة للصراع العبثي من أجل البقاء و(تمرير الجينات)!.
لذا نحن بحاجة لأن يكون خطابنا الديني أكثر اعتدالا ، وألا يغرس الكراهية في قلوب الناس لمجرد أن الآخر يخالفنا في الديانة ، ومن المهم جدا التفريق بين المسالم والمحارب في شأن علاقتنا القلبية والسلوكية معه ، وهذا واضح في سيرة النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام – وفي آيات الكتاب الحكيم ، وأحمد الله أن كثيرا من المشايخ في مجتمعنا صاروا يؤكدون هذه النقطة ويفصّلون في مسائل الولاء والبراء ويفرقون بين المسالم والمحارب.
—————————————————-
** 5 – تقديس الأشخاص:
الحمد لله أن ديننا ليس فيه تقديس وليس فيه كهنوت وهذا يكاد يعرفه كل مسلم ، فالعلماء بشر يصيبون ويخطئون وكل يؤخذ من قوله ويرد ، إلا رسولنا المعصوم ، ونحن نردد هذا ونسمعه دوما ، ولكن الواقع أن هناك شيئا من التقديس الموجود لدى البعض ، ومن الملاحظ أن من يبالغ بتقديس الأفراد تحصل له ردة فعل عندما يخطئ أحد هؤلاء المشايخ خطأً كبيرا أو يفتي بفتاوى يكتشف لاحقا أنها خاطئة تماما ، وفي أشد الحالات تطرفًا قد تحصل ردة فعل لدى الشخص فينفر من الدين نفسه!. وهذا عجيب لأننا تعلمنا أن الحق لا يعرف بالرجال وإنما الرجال يعرفون بالحق ، ولكن يبدو أن من الصعب على الإنسان أن يكون موضوعيًّا فيفصل بين الدين نفسه وبين من يدعو له ويتكلم باسمه ، ولهذا السبب يحصل هذا الخلط وتحصل مثل ردات الفعل هذه ، ومن المهم الإشارة إلى أن ردات الفعل غالبا لا تكون هي السبب الأوحد وراء الإلحاد ولكن تكون بمنزلة المحرض وتصنع لدى الشخص القابلية لترك الدين.
—————————————————- ** 6 – وجود الشر .. كيف يرضى الله بهذا الشر؟ وأين عدل الله في كل ما نراه؟
مسألة وجود الشر من أقدم المسائل التي تحدث حولها الفلاسفة المؤمنون ، فالشر حاضر بشكل واضح في عالمنا الذي يملؤه القتل والظلم وتوجد فيه الأمراض والآفات وشتى أنواع الشرور ، وكثيرا ما يكون المتسائل أو المتشكك الذي يستشكل هذه الشرور شخصا مرهف الحس لا يستطيع أن يرتاح ضميره ويتقبل فكرة أن الشر جزء أصيل في هذه الحياة ، وأن الحياة لا يمكن أن تكون إلا كذلك ، وهذه المسألة أجاب عنها كثيرٌ من الفلاسفة المسلمين إجابات متينة ليس هذا موطن ذكرها ، ولا شك أن المفترض أن المؤمن الحقيقي يسلم بوجود حكمة وراء كل ما قدره الله وأذن به في هذا الكون.
لكن الإلحاد الذي يكون لهذا السبب هو في الحقيقة إلحاد مبني على موقف عاطفي وليس موقفا فكريًّا ، والحقيقة أن بعضهم يستعمله فقط كحجة للتشغيب ولتبرير إلحاده ولو بحثت في العمق لوجدت أن هذا ليس السبب الحقيقي وهو مجرد حجة!.
—————————————————-
** 7 – القتل والحروب والعنف الذي يحصل باسم الدين والإله:
بعض الملحدين يزعجه التدين الصراعي الذي يفرق البشر إلى مجموعات متصارعة ويخلق حالة من العنصرية والإستعلاء والكراهية والإقصاء والنبذ بين أصحاب الديانات المختلفة , وأن الدين يتم توظيفه سياسيا وعسكريا وبالتالي يؤدي إلى صراعات وحروب تزهق فيها الأرواح باسم الإله , ومن هنا يتنكر هؤلاء للدين الذي يفرق بين البشر .. والحروب على مر التاريخ كانت من أقبح تجليات صراع الإنسان مع أخيه الإنسان ، ومع أن التنازع والصراع هو طبيعة موجودة في الإنسان إلا أن كثرة الحروب التي كانت لأسباب دينية قد تدفع بعض الشباب إلى النفور من الدين بحجة أنه جعل البشر يقتل بعضهم بعضا ، ويعتقدون أن الإلحاد هو الدين الإنساني