خصائص النمو في مرحلة المراهقة والبلوغ

تعد مرحلة البلوغ من أهم المراحل التي يمر بها الإنسان ضمن أطواره المختلفة التي تتسم بالتجدد المستمر، ولأهمية هذه المرحلة لا بد من الوقوف على خصائص النمو لمن هم في هذه المرحلة، حتى يتعامل المربي في تربيته الوقائية معهم، سواء كان الوالدان في المنزل أو المعلم في المدرسة، وَفق تصور صحيح وخطوات واضحة ومدروسة واقعية مؤثرة، بناءً على معرفة مسبقة من الجميع بهذه الخصائص[1].

وأهم هذه الخصائص:

النمو الجسمي:

تستمر معدلات الزيادة في النمو الجسمي بصفة عامة لمدة ثلاث سنوات، الأولى عند البنين والبنات يستمر إلى حوالي (18) سنة عند البنات، و(20) سنة عند البنين؛ حيث: يزداد الطول والوزن، ويتحسن المستوى الصحي بصفة عامة، ويزداد النضج والتحكم في القدرات المختلفة، وقد يظهر عدم التناسق بين أجزاء الجسم المختلفة نتيجة طفرة النمو، ويؤثر مفهوم البدن على الصحة النفسية للطالب في هذه المرحلة بشكل كبير؛ مما يجعله يهتم بالألعاب الرياضية، خاصة تلك التي لها شعبية كبيرة بين أقرانه، وقد يحدث إقبال على تناول الطعام بشراهة في هذه المرحلة، ويصبح التوافق الحركي في هذه المرحلة أكثر توازنًا؛ مما يسمح للطالب بممارسة مختلف ألوان النشاط الرياضي، ومن أهم الخصائص زوال ملامح الطفولة وتغير بشكل الوجه إلى حد كبير، يتسع الكتفان، ويزداد طول الجذع وطول الساقين مما يؤدي إلى القوة[2].

النمو الانفعالي:

يظهر على الناشئ في هذه السن انفعالات يلونها الحماس، وقد تتطور لديه مشاعر الحب، ونلاحظ عليه الحساسية الانفعالية، وهي ردة فعل لا تتناسب مع المثير (في الفرح أو الحزن)، وفي هذه الحالة يراعى عدم المغالاة في التأنيب، ومعالجة المشكلة بأسلوب تربوي، فيميل الناشئ إلى التمرد والاستقلالية، ويغضب كثيرًا وتنتابه حالات من الاكتئاب، وتكون لديه ثنائية في المشاعر نحو نفس الشخص، كما أنه يشعر كثيرًا بالخجل والانطواء، وفي هذه الحالة يجب منحه الثقة بالنفس من خلال تعزيز المواقف الإيجابية، والأخذ برأيه إن كان مصيبًا، وإشراكه في المناقشة وحل المشكلة المطروحة، وتشجيعه ومشاركته في البرامج الإذاعية والثقافية [3].

ومن مظاهر النمو الانفعالي: السأم والضجر السريعان، الشعور بالتفرد، الغضب والخوف والحب، ظهور الخيال الخصب، وأحلام اليقظة، واتصاف الحياة الانفعالية بعدم الثبات الانفعالي والتناقض الوجداني، والشعور بالقلق والاستعداد لإثبات الذات، الصراع حيث يعاني الناشئ من بعض أنواع الصراع بين رغبات وميول يريد أن يحققها، أو رغبات مادية أو معنوية تحول دون تحقيق هذه الرغبات أو تلك الميول[4].

دور المربي في التعامل مع النمو الانفعالي لمرحلة البلوغ:

إن هذه الموجة من الانفعالات التي تمر بالناشئ في هذه الفترة من عمرها، ما هي إلا أثر من آثار نموها الجسمي والعقلي، فإذا غابت التربية الجادة، وجهت هذه الانفعالات والعواطف بفعل البيئة غير السليمة، والصحبة المنحرفة، وإضلال رفقة السوء وإغواء الشيطان إلى فساد في الأرض وعلو كبير[5].

