بسم الله الرحمن الرحيم

السعادة الزوجية من أكبر النعم التي يمن الله بها علي عباده بعد نعمةالإسلام والصحة .. فالرفق والمودة بين الزوجين غاية منشودة يتطلع إليها كلفؤاد سوي، وخير البيوت بيت تلألأ بتلك النعمة، فظللت عليه المودة والرحمةبظلالها، وتحقق لأفراده المعني الكامل للسكن، فنهلوا من منهل لا ينضب،وذاقوا شهدا لا تنقطع حلاوته.
والزوجة هي العماد الذي يقوم عليه صرح تلك النعمة الدافئة، وتتحقق بهالسعادة، وذلك إذا استطاعت أن تكون ممن وصفهن رسول الله -صلى الله عليهوسلم- بقوله: ( إنما الدنيا متاع، وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأةالصالحة ) [صحيح. ابن ماجة]
‌ويقول داود عليه السلام: المرأة السوء علي بعلها كالحمل الثقيل علي الشيخالكبير، والمرأة الصالحة كالتاج المرصع بالذهب كلما رآها قرت عينه برؤيتها.
عن الحصين بن محصن –رضي الله عنه- أن عمة له أتت النبي –صلى الله عليهوسلم- في حاجة ففرغت من حاجتها فقال لها النبي –صلى الله عليه وسلم-: ( أذات زوج أنت؟ ) قالت: نعم، قال ( كيف أنت له ؟ ) قالت : ما آلوه إلا ماعجزت عنه، قال: ( فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك ) [حسن. رواهأحمد]
قال المناوي: ( انظري ) أيتها المرأة التي هي ذات بعل ( أين أنت منه ) أيفي أي منزلة أنت منه، أقريبة من مودته مسعفة له عند شدته ملبية لدعوته، أممتباعدة من مرامه كافرة لعشرته وإنعامه ( فإنما هو ) أي الزوج ( جنتك ونارك ) أي هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك، وسبب لدخولك النار بسخطه عليك، فأحسنيعشرته ولا تخالفي أمره فيما ليس بمعصية. وأخذ الذهبي من هذا الحديث ونحوهأن النشوز كبيرة.

مكانة الزوج عند الزوجة
يظهر لنا في هذا الحديث الجليل براعة ودقة وصف رسول الله –صلى الله عليهوسلم- لمكانة الزوج بالنسبة للزوجة بأنه جنتها أو نارها، ففي رضاه الجنةوفي سخطه النار، ليس في الآخرة فحسب وإنما في الدنيا قبل الآخرة، فمكانةالزوج في نفس المرأة مكانة عالية رفيعة، فهو رفيق الدرب الطويل .. الصديقالذي حلمت به كثيرا .. تصافح أفكارها أفكاره، وتعانق مبادئها وأحلامهاأحلامه .. مكانته عندها لا تفوقها مكانه، لأنه الود والأمن والسكن .. اليدالحانية والكلمة الطيبة التي تقطر بالود والمحبة لتمحو العناء وتبعث فيالنفس الثقة والاطمئنان، لذا فهي لا ترضى عنه بديلا ومؤنسا، صوته عطر يعبقأيامها، وتواصله معها نسيج يسبح على جدران بيتها بالرضا والوفاق والصفاء،فإذا حرمت كل ذلك وانقلب الوفاق والود إلى خصام وشجار ونزاع لاينتهي تحولتتلك الجنة إلي جحيم لا يطاق.

حق الزوج
من هذا المنطلق كان حق الزوج من أجل الحقوق علي الزوجة، حتى أنه يفوق حقأبويها فيقول –صلى الله عليه وسلم-: ( لو كنت أمرا أحدا أن يسجد لغير اللهلأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربهاحتى تؤدي حق زوجها، حتى لو سألها نفسها وهي علي قتب لم تمنعه ) [ حسن . رواه ابن ماجة]
فمن حق الزوج حسن الطاعة ورعاية البيت والأولاد، وصيانة العرض والمالوالتزام الحشمة والحجاب، وعدم الإذن بدخول بيته لمن يكره، وعدم الخروج منالبيت بغير إذنه.
ومن حقوق الزوج أيضا عصمته من الزلل بتلبية رغبته فيها وقتما شاء، والتزينله بكل زينة مباحة، مع عدم التكلف وتحميله ما لا يطيق من نفقات، فليس معنيالتزين ارتداء أفخر الثياب والتطيب بأغلى العطور، فإن مجرد المحافظة عليالنظافة الشخصية وحسن المظهر زينة لمن لم ييسر الله لها امتلاك ما تتزينبه.
بل إن بسمة الرضي علي وجهها زينة تستقبله وتودعه بها، والكلمة الطيبة عليشفتيها زينة تريح بها قلبه وتخفف بها عنه عناء الحياة، فالرجل بين يديزوجته طفل صغير شغوف بالإطراء والمديح والكلمة اللينة، فلتمتدحي أختاهصفاته الطيبة ولتظهري له مدي سعادتك بالارتباط به، ولا تبخلي عليه بالمودةوبذل الحنان قدر استطاعتك فالرسول –صلى الله عليه وسلم- يقول: ( ألا أخبركمبنسائكم في الجنة ) قلنا بلي يا رسول الله قال ( ودود ولود إذا غضبت أو أسئإليها أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض – أي لا أنام – حتىترضي ) [حسن. رواه الطبراني] والودود أي المتحببة في زوجها.
وعن عائشة –رضي الله عنها- قالت: يا معشر النساء لو تعلمن حق أزواجكن عليكنلجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن وجه زوجها بنحر وجهها.
وعن معاذ بن جبل –رضي الله عنه- قال –صلى الله عليه وسلم-: ( لا تؤذي امرأةزوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين، لا تؤذيه قاتلك الله فإنماهو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا ) [صحيح . رواه الترمذي] ‌

د/ خالد سعد النجار
alnaggar66@hotmail.com