الذي يسمح بالتواصل مع كل البشر دون تفرقة ودون صراعات , لذلك أصبحت كلمة “Non Believer” مصدر فخر واعتزاز لدى كثير من الغربيين والشباب الملحدين لأنها تعني بالنسبة لهم أنهم غير عنصريين وغير متعصبين وأنهم إنسانيين وأحرار. وهذه ردة فعل عاطفية وغير واقعية ؛ لأن الصراع طبيعة موجودة في الإنسان كما ذكرت ، ولو لم توجد في الأرض أديان أبدا لظل البشر يتقاتلون على الأعراق أو الأوطان ، ولو لم توجد أديان ولا أعراق ولا أوطان .. إلخ لاختلق البشر أي انتماء يفرق بينهم ثم تقاتلوا عليه!.
الخلاصة أن الدين ليس هو المسبب الرئيس في وجود الحروب وإنما طبيعة الإنسان نفسه ، ووجود حروب لبست بلبوس الدين لا يعني أنها مبررة دينيا ولا يجب أن يحمل الدين مسؤولية ذلك وإنما الأفراد التابعون له.
—————————————————-
** 8 – فكرة القضاء والقدر:
مع أني أرى الإشكال في هذه المسألة سهل إلا أن كثيرًا من الشباب كانت هذه المسألة هي بداية طريقهم للإلحاد!.. فهو يتساءل أسئلة من قبل:
لماذا يقدر علي الله أن أعصيه ثم يعذبني؟ لماذا يقدر علي أن أكفر ثم يعذبني؟ .. وغيرها من الأسئلة ، والجواب عنها في نظري سهل وهو أن الخالق الحكيم جلت عظمته متعالٍ على الزمان والمكان فهو جل جلاله لا يجري عليه قانون الزمان الذي يجري علينا، والمحصلة يصبح افتراض هذه الإشكالات كلها غير صحيح في الأصل ، وهناك إجابات أخرى كثيرة ومتينة ليس هذا موطن ذكرها.
—————————————————-
** 9 – وهم اليقين الكامل / المطلق:
لا يمكن أن يكون يقين أحدنا كيقين إبراهيم عليه السلام الذي أراه ربه كيف يحيي الموتى أو كيقين موسى الذي كلمه الله، أو يقين محمد الذي تنزل عليه الوحي، أو يقين صاحبه أبي بكر…وغيره
درجة اليقين التي كانت عند النبي عليه الصلاة والسلام ليست مثل درجة اليقين التي كانت عند أبي بكر، ودرجة اليقين التي كانت عند أبي بكر ليست كدرجة اليقين التي عند غيره من الصحابة، ودرجة اليقين التي كانت عند الصحابة الذين عاصروا النبي الكريم وشاهدوا معجزاته ليست كدرجة اليقين التي عند من جاءوا بعده ولم يروه!
فليس مطلوبا من المؤمن أن يتوقع بلوغ درجة اليقين الخاصة هذه ، إن على الإنسان أن يسأل الله دوما أن يزيده يقينا، لكن من الخطأ ومن العجيب أن ينتظر الإنسان أن يريه الله شيئا خاصا به أو يخرق له قانونا من قوانين الطبيعة كي يؤمن به ، ثم إن لم يحصل له هذا صد عن فكرة الإيمان!.
—————————————————-
** 10 – تخلف الأمة:
بعض شبابنا يترك الدين أو يشك به لأجل الواقع السيء الذي يعيشه المسلمون ، وبسبب ما نعانيه من تخلف سياسي واقتصادي ونهضوي… إلخ ، فهذا الشاب المسكين يتساءل بحرقة وبسذاجة: لو كان الدين الإسلامي هو الحق فلماذا نحن في ذيل الأمم ولماذا نحن الأكثر تخلفا؟! وينسى أن هذه هي سنة الحياة والتاريخ ، وأن الأمة التي تأخذ بأسباب القوة والتقدم هي التي تقود الركب الحضاري ، وأننا لو سلمنا بمنهجية أن الأمة المتقدمة هي صاحبة المعتقد أو الفكر الصحيح لكنا غيرنا ديننا كل ٢٠٠ أو ٣٠٠ سنة وصرنا كل مرة نتبع الأمة المتقدمة بحجة أنها على حق!. ولذا فإن هذه ليست منهجية صحيحة في معالجة الأفكار وبحثها.
—————————————————-
** 11 – تمزق الأمة وتفرقها:
تمزق الأمة وتشتتها وتفرق كلمتها هو مما يدفع بعض الشباب للحيرة والتساؤل ، ومع أن هذا التفرق هو مما أخبر به الرسول – عليه الصلاة والسلام – إلا أنك تجد هذا الشاب يحتار عندما يرى أمامه مذاهب شتى لا يعلم أيها يمثل الحق ، وحينها يبدأ بالتساؤل ، ومع أن البحث والتساؤل أمر محمود إلا أن بعضهم قد يفضي به التساؤل إلى رفض الدين كله ، وهذا حاصل رغم أنه قليل ، ولهذا أظن أن هذا السبب ذو أثر ضعيف.