وتؤكد الباحثة أن هناك ضرورة ملحة لغرس القيم لدى الطلاب بالمرحلة المتوسطة؛ نظرًا لأهميتها في حياة الفرد، فتصبح مرحلة مهمة في حياتهم يحتاجون فيها إلى التوجيه والإرشاد والنصح، وبث المبادئ وغرس القيم التي تناسب تلك المرحلة ومتغيراتها المختلفة؛ مما يجعلهم قادرين على مواجهة متطلبات الحياة، ومدركين لأساليب التعامل مع المواقف المختلفة، ويكون لديهم قدر من المهارات التي تؤهلهم للتمييز بين الأمور في ظل التنشئة السليمة المبنية على أسس وقيم إسلامية، مما يعود عليهم بالنفع وإصلاح حياتهم، ورعايتهم بشكل مناسب حتى نصل بهم إلى بر الأمان.

النمو الاجتماعي:

هذه الخاصية تتأثر في تطورها لدى الناشئ بمدى تحرُّرها من قيود الأسرة ومدى خضوعها لجماعة النظائر، واستقلالها عنها، ومدى تفاعلها مع الجو المدرسي القائم[6].

ومن مظاهر النمو الاجتماعي: المسايرة والرغبة في تأكيد الذات؛ حيث يتم في هذه المرحلة التطبيع الاجتماعي الفعلي الذي يؤدي إلى تكون المعايير السلوكية، ويميل الطالب إلى الاتصال الشخصي ومشاركة الأقران في الأنشطة المختلفة، وإلى الاهتمام والعناية بالمظهر والأناقة، والاستقلال الاجتماعي، وبصفة خاصة داخل الأسرة، ومسايرة الجماعة والرغبة في تأكيد الذات، والبحث عن القدوة والنموذج، ومن أهم العوامل المؤثرة في هذه المرحلة الجو النفسي السائد في الأسرة والفطام النفسي، والمستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة[7]، [8].

النمو العقلي:

ينمو الذكاء العام بسرعة في هذه المرحلة، وتبدأ القدرات العقلية في التمايز، ويصل ذكاء الطالب إلى أقصى حد يمكن أن يصل إليه في نهاية هذه المرحلة، وتظهر سرعة التحصيل، والميل إلى بعض المواد الدراسية دون الأخرى، وتنمو القدرة على تعلم المهارات واكتساب المعلومات، ويتطور الإدراك من المستوى الحسي إلى المستوى المجرد، ويزداد مدى الانتباه وتطول مدته[9]، ويزداد الاعتماد على الفهم والاستدلال بدلًا من المحاولة والخطأ، أو الحفظ المجرد، وينمو التفكير والقدرة على حل المشكلات، واستخدام الاستدلال والاستنتاج، وإصدار الأحكام على الأشياء، وتظهر القدرة على التحليل والتركيب، وتتكون القدرة على التخطيط والتصميم، وتزداد القدرة على التعميم والتجريد، وتتكون المفاهيم المعنوية عن الخير والشر والصواب والخطأ والعدل والظلم، وتظهر القدرة على الابتكار بشكل أكبر[10].

——————————————————————————–

[1] خليل عبدالله الحدري (1418)؛ التربية الوقائية في الإسلام ومدى استفادة المدرسة الثانوية منها، معهد البحوث العلمية وإحياء التراث، مكة المكرمة، ص 105.

[2] هشام مخيمر، مرجع سابق (2002). ص 160.

[3] حامد زهران، مرجع سابق، (1424)، ص 70.

[4] محمود عطا حسين عقل (1419)؛ النمو الإنساني (الطفولة والمراهقة) الرياض: دار الخريجي للنشر والتوزيع، ط3، ص 92.

[5] محمود عطا حسين عقل، مرجع سابق (1419)؛ ص 102.

[6] هشام مخيمر، مرجع سابق (2002)، ص 164.

[7] مجدي محمد الدسوقي (2003)؛ سيكولوجية النمو من الميلاد إلى المراهقة، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، ص 150.

[8] هشام مخيمر، مرجع سابق (2002)، ص 165.

[9] هشام مخيمر، مرجع سابق (2002)، ص 168.

[10] أ.د. عمر عبدالرحمن المفدى، مرجع سابق (1427)، 65.