بسم الله الرحمن الرحيم

الحب الحقيقي لا يقتله الزواج، إنما يتم التعبير عنه بصور أخرى تلحظهاوتشعر بها المرأة الواعية، ويدركها ويلمس حرارتها الزوج النبيه، وكل يعبرعن حبه بأسلوب أو بآخر. فالحب الزوجي هو حب من نوع خاص، وله نكهة خاصة، وهوروح الزواج ومداد حياته التي من دونها تصبح العلاقة الزوجية جافة ناشفةكأوراق الخريف اليابسة.

• من المهم جدا الحرص على ترسيخ «السكن النفسي» لدى الطرفين، فالزواج هورحلة البحث عن السكن النفسي والألفة وراحة البال، فلتكن لشريكك صدرًاحانيًا وقلبًا عطوفًا، وليجد منك البسمة والمعونة والطاعة في غير معصيةالله، قال تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ}[البقرة: 87].

• الحياة الزوجية تحتاج إلى نوع من التضحية، وتقديم قدر من الموازنةوالمسايرة، والكثير من الواقعية؛ فلا يمكن أن تتطابق صفات ما قبل الزواج معما بعده؛ فإذا اكتشف الزوج أن ثمة فجوة ما اجتماعية أو فكرية أو ثقافية فيزوجته فعليه أن يبذل قصارى جهده، ويسخر كل مساعيه من خلال التفاهموالتحاور؛ لسد الهوة المتشكلة بين الواقع وبين ما هو متخيل، ونفس الأمرينطبق على الزوجة؛ فعدم التغلب على هذه الحالة يخلق الشعور بالإحباط واليأسوالكآبة وفقدان التوازن، خصوصًا إذا انعدم الأمل في حدوث تغيير؛ وهو مايخلق بيئة خصبة لكل أنواع الخلافات والمشاحنات.

• الحب مثل أي علاقة إنسانية يطرأ عليها التغيرات والتطورات، والزوجانالواعيان يستطيعان الاحتفاظ بحرارة الحب ليس بالكلمات المعسولة فقط وإنمابالنوايا الطيبة والتصرفات الإيجابية.

• علاقة الحب تفقد بريقها عندما نتوقف عن استثمارها وتنميتها باستمرار،فبعد فترة من الحياة الزوجية نشعر بالأمان تجاه الطرف الآخر ونهجر التعاملمعه برومانسية أو عفوية، وقد نكف عن التواصل معه، لنستيقظ صباح يوم ونجدأنفسنا متورطين في علاقة زوجية جافة كئيبة لم نكن نتصورها يوما ما.

• كثيراً ما نسمع أناسًا يشكون من أن مَن حولهم لا يعبرون لهم أبدًا عنحبهم، أو لا يفعلون ذلك إلا نادرًا، ولكننا لم نسمع شخصًا واحدًا اشتكى منأن الآخر كثيرًا ما يقول له: «أحبك» .. فالحب إذا لم يتم التعبير عنه بشكلجيد فإنه مع الوقت يخبو ويضعف وربما يهرم أو يموت؛ لذلك علينا أن نستدعيهذا الحب ونحركه، علينا أن نبذل الوسائل المعينة لإثارة معانيه، وأول هذهالوسائل أن نقول لمن نحب «أحبك».

• بعد بالزواج والشعور بالأمان تجاه العلاقة يغفل الشريكان عن بعض التصرفاتالصغيرة التي تثير مشاعر الحب، مثل تبادل نظرات الحب والإعجاب، والتلفظبعبارات حب بسيطة بين الفينة والأخرى.
• جميعنا ينتظر الثناء عندما نقوم بعمل جيد، وذلك ينطبق على علاقة الحب بينالزوجين، فالشريك يحب سماع عبارات الثناء من شريكه، تلك العبارات التي تبعثالسعادة بداخله وتدفعه لمبادلته نفس التصرف.