—————————————————-
** 12 – واقع المرأة:
ربما يكون هذا السبب مفاجئا ولكن عددا غير قليل من الفتيات اللواتي تركن الدين كان الواقع أو الاضطهاد الذي تعانيه المرأة باسم الإسلام هو شرارة البداية التي جعلتهن يتركن الدين ويستاءلن عن مدى صحة هذا الدين أو ملاءمته وعدله.
—————————————————-
** 13 – الجفاف الروحي:
أؤمن بأن الابتعاد عن الله وعن الاتصال الروحي به سبحانه قد يجعل الإنسان عرضة بشكل أكبر لأن تتقاذفه الشكوك والشبهات فينجرف معها ، مع التأكيد على أن هذا ليس ضروريا فقد تعتري الإنسان شبهات وشكوك تمزق قلبه رغم أنه كثير العبادة وقريب من الله سبحانه.
—————————————————-
** 14 – الاندفاع والعجلة:
الشخصية المندفعة والعجولة قد تكون أكثر عرضةً للإلحاد بمجرد أن تعتريها بعض الشبهات أو الشكوك وهذا ملاحظ للأسف وهو دلالة على قلة الحكمة والصبر! ، أبو حامد الغزالي – رحمه الله – صبر سنوات طويلة من عمره على مرارة البحث والشك إلى أن بلغ درجة اليقين ، ولكن بعض شبابنا بمجرد أن تعتريه شبهة أو اثنتان يتعجل ويقرر أن يترك الدين وينفي وجود الرب!.
—————————————————-
** 15 – الاعتداد بالذات والغرور المعرفي:
هذا من أمراض القلوب التي قد تقود الإنسان إلى الزيغ ، وأؤمن أن الغرور المعرفي والثقافي قد يقود الإنسان إلى الانحراف الفكري.
—————————————————-
** 16 – سطوة الشهوات ومحاولة الهروب من وخز الضمير:
لا تخلو دوافع الإلحاد من الجانب الجنسي حيث لوحظ تحرر الملحدين من كل التابوهات ومنها الجنسية والدخول في علاقات لا يحكمها سوى الرضا والقبول والتوافق الشخصي بين الطرفين , وفي اعتقادهم أنهم حرموا أنفسهم من نعمة الجنس سنوات بناءا على اعتبارات دينية وهاهم بعد أن ألحدوا تحرروا من تلك القيود وعاشوا كما يريدون ويحبون , وهذا أمر شديد الجاذبية لدى بعض الشباب ممن لا يستطيعون الصبر أمام المد الجارف من الشهوات ، وضميرهم يؤلمهم ويؤنبهم إن عملوا المعاصي ، وساروا وراء الشهوات ، فيلجؤون للإلحاد كي يهربوا به من وخز الضمير ويقترفون ما شاؤوا من الشهوات دون أن يؤنبهم ضميرهم! .. فمن طبيعة الإنسان أن ضميره يؤنبه عندما يقترف ما يرى ويعتقد أنه خطأ.
ويرى علماء الإجتماع أن الإلحاد هو حالة من الخلع الإجتماعي حيث يمر الإنسان بثلاث مراحل : المرحلة الأولى وهي “الإجتماعية العامة” حيث ينتمي الشخص لعموم الناس وتكون فكرة الدين مقبولة لديهم ولديه , والمرحلة الثانية هي “الإجتماعية الخاصة” وفيها ينتمي الشخص إلى “شلة” أو مجموعة خاصة تقبل أو تشكك أو ترفض الدين , والمرحلة الثالثة هي الخلع التام حيث ينكفئ الشخص على ذاته ويتبنى قناعة شخصية ذاتية تماما ليس لها علاقة بالسياق الإجتماعي .
—————————————————-
** 17 – السطحية الفكرية:
لست ممن يدعو لمنع الكتب وممارسة الوصاية الفكرية ، ولكن الواقع أن هناك عددًا من الشباب الذين يتأثرون سريعا بما يقرؤونه دون أن تكون لديهم ملكة نقد سليمة للمقروء ، فتجد أحدهم يقرأ في بعض كتب الفلسفة أو الأديان وسرعان ما يتأثر بها ويتشرب هذه الأفكار دون أن يمحصها ويقلب النظر فيها ، بل إن بعضهم تبلغ به السطحية أن تتقلب أفكاره مع كل كتاب يقرؤه ، فتكون حالته الفكرية الحالية هي انعكاس للكتاب الذي يقرؤه الآن!
