بين الإسراء والمعراج ( الإسراء كمال العبودية . والمعراج مكافأة ربانية ) مقال جديد ، بقلم : الشيخ حمدى قدوسة من علماء وزارة الأوقاف .

 

حينما يصف الله إنسان بعبده ويتكرر ذلك فى كل موقف وحديث حتى يصل إلى سبع آيات فى سبع سور فى سبع مواقف.

ونحن نعرف مدلول ومكنون وأسرار العدد سبعة كما قال ابن القيم .. والسبعة جمعت معاني العدد كله وخواصه .

فإن العدد شفع ووتر، والشفع أول وثان ، والوتر كذلك ، فهذه أربعة مراتب ، شفع أول وثان ، ووتر أول وثان ، ولا تجتمع هذه المراتب فى أقل من سبعة .

وهى عدد كامل جامع لمراتب العدد الأربعة ، لذلك ذكر الله عز وجل وصف النبى الكريم صلى الله عليه وسلم بعبده فى سبع آيات وهى كالتالى .

سبع آيات فى سبع سور

قوله تعالى:1 – وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ . البقرة

2 – وقوله تعالى: وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ . الأنفال

3 – وقوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى . الإسراء .

4 – وقوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً الكهف .

5 – وقوله تعالى: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً . الفرقان .

6 – وقوله تعالى: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى . النجم .

7 – وقوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ .

الحديد وهذا يدل على كمال العبودية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لله تبارك وتعالى فأستدعاه ربه إلى بيت المقدس ( الأرض المباركة )

فى قوله سبحانه ( الذى باركنا حوله ) ليصلى فيه فتحل البركة على عبادته صلى الله عليه وسلم بعد كمالها

وتزداد البركة على بيت المقدس بصلاة النبى الكريم فيه وليس هناك أكمل من أن يكون إماما بالأنبياء جميعا صلوات ربى وتسليماته عليهم أجمعين ؛

بين الإسراء والمعراج قلب لقوانين الكون

أما رحلة المعراج فهى من المعجزات التى فاقت كل المعجزات سواء كانت معجزات خاصة بالنبى الكريم صلى الله

عليه وسلم أو معجزات الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين قبله.

وذلك لما فيها من قلب لقوانين الكون إذ كيف يصعد إنسان فى فضاء الكون حيث إنعدام الأكسجين وقد أثبت الله

سبحانه وتعالى ذلك فى قوله ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام .

ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء . . . الآية ؟ لإنعدام الأكسجين فيستحيل عقلا

وعلما عروج النبى صلى الله عليه وسلم بالقياس على المعجزات السابقة مثل إنشقاق القمر أو إنفلاق البحر أو الكلام فى المهد.

وقس على ذلك جل المعجزات وهنا نأتى لما ثبت فى الصحيح لشق صدره الشريف ليلة الإسراء والمعراج تهيئة

لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهذه الرحلة ، وصعوده إلى السماوات العلا فحدثهم عن ليلة أسري به،

قال: «بَيْنَمَا أَنَا فِي الحَطِيمِ، -وَرُبَّمَا قَالَ: فِي الحِجْرِ- مُضْطَجِعًا، إِذْ أَتَانِي آتٍ، فَقَدَّ» قَالَ: وَسَمِعْتُهُ

يَقُولُ: «فَشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ -مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ-، فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ

ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي، ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيدَ..» رواه البخاري.

رحلة لتلقى الوحى وكذا للعصمة

كما هيأه لتلقى الوحى وكذا للعصمة وهو ابن ثلاث سنين عند حليمة السعدية رضى الله عنها كل ذلك بشق

الصدر وبذلك يزول الوهم عن المعراج بالروح والجسد .

ثم نأتى للهدية الربانية أو المكافأة من الله لهذه الأمة روى البخاري (349) ومسلم (162)

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه حديث الإسراء المشهور ، وفيه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ : مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ ؟ قُلْتُ خَمْسِينَ صَلَاةً . قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ … قَالَ :

فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى قَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً ) .

وقد أجمع العلماء على أن الصلوات الخمس لم تفرض إلا في هذه الليلة . راجع : “فتح الباري” لابن رجب (2 / 104) .

وعن أنس بن مالك قال : { فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات ليلة أسري به خمسين ، ثم نقصت

حتى جعلت خمسا ، ثم نودي يا محمد إنه لا يبدل القول لدي ، وإن لك بهذه الخمس خمسين } رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه ) .

الحديث في الصحيحين بلفظ : ” هن خمس وهن خمسون ” والمراد أنها خمس في العدد خمسون في الأجر

والاعتداد . والحديث طرف من حديث الإسراء الطويل .

فنجد أن الله أهدى هذه الأمة فى ليلة الإسراء ( الصلاة ) خمس فى العمل وكافئها بأن جعلها خمسين فى الأجر

فلنقبل هدية الله لنفرح ونفوز بمكافأته سبحانه رفع الله قدركم ورضى عنكم