قَوَاعِدُ فَهْمِ النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ (5)

قَوْلُهُ: ( النَّصُّ: هُوَ اللَّفْظُ الَّذِى لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا مَعْنًى وَاحِدًا، وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الظَّاهرِ): أي كل لفظ لا يحتمل إلا معنى واحدًا، فهو نص[1]، وهو أقوى وأوضح دلالة على المعنى المراد من اللفظ الظاهر؛ لأن النص لا يحتمل إلا معنى واحدًا، والظاهر يحتمل أكثر من احتمال[2].

مثال [1]: قول الله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ﴾ [البقرة: 226]، فإنه نصٌّ في بيان مدة العِدَّة.

مثال [2]: قول الله تعالى: ﴿ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ﴾ [البقرة: 196]، فإنه نصٌّ في بيان عدد أيام الكفارة.

مثال [3]: قوله صلى الله عليه وسلم: ((فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ، فَمَا دُونَهَا مِنَ الغَنَمِ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ…))[3]، فإنه نصٌّ في بيان مقادير الزكاة.

فائدة [1]: حكم العمل بالنص:

يجب العمل بالنص، ولا يُعدَل عنه إلا بنسخ[4].

فائدة [2]: الفرق بين النص، والظاهر من وجهين:

أحدهما: النص ما كان لفظُه دليلَه، والظاهر: ما سبق مراده إلى فَهْم سامعه.

الثاني: النص ما لم يتوجَّه إليه احتمالٌ، والظاهر ما توجه إليه احتمالٌ[5].

فائدة [3]: الفرق بين النص، والظاهر، والمؤول، والمجمل، والمبيَّن:

يتبين مما سبق أن اللفظ لا يخلو من حالين:

أحدهما: أن يدل على معنى واحد، ولا يحتمل غيره، فهذا هو (النص).

الثاني: أن يحتمل احتمالين:

الاحتمال الأول: إن تساوى الاحتمالان في القوة، فهذا هو (المجمل).

وما دل على المعنى المراد، فهو (المبيَّن).

الاحتمال الثاني: إن كان أحد الاحتمالين أظهر وأرجح، فهذا هو (الظاهر).

وإن حُمل على المعنى الأضعف، والمرجوح، فهذا هو (المؤول).

——————————————————————————–

[1] انظر: الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة، لابن القيم (1/187-188).

[2] انظر: البحر المحيط في أصول الفقه (2/207).

[3] صحيح: رواه البخاري (1454).

[4] انظر: روضة الناظر (2/560).

[5] انظر: البحر المحيط في أصول الفقه (2/207).