لماذا ترفضون التعايش مع الملحدين؟

هذا السؤال أجابت عنه الدول التي عاشرت الملحدين، واليوم لهذه الدول خبرة كبيرة في هذا الأمر ولننظر إلى ماذا انتهوا في هذه القضية!

نشرت المجلة العلمية العملاقة “الأمريكي العلمي Scientific American ” بحثًاً عن مدى كراهية المواطن الأمريكي للملحدين، وكان عنوان البحث يشي بالأمر فعنونت المجلة بحثها بالتالي: ” نحن لا نثق في الملحدين  In Atheists We Distrust “.

وبيّنت المجلة أن أغلب الشعب الأمريكي لا يطيق الملحدين ولا يقبل أن يكونوا حتى معلمين لأبنائهم! [1]

وتحرّت المجلة كيف أن استهجان المواطن الأمريكي للملحدين هو الموقف السائد سواءً أُعلن في قراراتٍ رسمية –كما سيأتي بيانه- أو أُضمر في قلب الشعب الأمريكي!

وفي تقريرٍ منفصل قامت به جريدة الواشنطون بوست  Washington Postفي العام 2011 في رصد لأكثر طائفة مكروهة في أمريكا على الإطلاق، تبيّن أن الملحد صاحب المرتبة الأعلى في الكراهية من بين جموع الشعب الأمريكي حصريًا. [2]

وقبل هذا التقرير بفترة قصيرة كانت جامعة مانيسوتا الأمريكية University of Minnesota قد أجرت بحثًا مستقلاً على مدار سنتين عن المسلمين المتطرفين والشواذ جنسيًا والملحدين، ومَن الذي يخشاه المواطن الأمريكي على نفسه؟

وتبين أن المسلم المتطرف والشاذ جنسيًا أقرب للأمريكي من الملحد. [3]

قد تكون هذه التقارير البحثية مدهشة للكثيرين، والأكثر داهشية أن يكون لهذه التقارير سندًا على أرض الواقع في صورة قوانين تؤكد رسميًا احتقار الملحد في الدول الغربية وازدراؤه.

فأحد أسس دساتير الولايات الأمريكية ألا يتولى الملحد أي منصبٍ على الإطلاق، لأن الذي ينكر وجود الله لا قيمة لعهده ولا ضمان لأمانته كما يقول جون لوك John Locke مؤسس الدولة المدنية في رسالته في التسامح حيث قال: “لا يمكن التسامح على الإطلاق مع الذين ينكرون وجود الله، فالوعد والعهد والقسم من حيث هي روابط المجتمع البشري ليس لها قيمة بالنسبة الى الملحد، فإنكار الله حتى لو كان بالفكر فقط يفكك جميع الأشياء”. [4]

وإذا كانت هذه نظرة مؤسس الدولة المدنية في الغرب، فكيف بجموع الشعب؟

إن نظرة أولية إلى دساتير الولايات الأمريكية تعطي صدمة لكل ملحد عربي يتبجح بطلب حقوقه في بلادنا العربية، إن رصد مواد الدساتير الغربية تعكس مدى إدراك هؤلاء لخطر الملحدين ومحاولة استبعادهم قدر الإمكان عن الحياة العامة.

ففي دستور ولاية أركنساس Arkansas State Constitution الفصل التاسع عشر المادة الأولى: “لا يحق لأي ملحد تولي أي منصب إداري في الولاية، ولا يكون أهلاً للشهادة في المحكمة.”

ثم قلِّب في دستور ولاية نورث كارولينا North Carolina’s State Constitution لتتبين كيف أنه ينص في الفصل السادس المادة الثامنة أن الملحد فاقد للأهلية!

ثم ارجع الطرف إلى دستور ولاية بنسلفانيا Pennsylvania’s State Constitution في الفصل الأول مادة أربعة لترى كيف أن الملحد ليس أهلاً للثقة وعليه فلا يحق له إنشاء أية مؤسسة ربحية.

إن الدساتير الغربية طافحة بالمواد الدستورية الرصينة التي ترفض تواجد ملحد بينهم؛ انظر إلى  دستور ولاية ساوث كارولينا South Carolina الفصل السادس المادة الثانية، ودستور ولاية تينيسي Tennessee الفصل التاسع الفقرة الثانية، ودستور ولاية تكساس Texas الفصل الأول الفقرة الرابعة وكلها تشترط أن الإيمان بالله شرط بديهي للثقة وتولي منصبٍ إداري.
فأمريكا أقوى دولة علمية في العالم ما زالت تصنف الملاحدة على أنهم غير مقبولين في المجتمع الأمريكي، وكان هذا واضحًا جدًا بصفة رسمية في الكلمة التي قالها جورج بوش الأب حين سألة صحفي أمريكي في عام 1987 ” هل يمكن اعتبار الملحد الأمريكي متساوياً في الجنسية والمواطنة مع غيره من الأمريكان؟

وأصبح رد بوش مشهوراً في ذلك الوقت حين قال: ” لا أعرف إذا كان من الممكن اعتبار أن الملحدين مواطنون أو حتى اعتبارهم محبين للوطن؛ هذه أمة موحدة تحت راية الله”.

إذن الغرب أكثر خبرةً منّا بالملحدين وبطبيعتهم، ويعلم أن في وجودهم مشكلة حقيقية فلا قيمة عند الملحدين للعهد ولا للقسم وهي أسس أي مجتمع وأي قضاء وأي دستور.

فالغرب يرفض الملحدين بسبب ما يثيرونه من مشاكل، فمعقِد الولاء والبراء عند الغرب هو المصلحة والنفعية أما عندنا فمعقد الولاء والبراء هو الدين، فرفضنا للملحد نابع من ديننا الذي يحضنا على إعلاء كلمة الله وعلى إصلاح الشباب وعدم تركهم تتخبطهم أمواج الشبهات.

[1]http://www.scientificamerican.com/article/in-atheists-we-distrust/

( موقع الأمريكي العلمي هو موقع علمي قوي وشهير عالميًا).

[2]http://www.washingtonpost.com/opinions/why-do-americans-still-dislike-atheists/2011/02/18/AFqgnwGF_story_1.html

( الواشنطون بوست واحدة من أشهر الصحف العالمية).

[3] – http://newsjunkiepost.com/2009/09/19/research-finds-that-atheists-are-most-hated-and-distrusted-minority

[4] – جون لوك، رسالة في التسامح ص57