عورة الحرة وعورة الأمة

 سؤال تكرر مِن قبل الملحدين وهو: هل ثمة تفرقة بين عورة الحرة وعورة الأمة؟
الجواب:
المشكلة أن الملحد العربي ضحل الثقافة قصير النظر، فهو لا يعرف أن الإماء في الأصل، كُنَّ كالقواعد من النساء لكبرهن وزهد الناظر اليهن فيهن.

وهؤلاء ليس عليهن الستر الكامل سواءًا كن حرائر أو إماء.

وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال: “إنَّ الإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، وإن كُنَّ لا يحتجبن كالحرائر؛ لأن الفتنة بهنَّ أقلُّ، فَهُنَّ يُشبهنَ القواعدَ مـن النِّساء اللاتي لا يرجون نكاحاً، قـال تعالى فيهن:{ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ } (النور: من الآية60).
وقال: وأما الإماء التركيَّات الحِسَان الوجوه، فهذا لا يمكن أبداً أن يَكُنَّ كالإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، ويجب عليها أن تستر كلَّ بدنها عن النَّظر، في باب النَّظر.. فالمقصود من الحجاب هو ستر ما يُخاف منه الفِتنة بخلاف الصَّلاة، ولهذا يجب على الإنسان أن يستتر في الصَّلاة، ولو كان خالياً في مكانٍ لا يطَّلع عليه إلا الله. لكن في باب النَّظر إنما يجب التَّستر حيث ينظر الناس. قال: فالعِلَّة في هذا غير العِلَّة في ذاك، فالعِلَّة في النَّظر: خوف الفتنة، ولا فرق في هذا بين النِّساء الحرائر والنِّساء الإماء.”

وقال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين: ” وأما تحريم النظر إلى العجوز الحرة الشوهاء القبيحة وإباحته إلى الأمة البارعة الجمال فكذب على الشارع، فأين حرم الله هذا وأباح هذا ؟ والله سبحانه إنما قال} : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم{.”

فعورة الأمة كعورة الحرة سواءً بسواء ، فلم يرد نص في الشارع بالتفرقة!
قال أبو محمد بن حزم رحمه الله: “إن الأمة كالحُرَّة؛ لأن الطَّبيعة واحدة والخِلْقَة واحدة، والرِّقُّ وصف عارض خارج عن حقيقتها وماهيَّتها، ولا دليلَ على التَّفريق بينها وبين الحُرَّة.”

ثم قال: ” وقد ذهب بعض من وهل في قول الله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) إلى أنه إنما أمر الله تعالى بذلك لأن الفساق كانوا يتعرضون للنساء للفسق فأمر الحرائر بأن يلبسن الجلابيب ليعرف الفساق أنهن حرائر فلا يتعرضوهن ) ونحن نبرأ من هذا التفسير الفاسد الذي هو إما زلة عالم أو وهلة فاضلٍ عاقل أو افتراء كاذبٍ فاسق. لأن فيه أن الله تعالى أطلق الفساق على أعراض إماء المسلمين وهذه مصيبة الأبد. وما اختلف اثنان من أهل الإسلام في أن تحريم الزنا بالحرة كتحريمه بالأمة وأن الحد على الزاني بالحرة كالحد على الزاني بالأمة ولا فرق. وأن تعرض الحرة في التحريم كتعرض الأمة ولا فرق.”

وقال أحمد بن حنبل في الأمة: إذا كانت جميلة تنتقب، وهذا حكم الحرة لا فرق.

أما الأمة التي لا يُخشي منها الفتنة فلها كشف الوجه كالحرة، وعلي هذا كان فعل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في الروايات الواردة، قال الشيخ محمد إسماعيل المقدم حفظه الله: “الظاهر بضميمة الآثار الآتية عن الفاروق أنه عبر هنا – أي في قوله : اكشفي رأسك – عن الجزء بالكل و أن مقصوده : اكشفي وجهك ، و الله أعلم.”

أدلة الحجاب : 208 في الهامش.
ونقل حفظه الله رد الشيخ أبي هشام عبد الله الأنصاري علي الدكتور محمد تقي الدين الهلالي رحمهما الله و فيه قوله: “وأما ما قاله فضيلة الدكتور من أن عمر رضي الله عنه كان يضرب الإماء علي ستر الرأس فليس بصحيح ، بل الصحيح أنه كان يضربهن علي ستر الوجه.”

أدلة الحجاب : 230

وفي ذلك تيسيرٌ علي الإماء .والله أعلم.