• (لو عادت الأيام لما قبلت بزوج غيرك)، (أحس برضا الله عني أن رزقني زوجمثلك)، (عسى الله أن يجمعنا الآخرة كما جمعنا في الدنيا) .. إن مثل هذهالعبارات تزيد من بنيان العلاقة الزوجية، وتقوي الحب بين الزوجين، وتجعلهفي حالة توقد دائم، ويدوم ولا يموت.

• الإكثار من تصرفات التودد والمحبة من أعظم الأمور التي تعطي الحب دفعةللأعلى دوما .. إنها تصرفات صغيرة وبسيطة ولكنها ذات قيمة كبيرة وثمن غال: أن يضع أحد الزوجين اللحاف على الآخر إن رآه نائما من غير لحاف. يناولهالمسند إذا أراد الجلوس. يضع اللقمة في فيه. يربت على كتفه عند صدور تصرفحسن منه .. كل هذه التصرفات إذا صدرت عن الزوجة لزوجها، أو عن الزوجلزوجته، فإنها تؤكد معاني الحب .

• أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق أن بلال بن أبي بردة قال لجلسائه يوما: ماالعروب من النساء؟ قال: فماجوا، وأقبل إسحاق بن عبد الله بن الحارثالنوفلي، فقال قد جاءكم من يخبركم، فسألوه فقال: الخفرة [شديدة الحياء] المتبذلة لزوجها، وأنشد:

يعربن عند بعولهن إذا خلوا.. وإذا هم خرجوا فهن خفار

هكذا يجب أن تكون الزوجة الواعية، شديدة الحياء في غيبة زوجها، فإذا خلا كلمنهما بالآخر نزعت ثوب الحياء، فالزوجة العاشقة العروب لا تدع مناسبة إلاوأعربت فيها عن حبها لزوجها تلميحا أو تصريحا بطريقة تلقائية غير متكلفة،حتى وإن كانت لا تحبه، فإن «التحبب داعية الحب» كما قالت علية بنت المهديأخت هارون الرشيد.

• من أهم ثمار الحب: إزهار بذور المسامحة والعفو وغض الطرف عن الهفوات .. ويتأتى هذا حين يكون الإنسان كبيرًا في نفسه لا تؤثر فيه التفاصيل الصغيرةأو تستوقفه، فهو دائمًا يعفو ويسامح، فهذا يفرض حب الآخرين له رغمًا عنأنوفهم دون قيد أو شرط.

• كثرة اللوم لا تصدر من ذي خلق كريم، أو طبع سليم، ثم إن ذلك يورث النفرة،ويوجب الرهبة، وإن كان هناك ما يستوجب العتاب كان عتاباً ليّناً رقيقاًيدرك به الخطأ دون أن يهدر كرامة، أو ينسى جميلا. وما أحسن أن يتغاضى المرءويتغافل؛ فذلك من دلائل سموّ النفس وشفافيّتها وأريحيّتها، كما أنه ممايُعلي المنزلة، ويريح من الغضب وآثاره المدمّرة.

• حينما نقول «لا» نحاول أن نقولها بملمس الوردة الناعمة، وليس بأشواكهاالمؤلمة .. لا نجرح الطرف الآخر ونثير مشاكل أكبر، بل نكن هادئين واثقينمؤمنين، بابتسامة طيبة وأدب جم، ومن الممكن أن نفكّر في أكثر من أسلوبنبيّن فيه رأينا المخالف، ونختار أقلّها أضراراً وأشدّها إقناعاً، وأطيبهاأثراً في نفس الشريك.

• الزوجان الواعيان عليهما إدراك أن أي مشكلة موقف مشترك بينهما، وأنعليهما مناقشة الأمر بصدق معا، وحتماً سيصلان لحل مرضي -بعون الله تعالى- من خلال المناقشة الهادئة، والنية الصادقة.

• لا يغيب عنا الشعور بالمسؤولية تجاه شريك العمر، فما يعد نجاحًا لأحدهماهو نجاح لشريكه، وكذلك إخفاق أحدهما هو إخفاق للآخر، وبالتالي تتحد الجهودوالأهداف فلا فرق بينها.

د/ خالد سعدالنجار
alnaggar66@hotmail.com