ولد الشيخ محمد رفعت في القاهرة سنة 1882م. وكان الشيخ يتمتع ببصره ويقال أن عينيه كانتا جميلتين وكانت سيدات الحي الشعبي يتحدثن عنها حتى أصيب بمرض نادر أدى لفقدان بصره وهو في عامه الثاني، وكان والده ضابط شرطة فوهبه لخدمة القرآن، وألحقه بكتاب مسجد فاضل، وفيه أتم حفظ القرآن، وفي سن الخامسة عشرة عين قارئًا يوم الجمعة وذاع صيته، فكان المسجد يضيق بالمصلين، وكانت تلاوته كأنما هي صوت هابط من السماء وصاعد إليها في ذات الوقت، وكان يدخل المصلين في حالة من الخشوع جعلته يستحق لقب «قيثارة السماء» عن جدارة.

الشيخ رفعت، الملقب أيضًا بـ”المعجزة”، أول من تلا القرآن في الإذاعة الحكومية والتي تعاقدت معه نظير 3 جنيهات في الشهر، ولما كان مترددًا استفتي قبل قبوله هذا العرض مشايخ الأزهر فأفتوه بمشروعيتها وجوازها، واعتاد المصلون في درب الجماميز في بداية الأربعينيات سماع صوته في مسجد فاضل باشا.

امتاز الشيخ – علاوة على ما كان عليه من عذوبة صوت – بأنه كان صاحب مبدأ سامٍ وخلق رفيع؛ فكان عفيف النفس، زاهدًا بما في أيدي الناس؛ فكان يأبى أن يأخذ أجرًا على قراءة القرآن. ولم يقبل أن يقرأ في الإذاعة المصرية إلا بعد أن استفتى لجنة الإفتاء في الأزهر الشريف، فأفتوه بمشروعية ذلك.

عُرِف عن الشيخ العطف والرحمة بالآخرين، فكان يجالس الفقراء والمحتاجين.

سر تميزه

كان الشيخ محمد رفعت من أول من أقام مدرسة للتجويد الفرقاني في مصر، فكما قيل “القرآن نزل بالحجاز وقرأ بمصر”، وكانت طريقته تتسم بالتجسيد للمعاني الظاهرة القرآن الكريم وإمكانية تجلي بواطن الأمور للمتفهم المستمع بكل جوارحه لا بأذنه فقط، والتأثر والتأثير في الغير بالرساله التي نزلت على النبي محمد صلوات ربي وسلامه عليه، فقد كان يبدأ بالإستعاذه بالله من الشيطان الرجيم والبسمله والترتيل بهدوء وتحقيق، وبعدها يعلو صوته فهو خفيض في بدايته ويصبح بعد وقت ليس بالطويل غالبًا “عاليًا” لكن رشيدًا يمس القلب ويتملكه، ويسرد الآيات بسلاسة وحرص منه واستشعار لآي الذكر الحكيم.

كان جل اهتمامه بمخارج الحروف وكان يعطي كل حرف حقه ليس كي لا يختلف المعنى، بل لكي يصل المعنى الحقيقي إلى صدور الناس، وكان صوته حقًّا جميلًا رخيمًا رنانًا، وكان ينتقل من قراءة إلى قراءة ببراعة وإتقان وبغير تكلف وكان صوته يحوي مقامات موسيقية مختلفة، وكان يستطيع أن ينتقل من مقام إلى مقام دون أن يشعرك بالاختلاف.

 

مواقفه السياسية

تجنبًا للتقرب من أهل السياسة ولا الحديث فيها، رفض الشيخ محمد رفعت طلب الملك فاروق في أن يقوم بإحياء ذكرى رحيل والده الملك فؤاد في احتفالية خاصة بقصر عابدين، يحضرها رموز السياسة من مصر وخارجها، مفضلًا أن يحيى ذكرى الملك فؤاد على مستوى أسرته، كذلك رفض الشيخ رفعت تكفل الملك فاروق بمصاريف علاجه بعد إصابته بسرطان الحنجرة، معتبرها إهانة، وقال وقتها للملك: “إن قارئ القرآن لا يهان” حتى وافته المنية.

 

ارتبط صوت الشيخ محمد رفعت لدى المستمعين في العالم العربي بتجليات وروحانيات شهر رمضان الكريم، حيث ظل صوته يضفي على شهر رمضان مذاقًا خاصًا، خاصة قبيل وقت الإفطار ووقت السحور.

 

 

 

وقد شاء الله سبحانه أن يصاب الشيخ ببعض الأمراض التي ألزمته الفراش، وحالت بينه وبين تلاوة القرآن، وبقي ملازمًا لفراشه

وافته المنية سنة 1950م، بعد أن أمضى جُلَّ حياته قارئًا لكتاب ربه، وحاملاً لراية قرآنه، ومسهماً في إبلاغ رسالة الإسلام.

مدفن الشيخ محمد رفعت رحمه الله

يمكن زيارة صفحة الشيخ للتلاوة القرآنية على الرابط التالي:

http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=souraview&qid=501&rid=1