ورغم هذا فإني لا أضخم دور هذا السبب كما يفعل كثيرون فما ذكرته من أسباب سابقة أكبر تأثيرا ، وقد عنونت لهذا السبب بـ (السطحية الفكرية) لأؤكد أن الخلل هنا في فكر القارئ وليس في ذات الاطلاع على الأفكار المختلفة فهو أمر مشروع.
—————————————————-
** 18 – الأسباب العلمية الطبيعية:
مع أن فئة قليلة من الملحدين – في بلادنا – هم من يكون إلحادهم لأسباب علمية ، إلا أن هذا السبب يغفله كثيرٌ من المفكرين أو الدعاة عندما يعالجون موضوع الإلحاد رغم أنه الأخطر والأعمق تأثيرا في النفس.
القرآن الكريم – بحمد الله – لا توجد به آيات تناقض ما يؤكده العلم بشكل صريح ، وهذا من عظمة هذا الكتاب المدهش، أما التوراة فقد تورط كاتبوها بطوام كبيرة فيما يتعلق بالخلق وتفاصيل الخلق ، وكثير منها تناقض ما توصل له العلم بشكل قطعي ، وهذا ما جعل التمسك بالدين المسيحي أو اليهودي خيارا صعبا للإنسان الذي يحترم العلم ، وربما لهذا السبب نجد أن من يلحدون لأسباب علمية في الغرب أكثر بكثير ممن يلحدون لأسباب علمية في بلاد المسلمين.
أهم النظريات العلمية التي قادت كثيرين للإلحاد هي نظرية التطور لداروين ؛ لأنها تصادم وتعارض ما جاءت به الأديان من تفاصيل الخلق ، وهي السلاح الذي يستعمله بعض الملحدين المتطرفين في الدعوة إلى الإلحاد ونبذ الدين.
إن الخداع العلمي – المقصود أو غير المقصود – الذي يمارسه كثير من المنتسبين للدين أو الفكر الإسلامي فيما يتعلق بنظرية التطور أثَّر بشكل سلبي في كثير من الشباب ، فحينما يلقن الشاب أن نظرية التطور تبين خطؤها وبطلانها وأنه حتى العلماء الغربيون أنفسهم صاروا يرفضونها وأن مناصريها كفروا بها وتراجعوا عنها… إلخ الكلام المعروف ، حينما يلقن الشاب هذا ثم يكتشف أنه كلام غير صحيح وأن نظرية التطور هي النظرية المعتمدة والمقبولة لدى المنظمات العلمية العالمية ، وتطبيقاتها العلمية كثيرة ، ويتفق معها غالبية العلماء لا سيّما المتخصصين في علم البيولوجيا والجيولوجيا ، حينها من الطبيعي أن تحصل ردة فعل لدى الشاب وقد يتخذ موقفا سلبيا فيقبل بنظرية التطور بشكل كامل ثم يجعل الإيمان بها مناقضا للإيمان بالخالق ، فضلا عن الدين!.
قد يكون في هذا تعجل واندفاع ولكنه حاصل ، ومن المفارقة العجيبة أنك قد تناقش بعض المتخصصين في الأحياء فتجد أنه لا يتحمس كثيراً لنظرية التطور، ربما يقبلها بصفتها نظرية ولكن تجد لديه استشكالات أو تحفظات أو تساؤلات ، وحتى إن قبلها تماما فإنه لا يتحمس لها كثيرا وكأنها عقيدة ، ولكن في المقابل تجد بعض الشباب المندفعين وغير المتخصصين عندنا ما إن يشاهد حلقتين لريتشارد دوكينز حتى يصبح من أشد المؤمنين بها والمناضلين عن صحتها والمتهكمين بفكرة التصميم الذكي التي تقول بها الأديان ، وهذا يؤكد أن ردة الفعل النفسية والاندفاع والتراكمات السابقة لها دور مؤثر في سلوك طريق الإلحاد ، ولذا أؤكد أن هؤلاء الشباب الذي يلحدون لأسباب علمية هم في الغالب يعانون من تراكمات جعلتهم يضيقون ذرعا بالدين، ولهذا حين يواجهون هذه الإشكالات العلمية لا يلجؤون لخيار التوفيق بين دلالات بعض الآيات أو الأحاديث الصحيحة التي قد تخال

 


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


مواضيع ذات صله


القائمة البريدية

إشترك في قائمنا البريدية ليصلك كل ما هو جديد من المقالات

[mailpoet_form id="1"]

جميع الحقوق محفوظه لموقع هدايه الحيارى